حروب العالم.. بين خطر التسلح القادم وذكريات المعارك السابقة

 

شبكة النبأ: سباق التسلح وبناء القدرات العسكرية الذي ازداد بشكل خطير في الاخيرة، في ظل تنامي واتساع رقعة الصراعات والخلافات الدولية، لا يزال يثير حالة من القلق والتخوف لدى الكثير من الخبراء والمراقبين، الذين اكدوا على ان هذا السباق الخطير والتنافس المتزايد، الذي يشهد العالم في سبيل تغيير ميزان القوى والخريطة الدولية، ربما سيقود الى حدوث حرب عالمية مدمرة يصعب السيطرة عليها او التنبؤ بنتائجها.

وبحسب بعض المحللين فان تطور الصناعة العسكرية وزيادة الانفاق في هذا المجال ربما سيكون مقدمة مهمة لتوتر العلاقات الدولة بين بعض الدول الكبرى، خصوصا وان الوقائع والمعطيات الحالية قد رسمت سيناريو مخيف جدا، وهو ما قد يكون سببا مباشرا في اشعال فتيل هذه الحرب المرتقبة في اية لحظة. حرب قد تعيد الى الاذهان حجم الدمار الهائل الذي تسببت به الحروب السابقة والتي اندلعت لأسباب وعوامل مختلفة قد يكون بعضها بسيط كما تنقل لنا مصادر التاريخ.

ميزانية الدفاع

وفي هذا الشأن فقد اعلنت الصين عن زيادة كبيرة في ميزانيتها العسكرية لعام 2014 تصل الى نسبة 12,2% مثيرة بذلك القلق لدى جيرانها الذين يتواجهون معها في خلافات على الحدود لا سيما اليابان. واوضحت وزارة المالية في تقرير قدم الى الجمعية الوطنية الشعبية ان الصين ستخصص هذا العام 808,23 مليار يوان (95,9 مليار يورو) لميزانية الدفاع.

وفي الواقع دابت بكين، التي تسعى الى تعزيز وضعها كقوى عظمى على ساحة السياسة العالمية وفي آسيا، على زيادة نفقاتها العسكرية التي ارتفعت بالفعل بنسبة 11,2% عام 2012 ثم 10,7% عام 2013. وميزانية الدفاع الصينية هي ثاني اكبر ميزانية في العالم بعد الولايات المتحدة وان كانت اقل بكثير من هذه الاخيرة التي يتوقع ان تصل الى 632,8 مليار دولار هذا العام.

الا ان الخبراء الغربيين يؤكدون ان نفقات بكين العسكرية الحقيقية تفوق بكثير الارقام المعلنة. وقدر البنتاغون بما بين 135 و215 مليار دولار ما رصدته الصين عام 2012 لميزانية الجيش الشعبي للتحرير، اكبر جيش في العالم مع 2,3 مليون جندي. وحتى مع الارقام الرسمية فان الصين تخصص بذلك لميزانية الدفاع ثلاثة اضعاف ما تنفقه الهند واكثر من ميزانيات اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وفيتنام مجتمعة. لذلك اثار هذا الاعلان قلقا شديدا لدى الولايات المتحدة شان جيران العملاق الاسيوي وعلى راسهم اليابان. فالعلاقات بين طوكيو وبكين في تدهور خطير منذ عام 2012 بسبب الخلاف على سيادة جزر غير مأهولة في بحر الصين الشرقي خاضعة اداريا لليابان لكن الصين تطالب بها.

واكد رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ لدى افتتاح جلسة الجمعية الوطنية الشعبية "سندافع بكل عزم عن سيادة الصين وامنها ومصالحها". واضاف في اشارة واضحة لليابان "سندافع عن ثمار الانتصار في الحرب العالمية الثانية والنظام الدولي ما بعد الحرب. ولن ندع احدا يغير مجرى التاريخ". وقال لي ان بكين "ستعزز حالة تعبئة قواتها النظامية والاحتياطية (...) مع تكثيف الاستعدادات العادية" للتدخلات المسلحة.

داني روي الخبير في مركز ايست-وست سنتر في هاواي حذر من ان ارتفاع النفقات العسكرية الصينية لا بد وان يدفع جيرانها الاسيويين الى تعزيز تعاونهم المتبادل في مجال الدفاع وايضا اتفاقاتهم الامنية مع الولايات المتحدة. وقال "ليس من شان ذلك سوى تسريع دينامية تجرى بالفعل في المنطقة". فقد قررت الحكومة اليابانية في منتصف كانون الاول/ديسمبر الماضي زيادة نفقاتها العسكرية بنسبة 5% خلال السنوات الخمس القادمة مع ميزانية تصل الى 24700 ين (175 مليار يورو) للفترة من 2014 الى 2019.

واعرب الامين العام للحكومة اليابانية يوشيهيدي سوغا عن الاسف لان "الشفافية او بالأحرى عدم الشفافية في سياسة الدفاع والقدرات العسكرية الصينية اصبحت من دوافع قلق المجتمع الدولي". وكان المتحدث باسم الجمعية الوطنية الشعبية فو ينغ صرح بان "بعض الدول تؤيد فكرة ان الصين تشكل تهديدا كبيرا. لكننا نرى انه لا يمكن المحافظة على السلام الا بان نكون اقوياء". بحسب فرانس برس.

ويرى ديني روي ان التوترات الاقليمية ليست دافع بكين الاول لتعزيز قدراتها العسكرية معتبرا ان الصين تريد في المقام الاول ان تكون قواتها المسلحة "على مستوى وضعها الدولي" على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. وفي اشارة رمزية على طموحاتها البحرية وضعت الصين في الخدمة حاملة طائراتها الاولى "لياونينغ" في ايلول/سبتمبر 2012 فيما تشير وسائل الاعلام الرسمية الى انها بدأت بالفعل في صنع حاملة طائرات ثانية. واعتبر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ان نفقات بكين العسكرية قد تصل الى مستوى نفقات واشنطن مع حلول عام 2030 لكن الامر سيتطلب منها سنوات اضافية قبل الوصول الى قدرات وخبرة الاخيرة.

تجربة روسية جديدة

في السياق ذاته اعلن مسؤول في وزارة الدفاع الروسية ان تجربة لأطلاق صاروخ بالستي عابر للقارات من طراز "توبول" تمت بنجاح انطلاقا من منطقة استراخان (جنوب)، وذلك في ذروة ازمة بين روسيا واوكرانيا. واوضح المسؤول كما نقلت عنه وكالة انترفاكس ان "الرأس التجريبي للصاروخ دمر هدفه عند ميدان تدريب ساري-شاغان في كازاخستان"، البلد في آسيا الوسطى الذي له حدود مع روسيا.

واضاف المسؤول ان الصاروخ "توبول آر اس 12 ام" الذي اطلق من ميدان تدريب كابوستين ايار غير البعيد من فولغوغراد (ستالينغراد سابقا) قادر على اختراق دفاع مضاد للصواريخ. ويبلغ مدى هذا الصاروخ عشرة الاف كلم وتناهز زنته لدى الاقلاع 45,1 طنا. ويمكن تزويده راسا نوويا زنته 550 كيلوطن. كما يمكن اطلاق هذا الصاروخ من قواعد متحركة. بحسب فرانس برس.

وتجري روسيا بانتظام تجارب اطلاق صواريخ. واخر تجربة لاطلاق صاروخ "توبول ام" اجريت بنجاح في تشرين الاول/اكتوبر الفائت. وتاتي هذه التجربة الصاروخية في ذروة نزاع مع اوكرانيا وعلى وقع اتهام الولايات المتحدة لموسكو بانها تبحث عن "ذريعة" ل"اجتياح" هذا البلد. لكن مسؤولا اميركيا اعلن ان روسيا ابلغت الولايات المتحدة مسبقا بالاختبار الصاروخي.

نظام الدفاع الامريكي

الى جانب ذلك وضعت وكالة الدفاع الصاروخي الامريكية خططا لتطوير نظام الدفاع الصاروخي الارضي الذي تديره شركة بوينج لتحسين قدراته بعد عدد من الاختبارات الفاشلة خلال السنوات القليلة الماضية. وقال مدير وكالة الدفاع الصاروخي الاميرال جيمس سايرينج ان الحكومة تطلب نحو 300 مليون دولار في السنة المالية لعام 2015 لإعادة تصميم الصاروخ الذي يطلق عليه اسم "مركبة القتل" وهو من تصميم شركة ريثيون الذي يصيب ويدمر صاروخ العدو فور التقائهما واضافة رادار طويل المدى والبحث عن وسائل أخرى تساعد النظام على التعرف بشكل أفضل على صواريخ العدو المحتملة وتعقبها وتدميرها.

ويجب ان يوافق الكونجرس على طلب التمويل المقدم من الوكالة والذي سيستخدم أيضا لتمويل مبادرات طويلة الاجل لتطوير النظام بعد مرور عشر سنوات على نماذج ضرورية قبل بدء استخدامه في العمليات. ويبلغ اجمالي المبلغ المطلوب للدفاع الصاروخي 8.5 مليار دولار منها نحو 7.5 مليار دولار لوكالة الدفاع الصاروخي. بحسب رويترز.

ويستحوذ الدفاع الصاروخي على جانب كبير من الميزانية السنوية لوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) وكان الجمهوريون قد انتقدوا ادارة الرئيس باراك أوباما لتقليص التمويل خلال السنوات القليلة الماضية. وقال وزير الدفاع الامريكي ان الميزانية التي صيغت بعد مراجعة كبيرة لاستراتيجية الدفاع تبرز الاهمية المستمرة للدفاع الصاروخي الى جانب أهمية الفضاء والعمليات الالكترونية والخاصة نظرا للمخاطر التي تتكشف سريعا.

شرارة الحرب

من جانب اخر توقفت المرأة أمام صورة فوتوغرافية لشاب ذي عينين سوداوين وشارب أحسن صاحبه تشذيبه. التفتت المرأة للصحفي الذي كان يتفقد الصورة وقالت "هذا هو الارهابي الصربي الذي يمتدحه القوميون الصرب. هو الذي بدأ تلك الحرب. كانوا هم من بدأ كل الحروب." دقق جافريلو برينسيب النظر من الجدار الخارجي لأحد المتاحف في الموقع نفسه على ضفة النهر في سراييفو الذي فتح فيه النار صباح أحد أيام الصيف عام 1914 ليقتل وريث عرش النمسا والمجر.

أشعل مقتل الارشدوق فرانز فرديناند وزوجته صوفي فتيل الحرب العالمية الأولى وأطفأ أنوار عصر من السلام والتقدم في أوروبا. انهارت امبراطوريات ولقي أكثر من عشرة ملايين جندي حتفهم. وأعيد صياغة النظام العالمي. لكن الزمن توقف بصور كثيرة في البوسنة مسقط رأس برينسيب بعد مرور 100 عام على ذلك الحادث.

كان القاتل بطلا في نظر البعض ونذير خراب في عيون أخرى. وتجدد الخلاف حول القاتل بينما تستعد سراييفو للاحتفال بالذكرى المئوية للحادث. ويجري التخطيط لسلسلتين مختلفتين من الأحداث وانطلقت اتهامات بالرجعية في وقت تجددت فيه التوترات بين الشرق والغرب على غرار ما كان يحدث إبان الحرب الباردة. ويتصل الخلاف بلب مشاكل البوسنة الان إذ أنها بلد ما زال يتأثر بالانقسامات بين القوى الكبرى وما زال يناقش الماضي ويعاني من الانقسام ببسبب الحاضر ويكتنف الغموض مستقبله.

وقالت المؤرخة البوسنية فيرا كاتز "لم نتحرك. نبدو وكأننا قبل عام 1914 بمئة عام وليس بعده بمئة سنة." وسجلت سراييفو في بداية القرن العشرين لحظة إطلاق برينسيب مسدسه من نوع براونينج وأنهت القرن على أصداء بنادق القناصة ومدافع المورتر التي أطلقها أبناء عمومته الذين كانوا يحاصرون المدينة من التلال خلال حرب البوسنة بين عامي 1992 و1995.

وبالنسبة للبعض ومنهم المرأة التي وقفت تتأمل الصورة عند المتحف يمثل الحدثان جزءا واحدا من نزعة القومية الصربية. وحسب هذه الرواية كان برينسيب ارهابيا عازما على توحيد أراضي الصرب الارثوذكس على حساب مسلمي البوسنة والكروات الكاثوليك. وحاولت قوات صرب البوسنة تحقيق الهدف نفسه تحت قيادة راتكو ملاديتش بعد ذلك بثمانين عاما. بحسب رويترز.

وأشار ايفو كومسيتش رئيس بلدية سراييفو البوسني الكرواتي إلى دور المدينة في الحربين عندما كشف عن خطط الاحتفال بالمئوية. وقال "عيون العالم ستركز على سراييفو مرة أخرى. ومن المهم أن نرسل رسائل مختلفة تمام الاختلاف عن رسائل الحرب في 1914 و1992."

قبل سبعين عاما

جنود يزحفون على الشاطئ وسرب من الطائرات العسكرية وموكب سيارات جيب مع البحر كخلفية.. مدينة انزيو الساحلية تستعيد احد اهم انزالات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية في العام 1944. وكانت تلك المعركة من المحطات الاساسية في التاريخ، فبعد اشهر من حرب خنادق دامية تمكنت القوات الحليفة من شق طريق باتجاه روما محررة العاصمة الايطالية من الاحتلال النازي. وقد خسرت القوات الاميركية والبريطانية والكندية الاف الجنود في انزيو ومحيطها.

الفريدو رينالدي المولود في انزيو كان يقيم في روما بعدما اخلى الالمان المدينة من سكانها. ورغم بلوغه السادسة والثمانين لا يزال يذكر كل شيء بحذافيره. ويوضح "عرفت عبر الاذاعة ان الاميركيين قاموا بانزال. فلم اتردد انتقلت الى انزيو مشيا (مسافة ستين كيلومترا) وفي طريقي الى هناك التقيت بجندي اميركي اسود. كانت المرة الاولى التي ارى فيها رجلا اسود". كان رينالدي في السادسة عشرة فقط من العمر وقد ضمته القوات الاميركية كمترجم. ويقول "لم اكن خائفا بسبب لامبالاة الشباب ربما. كنت اساعد حتى في حشو المدافع. كان هذا العالم يجذبني. وللمفارقة كانت الحرب كانت بالنسبة لي مرحلة رائعة".

ورغم عنصر المفاجأة الذي شكلته عملية "شينغل" البرمائية الا انها لم تأت بالنتائج المرجوة. فقد تردد الحلفاء في الهجوم على الخطوط الالمانية فتمكن الالمان من الحصول على تعزيزات واعادة تنظيم صفوفهم. وحصدت المعركة سبعة الاف ضحية في صفوف الحلفاء وخمسة الاف في صفوف قوات المحور. وبين الرجال الذين سقطوا على الجبهة اللفتنانت البريطاني اريك فليتشر ووترز والد مغني فرقة "بينك فلويد" روجير ووترز.

ويقول المقاتل البريطاني السابق ستان ترتون (90 عاما) الذي اتى خصيصا من شيفيلد لرؤية مواقع معركة انزيو الطويلة "لقد كانت الفوضى عارمة". وقد نجا ترتون من غرق السفينة الحربية البريطانية "سبارتان" جراء اصابتها بقنابل المانية ما ادى الى سقوط 51 قتيلا. ويقول ترتون متذكر "ظننت اني لن انجو" وبعدما امضى ساعتين في المياه الباردة انقذته سفينة اميركية.

ويعود تاريخ انزيو الى الماضي البعيد، فهي كانت مقرا ريفيا للاباطرة الرومان، ولاسيما نيرون. وقد اتت عليها الحرب العالمية الثانية بصورة شبه كاملة، لتعود اليها الحياة في ما بعد وتصبح مقصدا سياحيا لا يهدأ في الصيف. لكن اثار المعارك ما زالت ماثلة في المكان، اذ يمكن العثور على الشاطئ على بقايا سلاح قديم او ذخائر مستخدمة وغير ذلك. وأقيم في المدينة متحف لتخليد ذكرى هذه المعركة، تعرض فيه بقايا من هذه الاسلحة والذخائر، وصور بالاسود والابيض للمدينة عام 1944، تظهر حجم الدمار الواسع فيها.

ويقول باتريزيو كولانتيونو مدير المتحف والمسؤول عن النشاط الاستعادي الذي تنظمه المدينة في ذكرى المعركة "في ما مضى كان سكان المدينة يرغبون في نسيان ما جرى..أما اليوم فقد تغيرت الامور وبات متاحا للاجيال الجديدة ان تعرف ما جرى". وتبرع محاربون قدامى بأزيائهم العسكرية ومقتنياتهم العائدة لتلك الحقبة، لصالح النشاطات التي تصب في احياء الذاكرة. وما زالت اضرحة المانية في المدينة تحمل على شواهدها شارة النازية. بحسب فرانس برس.

ويقول ضابط بريطاني سابق شارك في المعركة وهو اليوم في الحادية والتسعين من عمره "كنا نعيش في مخابئ على خطوط القتال، كنا نحفر في الجدران لوضع اغراضنا الشخصية، وكان بالامكان ان نسمع صوت الجنود الالمان في مخابئهم ايضا، في الجانب الآخر من خط القتال".

اخبار اخرى

على صعيد متصل فرضت القوات المسلحة الالمانية على منتسبيها اجراءات جديدة تتعلق بالمظهر، منها عدم التزين بالحلق في الانف او الاوشام ذات الايحاءات الجنسية، بحسب ما جاء في تعليمات جديدة. ودخلت هذه القرارات الجديدة حيز التنفيذ في شهر شباط/فبراير، وهي ترمي الى الحد من انتشار ظاهرة الحلق في الانف والاوشام في صفوف العسكريين.

وبحسب هذه القواعد الجديدة، ينبغي على العسكريين ان يخفوا اوشامهم، والا تكون ذات ايحاءات جنسية او عنصرية. اما بالنسبة للحلق، فينبغي ان تكون صغيرة جدا، ومن ثم تغطى بشكل "لائق" بواسطة قطعة بلون الجلد. وبات محظورا على النساء في الجيش ان يضعن طلاء ملونا للاظافر، اما الطلاء الشفاف فلا بأس به. ويسمح لهن ان يحتفظن بشعر طويل لكن بحيث لا يسدل على الوجه فيغطي العينين.

من جانب اخر قال مسؤول بالجيش الهندي إن جنديا قتل خمسة من زملائه قبل أن يقتل نفسه ووصف محققون الحادث بأنه قضية عنف تتعلق بالتوتر في قوات تعاني من عجز في الأفراد. ووفقا لوزارة الدفاع تكافح القوات المسلحة في الهند ثالث أكبر جيش في العالم لشغل آلاف الأماكن الشاغرة بسبب صعوبة الأوضاع والمخاطر العالية المتعلقة بالعمل.

وقال المتحدث باسم الجيش اللفتنانت كولونيل إن.إن. جوشي عن الحادث الذي وقع في ولاية جامو وكشمير الحدودية "أحد أفراد الجيش أصيب بحالة هياج وأطلق النار دون تمييز على زملائه داخل معسكر الجيش في سافا بورا." وأضاف "مات خمسة رجال على الفور واصيب آخر. وأطلق الجندي النار على نفسه في وقت لاحق باستخدام بندقية الخدمة."

وقال جوشي إن الجيش أمر بإجراء تحقيق. وقال ضابط كبير بالجيش طلب عدم نشر اسمه إن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الجندي الذي أطلق النار كان تحت تأثير حالة توتر. ويأتي هذا الحادث بعد يوم من استقالة قائد القوات البحرية الهندية بعد أن تحمل المسؤولية عن سلسلة من حوادث العمليات شمل أحدثها انتشار دخان في غواصة وفقد اثنين من الضباط. وقالت لجنة برلمانية في تقرير عام 2010 إن 635 حالة انتحار أو محاولة انتحار حدثت في القوات المسلحة في الفترة بين عامي 2003 و2007 "ترجع جميعها إلى مناخ التوتر المتزايد الذي يؤدي إلى اختلال التوازن النفسي لدى الجنود."

في السياق ذاته توفي الجندي الياباني هيرو اوندا بسلام عن 91 عاما بعدما عاش جزءا كبيرا من حياته متخفيا في غابات الفيليبين ظنا منه ان الحرب العالمية الثانية لم تضع أوزارها. فقد عاش هذا الجندي المتخصص في الاستخبارات وتقنيات حرب العصابات، منذ الحرب الثانية الى العام 1974 متخفيا في جزيرة لوبانغ الفيليبينية وهو مقطوع عن اخبار ما يجري في العالم.

وظل هذا الجندي مع ثلاثة من رفاقه وفيا للتعليمات العسكرية التي تلقاها في العام 1944 بالا يغادر مكانه ابدا حتى تصله التعزيزات. وبقي على هذا الحال الى ان قرر احد رفاقه في العام 1950 ان يخرج من الغابة ويعود الى اليابان. بعد ذلك القت الطائرات منشورات فوق الجزيرة لتعلم هيرو ان الحرب انتهت وان الجيش الياباني هزم منذ زمن، لكنه لم يصدق ذلك، وواصل حراسة موقعه والاشتباك احيانا مع جنود فيليبينيين.

وبعد وفاة احد رفاقه، واصلت مانيلا وطوكيو البحث عنه وعن رفيقه المتبقي معه على مدى عشر سنوات، الى ان توقفت عمليات البحث في العام 1959 ظنا من البلدين ان الجنديين ماتا. في العام 1972 اشتبك الجنديان مع فرقة من الجيش الفيليبيني، فقتل رفيق هيرو وبقي هو على قيد الحياة. وأرسلت طوكيو افرادا من عائلته لإقناعه ان الحرب انتهت لكن ذلك لم يجد نفعا. بحسب فرانس برس.

ولم تجد اليابان حلا سوى بإرسال قائده العسكري السابق الى الغابة ليلتقي به ويأمره بإلقاء السلاح ففعل. وهذا الجندي هو واحد من خمسة عشر آخرين كانوا موزعين في آسيا لم يصدقوا ان الحرب انتهت رغم اعلان اليابان استسلامها في الخامس عشر من اب/اغسطس 1945. ولدى عودة هذا الجندي الى اليابان في العام 1974، قال في مؤتمر صحافي انه خلال السنوات الثلاثين التي أمضاها في الغابة لم يدر في رأسه سوى شيء واحد "تنفيذ الاوامر".

فن الحرب والسيرك

من جهة اخر ليس الخوف من العدو ما يقلق هؤلاء المقاتلين، بل الرهبة في انتظار وصول المتفرجين، فقد بات هؤلاء الجنود الكولومبيون أعضاء في فرقة سيرك جوال لإظهار صورة مختلفة عن الجيش في بلدهم، حيث يدور اقدم نزاع في اميركا اللاتينية. وقدمت فرقة "سيرك كولومبيا" لتوها عرضا في مدينة تريبيتا (وسط) التي تعد ثلاثة الاف نسمة، في المنطقة التي تضم مسقط رأس غونزالو رودريغيز غاتشا، احد كبار تجار المخدرات في تسعينيات القرن الماضي.

وهنا، يمكن مشاهدة رجال الجيش في مهمة جديدة من نوعها، لا يطارد فيها اعضاء الميليشيات او عصابات الاجرامية التي تضم في صفوفها عناصر سابقين في فرق شبه عسكرية، اودت اعمالهم بحياة مئات الاف الاشخاص خلال 50 عاما. وحلت مستحضرات التبرج محل التمويه. هم حوالى 20 جنديا تخلوا عن بزتهم العسكرية المرقطة ليرتدوا زي المهرج او البهلوان داخل خيمة سيرك ملونة بهدف توجيه رسالة فرح وامل.

ويقول ليوناردو سانتاماريا احد اعضاء الفرقة ان "هذا العمل مثير للاهتمام لاننا لسنا فنانين محترفين"، وذلك قبل القيام بعرض بهلواني على ارتفاع خمسة امتار في الجو على مرأى من حوالى ثمانمئة من المتفرجين المشدوهين الذين سرعان ما ضجت الخيمة بتصفيقهم. قد يبدو ذلك مفاجئا، لكن بعيدا عن ساحات المعركة، هؤلاء الجنود المميزون عليهم ايضا اظهار شجاعة في وجه الجمهور. ويقول سانتاماريا، هذا الشاب المفتول العضلات الذي يطل للمرة الاولى في استعراض السيرك ان الناس "تشعرنا بالقلق، لدينا خوف من حكم الجمهور".

وشارك الكثير من جنود "سيرك كولومبيا" في دوريات في مناطق مصنفة معاقل لمتمردي "القوات المسلحة الثورية لكولومبيا" (فارك) او جيش التحرير الوطني، وهما ابرز حركتي تمرد من اليسار المتطرف تم تأسيسهما في ستينيات القرن الماضي وتعدان حاليا بحسب السلطات حوالى 8000 و2500 مقاتل على التوالي. وفي داخل خيمة السيرك، يواجه العسكريون تحديات مختلفة تماما: حركات بهلوانية، عروض توازن، اغان وعروض هزلية. واصغر الاعضاء في السيرك لا يزالون في مرحلة الخدمة العسكرية الالزامية. ويقول دانيال بورخا وهو جندي انتقل للعمل كمهرج "السيرك اصبح حياتي". وبفضل قصر قامته وخفة حركته، اصبح هذا الشاب من اركان الاستعراض.

يعيش المتفرجون حالا من عدم التصديق في بادئ الامر، بطبيعة الحال. ويشير مدير السيرك السرجنت اوسكار فرنسيسكو ييلا الى انه "في البداية، ينظرون اليهم بخشية، هذا منطقي. جنود كولومبيون وسيرك؟ اين العلاقة بينهما؟". ولكن اذا كان ثمة قاسم مشترك، فهو بالطبع التدريب القاسي والحثيث في كلا الموقعين. ويؤكد سانتاماريا "انني اقوم بتمارين تقنية لساعتين يوميا واجري تدريبات طوال الوقت".

ومر 20 عاما على اطلاق هذه المبادرة لكن الجولة تأتي في توقيت خاص. فمنذ اسابيع عدة، اهتزت المؤسسة العسكرية الكولومبية بسلسلة فضائح تتعلق بقضايا فساد وعمليات اعدام من دون محاكمة قضائية. ويقول ييلا "هناك الكثير من الجنود الكولومبيين، والصالحون اكثر عددا من اولئك الذين سلكوا الطريق الخطأ"، مضيفا "ان يكون ثمة خروف ضال لا يعني ان المؤسسة باكملها ينخرها الفساد". بحسب فرانس برس.

ويبدو ان "سيرك كولومبيا" الساعي الى اعطاء صورة محببة عن الجيش، يصيب هدفه اذ ان غالبية المتفرجين يقيمون هذه التجربة ايجابيا. وتقول روزا الدانا بعد انتهاء عروض السيرك "هؤلاء الجنود الصغار ظرفاء جدا. يروق لي لطفهم واهتمامهم". وخارج خيمة السيرك، يعود واقع اعمال العنف في كولومبيا الى الواجهة، اذ يسهر جنود ببزاتهم العسكرية ومع اسلحتهم على سلامة العرض.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/آذار/2014 - 20/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م