خيال ام حقيقة...

هي القصة القصيرة، الحكاية، الاقصوصة، القصة، الرواية

علي اسماعيل الجاف

 

القصة عبارة عن عمل ادبي لحادثة او حوادث عدة مرتبطة مع بعضها يتم عرضها بصورة تتابعية، ويكون دور القاص هو التعمق والتحري والنظر في ذلك الحادث او تلك الحوادث مع اخذ بنظر الاعتبار الزمان والمكان والفكرة والعرض او التقديم. ويقول الاخر تمثل القصة حكاية مكتوبة نثرا تستهدف استثارة الاهتمام من خلال تطوير الحادث او الحوادث.

توجد هناك انواع تسميات تجعل من البعض يحكم على جميع تلك التسميات بنفس التعبير والفهم والحكم دون تميزا يذكر لكل واحدة من حيث المضمون والمعنى. فالرواية هي اكبر انواع القصة حجما وسردا وهناك الحكاية التي تمثل وقائع حقيقية او خيالية لا يلتزم فيها الحاكي بقواعد الفن الدقيقة، ويوجد ايضا القصة القصيرة التي تمثل حدثا واحدا في وقت واحد وزمان واحد يكون غالبا اقل من ساعة؛ في حين الاقصوصة هي اقصر من القصة وتقوم على رسم منظر ما بلغة ادبية وتعبيرية. كذلك، لدينا القصة التي تتوسط بين الاقصوصة والرواية ويحصر كاتبها اتجاهه نحو اتجاه في ناحية ويسلط خياله فيها حتى يشبعه مضمونا ومعنى.

تتمثل عناصر القصة بالموضوع والفكرة والحدث والحبكة والبيئتان (الزمان والمكان). ويجب ان يكون القاص متمكنا وقادرا وخبيرا من هذه الادوات حتى يتمكن من نسج خيوطه منطقيا ومعياريا ونموذجيا للقراء بحيث يكون الكلام منمقا ومنطقيا ومقبولا. تمثل الشخصيات الاسلوب العائد الى القاص اما الطريقة فهي الاشياء الملزمة والمحكمة التي لايتمكن القاص من الخروج عنها كونها تفرض اجباريا عليه، واللغة يجب ان تكون واضحة ورمزية حتى يكون الصراع الموجود غالبا مفهوما لحل العقد المطروحة ومزج التعابير المشوقة بلغة ادبية قد تكون صعبة على المتلقي البسيط؛ لكنها سهلة على من يريد لون ادبي مثالي. يجب ان يعرض القاص العقد والحل خلال موضوعه حتى لو كان هامشيا، والقاص يختار تجاربه ضمن اسلوب واهواء والنفس البشرية وعليه ان يدرك فنون الاقناع والاستمالة والاغواء والاغراء الادبي، لان تجارب الاخرين نقصد: مجتمع، نقاد، ومحللين، قد تصعب الاستجابة لها معا؛ وربما تكون الثقافة كفكر وفلسفة مطلوبة اثناء التقديم الاولي بجانب التاريخ والخلفيات وما لها من تأثيرات في نضال الشعوب واحداث وطنية وسياسية او وثائق حقيقية او مزيفة علينا ان ندركها جيدا.

تعتبر فكرة القصة وجهة نظر القاص في الحياة ومشكلاتها يستخلصها القارئ في نهاية القصة، وعليه ان يتجنب الشرح المباشر لتجنب الهاوية نقصد ان يتحول القاص الى واعظا ومرشدا. ويمثل الحدث مجموعة من الاعمال كأبطال القصة قد تكون مشوشة وضبابية ومضطربة يقوم القاص بتنسيقها وطرحها بمنطق ادبي قربية للواقع. هناك انواع من الحوادث: التقليدي نقصد به بداية ثم تتطور ضمن ترتيب زمني سببي، اي يكون هناك انطلاق والعودة الى البداية؛ اما النوع الاخر ينطلق من النهاية ويقود الى البداية بالقارئ وهناك ملابسات والنوع الاخير هو الذي يقدم الحوادث من المنتصف ثم العودة الى الحادثة وصولا الى الحبكة.

 القصة القصيرة تمثل فن ترتيب الحوادث وسردها وتطورها. ويجب ان يفهم القارئ الحبكة التي تكون نوعين: المحكمة هي حوادث محكمة مترابطة يتم عرضها وصولا للحبكة والمفككة يورد القاص احداثا متعددة غير متواصلة برابط السببية لا يجمع بينها زمان ومكان واحد. تعكس البيئة الزمانية والمكانية الطبيعة الجغرافية التي تجري فيها الاحداث والمجتمع والمحيط، بعبارة اخرى، هي القضايا التاريخية التي تصور، وتكون هناك الشخصيات الرئيسية والثانوية النامية والثابتة ولكل واحدة معنى ومضمون مفهوم للمتلقي من التسمية.

يتطلب من القاص ان يفهم طبقات المجتمع وخلفياته عند عرض الشخصيات فقد تكون الشخصيات المقدمة والمعروضة سرديا باحكام التحليل لرسم الشخصية وعواطفها، وكذلك التمثيل التي تعطي انطباعا على ذات القاص والتعابير والايحاءات والرموز والتصرف وربما تعكس غالبا تجارب شخصية وذاتية ويجب تجنب السرد عند نقل الاحداث بخيال والمباشرة في ان يكون القاص كاتبا وربما مؤرخا.

نرى كثيرا من السرد الذاتي يعرض نفسه القاص كأحد الشخصيات الرئيسية بالاعتماد على مذكرات وثائق وكتب شخصية محكمة ورصينة نقصد رسمية في الغالب. الصراع ربما يكون داخليا يعكس تجارب شخصية او بيئية او يكون خارجيا لكن هذا النوع يتطلب تجارب وخبرات ومهارات كبيرة. يجب ان لا تكون العقدة او الحل تأزيم الاحداث وانما جعل القارئ باحثا. ومن خصائص القصة الوحدة والتكثيف والرؤية اي جوهر العمل الفني والموضوع واللغة من حيث السلامة والبناء والدقة والاقتصاد والشاعرية والاسلوب الفني والحوار.

ظهرت القصة القصيرة في منتصف القرن التاسع عشر في روسيا وامريكا وفرنسا وانجلترا وصلت بعد حين. بعدها ازدهرت في بداية القرن العشرين. والقصة القصيرة هي فن ادبي نثري يكتفي بتصوير جانب من جوانب الحياة لفرد او يصور موقعا واحدا. تعتبر القصة القصيرة اقرب الفنون الادبية الى روح العصر؛ بينما الرواية تمثل التعميم والشمول والتخصص. الرواية تتناول قطاع طويل وتتوغل في ابعاد الزمن وتمتاز بالطول والتعمق، في حين القصة القصيرة عكس ذلك كله.

تحتاج القصة الى ايقاع قوي ومكثف وسريع لتغير عقل وفكر القارئ تجاه مضمونها ومعناها وفكرتها (حبكتها). ويجب تجنب الجري وراء شخصيات ثانوية في القصة القصيرة ويجري التلاحم والانسجام والتوافق في الشخصيات طبقا للمدى والحجم والمكانة والاهمية والدور وتجنب الوصف المفرط غير الملائم لانه يسبب التشويش وعدم التشويق.

ساهمت الحرب العالمية الثانية في توجيه مسار القصة القصيرة نحو حوكة المجتمع والبناء الاجتماعي الواقعي مستمدا مفرداته من البيئة. ونذكر "قنديل ام هاشم" ليحيى حقي من مصر، ويوسف ادريس سنة 1952 في "ارخص ليالي" واسماعيل ولي الدين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 27/آذار/2014 - 24/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م