ليبيا ومسار التفتت السياسي..

دوران في حلقة مفرغة من العنف والفوضى

 

شبكة النبأ: يبدو أن ليبيا قد دخلت منعطفاً خطيراً، بسبب تنامي صراع المصالح الضيقة بين المكونات السياسية كافة، وقد شكل صراع إثبات الوجود سببا مباشرا في شيوع مظاهر الانفلات الأمني وتصاعد أعمال العنف، التي تقوم بها المليشيات المسلحة صاحبة النفوذ والقوة العسكرية هائلة التي تفوق قدرات الحكومة الضعيفة والعاجزة عن إدارة شؤون البلاد الأمنية والاقتصادية.

إذ يرى بعض المراقبين ان التطورات المتسارعة والصراعات المتواصلة التي تشهدها ليبيا، وفي غياب التوافقات بشأن طبيعة النظام السياسي قد تمثل تهديدًا حقيقيًا، خصوصا مع تنوع الخارطة السياسية واختلاف الجماعات المسلحة التي تحمل افكارا ومعتقدات متعددة. ومنها الجماعات القوى الإسلامية المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة، التي تسعى الى الهيمنة والاستفادة من المتغيرات الحالية خصوصا مع انتشار السلاح وغياب المؤسسات الأمنية. هو ما قد يمكنها وفي من تحقيق أهدافها الخاصة في ليبيا.

فيما يرى مراقبون آخرون ان الأوضاع الإقليمية وتطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، قد اسهمت بتنامي الدعوات التي تدعو الى تقسيم البلاد، خصوصا مع وجود الثروة الاساسية المتمثلة بـ(النفط) في بعض تلك المناطق وهو امر يرفضه الكثير، لكون تلك الدعوات ستخدم جهات واطراف خارجية تسعى الى تنفيذ مخطط يهدف الى تفتيت ليبيا. تلك الاحداث المتفاقمة التي اثارت مخاوف والقلق ربما ستكون سبب مباشر لتدخل عسكري دولي لأجل اعادة الامن والاستقرار في هذا البلد النفطي المهم.

بينما يرى أغلب المحللين ان أهم ما يملكه هذا البلد الإفريقي هو الإنتاج النفطي، شريان الحياة الاقتصادية في ليبيا، لكنه تراجع الى حد كبير منذ الصيف كما سيطر المحتجون المسلحون على موانئ وحقول النفط للضغط بسبيل المطالب السياسية والمالية، ويرى هؤلاء المحللين من الانقسامات السياسية تستمر في التأثير سلبا على إدارة المرحلة الانتقالية بليبيا التي تواجه خطر الإقدام على مسار جديد من العنف لم يسبق له مثيل.

معارك وفوضى

فقد سقط أكثر من 100 صاروخ خلال اشتباكات بين ميليشيات متنافسة على محطة للكهرباء في جنوب ليبيا وقال وزير الكهرباء إن هذا قد يؤدي إلى انقطاع الكهرباء في الصيف. وقال وزير الكهرباء على محمد امحيريق في مؤتمر صحفي تلفزيوني "هذه الفوضى التي تشهدها ليبيا اليوم." وأضاف "تعرضت هذه المحطة لقصف بالصواريخ حوالي 120 صاروخا والان المحطة خارج الخدمة نهائيا." وأضاف انه لا يعلم ان كان بالامكان اصلاح المحطة قبل الصيف القادم. وتعاني ليبيا من تكرار انقطاع الكهرباء في فصل الصيف بسبب الاستخدام الكثيف لاجهزة التكييف.

وقال امحيريق إن محطة الكهرباء في منطقة السرير في اقصى الجنوب اصبحت خارج الخدمة بسبب الاشتباكات التي استمرت على مدى ايام بين مسلحين مدرجين على قوائم رواتب وزارتي الدفاع والداخلية. وأضاف أن البرلمان وافق على تقديم قرض للإصلاحات نظرا لأن الحكومة ليست لديها ميزانية لتمويل الاصلاحات التي قد تتكلف 300 مليون دينار ليبي (240 مليون دولار) لكنه لم يذكر اي تفاصيل.

وقالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن البنك المركزي سيقرض شركة الكهرباء الحكومية مليار دولار لمساعدتها في التغلب على الصعوبات التي تواجهها. وتتزايد بواعث القلق بشأن الميزانية في ليبيا حيث أدت احتجاجات وحصار في حقول وموانئ النفط إلى تراجع ايرادات الدولة. وسعت الحكومة لاستمالة افراد الميليشيات من خلال ضمهم إلى وزارتي الدفاع والداخلية لكنهم لا يزالون يأتمرون عادة بأوامر قادتهم المحليين.

وبعض هذه الميليشيات مسلحة بقذائف صاروخية ومدافع مضادة للطائرات حصلت عليها من مخازن الأسلحة خلال الانتفاضة التي ساندها حلف شمال الأطلسي في عام 2011. وقال وزير الكهرباء إن القتال تسبب ايضا في وقوع اضرار بالمنشآت النفطية ومحطات الكهرباء التي تعتمد عليها المستشفيات وامدادات المياه في مدينة بنغازي بشرق البلاد.

وفي أعمال عنف منفصلة اقتحم مسلحون محطة الكهرباء بمنطقة الخمس شرقي طرابلس التي تمد العاصمة وشرق ليبيا بالكهرباء وسرقوا المعدات. وحذر امحيريق المسلحين من الحاق اضرار بالمحطة وتلا اسماء اشخاص يعتقد انهم مسؤولون عن السرقة. وقالت الحكومة انها قلصت الانفاق في عدة وزارات بسبب تأخير اعلان ميزانية عام 2014. وقال محمد عبد الله رئيس لجنة الميزانية بالبرلمان لوكالة الانباء الليبية إن الدولة تواجه خطرا كبيرا للغاية موضحا ان الحكومة تكبدت بالفعل عجزا حجمه 3.785 مليار دينار خلال اول شهرين من العام الحالي. بحسب رويترز.

وأضاف ان الميزانية المقررة تقضي بانفاق 68.6 مليار دينار في الاشهر الستة القادمة بزيادة حوالي ملياري دينار عن العام الماضي منها 27.1 مليار دينار لرواتب القطاع العام بزيادة ستة مليارات عن عام 2013. وزادت الحكومة رواتب عمال النفط بنحو 67 في المئة في يناير كانون الثاني في محاولة اثبتت حتى الان فشلها لاسترضائهم واثنائهم عن المشاركة في الاحتجاجات.

إسلاميو ليبيا  

وفي هذا الشأن فقد يحرز الاسلاميون تقدما في ليبيا بعد اطاحة المؤتمر الوطني العام برئيس الوزراء علي زيدان، في وقت تلوح مخاطر اندلاع حرب اهلية مع تحركات القوات الموالية للبرلمان في مواجهة المتمردين المطالبين بحكم ذاتي في شرق البلاد. وكان المؤتمر الوطني العام في ليبيا (البرلمان) اطاح برئيس الوزراء علي زيدان بعد ان حجب الثقة عنه. وكانت الاحزاب الاسلامية تحاول منذ اشهر اسقاط الحكومة للاستيلاء على السلطة التنفيذية في البلاد.

واعلن المؤتمر الوطني في بيان على موقعه على الانترنت انه "صوت على حجب الثقة عن رئيس الوزراء علي زيدان ب 124 صوتا، وكلف وزير الدفاع عبد الله الثني بتسيير الأعمال لمدة أسبوعين لحين اختيار رئيس حكومة جديد". وكان النائب العام في ليبيا اصدر قرارا منع بموجبه زيدان من السفر لكن رئيس وزراء مالطا جوزف موسكات اكد ان رئيس الوزراء الليبي المخلوع الذي غادر ليبيا على متن طائرة خاصة توقف لساعتين في مالطا قبل التوجه "الى بلد اوروبي اخر".

حتى وان لم يشكلوا غالبية بين اعضاء المؤتمر الوطني العام ال200، نجح الاسلاميون في توسيع نفوذهم وجذب نواب خصوصا من حزب العدالة والبناء الاسلامي (المنبثق عن الاخوان المسلمين) وكتلة الوفاء للشهداء الاكثر تشددا. ومنذ انتخابه في تموز/يوليو 2012 استحوذ المؤتمر الوطني العام على كافة السلطات تقريبا تاركا حيز مناورة محدوداً للحكومة.

وكان رئيس الوزراء السابق قال ان رئيس اركان الجيش لا يتلقى اوامر سوى من المؤتمر الوطني العام وليس من وزير الدفاع. ورغم ضغوط الاسلاميين رفض زيدان الاستقالة وقال "لا نصر على البقاء لكننا نحرص على عدم تسليم البلاد لجهة قد تأخذها في اتجاه لا يخدم المصلحة الوطنية". واتهم محمود شمان المسؤول عن تلفزيون خاص ووزير الاعلام السابق المؤتمر باللصوصية الدستورية وانتقد حوالى 10 نواب وجود خلل في عملية التصويت على حجب الثقة عن الحكومة.

ويبدو ان الاسلاميين مصممون الان على احراز تقدم ايضا على الصعيد العسكري واستبعاد خصومهم الرئيسيين بحسب دبلوماسي غربي: الميليشيات النافذة في مدينة الزنتان (غرب) الموالية للتيار الليبرالي ولرئيس الوزراء السابق، والمنشقون الذين يسيطرون على مرافئ نفطية مهمة منذ اشهر ويطالبون بحكم ذاتي في شرق البلاد. وبعد اقالة زيدان نشر المجلس العسكري المحلي في طرابلس بيانا طالب فيه برحيل كل الميليشيات المنتشرة في المواقع الاستراتيجية خصوصا داخل مطار طرابلس الدولي وعلى طريق المطار في اشارة الى ميليشيات الزنتان. كما امر المؤتمر الوطني العام بتشكيل قوة مسلحة لرفع الحصار عن الموانىء النفطية.

ويفترض ان تضم هذه القوة وحدات من الجيش وثوارا سابقين حاربوا نظام معمر القذافي في 2011 حتى وان كان يشكل التنافس داخل الميليشيات والثوار السابقين وانتشار الاسلحة التي تم الحصول عليها من مخازن الدكتاتور السابق، عاملين خطيرين. وكان درع ليبيا، الميليشيا الاسلامية التي تضم اساسا ثوارا سابقين من مصراتة (غرب) اول قوة تقدمت نحو سرت شرقا بحيث ارغمت مساء الثلاثاء ثوارا من برقة (شرق) على الانسحاب من مواقعهم. بحسب فرانس برس.

وقال مصدر في صفوف الثوار طالبا عدم كشف اسمه ان قواتنا انسحبت الى الوادي الاحمر على بعد 90 كلم شرق سرت الحدود التاريخية لبرقة بحسب دستور 1951. ودان المصدر تدخل ميليشيا قبلية بدلا من الجيش النظامي محذرا من خطر اندلاع "حرب اهلية". وحذر زعماء قبائل في المنطقة الشرقية من ان هجوما على برقة سيؤدي الى تقسيم البلاد. وكان هؤلاء المنشقون اعلنوا في اب/اغسطس تشكيل حكومة محلية وانشاء مصرف وشركة نفطية.

رحيل البرلمان

الى جانب ذلك شهدت عدة مدن ليبية مظاهرات تطالب المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الذي انتهت ولايته في 7 شباط/فبراير الماضي بالذهاب إلى انتخابات مبكرة وتسليم السلطة لجسم تشريعي ورئاسي منتخب. وخرج مئات المتظاهرين في العاصمة طرابلس في ساحة الشهداء فيما تظاهر المئات منهم أمام مبنى المؤتمر الوطني العام وهو أعلى سلطة تشريعية في البلد مطالبينه ب"الرحيل" ومنددين بالاوضاع الامنية السيئة في شرق البلاد. وشرقا، في مدينتي البيضاء وبنغازي، تظاهر آلاف المواطنين رافعين الشعارات ذاتها.

لكن الامر اللافت، أن آلافا آخرين من الثوار السابقين ومعظمهم من التيار الإسلامي نظموا مظاهرة حاشدة في ساحة الحرية في مدينة بنغازي شنوا خلالها هجوما لاذعا على الحكومة المؤقتة وحذروا من دخول البلد في فوضى في حال سقوط المؤتمر الوطني العام. وميدانيا، اغتال مسلحون مجهولون ضابطا في الجيش فيما ألقى متظاهرون القبض على شخص اطلق النار عليهم بالقرب من ساحة الشهداء في منطقة الكيش حيث تقام إحدى مظاهرات مدينة بنغازي بحسب مصدر أمني.

وقال المصدر إن مجهولين مسلحين "اغتالوا بالرصاص العقيد في قوات الدفاع الجوي ونيس البرغثي وأردوه قتيلا" فيما أكد مدير مكتب الإعلام في مستشفى الهواري العام في بنغازي هاني العريبي "وصول البرغثي جثة هامدة إلى المستشفى بعد أن تلقى عدة رصاصات في الصدر والرأس". وأشار المصدر الأمني إلى أن "عددا من المتظاهرين ألقوا القبض على شخص إطلق الرصاص عليهم بالقرب من ساحة الشهداء في منطقة الكيش حيث تقام إحدى مظاهرات مدينة بنغازي". وأوضح المصدر أن "هؤلاء المتظاهرين سلموا المشتبه به في إلى القوات الخاصة والصاعقة بعد أن أضرموا النار في سيارته وقاموا بمصادرة سلاحه" لافتا إلى أن "تحقيقات جارية معه في الوقت الحالي". بحسب فرانس برس.

وكان رئيس المجلس المحلي لمدينة بنغازي محمود بورزيزة أمهل سلطات بلاده مدة أسبوع لدعم الأمن في المدينة، ملوحا بحجز الإيرادات السيادية وتوجيهها إلى دعم هذا الملف، فيما أعلنت الحكومة حالة الاستنفار في مدينة بنغازي ونشر قوات الجيش والشرطة بالمدينة.

انذار لأعضاء المؤتمر الليبي

في السياق ذاته اعطت كتائب مسلحة عدة تتألف من ثوار ليبيين سابقين المؤتمر الوطني الليبي العام مهلة خمس ساعات للاستقالة تحت طائلة اعتقال كل نائب لا يلبي هذا المطلب، الامر الذي اعتبرته السلطات "انقلابا". وقال قادة عدد من كتائب الثوار من بينها لواء القعقاع ولواء الصواعق اللذان يتحدر عناصرهما من منطقة الزنتان في بيان تلي عبر التلفزيون "نعطي المؤتمر الوطني الليبي العام الذي انتهت ولايته خمس ساعات لتسليم السلطة والا سيتم اعتقال اعضائه وتقديمهم للمحاكمة باعتبارهم مغتصبين للسلطة وضد ارادة الليبيين".

واتهم البيان اعضاء المؤتمر ب"الخيانة والتآمر على ليبيا وسلب خيراتها واهدار مالها" كما اتهم "الاخوان المسلمين والجماعات المؤدلجة والمتطرفة بانها سبب مشاكل البلاد ووباء لهذا البلد". ومعلوم ان عناصر هذه الالوية المسلحة يشاركون ايضا في الجيش الليبي. وسارع رئيس المؤتمر الوطني الليبي العام نوري ابو سهمين الى ادانة هذا البيان واعتبره بمثابة "انقلاب على مؤسسات الدولة الشرعية". وقال ابو سهمين في كلمة القاها امام النواب ان "المؤتمر يستنكر بشدة ويرفض رفضا قاطعا كل هذه المحاولات ويعدها انقلابا على مؤسسات الدولة الشرعية وخروجا على خيارات الشعب الليبي".

واوضح ان المؤتمر "اصدر تعليماته لرئاسة الاركان لاتخاذ الاجراءات اللازمة حيال هذه المجموعة وان المؤتمر تلقى تاكيدات من قيادة الجيش الليبي وكتائب الثوار بحماية الشرعية والدفاع عنها". ودعت بعثة الامم المتحدة في ليبيا كل الاطراف الى تجنب "اللجوء الى القوة لتسوية الخلافات السياسية" في حين اعتبرت السفيرة الاميركية ديبوراه جونز في حسابها على تويتر ان "استخدام القوة ليس الوسيلة الشرعية لتغيير المؤسسات المنتخبة ديموقراطيا". وكانت بدأت منذ نهاية كانون الثاني/يناير الماضي حركة احتجاجية واسعة ضد قرار المؤتمر العام تمديد ولايته التي كان من المقرر ان تنتهي في السابع من شباط/فبراير.

واثر سقوط نظام معمر القذافي ومعه كامل النظام الامني للدولة كلفت السلطات الليبية الجديدة الثوار السابقين ضمان امن البلاد، الا انها سرعان ما فقدت اي سيطرة عليهم. ودخل عناصر العديد من هذه المليشيات في صفوف الجيش وقوات الشرطة الا انهم يفتقرون كثيرا الى الانضباط وهم يوالون بالنهاية قبائلهم والمناطق التي يتحدرون منها. كما ان العديد من هذه الكتائب لا تزال تحتل مراكز رسمية وخاصة في طرابلس مثل المطار الواقع تحت سيطرة ثوار الزنتان.

ويعتبر لواء الصواعق من بين الافضل تسليحا والاكثر انضباطا وانتشارا في طرابلس، مثله مثل لواء القعقاع لحرس الحدود. وكانت هذه الالوية والكتائب سيطرت على كميات كبيرة من الاسلحة التي كانت بحوزة نظام القذافي، كما تلقت ايضا اسلحة من السلطات الانتقالية في البلاد. وتتهم الفصائل الاسلامية ثوار الزنتان بانهم الذراع المسلحة لتحالف القوى الوطنية وهي قوى ليبرالية الاتجاه تعتبر القوة الاولى داخل المؤتمر العام وتعارض تمديد ولاية المؤتمر.

الا ان تحالف القوى الوطنية اكد على صفحته على فيسبوك ان ليس لديه اي ذراع عسكرية. وكان اللواء المتقاعد خليفة حفتر القائد السابق للثوار دعا الى تعليق عمل المؤتمر الليبي والحكومة. وسرت شائعات كثيرة حول انقلاب يتم الاعداد له الا ان رئيس الحكومة على زيدان وصف هذه الشائعات ب"السخيفة". بحسب فرانس برس.

ولم يتم التأكد من وجود اي رابط بين تصريحات اللواء حفتر وتحذير ثوار الزنتان لاعضاء المؤتمر الوطني الليبي العام. وامام ضغط الشارع اعلن المؤتمر الوطني التوصل الى اتفاق بين الكتل السياسية لاجراء انتخابات مبكرة لسلطات انتقالية جديدة بانتظار الانتهاء من صياغة الدستور. ولا بد لهذا الدستور من ان يفصل في مسائل حساسة مثل مكانة الشريعة ووضع الاقليات وتركيبة الدولة.

قلق غربي

الى ذلك عبرت دول غربية عن قلقها من خروج التوترات في ليبيا عن السيطرة في غياب نظام سياسي فعال وحثت الحكومة الليبية والفصائل المتصارعة على البدء في اجرء محادثات. وتكافح الدولة المنتجة للنفط في شمال أفريقيا لاحتواء العنف بين قوى متنافسة في حين تزداد سيطرة المتشددين الإسلاميين على جنوب البلاد.

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس للصحفيين على هامش مؤتمر في روما لبحث الأزمة الليبية "الوضع في ليبيا مزعج للغاية." وأضاف أن الوضع الأمني الغامض خصوصا في جنوب البلاد أدى إلى تفاقم وضع سياسي غير مستقر يتطلب من القوى السياسية الليبية أن تجتمع من أجل التوصل إلى حل. وتابع قائلا "نطلب من الليبيين أن يتحدثوا إلى بعضهم البعض وأن يتوصلوا إلى حل مستقر."

وخيمت الأزمة في أوكرانيا على مؤتمر روما بشأن ليبيا حيث عقدت جولة محمومة من المحادثات الثنائية توجت باجتماع استمر 40 دقيقة بين وزيري الخارجية الأمريكي جون كيري والروسي سيرجي لافروف. لكن النزاعات العنيفة بين الفصائل القبلية المتصارعة التي تعطل صادرات النفط الليبية وغياب أساس سياسي مستقر تسبب قلقا متناميا في البلدان الغربية المتعطشة للطاقة التي شارك عدد منها في الإطاحة بحكم القذافي.

وقال هيو روبرتسون وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية "الأمر مهم للغاية للسبب البسيط المتمثل في النفط هو بوضوح محرك رئيسي للاقتصاد." واستطرد قائلا "وطالما ظل الاقتصاد راكدا فهذا يعني أن كثيرا من الشبان في ليبيا ليس لديهم مستقبل حقيقي تتوافر له مقومات البقاء داخل دولة ديمقراطية جديدة في ليبيا."

وتكافح الحكومة الليبية الضعيفة في طرابلس للسيطرة على المعارضين السابقين المناهضين للقذافي والمسلحين تسليحا جيدا وعلى الميليشيات الإسلامية بينما اقتحم محتجون يحملون السياسيين مسؤولية الفوضى المتزايدة. وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا طارق متري إن الوضع في ليبيا سيطرح للنقاش في جلسة خاصة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وأضاف "يجب أن يكون هناك توافق أيضا داخل ليبيا للتعامل مع ما يبدو مشكلة عويصة لانعدام أمن."

ولكن لم يعلن عن أي قرارات ملموسة بعد الاجتماع عدا وعود غامضة بتقديم مساعدة في مجال الأمن. وأشار وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز إلى صعوبات في توفير بيئة سياسية مستقرة في بلد لم يخرج إلا مؤخرا من حرب أهلية بعد أربعة عقود من الحكم الاستبدادي. ولم ينف عبد العزيز أن بلاده تواجه صراعات ومشكلات سياسية. وقال إن ليبيا خطفت لأكثر من 40 عاما وتعاني غياب النظام. واشار الى أن النظام السابق كان يحظر الأحزاب السياسية. لكنه قال إن إرساء الاستقرار وتحقيق الأمن ليس مسؤولية ليبيا وحدها التي تعاني من ضعف مؤسساتها بالمقارنة مع جيرانها في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وأضاف أن ليبيا تعاني غياب المؤسسات وهذا ما يجعلها تختلف عن تونس ومصر.

من جانب اخر أفاد تقرير للأمم المتحدة بأنه يجري تهريب الصواريخ المضادة للطائرات التي تحمل على الكتف من ليبيا إلى تشاد ومالي وتونس ولبنان وربما إلى جمهورية إفريقيا الوسطى وأن محاولات جرت لإرسالها إلى جماعات المعارضة السورية. وقالت لجنة مستقلة من الخبراء تراقب العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة تشمل حظرا على الأسلحة منذ بدء الانتفاضة على الزعيم المخلوع معمر القذافي في عام 2011 إنه اتضح أن الأسلحة التي تعرف باسم نظام الدفاع الجوي المحمول التي عثر عليها في مالي وفي تونس "كانت جزءا من ترسانات الجماعات الإرهابية."

وقال الخبراء في تقريرهم النهائي المقدم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "بالرغم من الجهود التي تبذلها ليبيا وبلدان أخرى لحصر أسلحة نظام الدفاع الجوي المحمول في ليبيا وتأمينها تشير مصادر اللجنة إلى أن آلافا من هذه الأسلحة لا تزال متاحة في ترسانات تسيطر عليها مجموعة كبيرة من الفاعلين من غير الدولة الذين لديهم علاقات محدودة أو ليس لديهم علاقات مع السلطات الوطنية الليبية."

وأضاف الخبراء "وثقت اللجنة إلى الآن تحويلات صواريخ نظام الدفاع الجوي المحمول الليبية وغيرها من صواريخ أرض جو قصيرة المدى... في تشاد ومالي وتونس ولبنان وربما في جمهورية إفريقيا الوسطى (ولا تزال الحالة الأخيرة قيد التحقيق)." وقال التقرير "أصبحت ليبيا في الأعوام الثلاثة الماضية مصدرا رئيسيا للأسلحة غير المشروعة."

وقال خبراء الأمم المتحدة إن ليبيا أصبحت مصدرا رئيسيا للأسلحة لجماعات المعارضة السورية بسبب "التعاطف الشعبي مع المعارضة السورية والمخزونات الكبيرة المتاحة من الأسلحة وغياب أجهزة تنفيذ القانون وجيل جديد من تجار الأسلحة المحليين ظهروا أثناء الانتفاضة الليبية."

وأضاف التقرير الذي يغطي العام الماضي "أشارت المصادر للجنة إلى أن الجمهورية العربية السورية نفسها تتحول إلى مصدر لانتشار الأسلحة لدول من بينها العراق وإيران." وقالت اللجنة إن الأسلحة التي عثر عليها على متن السفينة (لطف الله 2) التي ضبطتها السلطات اللبنانية "تثبت أنه كانت هناك محاولات لتحويل صواريخ نظام الدفاع الجوي المحمول إلى سوريا."

ويتعين على الحكومة الليبية بموجب حظر الأسلحة أن تبلغ لجنة العقوبات الليبية التابعة لمجلس الأمن الدولي بأي أسلحة تعتزم شراءها. وقال الخبراء "اللجنة لديها ما يدعو للاعتقاد بأن بعض تحويلات الأسلحة والذخيرة التي حدثت منذ نهاية الثورة تنتهك الحظر المفروض على الأسلحة." وأضافوا "تلك التحويلات تقوض جهود السلطات الليبية لبناء آلية للشراء شفافة وتخضغ للمساءلة."

وقال سفير ليبيا لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي "أي طلب للموافقة على تصدير أسلحة إلى ليبيا لا يتم من خلال البعثة الليبية في الأمم المتحدة أو بمعرفة هذه البعثة سيعتبر طلبا لا يخص الحكومة اللييية." وقبل عام جعل مجلس الأمن الدولي حصول ليبيا على معدات غير مميتة مثل السترات المضادة للرصاص والمركبات المصفحة أكثر سهولة لكنه أبدى قلقه خشية انتشار الأسلحة من ليبيا إلى الدول المجاورة. وأبدى خبراء الأمم المتحدة قلقهم من تدفق الأسلحة إلى السوق المدني الليبي في انتهاك للحظر المفروض على الأسلحة. بحسب رويترز.

ووجد التقرير أن عددا من المتاجر تبيع أسلحة خفيفة علانية وأن الأسلحة المعروضة جديدة. وقال الخبراء "تجار التجزئة فسروا أن معظم المواد الجديدة تم شراؤها من تركيا نظرا لتدني سعرها" وأضافوا أن تركيا تتحرى هذه المزاعم. وأضافوا أن "الأسلحة الجديدة يتم الإعلان عنها كذلك من خلال صفحات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك مخصصة للتجارة بين الأفراد." وأعلنت إدارة فيسبوك وخدمة انستاجرام لتبادل الصور التابعة لها أنهما ستقومان بحذف الرسائل التي تعرض شراء أو بيع أسلحة دون تحريات مرجعية. وقال تقرير لجنة الخبراء "المسدسات والذخيرة المرتبطة بها لا تزال هي الأسلحة المفضلة." وأضاف "ومن ثم فإن استيراد هذه المواد نشاط مربح والأسلحة المضبوطة التي كانت في طريقها إلى ليبيا في عام 2013 تعكس بوضوح ذلك الاتجاه."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 19/آذار/2014 - 16/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م