الثقافة العالمية.. أزمة إبداع بلا رونق معرفي

 

شبكة النبأ: تسعى الكثير من دول العالم الى اعتماد أساليب وخطط فعالة بصورة مبتكرة وذات طابع متجدد تهدف إلى إشاعة الاهتمام بالثقافة، باعتبارها عامل مهم أساسي للتنمية القدرات التي تساعد في إبراز مكامن قوة المجتمع وتدفعه التقدم، لذا فقد شهد العالم ومنذ زمن بعيد ثورة ثقافية كبيرة في مختلف المجالات ازدادت بتطور الزمن، تهدف الى بناء مجتمعات متحضرة ومتكاملة قادر على الاستمرار والإبداع والتواصل كما يقول بعض أصحاب الاختصاص.

وبحسب بعض الخبراء فان الثقافة العالمية وعلى الرغم من كل هذا الاهتمام المتزايد، أصبحت اليوم تواجه جملة من التحديات والمشاكل والمعوقات، لعل من أبرزها التقدم العلمي الهائل والتكنولوجيا المتطورة، التي أسهمت بتغير أنماط الحياة المختلفة، وعلى الرغم من فوائدها المهمة، فهي أسهمت أيضا بإبعاد الكثير عن اهتماماتهم السابقة، في مجال البحث والتنقيب والإبداع وهو ما اثر سلبا على الثقافة التي أصابها شيء من الضمور، بسبب سرعة الحصول على  الكثير من المعلومات التي أصبحت متوفرة بيسر وسهولة.

أمر دفع الكثير من الدول والمؤسسات الثقافية الى إيجاد خطط خاصة في سبيل مواجهة تلك التحديات والعمل على تذليلها، من خلال دعم العمل الإبداعي، وإقامة المهرجانات والمسابقات الثقافية المحلية او العالمية، التي يتم فيها تكريم المثقفين والمبدعين ورجال الفكر، وإبراز ارثها الثقافي السابق.

وفي هذا الشأن فقد هيمن الأدباء الأمريكيون والنساء على القائمة المختصرة لجائزة فوليو الادبية الجديدة التي أعلن عنها في وقت سابق. وقالت جمعية فوليو راعية الجائزة انها "أول جائزة أدبية كبرى للكتب المكتوبة باللغة الانجليزية المفتوحة أمام كتاب من كل انحاء العالم." وضمت القائمة المختصرة ثمانية أعمال منها خمسة لأدباء أمريكيين وخمسة لنساء.

واختارت لجنة من المحكمين الاعمال التي ضمتها القائمة المختصرة من بين 80 عملا باللغة الانجليزية نشر في بريطانيا لكتاب من شتى انحاء العالم. وشملت الاعمال المنتقاة روايات ودواوين شعر وقصصا قصيرة. وتصل قيمة الجائزة الى 40 الف جنيه استرليني (65 الف دولار). وجمعية فوليو التي ترعى الجائزة هي دار لنشر الكتب المصورة.

الى جانب ذلك قال ناثان فيلر وهو ممرض بمصحة نفسية فاز بجائزة كوستا لعام 2013 عن روايته الاولى "صدمة السقوط The Shock of the Fall" انه لن يتخلى عن عمله رغم صعوده إلى عالم الشهرة الادبية. وبعدما تسلم الجائزة وقيمتها 30 ألف استرليني (49800 دولار) في حفل في لندن قال فيلر (33 عاما) إنه سيذهب كالمعتاد الي نوبة عمله القادمة.

وقال فيلر اثناء مؤتمر صحفي مع زوجته الجديدة اميلي "لن ادلى بتكهنات بشان المستقبل.. العمل الاخر (غير الكتابة) هو دوما مهم جدا بالنسبة لي.. لن اقرر بشأن المستقبل لكني كتبت دوما وسأواصل الكتابة وسيكون هذا دائما جزءا من حياتي." وتحكي رواية فيلر قصة الشقيقين ماثيو وسايمون اللذين تعرضا لحادث مأساوي ومعاناتهما مع تدهور حالة ماثيو الذي انتهى به الحال الي الجنون.

إصدارات جديدة

على صعيد متصل يعتزم الروائي الياباني هاروكي موراكامي نشر مجموعة جديدة من الروايات، في اول مجموعة روائية له من هذا النوع خلال السنوات التسع الاخيرة، وفق ما اعلن ناشر هذه المجموعة. واوضحت دار بونغي شونجو ان هذه المجموعة الروائية التي تحمل عنوان "اونا نو ايناي اوتوكوتاشي" (الرجال الذين ليس لديهم زوجات)، ستصدر في 18 نيسان/ابريل في اليابان بسعر 1700 ين (17 دولارا). وقد تم فتح باب الحجوزات. وهذا الكتاب سيكون مؤلفا من خمس قصص تم نشرها بشكل منفصل في مجلات اضافة الى قصة جديدة.

وجرت العادة ان يحتل كل كتاب جديد لموراكامي موقع الصدارة على قائمة الروايات الاكثر مبيعا في اليابان، اذ يتدافع المعجبون بشكل كبير لشرائها منذ الايام الاولى لصدورها. وحصل ذلك مع آخر سلسلة روائية اصدرها والتي تحمل عنوان "تسوكورو تازاكي عديم اللون وسنوات حجه"، الصادرة قبل اقل من عام في اليابان والتي تصدرت مبيعات الكتب في 2013، بحسب السجل الذي اصدرته شركة اوريكون.

ويعتبر هاروكي موراكامي من اهم الكتاب اليابانيين المعاصرين ومن اصحاب الشهرة العالمية، حتى ان معجبيه يعتبرون انه يستحق الفوز بجائزة نوبل للاداب، واسمه متداول للحصول عليها منذ سنوات. وتمت ترجمة اعماله التي تمتزج فيها العبثية مع النقمة الاجتماعية التي يعيشها يابانيون غير تقليديين، الى حوالى اربعين لغة.

الى جانب ذلك تصدر سينيماتيك بولونيا (وسط ايطاليا) المكلفة رقمنة الارشيف الشخصي لشارلي شابلن الرواية الوحيدة التي كتبها السينمائي الكبير، بمناسبة مرور مئة عام على ابتكار شخصية المهرج الشهيرة. وقد كتب السينمائي والممثل البريطاني كتاب "فوتلايتس" في العام 1948 قبل اربع سنوات على نجاح فيلم "لايملايت" الذي اقتبس السيناريو الخاص به من الرواية.

وقالت المؤسسة الايطالية في بيان على موقعها "بقيت الرواية غير منشورة لمدة ستين عاما ومحفوظة ضمن مجموعة شابلن وهي ستصدر للمرة الاولى بالانكليزية عن دار سينماتيك بولونيا بموافقة العائلة". وجمعية شابلن التي اسستها ورثة المخرج لحماية الحقوق المرتبطة بالسينمائي الكبير وباسمه وصورته، كلفت هذه المؤسسة برقمنة حوالى 1500 وثيقة شخصية لشارلي شابلن من بينها هذه الرواية.

ولد تشارلز سبنسر شابلن في لندن العام 1889 في عائلة فقيرة. وفي سن المراهقة بدأ يشارك في عروض مسرحية غنائية في حي سوهو ومن ثم اصبح ممثلا. في العام 1914 قبل مئة عام ابتكر في فيلم قصير بعنوان "ماكينغ ايه ليفينغ" شخصية المهرج التي اشتهر بها في العالم باسره. بحسب فرانس برس.

ويروي "فوتلايتس" قصة راقصة ومهرج تعود فكرتها على الارجح الى "اللقاء القصير لكن الحاسم بين شابلن ونيجينسكي (الراقص ومصمم الرقص الروسي) في العام 1916" على ما قال كاتب سيرة السينممئي ديفيد روبنسون. ويتضمن الكتاب وثائق وصورا غيرمنشورة اخذت من مجموعة شابلن فضلا عن صور نادرة للندن العشرينات خلال فترة شباب شابلن وتدربه على التمثيل.

بعد أربعة قرون

في السياق ذاته بعد اربعة قرون على وفاة ميغيل دي ثيرفانتس كاتب دون كيشوت الشهير، قررت بلدية مدريد تمويل أبحاث تهدف الى إيجاد رفاته "من اجل الايفاء بدين كبير تجاه امير الادب في اسبانيا". وقال المدير العام للتراث الثقافي في بلدية مدريد خوسيه فرانسيسكو غارسيا "العثور على قبر ثيرفانتس يسمح بالإيفاء بدين كبير جدا حيال امير الادب في اسبانيا والشخصية الاسبانية التي تركت اعمق اثر في تاريخ البشرية".

واضاف ان "دون كيشوت" الذي صدر الجزء الاول منه العام 1605 والثاني في 1615 في الاصدارات الاولى له، "كان له تأثير عالمي..و بالنسبة لبلدية مدريد العثور على رفاته سيشكل احد اهم المشاريع الثقافة التي يمكننا تصورها في الوقت الراهن". لكنه قال "علينا ان نتوخى الحذر بانتظار نتائج اولى الدراسات".

ولد الكاتب في العام 1547 في مدينة الكالا دي هيناريس الجامعية القديمة قرب مدريد وامضى سنوات حياته الاخيرة في حي في وسط العاصمة الاسبانية منح بعد ذلك اسم "باريو دي لا ليتراس" (حي الاداب) نظرا الى القاطنين المرموقين فيه. فالى جانب ثيرفانتس عاش في هذا الحي لوبي دي فيغا وفرانسيسكو دي كيوفيدو ولوي دي غونغرا الخصمان الادبيان الكبيران في القرن الذهبي.

وقال المؤرخ فرناندو دي برادو الذي عرض مشروع التفتيش عن رفات ثيرفانتس على البلدية ان الحي كان يتميز في تلك الفترة "بالعدد الكبير لفناني العروض المسرحية والاوساط البوهيمية فضلا عن كتاب متنوعين كانوا يقطنون فيه او يلتقون" في هذا الحي. ودفن ثيرفانتس في هذا الحي في نيسان/ابريل 1616 في كنيسة الثالوث الاقدس. لكن لا يعرف المكان المحدد لقبره اذ فقد اثره عبر التاريخ وبسبب اعمال توسيع الكنيسة والدير المحاذي لها.

وعلى مدى سنوات كان من الصعب اجراء حفريات في المكان الذي لا تزال تقيم فيه راهبات والحفر عشوائيا في كنيسة مصنفة في التراث الثقافي للمدينة منذ العام 1921. واوضح خوسيه فرانسيسكو غارسيا "تقدمت التكنولوجيا بشكل كبير بحيث باتت تضمن لنا دراسة باسط الرادار الجغرافي لتحديد موقع تواجد رفات بشرية".

وخصصت بلدية مدريد 12 الى 14 الف يورو للمرحلة الاولى من التحليل التاريخي ومن ثم لعمليات البحث بالرادار الجغرافي. واوضح غارسيا "قبل حلول الصيف ينبغي ان نكون قد توصلنا الى استنتاجات لمعرفة ان كان علينا ان نبدأ بجفريات اثرية ام لا. لدينا اذن من المالكين وهي الرهبانية فضلا عن منطقة مدريد". ولن تبدأ الحفريات ما لم يتوصل الباحثون الى تحديد مكان البقايا البشرية في منطقة محددة بشكل واضح.

وثمة شخصيتان اخريان دفنتا في المكان على ما يقول فرناندو دي برادو الذي روى في تقريره مراسم دفن ثيرفانتس بعد وفاته في 22 او 23 نيسان/ابريل 1616 على ما يفدي مؤرخون. وجاء فيه "لف جثمانه برداء من رهبانية الفرانسيسكان الذي كان انضم اليها قبيل وفاته في نعش متواضع يداه على صدره وحاملا صليبا خشبيا والوجه مكشوفا (..) ونقل الى مراسم دفنه السبت في 23 نيسان/ابريل في اكثر اديرة مدريد تواضعا على الارجح". بحسب فرانس برس.

ويرى علماء الاناسة ان العمل سيكون بعد ذلك سهلا "فقد قيل لنا انه يمكننا التحديد بشكل موثوق به اذا كانت الرفات عائدة الى ميغيل ثيرفانتس من جراء مميزات خاصة بهذه الشخصية" الملقبة "اكتع ليبانتي" بعدما اصيب في الصدر وفقد القدر على استخدام يده اليسرى خلال معركة ليبانتي البحرية الشهيرة (1571) التي انتصر خلالها التحالف المقدس على الاتراك. وقال فرناندو دي برادو "لم يتمكن ثيرفانتس من استخدام هذه اليد لمدة 45 عاما. ويمكن لعلماء الاناسة ان يرصدوا هذا النوع من الاصابات في العظم ويمكن استخدام هذا الامر كدليل في تحديد هوية صاحب الرفات".

الامير الصغير

كوكبه الصغير جذب أجيالا من القراء، لكن قلة تعرف ان "الامير الصغير" لسانت-اكزوبري ولد في نيويورك، وهو ماض يستعيده معرض في مانهاتن. ويستمر معرض "ذي ليتل برينس: ايه نيويورك ستوري" في "مورغان لايبريري اند ميوزيوم" حتى 27 نيسان/ابريل. وكان هذا المتحف اشترى مسودة الكتاب في العام 1968. ومع لوحات الاكوارال التي يضمها وبقع القهوة المنتشرة عليها تشكل هذه الوثيقة محور المعرض الذي يروي قصة وضع الكتاب وماضيه النيويوركي مع صور للكاتب ورسائل وتذكارات من بينها سوار الكاتب الذي عثر عليه صياد سمك في العام 1998.

وتوضح كريستين نلسون مفوضة المعرض "عاش سانت-اكزوبيري هنا خلال الحرب ووضع هذا الكتاب خلال الحرب". وقد وصل الى نيويورك العام 1940 وكتب فيها "الامير الصغير" في خمسة اشهر بين حزيران/يونيو وتشرين الثاني/نوفمبر 1942. وقبل مغادرته في تموز/يوليو 1943 ليستأنف نشاطه كطيار استطلاع اعطى المسودة الى صديقته سيلفيا هاميلتون في كيس ورقي. وقال لها "كان بودي ان اعطيك شيئا رائعا. لكن هذا جل ما لدي".

وتضيف كريستين نلسون "حتى الاصدار الاول باللغة الفرنسية نشر هنا وليس فقط النسخة الانكليزية". وقد صدر "الامير الصغير" في نيويورك في نيسان/ابريل 1943. اما في فرنسا فلم ينشر قبل العام 1946. وتوضح "لم يره ابدا". فقد اختفى الكاتب عندما كان يقود طائرته خلال مهمة مسح جوي في 31 تموز/يوليو 1944 بعدما انطلق من كورسيكا. وكان في الرابعة والاربعين.

والمعرض الذي ينظم بمناسبة لذكرى السبعين لصدور "الامير الصغير" في نيويورك يقدم صفحات عدة من المسودة ورسوم مدمجة بالنصوص ولوحات اكواريل تمهيدية لا ترد في النسخة النهائية للكتاب. وتقول كريستين نلسون "كان صارما جدا مع نفسه. كان يكتب وينقح باستمرار. لقد رمى الكثير مما كتبه". فقد اختفت مقاطع كاملة اعتبرها غير اساسية. فالمسودة التي يملها متحف "مورغان" تضم 30 الف كلمة بينما النص النهائي اقل بمرتين.

وقبل التوصل الى العبارة الشهيرة "الجوهر لا تراه العين اننا لا نرى جيدا الا بالقلب" جرب سانت-اكزوبري 15 صياغة مختلفة يفندها المعرض. وتوضح نلسون ان النص النهائي البسيط المنقح يشكل نقيضا لطريقة عمله "فكان معروفا عنه انه يعمل في فوضى كبيرة محاطا باكوام من المخطوطات والقهوة فيما السيجارة متدلية دائما بين شفتيه".

وتضيف "كان يعمل اينما كان في استوديو صديقه برنار لاموت وفي منزله في سنترال بارك ساوث وفي المنزل الذي كان يستأجره في لونغ ايلاند او في شقة سيلفيا هاملتون". ويتضمن المعرض ايضا عدة صور لسانت-اكزوبري من بينها واحدة لطائرته ملتقطة قبل شهرين على اختفائه. بحسب فرانس برس.

اما سواره الفضي المحفور فقد عثر عليه العام 1998 قبالة شواطئ مرسيليا صياد سمك وهو معروض للمرة الاولى في الولايات المتحدة الى جانب بطاقة دعوة الى قداس يقام على روحه في كنيسة سان-فنسان دي بول في تشيلسي في 25 كانون الثاني/يناير 1945. وقد خصصت للزوار زاويتان للقراءة يمكنهم فيهما قراءة "الامير الصغير" بالانكليزية والفرنسية. وبيعت اكثر من 145 مليون نسخة من كتاب "الامير الصغير" في العالم وقد ترجم الى اكثر من 250 لغة.

واحة ثقافية في قلب الصحراء

من جانب اخر تبدو مارفا، هذه المنطقة القاحلة الواقعة على بعد ثلاث ساعات من ايل باسو، بعيدة عن عيون العالم، الا ان الكثير من الزوار يتهافتون الى هذه الواحة الثقافية في قلب صحراء ولاية تكساس الاميركية. وقد يغفل زائرو مارفا عن سحرها لدى اكتشافهم مبانيها القديمة والمتصدعة في بعض الاحيان، منازلها المتواضعة وشوارعها التي لا يفتح الكثير من المحال التجارية فيها الا نصف ايام الاسبوع.

ولا يوجد في مارفا لا صيدلية ولا سوبرماركت بل هناك مكتبة حديثة ومؤسسات للفن والأدب ومعارض فنية ومسرح ومحطة إذاعية ومهرجانان للسينما وكنوز فنية. وفي كل نهاية اسبوع، يتوافد الزوار بإعداد كبيرة الى هذه المنطقة "بما يشبه الطوفان"، كما تقول ممازحة فاليري اربير الاختصاصية في الفنون البصرية والتي تعيش في مارفا منذ 16 عاما.

وبالإضافة الى السياح الآتين من منتزه بيغ بند المجاور، يمكن مصادفة مدير متحف "تايت غاليري" والممثلة سيسي سبيسك ونجمة البوب بيونسيه وفرق فنية معاصرة مثل "ذي اكس اكس".

وفي محيط البلدة الصغيرة التي تضم 1900 نسمة هناك خصوصا كوكبة من الفنانين الذين يقررون الاقامة لايام، اشهر او حتى للابد.

ويشرح فابيان جيرو الفنان الفرنسي المشارك في برنامج الابحاث فيلدوورك مارفا ان هذه البلدة بمثابة "يوتوبيا معاصرة، مكان للفكر والفن في مشهد من الجمال البري". واعتاشت البلدة لفترة طويلة من سكك الحديد والمزارع ثم من قاعدة عسكرية، الا ان هذه الاخيرة اقفلت ابوابها بعد الحرب العالمية الثانية والجفاف الذي ادى الى نفوق الماشية. ولم ينجح الطابع الهوليوودي الذي اضفي على المنطقة من خلال تصوير فيلم "جاينت" عام 1955 مع اليزابيت تايلور وجيمس دين، في الحؤول دون تدهور احوال مارفا.

لكن وصول دونالد جاد، احد كبار الفنانين الاميركيين في القرن العشرين، عام 1972 كان له اثر خلاصي. فبعد ان سئم من نمط العيش الصاخب في نيويورك، اشترى هذا العاشق للصحراء والباحث عن موقع لعرض منحوتاته العملاقة، عددا من المباني العسكرية او التجارية. واقام في مارفا مع عائلته كما نقل الاستديو الخاص به. كذلك انشأ بدعم من مؤسسة ديا الفنية "تشيناتي فاونديشن"، المعرض الدائم للمئات من اعماله البارزة واعمال اخرى لفنانين مقربين منه مثل دان فلافن او جون شامبرلين.

ومنذ وفاة جاد في 1994، توسعت المجموعة المعروضة وازدادت غنى لتصبح قبلة للفن المعاصر. ويؤكد روب وينر المدير المساعد لمعرض تشيناتي ان "جاد كان واثقا من نوعية عمله، كان يعلم بان الناس سيأتون" الى المعرض. كما ان لآخرين دورهم في الاشعاع الثقافي لمارفا. ومن بين هؤلاء مؤسسة لانان الثقافية التي ترعى اقامات عدد من الكتاب. وفي 2003 انشئ مركز "بولروم مارفا" للفنون والموسيقى والسينما. وتقول فيرفاكس دورن وهي احدى مؤسسات المركز "نحب فكرة اقامة حدود جديدة". كذلك رعى المركز انشاء معرض "برادا مارفا" الشهير، وهو متجر مزيف مقام في الهواء الطلق للماركة الايطالية الشهيرة برادا.

اما بالنسبة الى المحامي والداعم للانشطة الفنية تيم كراولي فقد قدم للبلدة مسرحا ومكتبة. ويقول كراولي "في لندن لن نتمكن ابدا من رؤية مدير مؤسسة تايت. هنا نأكل شطائر التاكوز معه". الا انه يشير الى ان الجمهور الوافد الى هذه البلدة من الصعب ارضاء اذواقه لكونه شديد التطلب، مضيفا "عندما يقام معرض سيء هنا، لا يتردد الناس في القول +لقد كان ذلك مريعا".

الا ان الزوار البالغ عددهم 18 الفا سنويا، شأنهم في ذلك شأن الاشخاص المتحدرين من مارفا وبغالبيتهم من اصول اميركية لاتينية، لا يتذوقون جميعهم الفن. وتقول فاليري اربر "ثمة البعض يتحدثون عن مؤسسة كيانتي" (بدل تشيناتي). اما ريكي بلاك، ويعمل اساسا "كاوبوي" (راع للبقر) فيقول ساخرا "لطالما قصدت حفلات الافتتاح لمعارض تشيناتي لان الجعة تقدم مجانا فيها". الا انه يعتبر ان السكان الجدد للبلدة "جيدون جدا" مشيدا بالمساهمة الاقتصادية لهؤلاء في مارفا. بحسب فرانس برس.

وخلال الاعوام الاخيرة، باتت مارفا مقصدا اكثر بورجوازية اذ اصبح فيها ناد للرياضة واخر لليوغا ومطاعم فاخرة ومحلات متخصصة وفنادق فخمة. لكن بالنسبة لراينر جاد ابنة دونالد والتي امضت طفولتها في البلدة، فإن مارفا لا تزال تحافظ على روحيتها على رغم الطفرة التي تشهدها. وتقول "لا يزال هناك شاحنات بيك اب بالقدر نفسه والاشخاص انفسهم في مركز البريد او المصرف". وردا على سؤال عما كان والدها ليفكر ازاء الوضع الراهن في مارفا تجيب راينر جاد "لقد كان ليحب ما تقوم به (مؤسسة) بولروم والاخرون وكان ليعجب باننا اصبحنا اخيرا قادرين على تناول وجبات طعام جيدة في المطعم".

حرية التعبير

الى جانب ذلك قالت مؤسسة "بنجوين بوكس انديا" للنشر ان حرية التعبير معرضة للخطر في الهند وانه لم يكن امامها خيار يذكر سوى الانسحاب من عملية بيع كتاب مثير للجدال لأستاذة جامعية امريكية عن الهندوسية. ووافقت بنجوين في محكمة بدلهي على جمع كل نسخ الكتاب واعدامها. واثارت هذه الخطوة غضبا في وسائل التواصل الاجتماعي ومن جانب الكتاب واساتذة الجامعات مثيرة نقاشا عن حرية التعبير في اكبر ديمقراطية في العالم.

وقالت بنجوين في بيان "نعتقد ان قانون العقوبات الهندي .. سيجعل من الصعب بشكل متزايد على اي مؤسسة نشر هندية تأييد المعايير الدولية لحرية التعبير دون ان تضع نفسها خارج القانون عمدا." ويتخذ كتاب "الهندوسية: تاريخ بديل The Hindus: An Alternative History" لويندي دونجير وهي استاذة بمدرسة اللاهوت بجامعة شيكاجو وجهة نظر غير تقليدية للهندوسية مما اثار انتقادات من الهندوس المحافظين وبعض العلماء. وقالت بنجوين ان عليها ايضا واجب حماية موظفيها من التهديدات والمضايقات مشيرة الى خوفها من وقوع اعمال عنف بالإضافة الى الطعون القانونية . بحسب رويترز.

وانتقدت سبع جهات في دعوى اقيمت عام 2011 الكتاب بسبب "الهرطقة وعدم دقة الحقائق" وقالت ان دونجير انتهجت اسلوبا انتقائيا في كتابتها عن الهندوسية. وقالت ان دونجير لم تكن دقيقة في وصفها منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ الهندوسية القومية القريبة من حزب بهاراتيا جاناتا بانها الجناح المسلح للحزب. واضافوا ان كتاب دونجير الذي نشر في الهند في 2011 يبلغ بشكل غير صحيح القراء بان منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ كانت وراء اغتيال المهاتما غاندي الذي قتله بالرصاص عضو سابق بالمنظمة.

اخبار أخرى

على صعيد متصل توفي الشاعر المكسيكي خوسيه اميليو باتشيكو الحائز جائزة ثيرفانتس لعام 2009 عن 74 عاما في احد مستشفيات مكسيكو على ما اعلن المجلس الوطني للثقافة والفنون. وذكرت الصحف ان الشاعر وهو روائي ومترجم ايضا توفي جراء إصابته بأزمة قلبية. وكان الشاعر المكسيكي ينتمي الى "جيل الخمسينات" في الادب المكسيكي الذي ضم مؤلفين امثال يرخيو بيتول وكارلوس مونسيفايس وخوان فيثينتي ميلو.

والى جانب نيله جائزة ثيرفانتس حاز الشاعر جائزة اوكتافيو باز (2003) وجائزة بابلو نيرودا الايبيرية-الاميركية للشعر (2004) وجائزة الملكة صوفيا (2009). وقال الرئيس المكسيكي انريكي بينيا نييتو على خدمة تويتر "رحل ممثل كبير للادب المكسيكي. المكسيك ستفتقد الكاتب الكبير خوسيه اميليو باتيشكو". ومن اعماله "ستموت في مكان اخر".

من جانب اخر قال محققون في منطقة سفيردلوفسك بجبال الاورال الروسية ان معلما سابقا قتل صديقه بعد ان دخلا في نقاش وهما مخموران حول من أفضل من الاخر .. الشعر أم النثر. وقال الفرع الاقليمي للجنة التحقيقات الاتحادية في بيان "احتدم الجدال الأدبي سريعا وتحول الى شجار انتهى بأن قتل عاشق الشعر البالغ من العمر 53 عاما خصمه بسكين." بحسب فرانس برس.

وجاء في البيان ان المشتبه به هرب من منزله في بلدة ايربت حيث قتل المجني عليه (67 عاما) بعد الجدال الذي احتدم بينهما واختبأ في منزل صديق اخر في قرية قريبة قبل ان تعثر الشرطة عليه وتعتقله. وجاء الحادث بعد اربعة اشهر من جدال حول نظريات الفيلسوف الالماني ايمانويل كانت -الذي عاش في القرن الثامن عشر- انتهى الى مقتل رجل بالرصاص في متجر للبقالة في جنوب روسيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/آذار/2014 - 17/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م