العراق في مستنقع الخلافات السياسية

 

شبكة النبأ: فيما يقترب العراق من مفترق طرق جديد، مع قرب الانتخابات ذات الطبع الحساس والمهم، ما زالت الخلافات والتجاذبات السياسية بين الفرقاء ترتفع كلما اقترب العد التنازلي للانتخابات من نهايته.

ويشير العديد من المحللون الى ان معركة كسب الأصوات وحصد المناصب هو الطريق الذي تسلكه الأحزاب ومرشحيها في الوقت الراهن، بعد ان أخفقوا في إيجاد صيغة توافقية او احداث مقاربات منطقية لمربعاتهم الخلافية، ولم يتبقى امام اغلبهم سوى التنافس بكل الوسائل للفوز بصناديق الانتخابات، والتي أرادها البعض معركة لكسر العظم وسحب البساط من المنافسين.

ويبدو ان تداعيات الاحداث الأمنية في العراق ما زالت تربك المشهد السياسي داخلياً وخارجياً، مع ارتفاع وتيرة التفجيرات وتأخير حسم الحملة العسكرية في الانبار، إضافة الى تداعياتها الخارجية بعد المناوشات الكلامية والاتهامات المتبادلة بين العراق وقطر والسعودية حول دعم الإرهاب وتمويله لإفشال العملية السياسية في العراق.

ويحتاج العراق، بحسب معظم المتابعين والمحللين، الى نهضة سياسية شاملة ذات رؤية استراتيجية بعيدة المدى من اجل تجاوز مستنقع الصراعات التي تعبث بأمن العراق قبل مقدراته المالية، سيما وان اغلب تلك الخلافات يمكن احتوائها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الكتل الكبيرة والاتفاق على جملة من المبادئ المشتركة التي يمكن ان تكون مستقبلاً الأساس للمصالحة الوطنية الحقيقية، والتي من خلالها يمكن ان يكتب النجاح للعملية السياسية، بعد ان تكون قد ابتعدت عن التركيز بيد سلطة واحدة او فرد بعينة.

فقد دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مجلس المفوضين الى سحب الاستقالة التي تقدموا بها، معربا عن خشيته من تأخير تنظيم الانتخابات وادخال البلاد في "نفق قد لا نخرج منه"، وقدم الاعضاء التسعة في مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق بصورة مفاجئة استقالتهم احتجاجا على تدخل مجلس النواب العراقي والقضاء في عملهم، قبل نحو شهر من الانتخابات المقررة في 30 نيسان/ابريل.

وقال المالكي في كلمته الاسبوعية التي خصصها للحديث عن استقالة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات "ادعوهم الى ضرورة العودة عن هذا القرار"، واضاف "اخشى في حال بقاء المفوضية مستقيلة، تأجيل الانتخابات وبعثرة الجهد السياسي وجهد الدولة والدخول في نفق قد لا نخرج منه ابدا"، واضاف ان "العملية الانتخابية والسياسية اصبحتا في خطر كان المفروض ان لا يسلك مجلس النواب سلوكا خاطئا ويصدر امرا وقرارا، وهو ليس جهة لإصدار الاوامر".

ويشر المالكي الى قرار اصدره مجلس النواب يلزم المفوضية بعدم استبعاد اي مرشح للانتخابات ما لم يصدر بحقه اوامر قضائية، واضاف المالكي "اذا ارادوا (مجلس النواب) تصحيح ما جرى (عليهم) ان يمضوا في تشريع قانون يطلب من مجلس الوزراء اجراء تعديل على قانون المفوضية (في...) قضية الاستبعاد، وبإمكان مجلس النواب ان يعدل ما يراه وفق منطق التشريع والقرارات التي تتخذ قانونيا". بحسب رويترز.

واضاف "لكن اصدار امر للمفوضية والزامها لإلغاء عملية الاستبعاد واضح انها مخالفة لسلطة القانون والقضاء والمفوضية، لذلك هذا سلوك خطير، اتمنى على الطرفين البرلمان والمفوضية، ان يلتزمان بالسياقات القانونية"، وقال المالكي ان "مجلس النواب حينما رفض عمليات الاستبعاد، كان يجب ان يسلك سلوكه الدستوري، ليس بالضغط الذي حصل على المفوضية، والذي اوصلنا الى حافة الهاوية حينما تقدم جميع مجلس المفوضين بالاستقالة"، ودعا رئيس الوزراء مجلس النواب الى "ترك هذه الطريقة في التعامل مع المفوضية والذهاب الى تشريع قانون على وجه السرعة يقيد المفوضية".

اتهامات متبادلة

من جهتها عبرت قطر عن غضبها من اتهام العراق لها بدعم مسلحين يقاتلون ضد حكم بغداد قائلة إن من غير الملائم أن توجه الدول التي تفشل في الحفاظ على وحدتها الوطنية اتهامات للدول العربية الأخرى بدعم "الإرهاب"، وتمثل هذه التعليقات لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أول رد فعل قطري رسمي بعد أن اتهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الدوحة والرياض في وقت سابق هذا الشهر بتمويل أعمال العنف في بلاده.

والعلاقات متوترة بين المالكي ودول الخليج العربية التي يقودها السنة والتي تراه قريبا من إيران أكثر من اللازم، وقال الشيخ تميم "آن الأوان أن يخرج العراق الشقيق من دوامة الشقاق والعنف، ولا يتحقق ذلك بإقصاء قطاعات اجتماعية أصيلة كاملة أو اتهامها بالإرهاب إذا طالبت بالمساواة والمشاركة، وأضاف في الجلسة الافتتاحية القمة العربية في الكويت "كما لا يليق أن يتهم كل من يفشل في الحفاظ على الوحدة الوطنية دولاً عربية أخرى بدعم الإرهاب في بلده".

واستدعت الإمارات العربية المتحدة سفير العراق لديها للاحتجاج على اتهام السعودية بدعم الارهاب بينما وصفت البحرين تلك الاتهامات بأنها "غير مسؤولة"، وتقاتل القوات العراقية مسلحين من جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في المدينتين الرئيسيتين في محافظة الأنبار منذ بداية العام، وتفاقم العنف في العراق على مدى العام المنصرم مع بدء جماعة الدولة الإسلامية حملة تفجيرات مروعة في منتصف 2013.

من جهة أخرى وصفت السعودية اتهامات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لها برعاية الارهاب في بلاده بانها تصريحات "عدوانية وغير مسؤولة"، ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن مسؤول قوله ان الاتهامات "عدوانية وغير مسؤولة" مشيرا الى ان هدفها التغطية على "اخفاقات" المالكي في الداخل، واضاف المصدر ان "السعودية تعبر عن استهجانها واستغرابها للتصريحات العدوانية وغير المسؤولة الصادرة عن رئيس الوزراء العراقي واتهم فيها المملكة جزافاً وافتراءً بدعم الإرهاب في العراق".

وكان المالكي شن خلال مقابلة مع فرانس 24 هجوما هو الاعنف على السعودية معتبرا ان الرياض تبنت "دعم الارهاب" في المنطقة والعالم، وقال المصدر السعودي أن "الغاية من التصريحات محاولة قلب الحقائق وإلقاء اللوم على الآخرين لتغطية إخفاقات رئيس الحكومة العراقية في الداخل"، ورأى ان "الاخفاقات وضعت العراق تحت خدمة أطراف إقليمية أسهـمت في إذكاء نار الفتنة الطائفية بشكل لم يعهده العراق في تاريخه" في اشارة الى ايران، وتابع ان سياسات المالكي "تعرض العراق لمخاطر تهدد وحدته الوطنية والترابية".

وأضاف ان "نوري المالكي يعلم جيداً قبل غيره موقف المملكة الواضح والقاطع ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره وأياً كان مصدره"، وختم مؤكدا انه "كان حرياً" بالمالكي أن يتخذ السياسات "الكفيلة بوضع حد لحالة الفوضى والعنف التي يغرق فيها العراق على صعيد يومي، وبمباركة ودعم واضح للنهج الطائفي والإقصائي لحكومته ضد مكونات الشعب".

خلافات سياسية

فيما شهدت عدة مدن عراقية تظاهرات حاشدة لانصار مقتدى الصدر استنكارا لتصريحات ادلى بها رئيس الوزراء نوري المالكي ووصف فيها الزعيم الشيعي بانه "حديث على السياسة"، وقال المالكي في مقابلة مع قناة "فرانس 24" ان "ما يصدر عن مقتدى الصدر لا يستحق الحديث عنه"، مضيفا انه "رجل حديث على السياسة ولا يعرف اصول العملية السياسية، والدستور لا يعني شيئا عند مقتدى الصدر وهو لا يفهم قضية الدستور".

واحتشد المئات من اتباع الصدر في النجف (150 كلم جنوب بغداد) للتظاهر ضد المالكي، حيث انطلقت التظاهرة من ساحة الصدرين وسط المدينة باتجاه منزل مقتدى الصدر في منطقة الحنانة في شرق النجف، وحمل المتظاهرون صورا لمقتدى الصدر واعلاما عراقية ولافتات كتب على احداها "كلا كلا للمالكي عميل الامريكان"، ورددوا شعارات بينها "كلا كلا مالكي، كلا كلا للفساد، نعم نعم مقتدى".

كما هاجم بعض المتظاهرين مكتبا لحزب "الدعوة - تنظيم العراق" المقرب من المالكي، وقال الشيخ علي مرزة مدير مكتب الحزب "قامت مجموعة من المتظاهرين من انصار التيار الصدري بمهاجمة مكتبنا وتمزيق صور السيد نوري المالكي وتكسير الزجاج والعبث بالمحتويات"، وفي بغداد، خرجت حشود من انصار التيار الصدري في مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية في شرق بغداد لإعلان رفضهم لتصريحات المالكي.

كما شهدت مدينة العمارة كبرى مدن محافظة ميسان في الجنوب تظاهرة شارك فيها المئات وحملوا خلالها لافتات كتب على احداها "لا نسمح لعميل اميركا بالتطاول على مقام السيد الصدر"، وقال حسين صبري اللامي احد قياديي التيار الصدري في المحافظة ان "تصريحات رئيس الوزراء محاولة للتغطية على فشله في ادارة البلاد وافلاسه السياسي"، واضاف "لن نقبل تلك الاتهامات ونطالبه بالاعتذار ولا يفترض برئيس الوزراء ان يؤجج العنف والصراعات والطائفية".

وردد المتظاهرون شعارات بينها "اخرج اخرج يا نوري" و"جاهل جاهل نوري المالكي"، واحتشد المئات ايضا من انصار الصدر في الناصرية كبرى مدن محافظة ذي قار جنوب بغداد في تظاهرة استنكار مماثلة في ساحة الحبوبي وسط المدينة، وردد المتظاهرون شعارات ابرزها "كلا كلا للمالكي، كلا كلا للديكتاتورية"، وكان مقتدى الصدر اعلن في قرار مفاجئ في شباط/فبراير الماضي انسحابه من العمل السياسي في البلاد واغلاق مكاتبه السياسية وحل تياره، وشن الصدر بعد ذلك هجوما لاذعا على حكومة نوري المالكي، واصفا هذا الاخير ب"الطاغوت".

كما شن مقتدى الصدر في اول تصريحات له منذ اعلانه القطيعة مع السياسة وحل تياره، هجوما لاذعا على حكومة نوري المالكي، واصفا هذا الاخير ب"الطاغوت"، فيما دعا الى مشاركة كبيرة في الانتخابات المقبلة.

وقال الصدر في كلمة مباشرة من النجف نقلتها قنوات عراقية "صارت السياسة بابا للظلم والاستهتار والتظلم والامتهان ليتربع ديكتاتور وطاغوت فيتسلط على الاموال فينهبها، وعلى الرقاب فيقصفها، وعلى المدن فيحاربها، وعلى الطوائف فيفرقها، وعلى الضمائر فيشتريها"، واضاف في اشارة الى المالكي، السياسي الشيعي النافذ الذي يحكم البلاد منذ العام 2006، ان العراق "تحكمه ثلة جاءت من خلف الحدود لطالما انتظرناها لتحررنا من ديكتاتورية لتتمسك هي الاخرى بالكرسي باسم الشيعة والتشيع".

وذكر ان حكومة المالكي المدعوم من طهران وواشنطن "لم تعد تسمع لاي احد حتى صوت المرجع وفتواه، وصوت الشريك وشكواه، مدعومة من الشرق والغرب بما يستغرب له كل حكيم وعاقل"، وهذه اول تصريحات للصدر منذ اعلن في قرار مفاجئ، وقبل اكثر من شهرين من الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في نهاية نيسان/ابريل، انسحابه من العمل السياسي في البلاد واغلاق مكاتبه السياسية وحل تياره، وقد برر الصدر حينها قراره بالقول انه جاء "حفاظا على سمعة آل الصدر ومن منطلق انهاء كل المفاسد التي وقعت او التي من المحتمل ان تقع تحت عنوانها ومن باب الخروج من افكاك الساسة والسياسيين".

ويذكر ان مقتدى الصدر الذي يملك مكاتب سياسية في معظم انحاء البلاد ويتمثل تياره في البرلمان ب40 نائبا من بين 325 وفي الحكومة بستة وزراء، كان في منتصف 2012 احد ابرز السياسيين الذي عملوا على الاطاحة بالمالكي من دون ان ينجحوا في ذلك، واكد الصدر في كلمته اليوم قطيعته مع العمل السياسي المباشر، قائلا "ان كانت هناك بينكم اصوات شريفة سياسية او غيرها فلتستمر ولكن بعمل مستقل او غير ذلك بعيدا عني وباطر عامة"، مضيفا ان "ما صدر من قرارات مني او اوامر لم تتحملوها فغفر الله لي ولكم ولكنني فخور بها الى يوم الدين".

الا ان مقتدى الصدر الذي يتمتع بشعبية هائلة في اوساط فقراء الشيعة وخصوصا في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية العالية في بغداد، دعا العراقيين رغم ذلك للمشاركة في الانتخابات المقبلة.

وقال "يجب الاشتراك في هذه الانتخابات وبصورة كبيرة لكيلا تقع الحكومة في يد غير امينة، وبالنسبة لي فانا سأصوت وسأدلي بصوتي لكل شريف يريد خدمة الشعب وسأقف مع الجميع على مسافة واحدة"، وتابع "ارجو من العراقيين ان يشتركوا في الانتخابات والا يقصروا ومن يقصر فستكون هذه خيانة للعراق وشعبه".

ويمثل خروج الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المفاجئ من العملية السياسية في العراق بعد مسيرة حافلة بالنزاعات العسكرية وغير العسكرية، "هدية" لخصومه الشيعة قبل اسابيع من الانتخابات البرلمانية، بحسب ما يرى محللون، ويشكل ايضا انسحاب الصدر الذي انتقل تياره في فترة قياسية من خانة التطرف الى خانة الاعتدال، خسارة لعنصر اساسي في دائرة التوازن داخل الطائفة الشيعية، وعلى المستوى الوطني العام، بعدما لعب دورا مركزيا في تخفيف الاحتقانات الطائفية.

ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية عزيز جبر ان ابتعاد الصدر، احد ابرز الشخصيات التي لعبت دورا اساسيا في اعادة بناء النظام السياسي بعد سقوط صدام حسين عام 2003، يشكل "افادة للأطراف الاخرى من ذوي الطروحات الشيعية"، ويسمي جبر المجلس الاعلى بقيادة عمار الحكيم، وجماعة عصائب اهل الحق المنشقة عن التيار الصدري، لكنه يذكر على وجه الخصوص ان "المستفيد الاخر هو السيد (رئيس الوزراء) نوري المالكي (شيعي) اذ انه تخلص من مزاحم قوي طواعية". بحسب فرانس برس.

ويوضح "تخلص (المالكي) منه (الصدر) من دون ان يبذل جهدا كبيرا، وكأنها هدية مجانية"، وبعيد عودته الى العراق عام 2011 بعد اكثر من اربع سنوات امضاها في ايران حيث تابع دروسا دينية، دخل مقتدى الصدر في نزاع سياسي طويل مع المالكي الذي يحكم البلاد منذ العام 2006، وكان مقتدى الصدر في منتصف 2012 احد ابرز السياسيين العراقيين الذين عملوا معا على الاطاحة برئيس الوزراء، المدعوم من طهران واشنطن، عبر سحب الثقة منه في البرلمان، من دون ان ينجحوا في ذلك.

وكتبت صحيفة "الدستور" المستقلة في افتتاحيتها ان قرار الصدر "جار في مرحلة ذات حراجة كبيرة لما ينطوي عليه من اخلال في معادلة التوازنات السياسية التي اسس على وفقها المشهد الانتخابي المرتقب"، ويضيف ان انسحاب الصدر "سيربك المشهد وسيؤثر بشكل او باخر في استغلال المنافسين للفراغ الذي سيتركه قرار السيد، مما قد يرجح الكفة لصالح طرف يكرس حالة التردي، ويستنسخ الصورة السابقة التي لا تبشر بخير".

ويقول الكاتب العراقي سرمد الطائي ان الصدر تحول مؤخرا الى "اكبر داعم لمسار الاصلاح السياسي، وعمل على تخفيف الاحتقانات الطائفية عبر مواقف سياسية ساعدت على تهدئة السنة وطمأنتهم"، ويرى ان "على الجميع ان يشعروا بالخوف من اختفاء هذا الصوت الاصلاحي المعتدل"، ويدعو الصدر منذ عودته الى العراق قبل ثلاث سنوات الى الابتعاد عن الطائفية، والى نبذ الخلافات السنية الشيعية، وغالبا ما ينتقد العملية السياسية والسياسيين، وحتى المسؤولين المرتبطين بتياره، متهما اياهم بالفساد وبالابتعاد عن الاهتمام بمشاكل الناس.

وقد جاء قرار الصدر بإبعاد ممثليه في البرلمان والحكومة عنه في خضم موجة غضب شعبي عارم جراء اقرار البرلمان امتيازات لأعضائه لدى تقاعدهم، علما ان وسائل اعلام عراقية ابرزت مؤخرا اسماء ممثلين عن تيار الصدر صوتوا لصالح القانون، ويرى المحلل السياسي ابراهيم الصميدعي ان "الصدر احد اهم قوى التوازن النامية في العراق، وخروجه هو اول انهيار لاهم عوامل التوازن الداخلي الطائفي (لدى الشيعة) وبداية لانهيار دائرة التوازن الوطني الكبير"، ويتابع "قد يتصور بعض خصوم الصدر من اصحاب النظرة القصيرة ان خروجه هو انتصار لهم، لكن في الحقيقة ان الكل خاسر من ذلك"، ويقول الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى مايكل نايتس ان مقتدى الصدر "يبتعد عن اضواء السياسة عندما يتعرض لتهديد جسدي او عندما يهم تياره بالقيام بعمل سياسي لا يرغب هو في ان يكون له دور فيه"، ويضيف "لا شيء دائما في العراق، الا الموت".

امتيازات برلمانية

الى ذلك انتقد المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني الامتيازات التي اقرها البرلمان العراقي لنفسه ولكبار مسؤولي الدولة "دون وجه حق" واعتبرها "غير منطقية" مطالبا بإلغائها، واقر البرلمان العراقي قانونا تقاعديا موحدا لكل الموظفين الحكوميين يضمن لنوابه امتيازات تمنحهم راتبا مدى الحياة بنسبة قد تصل الى سبعين بالمئة من الراتب الفعلي ويتجاوز بأضعاف راتب الموظف الحكومي في القطاعات المختلفة.

وقرا الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع في كربلاء الجمعة في ضريح الامام الحسين راي السيستاني الذي قال "انه من المؤسف ان مجلس النواب اخفق مرة اخرى في ان يلبي مطالب المواطنين فاقر لأعضائه ولكبار المسؤولين وذوي الدرجات الخاصة امتيازات واستثناءات بغير وجه حق".

واضاف "كان المواطنون ومنذ سنوات يطالبون بإقرار قانون التقاعد الموحد بما يحقق العدالة الاجتماعية وطالبت كذلك المرجعية الدينية العليا التي تعبر عن ارادة الشعب مرارا وتكرارا ودعت فيه باتخاذ اجراءات حاسمة بإلغاء الامتيازات غير المقبولة ولكن نجد ان اغلب الاعضاء الحاضرين ابوا ان يحترموا الارادة الشعبية"، واكد ان "هذا الامر ينبغي ان يلفت نظر المواطنين وهم على ابواب الانتخابات ان يجددوا النظر فيمن سينتخبونه ويدققوا في اختياراتهم وينبغي لهم الا ينتخبوا الا من يتعهد لهم مسبقا بإلغاء هذه الامتيازات غير المنطقية".

ودعا السيستاني "المحكمة الاتحادية الى الا تمرر هذه المادة من القانون التي تخالف روح الدستور الذي ينص على ان جميع المواطنين يتساوون من دون تمييز وان الدولة تكفل تكافؤ الفرص لجميعهم"، ويتجاهل القانون الجديد الذي اقره النواب المطالبات الشعبية وقرارات مجلس القضاء التي الغت قانونا سابقا يرفع راتب النائب التقاعدي الى 80% من راتبه الفعلي، فالقانون الجديد يستثني النائب من الحد الأدنى لسنوات الخدمة المطلوبة.

وينص القانون على صرف راتب شهري من 150 الف دينار (120 دولارا) للموظف العام الذي يخدم عشر سنوات كحد ادنى، لكنه يكافئ اعضاء مجلس النواب الذين خدموا اربعة اعوام بأكثر من سبعين بالمئة من الراتب الذي يتجاوز 11 الف دولار، بحسب نواب معارضين، في المقابل، يمنح القانون الجديد كل موظف عام خدم ثلاثين سنة وتجاوز الخمسين من العمر كحد ادنى، 400 الف دينار شهريا (325 دولارا) بدلا من 250 الفا (200 دولار) في الشهر، وصوت 130 نائبا من اصل 170 حضروا جلسة مجلس النواب الذي يتكون من 325 نائبا، لصالح القانون الذي اعتبره بعضهم إنجازا، ولم يعلق اي نائب صوت لصالح القانون الذي جرت اليه التصويت بالطريقة السرية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/آذار/2014 - 27/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م