الشيكولاتة والعشق المطلق لمتعة التذوق

تنافس اقتصادي قد يكون على حساب صحة الإنسان

 

شبكة النبأ: "الشيكولاتة أو الشوكولا" تعد وبمختلف انواعها وتسمياتها من أكثر أنواع الحلويات شعبية في العالم، وانتشرت الشوكولاتة لتصبح مادة مهمة في الكثير من المأكولات والمشروبات الباردة والساخنة، ويقول بعض الخبراء في هذا الشأن انه على الرغم من منافعها في التغذية وعلى مستوى الصحة في بعض الاحيان الا ان هؤلاء الخبراء يحذرون من التناول المفرط للشوكولا الذي قد يؤذي الصحة بصورة تراكمية، إذ يشعر الكثير من عشاق هذه الحلوى العالمية بأحاسيس من المتعة التذوقية، لكن هذه المتعة قد تكون خطرا على صحة المتناول كما ان معرفة كمية التناول تختلف من شخص إلى آخر، لذا تختلف فوائد ومضار حلوى الشيكولاتة الأكثر شيوعاً في العالم حسب تناول معدل تناولها.

وبحسب بعض المصادر تبدأ الشوكولا من شجرة تسمى شجرة الكاكاو، وهي شجرة تنمو في المناطق الاستوائية، في مناطق مثل أمريكا الجنوبية وإفريقيا وإندونيسيا تنتج هذه الشجرة ثماراً في حجم ثمار الأناناس، وداخل هذه الثمار هناك بذور الشجرة التي تسمى حبوب الكاكاو التي كانت وخلال قرون تهرس ثم تؤكل، ويمتد تاريخها منذ 2000 قبل الميلاد وحتى اليوم، ويحكي لنا التاريخ بدايات هذه الحلوى العجيبة إذ يقال بأنه في عام 1519م.

قام المكتشف الاسباني ( فرناندو كوريتز ) بتذوق الكاكاو والذي كان الشراب المفضل للمنتزوما الثاني آخر الأباطرة الأزتكيين (السكان الأصليين لأمريكا الوسطى) وقد لاحظ كورتيز بأن الأزتكيين يعاملون حبات الكاكاو التي يصنعون منها شرابهم المفضل وكأنها مجوهرات ثمينة، وكانوا يستخدمون حبات الكاكاو لإعداد مشروب ساخن يعدونه لزعمائهم ويطلقون عليه اسم (الشوكولا) أي الشراب الدافئ ، وكان مذاقه مراً فقام (كورتيز) ورجاله بإضافة السكر إليه وعادوا به إلى اسبانيا.

وأول من أحضر الكاكاو إلى أسبانيا هو كولومبس بعد رحلته الرابعة إلى العالم الجديد فقد اكتشف ( كريستوفر كولمبس ) أمريكا عام (1542م) وأحضر معه عدداً من نباتاتها ومحاصيلها الزراعية وكان مما أحضره معه حبات داكنة اللون من المكسيك، ولكن نظراً لأن سفينته كانت تحمل أشياء أخرى فإن جوز الكاكاو أهمل تماماً آنذاك ولم يعرف شيئاً عن كيفية استعمال هذه الحبات حتى سنة (1599م) فقد أخفيت طريقة صنع الشراب منها حتى تتمتع طبقة النبلاء وحدها بالمشروب اللذيذ.

 واحتفظ الإسبان بسر(الشوكولا) لأكثر من (100) عام ولكن انكشف السر في آخر الأمر وشاعت شهرة المشروب في البلدان الأخرى، حيث كشف بعض الرهبان الإسبان عن سر هذه الحبات ولم يمضِ وقت طويل حتى انتشر هذا المشروب في أنحاء العالم. وفي منتصف القرن السادس عشر اكتسب شراب الشوكولا شهرة واسعة في فرنسا وقام أحد التجار الفرنسيين بافتتاح أول محل لبيع شراب الشوكولا الحار في لندن وبحلول القرن السابع عشر صارت محلات الشوكولا في إنجلترا تضارع محلات القهوة في الشهرة.

 وفي عام 1765م افتتح أول مصنع للشوكولا في مستعمرة ماساشوستس. وفي عام (1847م) ابتكرت شركة إنكليزية فكرة تصنيع الشوكولا الصلبة للأكل كما نعرفها اليوم. وقد قام الكيميائي الهولندي (كونارد فان هوتن) باختراع معصرة كاكاو مما مكن مصنعي الحلوى بعمل حلويات الشوكولا بخلط زبدة الكاكاو مع بودرة السكر.

وفي عام (1876م) أضيف الحليب إلى الشوكولا في مدينة (Vevy) السويسرية فقد قام أحد مصنعي الحلوى السويسريين بتطوير صناعة شوكولا الحليب وذلك بإضافة الحليب المكثف لسائل الشوكولا، ويتحصل على سائل الشوكولا هذا كمنتج ثانوي غير متخمر من اللحم الداخلي لحبة الكاكاو.

وقد قام السويسريون أيضاً بإضفاء قوام ناعم للشوكولا بواسطة عملية تصنيعية تسمى " كونشنج " وتعني الشكل المحاري لأوعية التخمر القديمة والتي تشبه المحار حيث كانوا يخلطون فيها أجزاء الشوكولا حتى يصير القوام ناعماً. وهكذا تطورت صناعة الشوكولا على أيدي السويسريين ثم انتشرت صناعة الشوكولا في دول العالم .

وتعتبر الشوكولاتة وبحسب بعض الخبراء من المواد المغذية، وقيمتها الغذائية عالية، فهي تتكون من 55% من المواد الكربوهيدراتية و30% من المواد الدهنية و6 % من المواد البروتينية, وهى المواد الثلاث الأساسية التي يتألف منها الغذاء الضروري للجسم، إضافة إلى احتوائها على الفوسفور والكالسيوم والمغنيزيوم والحديد والفيتامينات ( A – B – C ) والشوكولا غنية جدا بالوحدات الحرارية ، فكل 100 غرام منها يعطي 500 وحدة حرارية وتمثل مصدراً سريعاً للطاقة، لذا تعتبر مثالية للعمال والرياضيين ورجال الفكر أيضا حيث تمنحهم نشاطا وحيوية. ولطالما حاول العلماء الكشف عن أسرار إغراءات الشوكولا وتفضيلها على سائر الحلويات وعدم القدرة على مقاومتها فأخضعوها للكثير من التحليلات والأبحاث لتحديد المكونات التي تلعب دورا رئيسيا في منحها تلك القدرة على تحسين المزاج وزيادة طاقة الجسم والفكر.

وعلى الرغم من تلك الفوائد الكثيرة إلا أن خبراء يؤكدون ان فوائدها قد تعادل أضرارها، لذا لابد من الحرص على تحديد الكميات المتناولة ويؤدي كثرة تناول الشوكولاتة الى الادمان لأنه يحتوي على مادة الكافيين، كما تسبب ايضا كثرة تناولها الاصابة بالسمنة وقد تعرض للإصابة بمرض السكر لاحتوائها على كثير من السكر، تناول الشوكولاتة اثناء الليل يزيد بعض الاضطرابات المرضية المرتبطة بالنوم، وقد ترتبط الشوكولاتة بالتوتر العصبي لاحتوائها على مركبات الأمينات الفعالة في الأوعية وكثرتها ايضا قد تؤدي إلى زيادة احتمالية تسوس الأسنان.

عاصمة الشيكولاتة

وفي هذا الشأن فقد اخترعت بلجيكا حلوى البرالين عام 1912 وسرعان ما اصبحت تشتهر بصناعة أفخر أنواع الشوكولاتة في العالم، لكن بعد مرور اكثر من مائة عام اصبح صناع الشيكولاتة المحليون يواجهون تهديدا من التنافس الدولي. ففي مطبخ ريان ستيفنسون تفوح رائحة الكاكاو الدافئ المذاب داخل انابيب دقيقة محشوة بالعديد من قطع الشيكولاتة اللذيذة.

واستطاع الشاب البالغ من العمر 36 عاما، الذي نشأ وتربى في توومبا باستراليا، منذ ان انتقل الى العيش في بروكسل عام 2005، استطاع الفوز مرتين بلقب ملك الشيكولاتة في بلجيكا ، وفي عام 2009 حصل على جائزة أفضل برالين في نهائي منافسات ملوك الشوكولاتة في العالم. وقال "لست صانعا للشوكولاتة بالحرفة، ولكني تدربت على صناعتها كطاهي للحلويات."

اذن كيف تسنى له ان يصبح أحد اشهر صانعي الشيكولاتة في بلجيكا؟ أجاب ستيفنسون "انها قصة طويلة، دراستي الاساسية كانت في الاحصاء ، لكني اكتشفت ان الامر يتسم بالملل ولم اتصور العمل في المكاتب." وسرعان ما أدرك انه يفضل اداء عمله الاضافي في أحد المخابز الملحقة بجامعة، كما بدأ يسعى لاكتساب خبرات في الفنادق ومتاجر الحلوى في ميونخ ولندن، قبل ان يصل به المطاف الى بروكسل. و تزوج من فتاة بلجيكية وبدأ يشق طريق المهنة من خلال العمل في متجر (لو سانت اولاي) الذي يمتلكه والد زوجته بالإضافة الى دخول منافسات للخبازة.

قال ستيفنسون "بدأت العمل بصنع الحلويات، لكن هنا توجد ثقافة قوية للشيكولاتة، فعندما احتاج خوض منافسة، كان الامر دوما يعتمد على الشوكولاتة. انه منتج جيد ان تعمل فيه، اقصد ان الجميع يحب الشوكولاتة البلجيكية." فعلى الرغم من تخليه عن خلفيته في الرياضيات، قال ان عقليته التحليلية تساعده في ابتكار وصفات جديدة وفهم العمليات الفنية التي تفضي الى صنع شوكولاتة جيدة، على سبيل المثال اذابة الخليط عند درجة حرارة مناسبة وتفريغ فقاعات الهواء.

وبعد ليال كثيرة من ممارسة المهنة، فاز ستيفنسون بجائزة ملك الشيكولاتة في بلجيكا عام 2008، لكنه يصف المرة الثانية التي فاز فيها بالجائزة بالافضل "لانها المرة التي أدرك فيها البلجيكيون ان الامر لا علاقة له بحظ المبتدئين." واضاف "كان شعور غامر بالفرحة لكوني استرالي أفوز بجائزة هنا في بروكسل. أعتقد ان ذلك كان وليد ما اكتسبته من خبرات من البلجيكيين استطعت التفوق عليهم في ملعبهم."

ليس ستيفنسون الاجنبي الوحيد الذي اصبح له هذا التأثير البالغ على المشهد البلجيكي لصناعة الشكولاتة. فهناك الياباني يوسوشي ساساكي الذي يدير متجرا شهيرا للحلويات في احدى المناطق السكنية في بروكسل، اذ يصفه الكثيرون بانه صانع للشوكولاتة بقدر الدقة التي يتمتع بها طاهي السوشي. وقال ساساكي ان صانعي الشوكولاتة البلجيكيين "ينبغي لهم عدم القلق مطلقا من المنافسة الدولية من أناس امثالي." واضاف "باستطاعتنا اتقان العمل مثلهم تماما وكذلك ان نضع لمساتنا، وانا اوافق على احتمال ان نشكل تهديدا لهم."

وقالت باسكال ميولميستير من شركة باري كاليبوت، عملاق صناعة الشوكولاتة البلجيكية التي تنظم مسابقة ملوك الشوكولاتة في العالم، "انا سعيدة للغاية بان الطهاة الدوليين يفخرون باستخدام الشوكولاتة البلجيكية واختيار هذا المنتج لتحقيق تفوق في حياتهم المهنية." لكن بكل تأكيد يخالج صناع الشوكولاتة من البلجيكيين شعور بالاستياء، فمن الذي فقد بريقه؟

واضافت "اعتقد ان هناك تنافسا، وعلى الرغم من ان ذلك ظاهرة صحية كما انها منافسة ودية، فجميع الطهاة الدوليين الذي يعملون داخل بلجيكا وخارجها يساعدون في تبادل الافكار وتصدير منتجات الى بلاد اخرى، وهو شئ جيد." وتعتقد ان تاريخ صناعة الحلوى في بلجيكا سيضمن استمرار طهاتها في مرتبة أفضل الصناع في العالم. وأضافت "عندما تعيش في بلدك الذي يتمتع بتاريخ مهني يصل الى مئة عام، تشهد على جودة الاداء، ذلك يمنح البلجيكيين ميزة ولا ينتقص من قدر مهنيتهم".

ويعود حب الشوكولاتة في البلاد إلى القرن التاسع عشر عندما بدأت عمليات شحن الكاكاو من الكونغو التي كانت في ذلك الوقت مستعمرة افريقية جديدة لها. لقد اصبحت صناعة الشوكولاتة البلجيكية ذات شهرة عالمية بعد اختراع حلوى البرالين، بفضل فكرة ابتكرها رجل يدعى جان نيوهاوس الذي دوما يشار اليه بأشهر صناع الشيكولاتة في بلجيكا على الرغم من مولده في سويسرا.

لقد أصبح نيوهاوس احد أشهر الصناع في البلاد وصاحب اشهر علامات تجارية. غير ان احدى اشهر شركات صناعة الشوكولاتة في بلجيكا هي شركة (غوديفا) التي اسستها شركة (يلدز) التركية عام 2007. وقالت ميولميستير "كان لبلجيكا كل هذا التأثير كما تطورت ايضا تقنيات صناعة الشوكولاتة وحرفية الصناعة."

من جانبهم يدافع كتاب الاغذية البلجيكيون عن أحد أهم الصناعات الغذائية الرئيسية في البلاد، حيث يقول فيرل دي بوتر، كاتب عمل طاهيا لفترة من الزمن "نظرا لفوز أحد الطهاة (غير البلجيكيين) للفوز بجوائز برعاية احدى العلامات التجارية في صناعة الشوكولاتة، لا اعتقد انه ينبغي على صناع الشوكولاتة البلجيك الشعور ببعض الاضطراب." واضاف "سيساورني القلق عندما يبدأ المستهلكون بالفعل تفضيل الشوكولاتة غير البلجيكية ." بحسب بي بي سي.

هناك نحو 2000 متجر في بلجيكا واجمالي الصادرات السنوية يقترب من الملياري يورو بحسب رابطة صناعة الشوكولاتة والبسكويت والحلوى الاوربيين في الخارج. وقال وليم اسايرن، كاتب في مجال الاغذية لدوريات تنشر في بلجيكا وهولندا وفرنسا "يجب ألا ننسى ان الطهاة البلجيكيين ألهموا الكثيريين، على سبيل المثال قبل عقد انتقل الكثير منهم الى منطقة كتالونيا الاسبانية، ليس من اجل الشوكولاتة بل من اجل اطعمة أخرى."

اكبر مصنع

الى جانب ذلك وفي منطقة فيزيه في بلجيكا "اكبر مصنع للشوكولا في العالم" ينتج 900 طن من الشوكولا في اليوم الواحد في عالم اشبه بمملكة ويلي وونكا بطل "فيلم "تشارلي اند ذي شوكلت فاكتوري". وتمر سبائك الشوكولا بسرعة كبيرة على الحزام في المصنع وهو ملك مجموعة "باري كايبو" الذي يمتد على مساحة 125 هكتار في الريف الفلمنكي على بعد ساعة غرب بروكسل. يعمل في المصنع 800 موظف وهو مختبر للابتكارات الجديدة والابحاث المخصصة للعاملين في هذا المجال.

فهنا تعكف الشركة الاولى عالميا لانتاج الشوكولا الصناعي (40 % من المبيعات) على تحضير وصفاتها المقبلة لتلبية الطلب العالمي الذي لا ينضب ويتجدد باستمرار. وقد زاد حجم اسواق الشوكولا بنسبة 12 % العام الماضي في اسيا ولا سيما في الصين ما ساهم في ارتفاع مبيعات المجموعة البلجكية من بودرة الكاكاو التي تصنع من خلالها البسكويت والمثلجات والمشروبات بنكهة الشوكولا ووصفات صناعية اخرى كثيرة.

ومجموعة "باري كايبو" ولدت العام 1996 من خلال الدمج بين مشغلين عريقين للشوكولا هما الفرنسي "باري" والبلجيكي "كايبو". ومقر المجموعة هذه في زيوريخ. وهي تشتري ربع الانتاج العالمي من حبوب الكاكاو (اربعة ملايين طن في 2011-2012) لمعالجتها في احد مواقع الانتاح الخمسين التابعة لها. فيزيه هي اكبر موقع مع 25 وحدة انتاج تجمع بين معالجة المواد الالية والسلع النهائية.

وتصل حبوب الكاكاو المخمرة والمطهرة والمحمصة في بلد المنشأ في افريقيا (غانا وساحل العاج وتوغو وتنزانيا) واميركا الجنوبية (فنزويلا) وآسيا (جزيرة جاوا في اندونيسيا). وهي تفرم وتعصر لتفرج عن عصير اسود سميك يشبه السوس يسمى مشروب الكاكاو الذي تستخرج منه زبدة الكاكاو (46 %) والبودرة (54 %). ويضاف الى الزبدة الحليب والسكر ومكونات اخرى الى خليط لا يزال سرا وصولا الى شوكولا يستخدم في التلبيس وجميدة قوالب الحلوى.

وتزود المجموعة مصانع تبيع ماركاتها الخاصة (80 % من زبائنها) والى حرفيين في المدينة يصنعون منتجاتهم انطلاقا من مكونات يتسلمونها حاضرة. وتستخدم منتجات باري كايبو في منتج بالشوكولا من كل خمسة في العالم. ويقول فريديريك ديببير مدير دائرة البحث والتطوير في المجموعة "نوفر لهم الافكار والمفاهيم والمنتجات والوصفات الجاهزة للتطبيق". ويضيف ""مهما كان القطاع الذي يعملون فيه فان المجموعة تساعد زبائنها على ايجاد توقيع خاص بهم او تحديد هوية خاصة بهم". بحسب فرانس برس.

ويتم استدعاء خبراء المجموعة للمساعدة في حل مشاكل تتكرر في مجال صنع الشوكولا مثل ازالة البقع البيضاء على الوجه التي تصدر عن المواد الدسمة. من جهته يقول هرفيغ برنارت المسؤول عن الابتكار في المجموعة "حبة الكاكاو مع اكثر من 20 الف مكون فيها، معقدة مثل النفط الخام". وباري كايبو تتعاون مع عدة مؤسسات جامعية وتضم نحو 20 عالما يكرسون وقتهم للكاكاو وتخميره والتوصل الى انواع جديد اخف مع سكر اقل من دون لاكتوز. والمجموعة تمتلك حوالى اربعين براءة اختراع.

مقاومة للحرارة العالية

في السياق ذاته قال مسؤول كبير في شركة المأكولات الخفيفة مونديليز انترناشونال إن الشركة تقترب من انتاج شيكولاتة مقاومة للحرارة العالية يمكن بيعها في بعض أكثر الاماكن ارتفاعا في درجة الحرارة في العالم. وقال لورانس ماكدوجال رئيس عمليات الشركة في شرق اوروبا والشرق الاوسط وافريقيا إن مونديليز التي تصنع الشيكولاتة كادبوري والبسكويت أوريو الخفيفة أجرت أبحاثا على مدى ما لا يقل عن عشر سنوات وتقترب من طرح هذا النوع من الشيكولاتة على المستهلكين لكنه رفض تحديد موعد دقيق لذلك.

ولم يفصح ماكدوجال عن مكونات الشيكولاتة او مذاقها او اسمها لكنه قال إنها يمكن أن تحل المشاكل التي تواجهها مونديليز والمنتجون الآخرون الاخر في افريقيا جنوبي الصحراء الكبرى حيث يتسوق كثير من المستهلكين في أسواق مفتوحة ويمكن أن يترك الطعام لساعات في حر شديد. وقال ماكدوجال "يمكن أن تقاوم الحرارة حتى 40 درجة مئوية ولا تذوب." واضاف "إنها قيد التطوير حاليا. نتطلع إلى الانتاج التجاري قريبا جديا." بحسب رويترز.

وتراهن مونديليز لتعزيز نموها على الأسواق الناشئة حيث تواجه أسواقا مكتملة النمو في الولايات المتحدة واوروبا. وعلى الرغم من وجود مليار نسمة في افريقيا إلا أن القارة شكلت 26 بالمئة فقط من إيرادات مونديليز في منطقة شرق أوروبا والشرق الاوسط وأفريقيا في 2012 أو أقل بقليل من مليار دولار.

الدخول الى الصين

على صعيد متصل يظهر معرض "تشوكليت هابي لاند" للشوكولا في شنغهاي مدى اهتمام صانعي الحلوى العالميين بغزو الاسواق الصينية التي ما زالت حتى الآن عصية على منتجاتهم، بسبب إعراض الصينيين عن تناول الشوكولا بشكل عام. وازدان هذا المعرض بمنتجات الشوكولا على شكل برج ايفل او تمثال داوود الشهير لمايكل انجلو، محاطة بسور يحاكي سور الصين العظيم وبجيش الفخار الشهير الذي امر الامبراطور كين ببنائه ليدفن معه.. وقد جرى تحويل هذه الاعمال العالمية الى قطع شوكولا موجهة خصيصا الى المستهلك الصيني.

وليست هذه المنتجات وحدها التي تحاول غزو الاسواق الصينية. فقد ادى ارتفاع قدرة الصينيين الشرائية، بالإضافة الى كون الصين الاكبر في العالم من حيث عدد السكان، الى جذب المنتجات الاجنبية على اختلاف انواعها، من القهوة الى افلام هوليوود مرورا بالهواتف الذكية. وتحولت الصين في السنوات الماضية الى السوق الاولى في العالم لمنتجات مثل الجعة والسيارات. لكن الصينيين قليلا ما يستهلكون الشوكولا، فهم لم يعتادوا بعد المذاق الحلو وطعم الكاكاو. ولذلك، لا يتجاوز معدل استهلاك الفرد الصيني للشوكولا 100 غرام سنويا، اي ما يعادل لوحين من الشوكولا.

اما في اليابان مثلا، فان استهلاك الشوكولا يعادل 11 مرة استهلاكه في الصين، وفي الولايات المتحدة 44 مرة، وفي المانيا 82 مرة، بحسب دراسة نشرت في تشرين الثاني/نوفمبر. ويقول لورانس آلن الخبير في هذا القطاع "ما زال سوق الشوكولا في الصين في مراحله الاولى، ولم يتجاوزها خلال السنوات الثلاثين الماضية" التي شهدت انفتاح الصين على المنتجات العالمية. ويضيف "لم يكن مذاق الشوكولا معروفا لدى الصينيين في ذلك الوقت".

وشهدت سوق المنتجات الاستهلاكية نموا في الصين بمعدل 17% سنويا خلال السنوات الخمس الماضية، ومن المرتقب ان تشهد سوق المنتجات الفاخرة نموا بنسبة 20% في السنوات العشر المقبلة. اما سوق الشوكولا، فلا يتوقع ان تسجل نموا باكثر من 15% بحلول العام 2015. وتركز الكثير من المؤسسات التجارية على ذوق المستهلك الصيني في المنتجات الفاخرة والهدايا في محاولة لوضع الشوكولا على قائمة السلع الراقية والانيقة.

وتعتمد هذا الاسلوب عدد من سلسلات المقاهي التي توفر لزبائنها المقاعد المريحة والجو الدافئ، والتي حصدت نجاحا كبيرا في مختلف مناطق البلاد. ومن المرتقب ان تصبح الصين العام المقبل ثاني أكبر سوق لسلسلة ستاربكس في العالم. وقد عمدت ماركة غوديفا البلجيكية الى تطوير مجموعة من السلع باهظة الثمن للاستفادة من التقاليد الصينية التي تقضي بتبادل الهدايا في الاعياد والمناسبات. بحسب فرانس برس.

ويقول جون هولمبرغ المدير الاقليمي لغوديفا "ان الصينيين يحبون كثيرا تبادل الهدايا في كل انواع المناسبات والاعياد، ونحن نحقق مبيعات جيدة جدا في مواسم الاعياد في الصين". وفي شنغهاي، يحاول معرض "تشوكليت هابي لاند" ان يحول الاعمال والمعالم العالمية الى شوكولا. اما منافسه، معرض "تشوكليت ووندرلاند"، فينظم عروضا للأزياء ترتدي العارضات خلالها فساتين من الشوكولا.

الشوكولاتة وبكتيريا الامعاء

في السياق ذاته قال علماء أمريكيون إن بكتيريا في الأمعاء، تتغذى على الشوكولاتة وتحولها إلى مركبات مضادة للالتهابات، تفيد صحة القلب. وكشف الباحثون من جامعة ولاية لويزيانا الأمريكية عن دراستهم في اجتماع الجمعية الكيميائية الأمريكية. وأظهر البحث أن بعض ميكروبات الأمعاء مثل الـ"بفيدوباكتيريوم"، تتغذى على الشوكولاتة وتفرز مركبات مفيدة من البولفنوليك.

ويعتقد الباحثون أن إضافة الفاكهة للشوكولاتة يعزز من عملية التخمير التي تقوم بها البكتيريا. وكان الفريق قد استخدم مسحوق الكاكاو خلال التجربة، غير أنهم قالوا إن القطع الصلبة من الشوكولاتة الداكنة تحتوي على نفس مركبات الفينولات المركبة والمركبات المضادة للأكسدة. وينظم المعهد القومي الأمريكي للقلب والرئة والدم تجربة موسعة لدراسة تأثير الشوكولاتة على أمراض القلب.

وسيتعاون المعهد مع شركة إنتاج الشوكولاتة "مارس"، التي انفردت رسميًا بطريقة لاستخلاص نوع محدد من هذه المركبات المفيدة – وهي الفلافانول – بصورة مركزة من الكاكاو ووضعها في كبسولات. وقالت جو-آن ماسون، والتي ستشرف على التجربة، "لا يمكن الحصول على جرعات الفلافانول الوقائية من غالبية الحلويات المطروحة في السوق، فعادة ما تدمر المعالجة الصناعية الفلافانول الموجود في الكاكاو."

وأضافت أن الهدف من التجربة هو معرفة ما إذا كان يوجد فائدة صحية من مكونات الشوكولاتة الأخرى بعيدًا عن السكر والدهون. ومن المقرر أن يتناول 18 ألف شخص يتوقع مشاركتهم في البحث كبسولات مزيفة أو حقيقية مرتين يوميًا لمدة أربع سنوات، ولن يعرف المشاركون أو المشرفون على البحث ما الذي يتناوله كل شخص.

وقال كريستوفر آلين، من مؤسسة القلب البريطانية، "إنه على الرغم من وجود الفلافانول في الشوكولاتة الداكنة إلا أن هذا لا يعني أنه يمكننا تناول قطعة من الشوكولاتة معتقدين أننا نساهم في تعزيز صحة قلوبنا. عادة ما تدمر المعالجة الصناعية الفلافانول، ومع وصول الشوكولاتة إلى المتاجر تكون تحتوي على زوائد مثل السكر والدهون." بحسب بي بي سي.

وأكد على أضرار الشوكولاتة في حالة تناولها بكميات كبيرة، قائلًا "إن الكثير من الأطعمة الدهنية والسكرية قد تسبب السمنة ومرض السكري، مما يزيد من فرص الإصابة بالأزمات القلبية والجلطات." وتنصح مؤسسة القلب البريطانية بحمية غذائية غنية بالفاكهة والخضروات بالإضافة إلى نشاط جسدي للحفاظ على صحة القلب.

طريقة جديدة

من جانب اخر توصل علماء في الكيمياء إلى طريقة جديدة يمكن من خلالها خفض كمية الدهون في الشوكولاتة إلى النصف، وذلك باستخدام سوائل معينة لا تغير من مذاقها. ومن المعروف أن هناك تركيبات للشوكولاتة تنخفض فيها نسبة الدهون، لكن قوامها لا يشبه الشوكولاتة الحقيقية في تماسكها. وقد وصف تقرير صادر عن الجمعية الكيميائية الأمريكية طريقة جديدة باستخدام مادة الآغار الشهيرة وهي مادة مغلظة للقوام في إنتاج مواد "اسفنجية" صغيرة تحل محل الدهون في الشكولاتة.

وقال الباحثون بجامعة وارويك البريطانية إن المياه وعصائر الفاكهة أو حتى مادة الكحول يمكن أن تحل محل نصف كمية الدهون في عمل الشوكولاتة. وما يحدث تماسك هذه التركيبة الكيميائية هو ما يعرف بمستحلب يتألف من مزيج كامل من المواد التي لا تميل للمزج او الاختلاط مثل الزيوت والمياه. ويتشكل ملمس الشوكولاتة المعتاد إلى حد كبير من خلال مادة المستحلب المصنوعة من كريات الدهون المنتشرة داخل القوام الصلب للشكولاتة. ومن الصعب استبدال هذه المادة، فأي مواد بديلة يجب أن تحتفظ بالقدرة على الانتشار في جميع أنحاء الشوكولاتة حينما يتم تسخينها وتبريدها، ويجب أن تبقى نسبة هذه المواد صغيرة أيضا.

وقال ستيفان بون، أحد أعضاء فريق البحث، إن الملمس الناعم للشكولاتة يتطلب أن تكون الكريات الدهنية أقل من 30 جزءا من المليون لكل متر مربع من الشوكولاتة. وفي بحث نشر عام 2012 بمجلة "جورنال اوف ماتريالز كيمستري" العلمية ، قدم الباحثون بجامعة وارويك محاولة لحل تلك المشكلة. وشكلت هذه التركيبة الجديدة أجسام كروية سائلة باستخدام مادتي السيليكا، وهي أحد أشكال المادة التي يصنع منها الرمل، والشيتوزان، وهي مادة مشتقة من أسماك المحار. لكن هذا الحل كان يتطلب أن يكون السائل مادة حمضية بعض الشيء، ولذا استخدم فريق البحث عصائر الفاكهة.

وقال الباحث بون: "كان ذلك أمرا مثيرا، لأنه احتوى على تركيبة لمزيج من عصائر الفاكهة والشوكولاتة، وأعجب الجميع بذلك". وأضاف، "بعد ذلك تساءل البعض، وخاصة داخل المملكة المتحدة: هل يمكن أن نضيف لها مادة الكحول؟ وتابع "بدأنا العمل بكل جهد في المعمل للتوصل إلى تركيبة يمكنها أن تتيح لنا ذلك، ثم فكرنا في صنع مادة من هلام الفودكا". بحسب بي بي سي.

وتعد الطريقة الجديدة أسهل في تنفيذها وأكثر تنوعا في تقديم البدائل التي يمكن استخدامها. كما أن هذه الطريقة تعالج أي مخاوف لدى المستهلكين بشأن مادة السيليكا متناهية الصغر، أو القيود الغذائية المتعلقة بمنتجات المحار. وأضاف بون: "لذا يمكنك أن تتمسك بعصير الفاكهة إذا أردت ذلك، لكن يمكنك أيضا أن تصنع قطعة من الشكولاتة باستخدام مادة الفودكا، وهي مادة ممتعة، ولكنها غير صحية". وقال بون إن هذه الطريقة: "تفتح الباب أمام أشكال مختلفة من الحلوى التي يمكن أن توضع على أرفف المحال التجارية جنبا إلى جنب مع المنتجات الأخرى الموجودة بالفعل".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/آذار/2014 - 21/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م