العاب الفيديو... عنف افتراضي يجتاح الحياة الواقعية

 

شبكة النبأ: يقضي الكثيرون ساعات طويلة وهم يستمتعون بأحدث المغامرات والاثارة في عالم افتراضي يمكن للمرء ان يفعل فيه ما يريد، ويبدو ان لألعاب الفيديو العديد من المزايا التي تجمع بين السلبية والايجابية، قد تتحكم بها طبيعية وكيفية استخدامها، فقد استخدمت هذه الألعاب مؤخراً في علاج العديد من الامراض، إضافة الى تخصيص العاب معينة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.

فيما أوضحت الدراسات العلمية المهتمة بتأثير العاب الفيديو على السلوك البشري والصحة النفسية والعقلية، ان التأثير يكاد يكون عميقاً، وبالأخص لدى الفئات العمرية الصغيرة او من هم في مرحلة المراهقة، سيما وان الألعاب المغامرة والعنف والرعب وغيرها قد يكون لها تأثير سلبي على طريقة تفكيرهم وسلوكهم الحياتي.

فيما أشار بعض المختصين الى مدى الإدمان والتعلق الكبير من قبل شرائح كبيرة ومن مختلف الاعمار، وقد وصل البعض منهم الى العيش في واقع افتراضي يحاكي الى حد ما الواقع الافتراضي للألعاب، فيما طبق الكثيرون احداث معينة في الألعاب على اشخاص حقيقيون ضمن مجتمعهم، وتبعت ذلك الكثير من حوادث القتل والاغتصاب والانتحار.

من جانبها كشفت دراسة كندية أن ممارسة ألعاب الفيديو العنيفة لفترات طويلة يمكن أن يضعف شعور المراهق بالأخرين والتعاطف معهم، وتوصل بحث مفصل درس سلوك نحو 100 مراهق تبلغ أعمارهم 13 و14 عاما إلى أن ممارسة ألعاب الفيديو العنيفة بشكل مفرط يقلل من التعاطف مع الآخرين.

وتبين أن أكثر من نصف الأطفال الذين خضعوا للدراسة يمارسون ألعاب الفيديو بصورة يومية وأغلبها ألعاب عنيفة، وحذر الباحثون من أن المراهقين يفقدون الشعور "بالصواب والخطأ"، ودرس أكاديميون من جامعة بروك سلوك التلاميذ في سبع مدارس في مقاطعة أونتاريو في محاولة لفهم العلاقة بين نوع ألعاب الفيديو التي يمارسونها والفترة التي يقضونها في ممارستها وإلى أي مدى قد تؤثر على اتجاهاتهم.

وتوصلت الدراسة إلى أن المراهقين في هذه الفئة العمرية يمارسون ألعاب الفيديو بشكل كبير جدا لفترات تتراوح عادة بين ساعة وثلاث ساعات، وكانت ممارسة الألعاب العنيفة شائعة جدا، وتعرف الألعاب "العنيفة" بأنها تلك التي فيها قتل أو بتر أو قطع رؤوس أو تشويه أعضاء شخصيات بشرية أخرى مفترضة.

فممارسة ألعاب الفيديو العنيفة أصبحت شائعة لدرجة أن الباحثة ميرجانا بايوفيتش قالت إنه قد يكون من غير الواقعي على الآباء محاولة منع أطفالهم المراهقين منها، وقد استطاع العديد من المراهقين ممارسة هذه الألعاب دون أي دليل على حدوث تغيير في اتجاهاتهم، ولم يكن للألعاب غير العنيفة على ما يبدو تأثيرات سلبية على "الجانب الأخلاقي".

لكن المشكلات ظهرت في المراهقين الذين قضوا أكثر من ثلاث ساعات يوميا أمام الشاشة يمارسون بصورة متواصلة هذه الألعاب العنيفة دون وجود أي تفاعل آخر في الحياة الواقعية، ظهرت المشكلات في المراهقين الذين يقضون أكثر من ثلاث ساعات يوميا أمام الشاشة يمارسون بصورة متواصلة هذه الألعاب العنيفة.

وأشارت الدراسة إلى تراجع التعاطف مع الآخرين والثقة والاهتمام بهم من جانب المراهقين الذين يمارسون ألعاب الفيديو العنيفة لفترات طويلة، وهي أنماط السلوك التي يجب أن تتطور مع تزايد عمرهم، وأوضحت أن مزيجا من محتوى الألعاب والفترات التي يقضونها في ممارستها هو الذي يؤثر على ما يبدو على سلوك المراهقين. بحسب فرانس برس.

وقالت الدراسة إن "قضاء وقت طويل جدا داخل عالم العنف الافتراضي قد يحول دون انخراط (ممارسي هذه الألعاب) في تجارب اجتماعية إيجابية مختلفة في الحياة الواقعية، وفي اكتساب شعور إيجابي بما هو صائب وما هو خاطئ"، وبالنسبة للمراهقين المهووسين بهذه الألعاب، قال الباحثون إنه يجب على الآباء محاولة وضعهم في مواقف اجتماعية يجب عليهم فيها التعرف على احتياجات الآخرين مثل الأعمال الخيرية.

جيل المسنين

بدوره يمضي سابورو ساكاموتو ورفاقه وقتهم في سحق الافاعي والضفادع والتماسيح، وتعلو صيحات الحماس بينهم، فهذه اللعبة الالكترونية تشكل وسيلة جيدة للترفيه لدى هؤلاء المسنين الذين تخطى بعضهم الثمانين، ويقصد سابورو البالغ من العمر 88 عاما كل يوم مركزا للمسنين في يوكوهاما، في ضواحي طوكيو، حيث يمكن لمن هم في سنه ان يمضوا اوقاتهم مستمتعين بألعاب الفيديو والعاب اخرى.

ويقول هذا الرجل فيما يحاول سحق الضفادع المتسارعة بمطرقتين "عندما لعبت هذه اللعبة اول مرة كنت مهارتي فيها معدومة، لكني مع الممارسة اتحسن، وهذا يعطي الرغبة في تحقيق اعلى النتائج في اللعبة"، وبالفعل، فقد اصبح ماهرا في هذه اللعبة التي لا يضاهيه فيها الآن سوى عدد من السيدات الثمانينيات اللواتي يواظبن على الحضور الى هذا المركز.

ويقدم هذا المركز خدماته مقابل بدل، ويرى قاصدوه انه افضل من دور رعاية المسنين التي يسود فيها الملل والصمت واحيانا الكوارث، وهو بات اكثر من مجرد صالة للألعاب، ليتحول الى مركز يقصده المسنون، يحركون فيه عضلاتهم ويمرنون ذهنهم، ويستمتعون بالجو المرح، وتقول ميساي البالغة من العمر 87 عاما "انه ناد رياضي للدماغ، ويفيد في تحريك الجسم ايضا من خلال بعض الالعاب غير الالكترونية".

وتضيف "العب هنا حتى احافظ على عقلي ولا افقده"، وصممت هذا المركز شركة نامكو بانداي، صانع لعبة باك مان الشهيرة، واليوم، وبعد انتشار كبير في الغرب واعتماد على فئة الشباب على مدى عقود، باتت هذه الشركة تعتمد بشكل كبير على سوقها المتنامي في اليابان، حيث يسير المجتمع نحو الشيخوخة بسرعة كبيرة، ويتوقع ان يصبح نصف السكان فوق سن الخامسة والستين بحلول العام 2055.

ويقول يوشياكي كاوامورا المسؤول في نامكو بانداي "نحن نقدم للمسنين العابا ترفيهية، يمكنهم ان يمضوا النهار في اللعب معا، ثم يعودون الى منازلهم ليلا، متعبين ولكن سعداء"، ويقدم المركز ايضا وجبات طعام، ومراحيض وحمامات، وخدمات علاج فيزيائي، وتشتعل المنافسة على الالعاب بين المسنين، ويقوم المركز بصب الزيت على النار من خلال كتابة اسماء الفائزين الاول على لوح على الحائط.

ويقول الطبيب شينيشيرو تاغاسوكي ان هذه الالعاب تجعل المسنين يحركون أرجلهم وعضلات الفخذ، وبالتالي فهي مثالية للحد من مخاطر الوقوع، كما انها تنشط تدفق الدم في الاوعية الدماغية، وهو ما يقاوم ظهور بعض الاضطرابات الناجمة عن التقدم في السن، وبرأي هذا الطبيب، فانه وان كان من الصعب الحديث عن فوائد طبية لهذه الالعاب بشكل علمي، الا انه من المؤكد انها ذات فوائد نفسية كبيرة، ويقول "تشرق وجوههم اثناء اللعب".

وعلى ذلك بدأت فكرة الالعاب للمسنين تلقى رواجا في البلاد، وباتت موضوع مبادرات تطلق بهدف الاهتمام بالصحة العقلية والجسدية لكبار السن، ولا سيما في المناطق الريفية حيث قد يعاني المسنون من العزلة وقلة الاهتمام.

قيود اليكترونية

فيما رفعت الحكومة الصينية مؤقتا حظر بيع منصات ألعاب الفيديو الأجنبية، وهو ما يمهد الطريق أمام شركات مثل سوني ونينتيندو وميكروسوفت لدخول السوق الصينية المربحة، وكانت الصين حظرت منصات الألعاب عام 2000، مستشهدة بتأثيرها السلبي على الصحة العقلية للشباب، واستمر وجود سوق رمادية في بيع أجهزة ألعاب الفيديو في البلاد.

لكن بسبب هذا الحظر، سيطرت الألعاب التي تعمل من خلال اجهزة الكمبيوتر (PC) على ثلثي السوق الذي تبلغ قيمته 13 مليار دولار، وقالت الحكومة في بيان لها إنها ستسمح للشركات الأجنبية بتصنيع المنصات داخل منطقة التجارة الحرة بشنغهاي وبيعها في الصين بعد فحصها من جانب الدوائر الثقافية المعنية، لكن مجلس الدولة في الصين لم يكشف إلى متى سيستمر رفع الحظر.

وردا على هذه التقارير، قالت سوني "ندرك أن الصين سوق واعدة، سنبحث باستمرار هذه الإمكانية، لكن لا يوجد خطة ملموسة في هذه المرحلة"، وتتمتع سوق ألعاب الفيديو في الصين بإمكانات كبيرة.

في عام 2013، سجلت السوق الصينية نموا العام الماضي ليصل إلى 13 مليار دولار، بحسب البيانات التي أعلنت خلال المؤتمر السنوي للألعاب في الصين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقال كريس غرين المحلل في مجموعة "ديفيز ميرفي" لبي بي سي إن "هذه سوق كبيرة تبلغ قيمتها على الأرجح عشرات المليارات من الدولارات".

وأضاف "سيكون هناك سباق لمعرفة من سيدخل السوق أولا، من سيحصل على مصنع ويقوم بتشغيله في منطقة التجارة الحرة وينتج منصات من خط الانتاج في أسرع وقت"، وأعرب عن اعتقاده بأن ميكروسوفت ربما يكون لها ميزة إضافية مقارنة بسوني ونينتيندو، وقال "سوني ونايتندو لديهما مصانع خاصة بهما، لكن ميكروسوفت تقوم بتعهيد معداتها ويمكن أن تكون في وضع أفضل للاستعداد والحصول على مقاول إلكترونيات طرف ثالث يبدأ في تصنيع المنصات" في هذه السوق الواعدة.

أسواق واعدة

الى ذلك تعمل مجموعة من المستثمرين النيجيريين الشباب على الاستثمار في قطاع صناعة الالعاب الالكترونية الذي ما زال ضعيفا جدا في افريقيا، رغم انه يحقق رقم اعمال سنوي في العالم يجاوز 63 مليار دولار، فقدد قرر مستثمرون شباب في نيجيريا ان يقتحموا السوق الافريقي الضخم الذي ما زال في خطواته الاولى في هذا المجال، وهم يعقدون الامل لنجاح مهمتهم على الاستلهام لتصميم الالعاب الموجهة للسوق الافريقي من الواقع اليومي في لاغوس، كبرى مدن نيجيريا والتي يبلغ عدد سكانها عشرين مليون نسمة.

صمم هوغو اوبي لعبة "موسكيتو سماشر" (ساحق البعوض)، وهي نسخة افريقية من لعبة "انغري بيردز"، وتقوم هذه اللعبة على مبدأ بسيط، وهو سحق العدد الاكبر الممكن من الحشرات في سبيل قهر مرض الملاريا، وكان هذا الشاب الثلاثيني امضى عشر سنوات في بريطانيا، حيث ادار مؤسسة توظيف، ثم قرر بعدها العودة الى لاغوس في العام 2012 لإطلاق شركة "ماليو" لألعاب الفيديو على الانترنت، ولتقاسم المصاريف المرتفعة في بلد يعاني من تقنين مزمن في التيار الكهربائي يلزم المؤسسات بالإنفاق لتوليد الطاقة، تشترك "ماليو" التي يعمل فيها خمسة اشخاص، في مقرها الواقع في ضاحية يابا مع ثماني شركات اخرى.

وحتى اليوم، صممت هذه الشركة عشر العاب يمكن الحصول عليها مجانا عبر الانترنت، وبلغ عدد مستخدميها عشرين الفا موزعين بين نيجيريا وبريطانيا والولايات المتحدة، وهي تستعد الان لإطلاق نسخ من هذه الالعاب تعمل على الهواتف الذكية، وبدأت هذه الشركة نشاطها مع لعبة "اوكادا رايد"، وفيها يجب على اللاعب ان يقود دراجة بائع بين المتاجر والحواجز وفي زحمات السير الخانقة في لاغوس، ويقول شوكس اولوه، وهو مبرمج معلوماتي في الثانية والثلاثين من العمر "ما احبه في العاب الفيديو النيجيرية هو هذه اللمسة الواقعية" من الحياة اليومية.

وينبغي على مصممي الالعاب ان يراعوا توجهات المستهلكين في سوقهم المستهدف، فبخلاف المستهلكين في دول الغرب، لا يميل الافارقة الى شراء اجهزة العاب الفيديو بل يفضلون الالعاب المتوافرة على الانترنت، واليوم، اصبحت الانترنت تغزو البيوت في دول افريقيا بفضل الهواتف الذكية، ففي نيجيريا التي بلغ عدد مستخدمي الاجهزة الذكية فيها مئة مليون في العام 2012، قدر عدد مستخدمي الانترنت فيها في العام 2011 بنحو 46 مليونا، وهو رقم آخذ في الارتفاع، بالتزامن مع اطلاق شركة "ماليو"، انطلقت شركة اخرى هي "كولويا"، وقد صممت سبعين لعبة في سنة ونصف السنة، وهي تأمل ان تصل الى مليون مستخدم من مالكي الاجهزة الذكية بحلول آخر حزيران/يونيو المقبل، وان تثبت قدميها خارج حدود البلاد ايضا.

ويقول مدير الشركة لاكونل اوغونغباميلا "هناك اشخاص كثيرون يحملون لعبتنا من غانا وكينيا وجنوب افريقيا"، ويضيف "احدى العابنا جرى تحميلها كثيرا في اثيوبيا، لا نعرف ما تفسير ذلك، وهي لعبة بسيطة عن صياد يطلق النار على النسور"، مشيرا الى العاب اخرى لاقت رواجا في الصين والهند وتايلاند وتايوان، حين بدأت هذه الشركة اعمالها كانت تقدر بنحو 250 الف دولار، اما اليوم فان قيمتها ارتفعت الى مليونين، وبات توظف نحو عشرة اشخاص، وتخطط هذه الشركات لتصميم العاب مقابل بدل يدفع بواسطة الرسائل القصيرة، رغم انها خطوة دقيقة في بلد يشتهر بعمليات الاحتيال المصرفية عبر الانترنت.

من جانب اخر وبعيدا من المعالم التاريخية التي تعج بها لاهور، ينشط جيل شاب من مبتكري العاب الفيديو للهواتف الذكية في استديوهات حديثة تعطي هذه المدينة المصنفة عاصمة ثقافية لباكستان طابعا شبيها بمنطقة سيليكون فالي الأميركية، ومع مكاتب مبنية وفق قاعدة المساحات المفتوحة ومساواة بين الجنسين في العمل وجو من الاسترخاء، يحقق قطاع تكنولوجيا المعلومات في باكستان والذي تقدر قيمته بـ2,8 مليار دولار، نجاحا ملحوظا خصوصا بفضل رجال اعمال من فئة الشباب مثل بابار احمد.

فهذا الشاب الثلاثيني تخلى في العام 2006 عن مسيرة واعدة في مجال هندسة الالكترونيات في مدينة اوستن في ولاية تكساس الاميركي ليؤسس مع شقيقه فراز استوديوهات مايندستورم في لاهور، العاصمة الثقافية لباكستان، وبات الاستديو ضم 47 موظفا، وهو نمو عائد خصوصا الى نجاحات سابقة مثل "واكسي تاكسي" التي احتلت المراتب الاولى على قائمة الالعاب المحملة في متاجر "آبل ستور" لأجهزة "آي فون" و"آي باد" في 25 بلدا، اضافة الى "مافيا فارم" و"كريكت باور".

ويوضح بابار احمد ان "الهدف كان وضع باكستان على خريطة عالم الالعاب"، وتعتبر مايندستورم واحدة من الشركات الباكستانية المبتكرة لألعاب الفيديو التي تحقق ازدهارا على منصات الهواتف الذكية، ويقول احمد "بعد اطلاق هواتف آي فون، تغير تعريف لعبة الفيديو بشكل مفاجئ"، ويتطلب اعداد الالعاب "الثقيلة" لأنظمة الفيديو او اجهزة الكمبيوتر ملايين الدولارات وعشرات المطورين، وفي المقابل، يتطلب تطوير الالعاب للهواتف الذكية رؤوس اموال اقل بفعل تصميم بياني اقل تعقيدا.

وهذا ما يفسر الازدياد الكبير في اعداد الشركات الناشئة في اوروبا الشرقية والفيليبين وباكستان والمتخصصة في تطوير هذه الالعاب ذات الشعبية المتزايدة، بحسب جاذب زاهر رئيس العمليات في شركة تنتاش الناشئة في لاهور والتي طورت لعبة "فيشينغ فرنزي"، احدى الالعاب الرائجة على الهواتف الذكية، وبحسب الحكومة الباكستانية فإن حوالى 24 الف شخص يعملون اليوم في قطاع تكنولوجيا المعلومات المعدة للتصدير، بما يشمل العاب الفيديو لكن ايضا البرمجيات المرتبطة بقطاعات المال والعناية الطبية.

ويوضح زاهر ان "احدى نقاط القوة لباكستان تتمثل في ان لدينا كتلة من الاشخاص المزودين بالخبرة والقدرات والاهتمام ازاء البرمجيات والفن والذين بإمكانهم الجمع بين هذين الوجهين"، وهو امر ضروري في قطاع العاب الفيديو، وتزين ملصقات ملونة والعاب قماشية وصور لإبطال خارقين اجهزة الكمبيوتر التي تستخدمها مجموعة شبان يقارب عمرهم العشرين عاما على مدى ساعات في استوديو "وي آر بلاي" الذي تم استصلاح مقره في مستودع في ضاحية العاصمة اسلام آباد.

وهذه الشركة التي أسسها محسن علي فاضل ووقار عظيم عام 2010، "تشجع" موظفيها على ايجاد مساحة عمل خاصة بهم، ويشير محسن الطالب السابق في جامعة بركلي العريقة في كاليفورنيا "حتى اننا نعطيهم (مالا) كي يتمكنوا من تجهيز مكاتبهم"، كذلك يحتل الحفاظ على جو من الترفيه موقعا في صلب اهتمامات شركة كاراميل تك، وهو استديو اسس سنة 2011 الاخوان سعد وعمار زعيم وقام بتطوير لعبة "فروت نينجا" لصالح شركة استرالية، والتي حقت نجاحا ساحقا في العالم مع اكثر من 500 مليون تحميل.

واقامت الشركة الناشئة الباكستانية "غرفة للألعاب" لموظفيها تضم طاولة بلياردو ولعبة "بيبي فوت" وجهاز "اكس بوكس"، ويؤكد محسن "يوميا، عند الساعة 16,00، نرغم الموظفين على التوقف عن العمل للذهاب الى اللعب، نريد ايجاد ثقافة لا يعمل فيها الناس فقط بل يتسلون ايضا"، وبالإضافة الى هذه الرغبة بعدم اخذ الامور على محمل الجد كثيرا، تعوّل الاستديوهات الباكستانية الناشئة على المساواة بين الجنسين، في بلد محافظ جدا على صعيد العادات ولم تحقق المرأة فيه الكثير من الحقوق.

وتتنوع اساليب اللباس في هذه الشركات التي يمكن مشاهدة شابات يرتدين الحجاب الى جانب اخريات بقمصان "تي شيرت" وسراويل جينز ضيقة، وتقول سعدية ضيا (24 عاما) المكلفة كشف ثغرات المعلوماتية في احدى شركات تطوير العاب الفيديو في العاصمة "اهلي يعتقدون انني العب طوال اليوم ولا افعل شيئا"، وان كان هؤلاء الشبان غارقين دائما في عالم الالعاب، الا ان يومياتهم لا تقتصر على التسلية، اذ عليهم التكيف مع انقطاع للتيار الكهربائي ورداءة في الاتصالات وتهديدات امنية وفساد مستشر في البلاد.

ويقول بابار احمد "امام مكاتبنا، ثمة سيارة عليها اثار رصاص، هذا النوع من الامور ينطبع في النفوس"، مضيفا "الوضع شبيه قليلا بالغرب الأميركي، المكان ليس للجميع، اذا كنتم تتوقعون ان كل شيء يسير على ما يرام من حولكم، ستصابون بخيبة امل، لكن اذا ما اظهرتم سعة حيلة، فهذا رائع".

مرضى التوحد

في سياق متصل وبعد انتهاء لعبة الفيديو، يتبادل سوير ومايكل (10 أعوام) التهاني، ولم يكن هذا التلامس من المبادلات الشائعة بين الطفلين المصابين بالتوحد، لكنهما اعتادا على تعزيزه أمام جهاز "إكسبوكس" لألعاب الفيديو المزود بأداة "كينيكت"، فمدرسة ستيورت ويلير الابتدائية في منطقة آشبرن (ولاية فيرجينيا) التي تبعد 50 كيلومترا عن شمال غرب واشنطن هي من المدارس أو المراكز المتخصصة في الولايات المتحدة التي تختبر هذه الأداة التي توصل بأجهزة ألعاب الفيديو على الأطفال المصابين بمرض التوحد لديها.

وهذا النظام الذي أطلقته "مايكروسوفت" في العام 2010 لمحبي ألعاب الفيديو يسمح بممارسة هذه الألعاب من دون مقابض من خلال استخدام الجسد أمام جهاز يرصد حركاته، ولم يصمم "كينيكت" في الأصل خصيصا لمرضى التوحد، لكنه بات يثير اهتمام المتخصصين في هذا المجال إذ أنه يساعد الأطفال المصابين باضطرابات النمو هذه الحادة نسبيا التي تطال طفلا واحدا من أصل 88 في الولايات المتحدة ومن أصل 100 أو 150 في فرنسا.

ويقفز سوير وايتلي ومايكل ميندوزا جنبا إلى جنبا أمام شاشة التلفاز وينحنون ويقومون بالحركات التي تقوم بها الشخصيات في الشاشة على بحيرة مياهها جد ساخنة، وعند الانتهاء من اللعبة، يضرب الواحد كفه بكف الآخر على الطريقة الأميركية.

وقالت آن ماري سكين مدرستهما المتخصصة إن "هذه الحركة أي تبادل التهاني لم تكن معهودة في السابق، وبات سوير يقوم بها معنا، وهو يعلم أنها طريقة للتعبير عن رضاه"، ويستخدم المدرسون في آشبرن جهاز "كينيكت" منذ سنتين لمكافحة نقص التواصل المعروف عند مرضى التوحد، وشرحت لين كينان المدرسة والمدربة المتخصصة أن هذه الأداة "تدفعهم على التواصل وتوجيه توجيهات إلى الآخرين وتلقي توجيهات منهم".

وهي أكدت "توصلنا إلى نتائج ملفتة بالفعل، لأنهم يرغبون جدا في اللعب"، وتم التوصل إلى النتائج عينها في مركز لايكسايد لمرضى التوحد (ولاية واشنطن شمال عرب الولايات المتحدة)، وقد أخبر دان ستاتشلسكي مدير المركز "هم جد متحمسين للعب لدرجة أنهم يتخذون المبادرات بطريقة أسهل، وهذا ما نريده منهم بالتحديد".

وفي لعبة ""هابي آكشن ثياتر" مثلا، يقوم اللاعب برمي الحجارة وضربها وهو "يتواصل مع الطبيعة بواسطة شخصيته"، على حد قول دان ستاتشلسكي، ويمكن لعدة أطفال أن يشاركوا في اللعبة في الوقت عينه، "وبالنسبة إلى هؤلاء الأطفال الذين يواجهون صعوبات في تشارك الموقع عينه، يعد قيامهم بذلك الخطوة الأولى للتقدم". بحسب فرانس برس.

وأوضح أندي شيه نائب الرئيس العلمي لجمعية عائلات مرضى التوحد "أوتيزم سبيكس" أن عدة عائلات تختبر أيضا جهاز "كينيكت" الذي يعد منخفض الكلفة نسبيا (150 دولارا)، "وتبدو النتائج مشجعة، لكننا نفتقر إلى معطيات علمية وهذه ليست سوى البداية"، وهو لفت إلى أن "الحالات مختلفة في أوساط مرضى التوحد، فبعض الأطفال يتكلم والبعض الآخر لا يتكلم، وبعضهم يواجه مشاكل في التحرك، من ثم لا يمكن اعتبار أن الحل يأتي من أداة واحدة من الممكن أن يستفيد منها الجميع".

ولا يمكن بالتالي التكلم عن علاج، فمن الأجدى التكلم عن "أداة تسهل التعلم"، بحسب دان ستاتشلسكي، وقد يساعد أيضا جهاز "كينيكت" على تشخيص الاضطرابات المحتملة، ويقوم حاليا باحثون من جامعة مينيسوتا باستخدام هذا الجهاز في دور حضانة الأطفال لرصد اضطرابات محتملة، مثل الحركة المفرطة، وتكليف طبيب بتتبع الوضع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/آذار/2014 - 15/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م