بورصة السياحة الدولية لترويج السياحة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا

 

شبكة النبأ: هل ترغب في قضاء عطلة ممتعة... ما رأيك في اليمن؟، وماذا عن ليبيا؟، ألديك رغبة في زيارة العراق؟، إنها عملية ترويج سياحي شاقة لكن منظمي الرحلات السياحية ممن يفدون من أماكن تعتبر من بين أخطر الأماكن في العالم يحاولون توجيه الانظار اليها من خلال بورصة السياحة الدولية في العاصمة الألمانية برلين والتي تعد أكبر ملتقى للسفر في العالم.

تتضمن كتيبات الترويج السياحي في البورصة مشاهد لأسواق تقليدية غريبة ومغرية وأطلال تاريخية بالإضافة إلى مناظر طبيعية خلابة لكن الزوار الفضوليين عادة ما يسألون في نهاية المطاف عما يشاهدونه من لقطات عنف وقلاقل في النشرات الاخبارية التلفزيونية.

وقال محمد العطاب نائب مدير التسويق في مجلس الترويج السياحي في اليمن وهو يعترف بهذه الاوضاع "حسنا لا يمكنك زيارة جميع الأماكن في اليمن". وأسدى النصح قائلا إن السائحين يصبحون عموما بمنأى عن الخطر في المدن لكن الغربيين يجب أن يتجنبوا المواقع المزدحمة، والعطاب مثله مثل أقرانه من العراق وليبيا يحاول تسليط الضوء على مواقع الجذب التراثية والطبيعية في بلاده التي مزقتها الصراعات خلال الخمسين سنة الأخيرة من القرن الماضي والتي تسببت في حذف بلاده من على خريطة السياحة العالمية بالنسبة لمعظم السائحين.

وقال العطاب مشيرا إلى أبراج شبام التي تعود إلى القرن السادس عشر والمبنية من الطوب اللبن "لكن يمكنك زيارة مدينة صنعاء وجزيرة سقطرى ومدينة 'ناطحات السحاب' الشهيرة شبام لذا فإن المواقع الأكثر أهمية في اليمن آمنة".

وقال أحمد الوشلي مسؤول التسويق السياحي باليمن إن من بين زوار بلاده عشاق الطبيعة وعلماء يزورون جزيرة سقطرى التي تضم نباتات وطيورا نادرة بالإضافة إلى علماء آثار يهتمون بمواقع مثل مدينة صنعاء العتيقة، وأضاف ان معظم الزوار يفدون من الصين وتايوان واليابان وكوريا الجنوبية لأن حكوماتهم لا تضع اليمن ضمن الاماكن المحظور زيارتها، وقال إن قرابة المليون سائح زاروا اليمن العام الماضي من بينهم عرب من دول المنطقة. بحسب رويترز.

وفي جناح اليمن ببورصة برلين يجلس منظمو الرحلات السياحية تحت صور لجبال وعرة وأشجار غريبة وشاطىء مهجور يوزعون كتيبات ترويجية تعرض إرث بلدهم الحضاري، وقال العطاب إن توجيهات السفر الصادرة عن دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة لرعاياها بتجنب زيارة اليمن بسبب مخاطر الارهاب قد أضرت بالسياحة. وأضاف إن اليمن يجب أن يقنع مثل هذه الحكومات بتغيير هذه الارشادات.

وتكافح هذه الدولة الفقيرة الواقعة في شبه الجزيرة العربية انفصاليين في الجنوب وميليشيات مرتبطة بتنظيم القاعدة ومتمردين من الحوثيين الشيعة، وقال العطاب "يجب علينا تغيير الصورة السلبية إلى صورة إيجابية واقعية عن الكرم والضيافة العربية".

أما ليبيا فتأمل أن تقنع صور الجمال والأطلال الرومانية الزوار بنسيان الفوضى التي لا تزال تجتاح مناطق كثيرة في البلاد بعد ثلاث سنوات من الإطاحة بمعمر القذافي، ويروج أحد الكتيبات السياحية عن ليبيا لها بوصفها أحد "أحلام اليقظة" نظرا للبحيرات الصحراوية المعزولة والمحاطة بخضرة وارفة ومياه بحر صافية وشواطىء تحفها أشجار النخيل. لكن مسؤولين أقروا بأن الصراع بين الميليشيات التي ساعدت في الإطاحة بالقذافي وحلفائه لا تزال تعوق قدوم الزائرين، وقال عبد السميع المحبوب وكيل وزارة السياحة الليبية من خلال مترجم "عدد السائحين هبط فجأة بعد الثورة حيث أن الوضع الأمني لم يكن واضحا والحكومة لم تصدر تصريحات للسائحين للزيارة." وأضاف "وهي تحاول الآن أن تجعل كل شيء أفضل".

وأصدرت بريطانيا والولايات المتحدة نصائح توصي رعاياها بعدم السفر إلى ليبيا. وكان بريطاني ونيوزيلندية قتلا في اطلاق نار يشبه أسلوب الإعدام على ساحل بالقرب من صبراتة في يناير كانون الثاني، ومعظم زوار ليبيا من علماء الآثار الذين تجذبهم الأثار الرومانية أو من المغامرين الذين يقومون برحلات بين الكثبان الرملية.

وقال عبد الرزاق قرواش رئيس مجموعة ونزريك التي تنظم رحلات إلى طرابلس وواحة غدامس إن الوضع في مدينة بنغازي الواقعة شرق البلاد وجنوب ليبيا لا يزال "خطير جدا" لكن بعض الجيوب في البلاد آمنة جدا لقضاء العطلات، وقال إن "لبدة الكبرى وصبراتة وغدامس مناطق آمنة ورائعة للغاية وهي مناطق تحت السيطرة وهناك الكثير الذي يمكن مشاهدته" وأضاف إن معظم الزوار كانوا من أسبانيا وإيطاليا، وقال قرواش إنه اصطحب 400 شخص في جولات سياحية داخل بلاده العام الماضي مقارنة بستة آلاف كل شهر قبل الحرب. وقال "نأمل في أن يتحسن الوضع العام المقبل".

من ناحيتها تسعى شركات السفر والفنادق العراقية هي الأخرى إلى الترويج للسياحة من خلال ملصقات لأضرحة إسلامية ومناظر طبيعية للأهوار والمستنقعات، وفي حين تصر هذه الشركات على أن شمال البلاد ينعم بالأمن بالنسبة للسائحين إلا أنها وجدت أن من الصعب تغيير صورة البلاد لدى الناس حيث قتل ما يربو على ثمانية آلاف مدني في العنف السياسي خلال عام 2013، وتحذر الولايات المتحدة الجميع من السفر إلا للحالات الضرورية. أما بريطانيا فتستثني إقليم كردستان الشمالي من التحذير.

وقالت لورا الجمال من شركة ريحانة العالمية للسفر والسياحة في العراق "من الصعب إقناع الناس باذهاب إلى هناك حيث لا تزال تدور رحى حرب -حرب أهلية ... الناس في رعب إلى حد ما حتى على الرغم من أنهم يرغبون في الذهاب إلى هناك عندما يطلعون على الكتيبات الترويجية".

وينعم العراق ببعض من أكثر المواقع المقدسة عند الشيعة مثل مرقد الإمام علي في النجف وضريح الإمام الحسين في كربلاء ومواقع أخرى في جميع أنحاء البلاد. وتعرضت العديد من مساجد الشعية والسنة للتفجير في السنوات الأخيرة، ويزداد طلب المسلمين على زيارة العراق.

على صعيد ذو صلة يعول القطاع السياحي كثيرا على الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي من خلال الاستعانة بالاعلانات المقدمة من جانب بعض المدونين عبر تدويناتهم او تسجيلاتهم المصورة على موقع يوتيوب او صورهم على تطبيق انستغرام والذين يحاول بعضهم تحويل شغفهم بالسفر الى مهنة.

ومع ازدياد عدد المتابعين لهذه الاراء المنتشرة على الانترنت لمسافرين يصفون "تجاربهم الحقيقية"، ينظم معرض السياحة في برلين للسنة الثانية على التوالي "وساطات سريعة" لترتيب لقاءات بين مدونين على الشبكة العنكبوتية واختصاصيين في قطاع السياحة.

وتوضح كاثارينا فيشر مسؤولة الاعلام في هيئة السياحة الالمانية ان هذه الطريقة تمثل اسلوبا ناجحا "لانتاج محتويات والقيام بحملات تسويق على شبكات التواصل الاجتماعي وتوسيع الحضور، وذلك بلغات عدة".

من هذا المنطلق، قام مدونون من جنسيات مختلفة تمت دعوتهم للسفر الى سائر انحاء المانيا، بتقديم اقتراحات ونصائح للراغبين في التعرف الى هذا البلد بلغات متعددة منها السويدية والايطالية والانكليزية والمجرية، على موقع "يوثسبوتس" المتخصص بالسياحة.

وبعدما سئمت من البحث في بطاقاتها عن اسماء فنادق او مطاعم لتنصح اصدقاءها بها، اطلقت انغيليكا شواف مدونتها "ريزنفرونده" قبل اربعة اعوام ونصف العام.

وبعدما كانت مسؤولة اعلامية في شركة طيران، تروي شواف عبر الانترنت تجاربها خلال السفر.

وسريعا، حققت مدونتها انتشارا كبيرا حيث باتت تعد الاف القراء. وفي 2012، تخلت شواف عن وظيفتها لتصبح مدونة محترفة ومستشارة. واليوم، 99 % من اسفارها تقوم بها نتيجة شراكات مع اخصائيين في القطاع السياحي.

وتؤكد شواف لوكالة فرانس برس "حتى وان كانوا يوجهون لي دعوات، فهذا لا يعني انهم يشترون رأيي"، وذلك وسط الاتهامات الموجهة للمدونين بعدم الحيادية والقيام بالدعاية. ولا تملك الشركات حق الاشراف على مضمون مدونتها، وتقوم انغيليكا شواف دائما باخطار قرائها بالتقديمات التي حصلت عليها، وهو ما لا يقوم به الجميع، لان قواعد التعاون بين الاخصائيين في القطاع السياحي والمدونين لا تزال غير ثابتة وتفتقر للمعايير الواضحة.

وينمي هؤلاء المولعون بالسفر شغفهم بتوفيرهم التمويل اللازم لدفع ثمن تنقلاتهم او اقاماتهم في الفنادق، من خلال الحصول على مساهمة مالية بالتكاليف والمصاريف في حال تقديم صور او تسجيلات فيديو ليتم استخدامها من جانب الشركة. ويوافق البعض ايضا على نشر اعلانات للشركات على مدوناتهم.

وتقر نينا هيوبن بيستندونك صاحبة مدونة "سماراكوجا" الالمانية بانه "لا يزال من الصعب احيانا شرح ما اقوم به حقا". وتنشر مدونتها تسجيلات مصورة عدة احداها عن منطقة جبال الالب في فرنسا الصيف الماضي بدعوة من هيئة السياحة في مقاطعة رون آلب الفرنسية.

ويشدد سيباستيان كانافيس من مدونة "اوف ذي باث" والذي يعمل ايضا مستشارا سياحيا، على البيانات الصحافية التي يتلقاها بكثرة كما لو كان صحافيا.

وخلال عامين، "اصبح عالم التدوين احترافيا للغاية"، بحسب ايفون زاغيرمان من مدونة "جست ترافيلوس". ويستفيد عالم السياحة من جمهور المدونين لاثارة ضجة بشكل اسهل على مواقع التواصل الاجتماعية من خلال تويتر وفيسبوك وانستغرام والحصول على موقع افضل في عمليات البحث عبر محرك غوغل. بحسب فرانس برس.

وثمة نقطة قوة اخرى للمدونات بالمقارنة مع وسائل الاعلام المصنفة "تقليدية"، وتكمن في ان "المدونين ينشرون تدوينات غالبا قبل الرحلة وخلالها وبعدها" وتبقى هذه التدوينات "الى الابد على الانترنت" بحسب انيا بيكمان من وكالة ريد مود الاعلامية المتخصصة في هذا المجال.

من ناحيتها تؤكد ماريون شوماخر العاملة في سلسلة فنادق موفنبيك ان التدوينات الالكترونية تكتب "غالبا بضمير المتكلم، اي بشكل اقل موضوعية بكثير" بالمقارنة مع المقالات الصحافية.

وفي تموز/يوليو، شاركت ايفون زاغرمان في "منتدى المدونين" في منطقة اميليا رومانيا الايطالية والذي دعي اليه مدونون تم تأمين اقاماتهم على نفقة المنظمين. وجمع المنتدى في نسخته الاولى سنة 2012، 50 مدونا وانتهى بـ250 تدوينة واكثر من 3000 صورة وتسجيل فيديو تم تشاركهم على انستغرام ويوتيوب اضافة الى 10 الاف تغريدة عبر تويتر.

الا ان فرصة تحويل الشغف بالسفر الى مهنة لم تتح الا لقلة من "سعداء الحظ". فمن بين مئات المدونات المتخصصة بالسفر في المانيا، تحصي انغيليكا شواف ما لا يزيد عن 20 مدونا يوصفون بالمحترفين.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/آذار/2014 - 12/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م