فلسطين وإسرائيل.. وهم السلام في لعبة التخلص من المسؤولية

 

شبكة النبأ: يموج اعقد صراع بين خصمين سياسيين هما إسرائيل وفلسطين ما بين المماطلة السياسية والمناورات الدبلوماسية، بعد أكثر من عقدين من المفاوضات المتقطعة بين إسرائيل والفلسطينيين للوصول إلى اتفاق سلام نهائي وآخرها بوساطة أمريكا، تبدو ملامح اتفاق السلام قاتمة في ظل لعبة التخلص من المسؤولية من لدن طرفي الصراع كون كلا الطرفين مشغول بتحميل الاخر المسؤولية عن فشل الجهود الأميركية، إذ يرى الكثير من المحللين لا يبدو أن أيا من الجانبين أحرز تقدما ملموسا بشأن تضييق الفجوات المرتبطة بالقضايا الرئيسية في الصراع المستمر منذ أكثر من ستة عقود.

وبين هذه القضايا الحدود والأمن ومصير اللاجئين الفلسطينيين ووضع القدس، وطيلة كل هذه الفترة ظلت القضايا الرئيسية العالقة كما هي.. وهي ترسيم الحدود والاتفاق على وضع القدس ومصير اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا عن ديارهم إبان قيام دولة إسرائيل عام 1948.

وإلى جانب ما يسمى بالقضايا الجوهرية ظهرت أيضا عقبات أخرى أمام التوصل لاتفاق وبخاصة مطلب نتنياهو بأن يعترف عباس بإسرائيل كدولة يهودية، وإذا ثبت عدم جدوى جهود السلام فقد يهدد الفلسطينيون بنقل معركتهم لإقامة دولة إلى وكالات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية وهي خطوة تعارضها الولايات المتحدة وإسرائيل بشدة.

كما يخشى الكثير من المراقبين أن تنهار المفاوضات إذا لم تفرج إسرائيل عن الدفعة الأخيرة من المعتقلين من السجناء الفلسطينيين، فمع اقتراب موعد 29 إبريل نيسان قلل المسؤولون الأمريكيون طموحهم بالقول إنهم يحاولون الآن إبرام "إطار مفاوضات" غير ملزم حتى ذلك الموعد. وكان كيري قد أشار في 26 فبراير شباط إلى أن الوصول لاتفاق سلام كامل ربما يستغرق تسعة شهور أخرى ولكن حتى ذلك الإطار الزمني الطويل يواجه شكوكا على نطاق واسع.

وبرغم أن كل القضايا القديمة الملموسة لم تحل بعد فقد أصبحت قضية معنوية هي العقبة الكأداء وهي قضية مغرقة في الاستناد الى التاريخ ومحط اتهامات متبادلة، فعندما استؤنفت محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين في يوليو تموز الماضي افترض الجميع أن نقاط الخلاف الأساسية ستظل كما كانت دائما هي الامن والحدود ووضع القدس ومحنة اللاجئين، لكن يبدو أن الجميع كانوا على خطأ، كما أن الأسرى القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي يشكلون وجها آخرا بين طرفي النزاع خصوصا بشأن ما يعرف بالاعتقال الإداري والموروث عن الانتداب البريطاني الذي يسمح لإسرائيل باحتجاز المعتقلين ووضع المشتبه فيه قيد الاعتقال من دون توجيه الاتهام له لمدة ستة اشهر قابلة للتجديد لفترة غير محددة، فيما يرى بعض المحللين انه كما يبدو لا تلوح في الافق تغييرات ملموسة لحدوث اتفاق للسلام في المستقبل القريب، لذا تدور الشكوك حول فرص التوصل الى اتفاق سلام نهائي، وعليه فان المعطيات انفة الذكر تطرح  مزيدا من التكهنات المبهمة حول امكانية حدوث اتفاق سلام طويل الامد وبالتالي يبقى الحسم غامضا حتى اللحظة الراهنة.

مفاوضات عقيمة

فقد حث الرئيس الأمريكي باراك أوباما الرئيس الفلسطيني محمود عباس على المساعدة في إنهاء الجمود الذي يشوب محادثات السلام مع إسرائيل بوساطة أمريكية قائلا إن على زعيمي الجانبين الإقدام على مجازفات سياسية قبل انتهاء مهلة في إبريل نيسان.

وخلال محادثات في البيت الأبيض خيمت عليها الأزمة الأوكرانية قال عباس إن الوقت يضيق على مفاوضات الشرق الأوسط ودعا إسرائيل الى المضي قدما في الإفراج عن دفعة أخيرة من السجناء الفلسطينيين بحلول نهاية مارس آذار لإظهار أنها جادة بشأن جهود السلام، وأوضح أوباما الذي التقى نتنياهو قبل أسبوعين أنه لن يتخلى عن عملية السلام المتعثرة والتي تقودها الولايات المتحدة على الرغم من تزايد حالة التشاؤم من التوصل لاتفاق "إطار" من شأنه أن يطيل أمد المحادثات لما بعد الموعد النهائي المحدد في 29 إبريل نيسان، وأضاف أوباما "الأمر صعب للغاية.. سيتعين علينا أن نتخذ قرارات سياسية صعبة ونقدم على مجازفات إذا تمكنا من المضي قدما بالعملية. وآمل أن.. نشهد تقدما في الأيام والأسابيع المقبلة"، وفيما بعد قال نبيل ابو ردينة المتحدث باسم عباس لرويترز بالهاتف من واشنطن إن "اللقاءات كانت طويلة مكثفة وصعبة قدمت خلالها أفكار عديدة. لم نتسلم أي شيء مكتوب. تم الاتفاق على مواصلة الحوار وتبادل الاراء خلال الفترة القادمة". بحسب وريترز.

وقال عباس لأوباما "سيادة الرئيس.. لدينا اتفاق مع إسرائيل توسط فيه السيد كيري يتعلق بالإفراج عن الدفعة الرابعة من السجناء.. نأمل الإفراج عن الدفعة الرابعة بحلول 29 مارس آذار لأن هذا من شأنه أن يعطي انطباعا قويا بشأن جدية الجهود الرامية لتحقيق السلام"، وأعاد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الفلسطينيين وإسرائيل إلى طاولة المفاوضات في 29 يوليو تموز بعد توقف دام ثلاثة أعوام وقال في ذلك الوقت إن "هدفنا سيكون إنجاز اتفاق للوضع النهائي على مدى الشهور التسعة المقبلة".

عقبة الأسرى الفلسطينيين

فيما أبلغت إسرائيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنها قد لا تنفذ المرحلة الأخيرة من الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين إذا لم يلتزم بمواصلة محادثات السلام بعد انقضاء المهلة التي حددتها الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق في إبريل نيسان، وقال مسؤول فلسطيني كبير إن عدم الافراج عن المعتقلين في الموعد المقرر ستكون له "تداعيات كبيرة".

وأصدرت كبيرة المفاوضين الإسرائيليين تسيبي ليفني تحذيرها غداة تصريحات عباس خلال اجتماع في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما والتي أعرب فيها عن أمله في الإفراج عن المعتقلين بحلول 29 مارس آذار.

وقالت ليفني في خطاب بجنوب إسرائيل من شأنه أن يعقد جهود واشنطن لإنقاذ مساعي صنع السلام "لم يكن هناك على الإطلاق التزام تلقائي بالإفراج عن السجناء دون أن يكون مرتبطا بإحراز تقدم في المفاوضات"، وكانت تشير إلى موافقة إسرائيل -التي جاءت في إطار مساع أمريكية لإحياء محادثات السلام التي توقفت ثلاث سنوات - على الإفراج عن 104 فلسطينيين سجنوا بسبب شن هجمات أوقع كثير منها قتلى إسرائيليين قبل اتفاق السلام الانتقالي عام 1993، وأفرجت إسرائيل عن أكثر من 70 من هؤلاء المعتقلين منذ استئناف المفاوضات في يوليو تموز. لكن المحادثات لم تحرز تقدما يذكر وتحاول واشنطن وضع خطوط إرشادية لاستمرارها بعد الموعد الأصلي المستهدف في 29 إبريل للتوصل لاتفاق.

وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم عباس إن عدم تنفيذ المرحلة الأخيرة من الإفراج عن المعتقلين سيمثل انتهاكا لاتفاق أبرم مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وأضاف "الافراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى في 29 الشهر الجاري هو اتفاق رسمي مع الجانب الأمريكي والتزام إسرائيلي وأي خرق لهذا الاتفاق سيكون له تداعيات كبيرة".

وقال مسؤول إسرائيلي متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته إن إسرائيل تريد تأكيدات على عدم انسحاب عباس من المفاوضات عند الإفراج عن المعتقلين، ويقول نتنياهو الذي التقى بأوباما في واشنطن قبل أسبوعين إن أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين سيستغرق ما لا يقل عن عام آخر للتفاوض بشأنه إذا قبل الجانبان المبادئ الأمريكية المقترحة لإبقاء المحادثات مستمرة، وأضاف المسؤول "نحن بحاجة لأن نتأكد أن المفاوضات ستستمر بعد الإفراج عن الأسرى وأنها ستكون حقيقية وعلى أرض صلبة"، وتابع المسؤول أن من العقبات الأخرى طلبا فلسطينيا بأن يكون عربا إسرائيليين ادينوا في هجمات قاتلة على اليهود من بين الذين سيفرج عنهم هذا الشهر.

انعدام الثقة

من جهته قال كيري المحنك في دبلوماسية الشرق الأوسط "مستوى انعدام الثقة بنفس ضخامة أي مستوى سبق وأن رأيته... كل جانب لا يرى أن الجانب الآخر جاد فعلا، وكل جانب لا يرى أن الآخر مستعد لاتخاذ بعض الخيارات الهامة التي ينبغي اتخاذها هنا"، ومع هذا قال إن تمديد أجل المحادثات مازال أمرا ممكنا. والهدف من مشاركة أوباما المباشرة في الأمر هو إعطاء المزيد من قوة الدفع. وكان قد التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الشهر، وقال مسؤول أمريكي كبير إن أوباما أبلغ نتنياهو إنه سيسعى لاستخلاص "قرارات صعبة" من عباس وإنه سيعقد معه اجتماعات مغلقة كما فعل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي سعيا لتضييق هوة الخلافات والاقتراب من التوصل لاتفاق إطاري.

لا اتفاق سلام، لماذا؟

الى ذلك اكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بانه لن يكون هنالك اي اتفاق سلام مع الفلسطينيين دون "الغاء حق العودة" للاجئين الفلسطينيين والاعتراف "بيهودية" دولة اسرائيل، وقال نتانياهو في مستهل جلسة لحزب الليكود اليميني الذي يتزعمه "في ضوء التصريحات الاخيرة من الفلسطينيين فاننا نبتعد عن التوصل الى اتفاق بسبب الفلسطينيين"، واضاف في التصريحات التي نقلتها الاذاعة العامة الاسرائيلية "يقولون انهم لن يعترفوا ابدا بالدولة اليهودية وانهم لن يتنازلوا عن حق العودة. اود ان اؤكد بانني لن اطرح اي اتفاق (على استفتاء شعبي) دون ان يتضمن الغاء ما يسمى بحق العودة واعتراف فلسطيني بالدولة اليهودية"، وبحسب نتانياهو فان "هذه شروط اساسية مبررة وحيوية لامن دولة اسرائيل" مشيرا الى ان "الفلسطينيين لا يبدون اي نية للاقتراب من الدخول في تسوية عملية وعادلة".

وتأتي تصريحات نتانياهو بعد يوم من تأكيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس من انه لن يعترف بيهودية اسرائيل، وقال عباس في خطاب القاه في افتتاح الدورة الثالثة عشرة للمجلس الثوري لحركة فتح بحسب ما نقل عنه عضو في هذا المجلس ان "قضايا الحل النهائي يتم نقاشها بالمفاوضات ولن يتم التنازل عن اقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على اراضي دولة فلسطين المحتلة منذ العام 1967". بحسب فرانس برس.

واضاف عباس بحسب المصدر نفسه الذي لم يشأ كشف هويته "لا يمكن ان اقبل بيهودية دولة اسرائيل ولا يمكن ان افكر بقبول ذلك بتاتا وقطعيا رغم الضغوط الكبيرة التي تمارس علينا".

وتابع الرئيس الفلسطيني الذي سيلتقي الرئيس الاميركي باراك اوباما في 17 اذار/مارس في البيت الابيض "لقد بلغت الان من العمر 79 سنة ولن اتنازل عن حقوق شعبي ولن اخون شعبي وقضيته"، ويصر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو على ان يكون الاعتراف بيهودية اسرائيل بندا اساسيا في أي اتفاق سلام محتمل مع الفلسطينيين بعد استئناف مفاوضات السلام في تموز/يوليو الماضي برعاية اميركية، لكن الفلسطينيين يرفضون هذا المطلب مؤكدين ان ذلك يمس "بحق العودة" للاجئين الفلسطينيين.

وفي ذات الاطار قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن التوصل إلى أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين سيستغرق عاما آخر على الأقل وذلك للتفاوض إذا قبل الجانبان بمبادئ اقترحتها الولايات المتحدة للمضي قدما في المحادثات، في المقابل شدد عباس في خطاب القاه امام اعضاء المجلس الثوري على انه لا يمكن ان يقبل بيهودية دولة اسرائيل، مؤكدا انه "لن يخون" الشعب الفلسطيني وحقوقه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/آذار/2014 - 17/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م