اردوغان... فضائح الفساد تكرس الاستبداد بالسلطات

 

شبكة النبأ: حالة التوتر التي تشهدها تركيا بسبب موجة الاحتجاجات الكبيرة والمتزايدة المناهضة للحكومة، اعتبرها الكثير من المراقبين نتاج طبيعي ومتوقع للسياسة المتخبطة التي يتبعها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على المستويين الداخلي والخارجي، فهو يسعى الى احكام قبضة على السلطة وتوسيع نفوذه الإقليمي، تجسدت بقراراته وردوده الانفعالية، التي تهدف الى اقصاء وتهميش الخصوم والتغطية على فضائح الفساد المستمرة التي أطاحت بالعديد من أركان حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي.

وبحسب بعض المراقبين فان الأحداث الأخيرة التي تمحورت في فضيحة الفساد وموجة الاحتجاجات المتصاعدة مع الصراعات السياسية بين الخصوم السياسيين في تركيا خلال الاونة الأخيرة، قد أثبتت زيف الادعاءات السابقة عن الديمقراطية التي كان يتبجح بها رئيس الوزراء التركي، الذي سعى الى قمع الشعب واتهام الكثير بالخيانة لجهات خارجية والعمل على زعزعة الامن والاستقرار، وهو ما اعتبره الكثير شعار وطني جديد في سبيل استعطاف الشارع لأجل الفوز في الانتخابات القادمة.

الى جانب ذلك رأى بعض المحللين ان الأزمة التركية التي تسببت في زلزلة حزب العدالة والتنمية لن تنتهي سريعاً، وربما ستتفاقم على نحو كبير في المدة المقبلة وقد تتحول الى مواجهة مفتوحة خصوصا وانها مرتبطة اليوم بعوامل إقليمية ودولية. وفيما يخص اخر التطورات في تركيا فقد بث مجهول يستخدم اسما مستعارا على موقع يوتيوب تسجيلا صوتيا ثانيا يزعم انه بصوت رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان يطلب فيه من ابنه ألا يقبل المبلغ المعروض في صفقة تجارية وأن يتمسك بمبلغ اكبر. وقال اردوغان عن تسجيل مماثل بث على يوتيوب إن اعداءه السياسيين لفقوه. وفي ذلك التسجيل زعم ان اردوغان يقول لابنه بلال ان يتخلص من مبالغ نقدية كبيرة مع تكشف التحقيق في حالات كسب غير مشروع في حكومته.

وتأتي التسجيلات ضمن سلسلة مزاعم في اطار فضيحة الفساد التي صورها اردوغان على انها مؤامرة مدبرة للإطاحة به وقد تكون اكثر تلك المزاعم إضرارا به. ويقول الصوت في التسجيل الجديد الذي يزعم مستخدم يوتيوب انه صوت اردوغان وهو ينصح ابنه بلال "لا تأخذه. أيا كان ما وعدنا به عليه ان يحضره. إن كان لن يحضره فلا ضرورة." ويضيف الصوت "الآخرون يحضرون. فلم لا يستطيع هو ان يحضر؟ ماذا يظنون هذا العمل؟... لكن لا تقلق سيقعون في حجرنا."

الى جانب ذلك بث تسجيل صوتي جديد يتضمن اتهامات بان وزيرا سابقا تلقى رشوة من رجل اعمال معروف. وفي هذه المكالمة الهاتفية المقرصنة التي بثت على الانترنت يقول رضا زراب المقاول من اصل ايراني-اذربيجاني لرجل يدعى عبد الله حباني بان وزير الاقتصاد السابق ظافر جاغليان يشتكي لانه لم يتسلم العشرة ملايين يورو التي وعد بها مقابل تسوية صفقة عمومية.

ويعبر الرجل الذي اشير الى انه زراب عن "استغرابه الشديد" في هذا التسجيل لان الوزير السابق لم يتسلم عمولته نظرا لان المبلغ سحب من ارصدة شركته متحدثا عن "خطأ". وفقد جاغليان وثلاثة وزراء اخرين مقاعدهم في حكومة اردوغان بعد حملة اطلقتها الشرطة وادت الى توجيه تهم بالفساد واختلاس الاموال لنجله وعشرات الشخصيات القريبة من النظام.

واعتقل رضا زراب ايضا ووجهت اليه التهم قبل ان يفرج عنه مع كافة المشتبه بهم الاخرين. وفي وثائق الشرطة، يتهم جاغليان بانه تلقى عشرات ملايين اليورو كعمولة من رضا زراب. وياتي بث هذا التسجيل الجديد فيما هدد اردوغان الذي يحكم تركيا منذ العام 2002 على رأس حكومة اسلامية-محافظة، بحظر موقعي يوتيوب وفيسبوك في تركيا بعد الانتخابات البلدية في 30 اذار/مارس. بحسب فرانس برس.

و يبث موقع يوتيوب تسجيلات لمحادثات هاتفية لرئيس الوزراء التركي يامر فيها على الاخص ابنه بلال باخفاء مبالغ مالية كبيرة او يتحدث عن عمولة غير كافية سددتها مجموعة صناعية.

غير ان الرئيس التركي عبد الله غول استبعد العمل بتهديدات اردوغان. ويتهم اردوغان جماعة الداعية الاسلامي فتح الله غولن النافذة في سلكي الشرطة والقضاء بالوقوف وراء التحقيقات التي تطال المقربين منه من اجل الاطاحة بنظامه قبل الانتخابات البلدية المرتقبة في 30 اذار/مارس والانتخابات الرئاسية المقررة في اب/اغسطس المقبل.

تعبئة جديدة

من جانب اخر شارك عشرات الاف الاشخاص في اسطنبول في جنازة فتى توفي متأثرا بإصابته بجروح بالغة خلال تفريق الشرطة تظاهرات حزيران/يونيو ما اثار موجة معارضة شديدة للحكومة قبيل انتخابات بلدية مقبلة. وغداة تظاهرات تحولت الى صدامات مع الشرطة في عدة مدن تركية، نزل الاتراك مجددا الى الشارع باعداد كثيفة في ذكرى بيركين الفان (15 عاما) الذي توفي بعد غيبوبة استمرت 269 يوما وتحول الى رمز لقمع الشرطة.

 ونزل عشرات الاف الاشخاص الى الشوارع في حي شعبي في اسطنبول حيث كان يقيم الفتى ورددوا هتافات مناهضة لرئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الذي يواجه فضيحة فساد غير مسبوقة. وردد الحشد في محيط منزل الفتى ان "شرطة حزب العدالة والتنمية (الحاكم) اغتالت بيركين" الفان و"بركين هو مفخرة لنا".

ونقل النعش الذي لف بالاحمر ووضعت عليه صورة الفتى وهو من الطائفة العلوية، ببطء نخو المقبرة في الحي وسط هتافات "طيب، قاتل" واخرى تدعو الى استقالة الحكومة. ومن المرتقب تنظيم مسيرة في اسطنبول مع انتهاء الجنازة وتجمعات اخرى في المدن الكبرى حيث اغلقت بعض المقاهي والمتاجر ابوابها حدادا. وتجمع الاف الاشخاص ظهرا في ساحة بوسط انقرة للمطالبة بالعدالة للضحية. وتساءل عامل متقاعد جاء لحضور الجنازة ويدعى اتيلا ازميرليوغلو "كم من الناس يجب ان يموتوا بعد لكي يستقيل اردوغان؟" مضيفا "امنيتي الوحيدة هي ان نوقف هذه الفاشية بدون اراقة نقطة دم اخرى".

وبحسب عائلة الفتى بيركين الفان فانه اصيب بجروح بالغة في الرأس في الحي الذي يقيم فيه في 16 حزيران/يونيو بقنبلة مسيلة للدموع اثناء خروجه لشراء الخبز فيما كانت الشرطة تفرق محتجين مناهضين للحكومة. ومنذ ذلك الحين اصبح رمزا للقمع الذي تمارسه الشرطة بامر من اردوغان والذي ادى الى سقوط ثمانية قتلى واكثر من ثمانية آلاف جريح السنة الماضية.

وفور اعلان وفاة الفتى خرج مئات ثم الاف الاشخاص بشكل عفوي الى الشوارع في اسطنبول وانقرة واسكي شهير (غرب) واضنه (جنوب) وازمير (غرب) او حتى مرسين (جنوب). وفرقت قوات الامن هذه التجمعات مستخدمة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه فيما رد المتظاهرون برشق الحجارة والزجاجات الحارقة او الالعاب النارية. وردد المتظاهرون وغالبيتهم من الطلاب هتافات تدعو الى استقالة الحكومة و"اردوغان قاتل" او حتى "الدولة المجرمة يجب ان تحاسب".

وقالت طالبة تشارك في التظاهرات في اسطنبول "شرطة اردوغان قتلت هذا الشاب، يجب ان يشعر بالعار، لكنه لم يقدم حتى تعازيه للعائلة" واضافت "كفى! لقد سئمنا من حكومة اللصوص والقتلة هذه". بحسب فرانس برس.

وبحسب الصحافة التركية فان حوالى عشرين متظاهرا اصيبوا بجروح اثنان اصابتهما خطرة في مرسين واسطنبول. وافادت وسائل الاعلام التركية ان الشرطة اعتقلت اكثر من 150 شخصا خلال التظاهرات التي شهدتها حوالى 30 مدينة تركية. واثارت وفاة الفتى موجة تعاطف شديدة في كل انحاء تركيا. واتهمت والدة الفان، اردوغان مباشرة بالوقوف وراء وفاة ابنها. وقالت "ليس الله الذي اخذ ابني وانما رئيس الوزراء اردوغان".

الدجل والمؤامرة

في السياق ذاته ندد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بالمحتجين المناهضين للحكومة ووصفهم "بالدجالين" المصرين على بث الفوضى للتأثير على الإنتخابات المحلية القادمة بعد أسوأ اضطرابات تشهدها تركيا منذ احتجاجات الصيف الماضي. ولقي شخصان حتفيهما أثناء احتجاجات أحدهما ضابط شرطة توفي متأثرا بأزمة قلبية في شرق تركيا وقتل رجل (22 عاما) بالرصاص في اسطنبول في مواجهة على ما يبدو مع جماعة من المحتجين المناهضين للحكومة.

واتهم اردوغان جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري اليسارية التركية التي نفذت تفجيرا انتحاريا في السفارة الأمريكية بأنقرة وشنت هجمات على مراكز للشرطة في اسطنبول بقتل كرمان. وتصنف تركيا وحلفاؤها الغربيون الجبهة كجماعة إهابية. وقال مكتب محافظ اسطنبول إن قتلة كرمان مجهولون.

وأعلن موقع إلكتروني تابع للجماعة المسؤولية قائلا قتل أحد "الفاشيين المدنيين" المؤيدين لحزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان في اشتباك مسلح مع "الثوار". وقدمت جنازة كرمان أوغلو مشهدا مناقضا تماما لتشييع فتى في حي مجاور. وندد أردوغان الذي يقوم بجولات انتخابية في أنحاء البلاد من أجل الانتخابات البلدية بالاضطرابات المناوئة للحكومة ووصفها بأنها مؤامرة للإطاحة به وقال إن المتظاهرين "أحرقوا ودمروا" مكاتب حزب العدالة والتنمية في اسطنبول.

وقال اردوغان في افتتاح خط جديد لقطارات الأنفاق في العاصمة أنقرة "من المفترض أنكم ديمقراطيون مؤيدون للحرية. إنهم دجالون .. لا صلة لهم بالديمقراطية ولا يؤمنون بصناديق الإنتخابات." وأضاف "هم يقولون دعونا نحدث فوضى وربما نحصل على نتيجة. لكن إخواني في أنقرة وتركيا سيعطون الرد اللازم في 30 مارس (الإنتخابات المحلية)."

ويرى رئيس الوزراء التركي أن الاشتباكات وفضيحة الفساد التي تهز حكومته هي مؤامرة تتضافر فيها عناصر من الداخل والخارج. واتهم رجل الدين فتح الله كولن وهو حليف سابق له باستخدام نفوذه في الشرطة والقضاء لادارة دفة التحقيق في مزاعم فساد لتقويض حكومته. وينفي كولن ذلك بل يتهم أنصاره اردوغان بأنه ينتهج سياسة حكم سلطوية تضر بالإصلاحات الليبرالية التي حدثت في السنوات الأولى من حكمه المستمر منذ 11 عاما.

وستكون الانتخابات البلدية أول اختبار حقيقي لشعبية اردوغان منذ احتجاجات الصيف الماضي وفضيحة الفساد التي تتكشف والصراع على السلطة مع كولن. وتشير استطلاعات للرأي إلى أن رئيس الوزراء الذي يسيطر حزبه على الخريطة الانتخابية لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة خصوصا في المناطق المحافظة في الأناضول.

الى جانب ذلك قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان إن المراهق الذي فارق الحياة كان مرتبطا "بمنظمات ارهابية" في تصريحات يرجح أن تثير التوترات السياسية. وأثارت وفاة بيركين الفان (15 عاما) بعد تسعة أشهر قضاها في غيبوبة اضطرابات هي الأسوأ في تركيا منذ مظاهرات كبيرة مناهضة للحكومة في يونيو حزيران العام الماضي وأضافت إلى مشاكل اردوغان مع فضيحة كسب غير مشروع أصبحت من أكبر التحديات التي يواجهها منذ توليه السلطة قبل عشر سنوات.

وقال اردوغان أمام حشد من المؤيدين في كلمة نقلتها القناة الإخبارية التابعة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية "هذا الفتى الذي كان يوجد حصى في جيبه ومقلاع في يده ووجهه مغطى بوشاح وارتبط بمنظمات ارهابية تعرض مع الأسف لرذاذ الفلفل." وكان الفان قد تورط في اشتباكات بالشوارع في مدينة اسطنبول ذهابه لشراء الخبز لأسرته. بحسب رويترز.

وأصيب الفان في رأسه بما يعتقد أنها اسطوانة غاز تابعة للشرطة ودخل في غيبوبة وأصبح سببا للاحتجاج لدى معارضي الحكومة الذين نظموا وقفات بالشموع أمام المستشفى الذي كان يرقد فيه. واستخدم اردوغان عبارات شديدة اللهجة من غير المرجح أن تقلل غضب الرأي العام وانتقد والدي الفان وقال إنه لم يكن ذاهبا لشراء الخبز. وعلى عكس الرئيس التركي عبد الله جول وشخصيات عامة أخرى لم يقدم اردوغان تعازيه لأسرة الفان.

قبضة السلطة والجيش

على صعيد متصل شبه رجل دين تركي يقيم في الولايات المتحدة قبضة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان على السلطة بقبضة الجيش عندما كان يهيمن على البلاد وحذر من ان الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي تحققت على مدى عشر سنوات عرضة للخطر. وفي تعليق سياسي مكتوب قال رجل الدين المقيم في بنسلفانيا فتح الله كولن ان أردوغان خسر الثقة في الداخل والخارج بسبب الاجراءات التي يتخذها مثل القيود على حرية الانترنت وسيطرة الحكومة المتزايدة على المحاكم ومنح أجهزة المخابرات سلطات أكبر.

وقال كولن في مقال نادر كتبه ونشر في صحيفة فاينانشال تايمز "مجموعة صغيرة داخل الفرع التنفيذي بالحكومة تقبض على تقدم البلاد رهينة." ويقول أعضاء حركة كولن التي تحمل اسم (خدمة) ان عدد اعضاء الحركة بالملايين. وأضاف كولن "الهيمنة على السياسة التي كان يتمتع بها الجيش انتقلت فيما يبدو الى هيمنة الجهاز التنفيذي." وساعد دعم كولن على ترسيخ صعود حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الاسلامية الذي يتزعمه أردوغان خلال السنوات العشر الماضية لكن الانقسام المتزايد بين الحليفين السابقين امتد الى العلن في ديسمبر كانون الاول بتحقيق في مزاعم فساد حكومي.

ويمثل هذا الخلاف واحدا من أكبر التحديات لحكم أردوغان. واستقال ثلاثة وزراء بالحكومة وظهرت تسجيلات مسربة لمحادثات يزعم انها لأردوغان ومقربين منه على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل شبه يومي. وانتقد أردوغان التنصت غير المشروع لما كان يجب ان يكون محادثات هاتفية مشفرة ووصف بعض التسجيلات المسربة بأنها عملية "مونتاج ملفقة".

وهو يصور الفضيحة على انها من تدبير رجل الدين من خلال نفوذه في الشرطة والقضاء وانها محاولة لتشويه سمعة الحزب الحاكم والاطاحة به قبل سلسلة من الانتخابات التي تبدأ هذا الشهر. وينفي كولن انه حرض على اجراء هذا التحقيق. ورد رئيس الوزراء بتطهير الاف من ضباط الشرطة ونقل مئات القضاة وتشديد القيود على الانترنت فيما يرى منتقدوه انه جهود سلطوية لوقف تدفق التسريبات. وفي اشارة غير مباشرة الى كولن اتهم أردوغان "دولة موازية" داخل الشرطة والقضاء بالتنصت وتسجيل الاف المكالمات الهاتفية بما فيها محادثات له ولمساعدين مقربين منه ووزراء بالحكومة على مدى سنوات عدة.

من جهة اخرى اعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان انه كان "ساذجا" حين وثق بصدق الداعية فتح الله غولن حليفه السابق الذي يتهمه اليوم بتدبير عمليات تحقيق في قضايا فساد تهز الحكومة التركية. وقال اردوغان امام انصار حزبه اثناء اجتماع انتخابي في اسبرطة جنوب غرب تركيا "كنت ساذجا وقد فعلت كل ما بوسعي لدعمه".

واتهم اردوغان غولن الذي يعيش حاليا في الولايات المتحدة الاميركية بالتدخل في الحياة السياسية التركية. واخذ عليه ايضا لقاء في 1998 مع البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في الفاتيكان. ودعا اردوغان غولن الى العودة لتركيا وقال "قبل عامين طلبت منه العودة الى تركيا ولم يفعل. وكررت طلبي مجددا" وخاطبه قائلا "اذا كنت نزيها وصادقا توقف عن اثارة الاضطراب في هذا البلد". وكان اردوغان حث في اجتماع انتخابي في بوردور (غرب) الداعية غولن على العودة الى تركيا وتحداه ان يواجهه في الانتخابات. وقدمت جماعة غولن المؤثرة دعمها الى حزب العدالة والتنمية لدى توليه السلطة في 2002.

لكن الحليفين تحولا الى خصمين لدودين منذ توقيف مقربين من اردوغان في 17 كانون الاول/ديسمبر 2013 من سياسيين ورجال اعمال بشبهة فساد. ويتهم اردوغان غولن الذي تملك جماعته تاثيرا واسعا في القضاء والشرطة، بالتلاعب بتحقيقات ضد الفساد بهدف زعزعة حكومته قبل الانتخابات البلدية ثم الرئاسية المقررة في آب/اغسطس. ورد اردوغان بالقيام بعمليات تطهير داخل القضاء والشرطة. بحسب فرانس برس.

وفي آخر حلقات هذا التجاذب بين الجانبين، قرر البرلمان اغلق آلاف المدارس الخاصة التي تديرها الحركة الاسلامية بزعامة غولن. وينص القانون الجديد على غلق هذه المدارس قبل الاول من ايلول/سبتمبر 2015. وقال اردوغان ايضا "سيخسرون مليار دولار من العائدات سنويا (بسبب غلق المدارس) ولذلك جن جنون" جماعة غولن.

تطورات فضيحة الفساد

في السياق ذاته افرج القضاء التركي عن اخر الاشخاص الموقوفين على خلفية فضيحة الفساد المدوية التي اضعفت الحكومة الاسلامية المحافظة برئاسة رجب طيب اردوغان. وبعد اسبوعين على الافراج عن دفعة اولى، امرت محكمة في اسطنبول باطلاق رجل الاعمال الاذربيجاني من اصل ايراني المشتبه به الرئيسي في هذه القضية رضا زراب وكذلك نجلي وزيرين تركيين كانا سجنا في اطار فضيحة الفساد كما افادت وسائل الاعلام التركية.

وقالت المصادر نفسها ان القضاة برروا قرارهم بالتاكيد ان المتهمين الخمسة الذين افرج عنهم ممنوعون من مغادرة تركيا وان كل الادلة اللازمة لاثبات الحقيقة قد جمعت. وقال اردوغان امام الصحافيين على هامش تجمع انتخابي في شمال غرب البلاد "هذا ما كنت اتوقعه، لقد تم احقاق العدالة". من جهته استنكر رئيس ابرز حزب معارضة "حزب الشعب الجمهوري" كمال كيليجدار اوغلو هذه الخطوة قائلا "لقد حذرنا من ان كل المشتبه بهم سيفرج عنهم قريبا" مضيفا "انهم يقومون بكل شيء للتستر على الاتهامات بالفساد".

وزراب (30 عاما) المعروف باسلوب حياته الباذخ وزواجه من المغنية التركية ايبرو غوندش يشتبه في انه نظم عمليات تهريب ذهب الى ايران الخاضعة لحظر دولي. وكان قاضي التحقيق والصحف اعتبروا زراب المشتبه به الاول في هذه القضية المدوية. وبحسب وثائق الشرطة فان هذا المهاجر الايراني هو محور فضيحة الفساد والتزوير وتهريب الذهب نحو ايران، التي ادت الى اعتقال عشرات الاشخاص المقربين من النظام الحاكم واستقالة ثلاثة وزراء في الحكومة.

وتم الافراج ايضا عن باريس غولر نجل وزير الداخلية السابق معمر غولر وكان جاغلايان نجل وزير الاقتصاد السابق ظافر جاغلايان اللذين اتهما بتلقي رشاوى مقابل تسهيل هذه الانشطة. وقد استقال هذان الوزيران بعد ايام على كشف الفضيحة. ووجهت الى عشرات ارباب العمل ورجال الاعمال ونواب او موظفين رسميين كبار مقربين من النظام اتهامات في هذه القضية المتشعبة التي تشمل ايضا اختلاسات من سوق العقارات العامة.

وكانت الشرطة عثرت في منزله على 4,5 ملايين دولار نقدا مخبأة في علب احذية واصبحت الرمز الذي ترفعه المعارضة والمتظاهرون تنديدا بفساد نظام اردوغان. واعتبر اردوغان القضية مؤامرة تستهدف مباشرة حكومته وعائلته دبرها حليفه السابق الداعية فتح الله غولن الذي يدير شبكة منظمات اجتماعية ودينية كبرى في البلاد والذي يحظى بنفوذ كبير في الشرطة والقضاء للتسبب باسقاطه.

وللتصدي لهذه الفضيحة قامت الحكومة بعمليات تطهير غير مسبوقة في الشرطة والقضاء واقالت او اوقفت عن العمل شرطيين وقضاة. كما اعتمد اصلاحا يضع ابرز سلطة قضائية في البلاد "المجلس الاعلى للقضاة والمدعين" تحت وصاية سياسية. ولجأ ابرز حزب معارضة "حزب الشعب الجمهوري" الى المحكمة الدستورية من اجل الغاء هذا القانون. لكن فور المصادقة على النص، عمد وزير العدل باقر بوزداغ الى القيام بتعيينات في عدة مناصب اساسية في هذه الهيئة. بحسب فرانس برس.

ونددت المعارضة بهذه الفضيحة وشجبت رغبة النظام بالتستر على هذه القضية. وفي تقريرها السنوي حول وضع حقوق الانسان في العالم نددت وزارة الخارجية الاميركية ب"تسييس" النظام القضائي التركي. وردا على اسئلة حول الافراج عن مشتبه بهم في هذه القضية قال وزير العدل التركي انه يرفض التعليق على قرار قضائي او التدخل بسرية التحقيق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/آذار/2014 - 15/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م