الأزمة النووية الإيرانية.. في متاهة جدلية الترغيب والترهيب

 

شبكة النبأ: المحادثات بين طهران ومجموعة 5+1، حول الملف النووي الإيراني المثير للجدل، والتي أثمرت عن توقيع اتفاق تأريخي اعتبره الكثير خطوة هامة من اجل إنهاء حالة الجمود والنزاع المستمر بخصوص هذا الملف الشائك، هذه المحادثات لا تزال تتواصل بوتيرة متسارعة من اجل الوصول الى اتفاق نهائي يخدم جميع الاطراف، خصوصا وان "طهران" التي اعتمدت سياسة الانفتاح والتقارب تسعى وبشكل جاد الى تنفذ ما تعهدت به من التزامات.

وعلى الرغم مما تحقق من تقدم نسبي في تسوية الازمة النووية الايرانية من خلال السلك الدبلوماسي، الا ان الكثير من المفاجآت والتحديات التي قد تسهم بتغير الكثير من التوقعات الحالية، خصوصا مع وجود اطراف اخرى تسعى الى الحصول على ضمانات اضافية من خلال زيادة الضغط على ايران، ومطالبتها بشروط جديدة تجبرها على تقديم تنازلات كبيرة، قد تتعدى "الخطوط الحمراء" للمفاوض الايراني، وهو ما قد يسهم بانحراف مسار العملية التفاوضية وارجاعها الى نقطة الصفر. هذا بالإضافة الى ان هذا الملف مرتبط ايضا ببعض التطورات والمشاكل الاقليمية والدولية، التي قد تكون سببا في افشال هذه المفاوضات كما يقول بعض المحللين.

بينما يرى محللون آخرون ان المعطيات الحالية تشير الى ان ببنود الاتفاق المرحلي الذي ابرم في جنيف بين القوى الكبرى وايران، تسير بشكل جيد وسليم خصوصا وان "ايران" التي تضررت بشكل كبير جراء العقوبات الدولية، وبحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تواصل احترام تعهداتها المبرمة الخاصة بتجميد بعض انشطتها النووية، وهو ما سيتيح مواصلة المفاوضات وحل هذه الازمة.

في حين يرى خبراء آخرون أن الحديث عن حل سياسي لهذه الأزمة ربما يكون بعيد المنال في ظل تنامي العداء والتشكيك بين ايران واسرائيل، التي تسعى بأي ثمن إلى تفكيك البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل حتى لو اضطرت الى استخدام مغامرة الخيار العسكري لتحقيق ذلك.

عليه فأن ملف النووية الإيراني مازال يتأرجح بين صراع الأهداف المجهولة والمراوغات السياسية بسبب معضلة فقدان الثقة بين الإطراف المتخاصمة، ليبقى هذا الملف النووي طريقا لسباق الأنفاس الطويلة.

ضغوط غربية

 وفي هذا الشأن فقد ضغطت القوى الغربية على إيران لمعالجة الشكوك في أنها ربما عملت على تصميم قنبلة ذرية وقالت الولايات المتحدة إن هذه القضية ستكون محورية لنجاح المحادثات بخصوص تسوية نهائية بشأن برنامج طهران النووي. وأكدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي خلال اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على دعمهما لجهود الوكالة للتحقيق في المزاعم القائمة منذ فترة طويلة بخصوص أبحاث إيرانية محتملة خاصة بالأسلحة النووية.

وتحقيق الوكالة منفصل عن المحادثات التي تجرى على مستوى عال بين ايران والقوى العالمية الست لكنه مكمل لها. وتهدف المحادثات الى التوصل الى اتفاق بخصوص إطار عام لبرنامج طهران للطاقة النووية لضمان عدم تحويله إلى صنع الأسلحة. وفيما قد يشكل تطورا كبيرا في التحقيق وافقت طهران الشهر الماضي على التعامل مع واحد من بين كثير من الموضوعات التي تريد الوكالة توضيحات بخصوصها وهي صناعة أجهزة تفجير سريعة العمل لها تطبيقات عسكرية ومدنية.

لكن في حين رحب المسؤولون الغربيون بهذا في جلسة مغلقة لمجلس محافظي الوكالة في فيينا فقد أوضحوا أن على الجمهورية الإسلامية فعل المزيد. وقال السفير جوزيف ماكمانوس مندوب الولايات المتحدة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه لا يزال من الضروري أن تعالج إيران كل المخاوف الدولية بشأن الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامجها النووي.

وقال ماكمانوس وفقا لنسخة من بيانه إن "قرارا مرضيا بشأن قضايا الأبعاد العسكرية المحتملة سيكون ضروريا لأي حل شامل طويل الأمد للأزمة النووية الإيرانية." وفي تصريحات للصحفيين في وقت لاحق قال المندوب الأمريكي "هذا عنصر محوري في هذه المفاوضات وكل الأطراف تدرك ذلك." وعبر الاتحاد الاوروبي الذي يضم 28 دولة عن نهج مماثل في بيانه وقال "نحث ايران على التعاون الكامل مع الوكالة فيما يتعلق بقضايا الابعاد العسكرية المحتملة والسماح للوكالة بمقابلة جميع الافراد والاطلاع على الوثائق ودخول المواقع المطلوبة." وتنفي ايران مزاعم الغرب بأنها تسعى الى تطوير قدرات لصنع أسلحة نووية.

وقال مندوب إيران رضا نجفي في مؤتمر صحفي "من وجهة نظرنا هذه المزاعم لا أساس لها ولم نتسلم أي وثيقة مدعومة بالأدلة في هذا الشأن. "ورغم ذلك نواصل العمل مع الوكالة محاولين إزالة مواطن الغموض." وبدأ خبراء من ايران والقوى الست وهي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين اجتماعا في فيينا للتحضير للجولة التالية من المحادثات التي تجرى على المستوى السياسي في العاصمة النمساوية.

وقال دبلوماسيون إن روسيا شاركت في المناقشات وهو ما يشير إلى عدم وجود تأثير فوري على محادثات إيران بسبب أزمة أوكرانيا. وقال ماكمانوس للصحفيين عندما سئل ان كانت التوترات بشأن اوكرانيا يمكن ان تعطل محادثات ايران "الالتزام السائد هو العمل معا لحل مسألة البرنامج النووي الايراني وتوجد قضايا كثيرة اخرى في العالم ستظل تسبب لنا خلافات وتدفعنا لإجراء مناقشات وفي بعض الاحيان نجد انفسنا في وضع نعارض فيه بعضنا البعض."

وقال مسؤول إيراني كبير "من المؤكد أن إيران ستظل بعيدة عن هذا النزاع (بخصوص أوكرانيا). تبني إيران لموقف محايد سيكون كافيا للحيلولة دون إلحاق ضرر بالمحادثات القادمة." وتهدف إيران والقوى العالمية للبناء على اتفاق تم التوصل إليه في أواخر العام الماضي في جنيف وافقت بموجبه طهران على تقييد أجزاء من برنامجها في مقابل بعض التخفيف في العقوبات التي تضر اقتصادها.

وركز الاتفاق الذي يستمر ستة أشهر بشكل أساسي على منع طهران من الحصول على المواد الانشطارية النووية لصناعة قنبلة في المستقبل وليس على ما إذا كانت إيران قد سعت في الماضي لتطوير تكنولوجيا أسلحة نووية وهو ما تحقق فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويقول دبلوماسيون غربيون وخبراء نوويون إنه ينبغي للوكالة إجراء التحقيق للتأكد مما حدث ولكي تتمكن من تقديم تأكيدات بأن أي أنشطة "تسلح" - في إشارة إلى اكتساب الخبرة لتحويل المواد الانشطارية إلى قنبلة - قد توقفت.

لكن من غير الواضح إلى أي مدى سيشكل هذا جزءا من أي اتفاق طويل الأجل بين إيران والقوى التي يمكنها بخلاف الوكالة الدولية رفع العقوبات على إيران وبالتالي تملك نفوذا أكبر في التعامل مع إيران. ووصفت إسرائيل - التي يعتقد أنها القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط - اتفاق جنيف بأنه "خطأ تاريخي" لأنه لم يلزم طهران بتفكيك مواقع تخصيب اليورانيوم. بحسب رويترز.

وانتقدت مبعوثة إسرائيل لدى الوكالة ما وصفتها "بالأسلوب الإيراني الجديد وهو التظاهر بالتعاون وفي الوقت نفسه تقصر اتفاقاتها على القضايا الهامشية". وقالت السفيرة الإسرائيلية ميراف زافاري اوديز "هذا يثبت أن إيران لديها مبرر لمواصلة إخفاء أنشطتها السرية المتعلقة بتطوير سلاح نووي." وتقول إيران إن ترسانة إسرائيل الذرية هي ما يهدد السلام والاستقرار في الشرق الأوسط المضطرب.

تخفيض المخزونات

في السياق ذاته قال يوكيا أمانو مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران تقوم بتخفيض أكثر مخزوناتها المعرضة للانتشار النووي عملا باتفاقها التاريخي مع القوى العالمية لكن هناك الكثير من العمل يتعين القيام به لتبديد كل المخاوف بشأن أنشطة إيران النووية. ومن بين الإجراءات التي تتخذها إيران منذ سريان الاتفاق المؤقت في 20 يناير كانون الثاني تخفيف تركيز مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى تركيز انشطاري لا يناسب أي محاولة لصنع قنبلة نووية.

وأوضح أمانو أن إيران احرزت تقدما كبيرا في هذا الصدد للحصول على دفعة قيمتها 450 مليون دولار مقررة من الأموال الخارجية المجمدة وقدرها 4.2 مليار دولار. وللوكالة الدولية للطاقة الذرية دور محوري في التحقق من وفاء إيران بجانبها من الاتفاق ومدته ستة أشهر وهو الحد من برنامجها النووي المثير للجدل مقابل تخفيف بعض العقوبات التي أضعفت اقتصادها المعتمد على النفط.

وقال أمانو في إشارة إلى الاتفاق الذي أبرم في 24 نوفمبر تشرين الثاني في جنيف بين إيران والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين وبريطانيا "حتى اليوم الإجراءات التي اتفق عليها بموجب خطة العمل المشتركة تنفذ كما هو مخطط لها." ووفقا لنسخة من كلمته قال أمانو في اجتماع مغلق لمجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 عضوا إن هذه الإجراءات تشمل "تخفيف تركيز نسبة من المخزون" من غاز اليورانيوم المخصب حتى 20 في المئة إلى مستوى تخصيب أقل.

وعلقت إيران بموجب الاتفاق تخصيب اليورانيوم إلى تركيز انشطاري عند 20 في المئة - وهي خطوة تقنية لا تبعد كثيرا نسبيا عن المستوى المطلوب لصنع قنابل نووية - وتتخذ إجراءات لتحييد مخزوناتها من هذه المادة. وفي المقابل تحصل إيران تدريجيا على إيراداتها النفطية المجمدة في الخارج والبالغ قيمتها 4.2 مليار دولار وتحصل على إعفاء من بعض العقوبات الأخرى. وسيدفع هذا المبلغ على ثماني دفعات وفقا لجدول بدأ بمبلغ قدره 550 مليون دولار من اليابان في أول فبراير شباط.

ويهدف الاتفاق إلى إتاحة الوقت للتفاوض على تسوية نهائية لنزاع قديم يتعلق بنشاط إيران النووي الذي تقول طهران إنه سلمي لكن الغرب يخشى أن يكون الهدف منه هو تطوير قدرة تسلح نووي. وتهدف المفاوضات إلى التوصل لاتفاقية طويلة المدى بحلول نهاية يوليو تموز لكن يمكن تمديد المهلة لستة شهور إذا وافق الجانبان. بحسب رويترز.

وأكد أمانو عزمه التحقق من جميع المزاعم ومنها إجراء تجارب واختبارات مزعومة لتطوير الخبرة اللازمة لتحويل المادة الانشطارية إلى قنبلة نووية. وأضاف "الاجراءات التي نفذتها إيران والالتزامات الاضافية التي تبنتها تمثل خطوة إيجابية للأمام ولكن ما زال هناك الكثير من العمل لحل كل القضايا المعلقة." وتابع أن توضيح جميع القضايا المتعلقة بالأبعاد العسكرية للبرنامج النووي الإيراني "أمر حيوي".

تقرير حساس

الى جانب ذلك قالت مصادر مطلعة إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت تنوي إصدار تقرير رئيسي عن ايران ربما يكشف المزيد من أبحاثها التي يشتبه أن الغرض منها كان صنع قنبلة نووية لكنها أحجمت بفضل تحسن العلاقات بين طهران والعالم الخارجي. وكان من المقرر إعداد هذا التقرير العام الماضي وكان إصداره سيغضب ايران ويعقد المساعي الرامية إلى تسوية نزاع بدأ قبل نحو عشر سنوات بسبب طموحاتها النووية وهي المساعي التي تسارعت وتيرتها عندما تولى الرئيس الجديد حسن روحاني.

وقالت المصادر إن الوكالة تخلت عن فكرة إصدار تقرير جديد على الأقل في الوقت الراهن. ولم يصدر تعقيب فوري من وكالة الطاقة. وقالت المصادر إنه ما من سبيل لمعرفة المعلومات التي جمعتها الوكالة منذ أصدرت تقريرا مهما عن ايران عام 2011 رغم أن أحد المصادر قال إن التقرير كان سيزيد المخاوف بشأن أنشطة طهران.

وقال مصدر إنه ربما لا ينتقد المنظمة لعدم إصدار هذا التقرير في الظروف الحالية سوى اسرائيل التي يعتقد أنها الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط التي تملك أسلحة نووية. وربما يثير قرار عدم إصدار التقرير الجديد تساؤلات عن المعلومات التي جمعتها الوكالة الدولية في العامين الماضيين بشأن ما تصفه "بالابعاد العسكرية المحتملة" لبرنامج ايران النووي.

وأشارت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها نظرا لحساسية الموضوع إلى أن المعلومات الأحدث تضمنت تفاصيل إضافية عن أبحاث وتجارب مزعومة سبق تغطيتها في تقرير 2011. وقال مصدر إنه لو صدر التقرير الجديد لتضمن "معلومات محدثة عن الأبعاد العسكرية المحتملة" كان من الممكن أن تعزز المخاوف.

وتضمن ملف الوكالة في نوفمبر تشرين الثاني 2011 معلومات تشير إلى نشاط سابق في ايران يمكن استخدامه لتطوير سلاح نووي وربما كان بعض هذا النشاط مستمرا. ورفضت ايران هذه الاتهامات. وساعد ذلك التقرير القوى الغربية على تصعيد عقوباتها على ايران بما في ذلك حظر أوروبي فرض على مبيعات النفط في 2012. ومنذ ذلك الحين قالت الوكالة إنها حصلت على مزيد من المعلومات التي تؤيد تحليلها الوارد في تقرير 2011 الذي فصل اتهامات تتراوح بين اختبار متفجرات إلى أبحاث على ما يصفه خبراء بانه جهاز تفجير لقنبلة ذرية.

ومن القضايا الأخرى التي تريد الوكالة من ايران توضيحها تطوير مفجر مزعوم ونماذج كمبيوترية لحساب نواتج تفجير نووي وتجارب تمهيدية كان من الممكن أن تفيد في أي اختبار نووي. وتقول الوكالة إن المعلومات ذات المصداقية العامة في ملف 2011 والتي تضمنها ملحق لتقرير فصلي أوسع جاءت من دول أعضاء يعتقد أن بينها القوى الغربية واسرائيل بالإضافة إلى جهود خاصة. وقال مصدر إن من المعتقد أن الوكالة تلقت المزيد من المعلومات عن حسابات مشتبه بها لنواتج تفجير نووي.

وقالت الوكالة يوم 20 فبراير شباط في تقرير فصلي دوري عن برنامج ايران النووي "حصلت الوكالة على مزيد من المعلومات منذ نوفمبر تشرين الثاني 2011 عززت التحليل الوارد في ذلك الملحق." وتحقق الوكالة منذ عدة سنوات في اتهامات أن إيران ربما تكون قد نسقت مساعي لتخصيب اليورانيوم واختبار متفجرات وتعديل قمع صاروخ بحيث يصبح رأسا نوويا. وتقول إيران إن هذه المزاعم لا أساس لها وملفقة.

وقالت المصادر إن التقرير الذي امتنعت الوكالة عن نشره ربما كان سيرقى إلى مراجعة أوسع للملف النووي الايراني ويشمل الابعاد العسكرية المحتملة وقضايا أخرى معلقة. وأضافت أن الفكرة أثيرت على المستوى الداخلي عندما بدا أن مساعي الوكالة الدولية لحمل ايران على التعاون في تحقيقاتها بلغت طريقا مسدودا في منتصف عام 2013.

إلا أنه مع تولي السلطة في طهران قيادة جديدة تسعى لإنهاء العزلة الدولية اتفقت ايران والوكالة على اتفاق لتحقيق الشفافية خطوة خطوة للمساعدة في تهدئة المخاوف بشأن أنشطتها النووية. وتم التوصل لهذا الاتفاق قبيل الانجاز الكبير الذي تمثل في الاتفاق المؤقت بين ايران والقوى العالمية الست الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والصين.

وقالت مجموعة أبحاث وضغط أمريكية يطلق عليها اسم رابطة الحد من التسلح في تحليل صدر يوم 26 فبراير شباط إنه رغم ضرورة الرد على تجارب لها أبعاد عسكرية محتملة وفي وقت قريب فإن ما تحقق من تقدم فيما يتعلق بهذه المفجرات خطوة أولى مهمة لتسوية هذه القضايا. لكن مازال من غير المؤكد متى وكيف ستتمكن الوكالة من بحث مجالات أكثر حساسية من بينها فتح الطريق أمام المفتشين لدخول منشأة بارشين العسكرية جنوب شرقي طهران والتي يشتبه أن اختبارات المتفجرات التي يمكن استخدامها في تطوير قنبلة نووية أجريت فيها قبل نحو عشر سنوات. وتنفي ايران هذا الاتهام.

ويقول دبلوماسيون غربيون وخبراء نوويون إن الوكالة الدولية تحتاج لاستكمال التحقيق للتأكد مما حدث والقدرة على تقديم تأكيدات أن أي عمل لتصنيع سلاح نووي قد توقف. ويضيف هؤلاء أن توضيح ذلك مهم أيضا للقدرة على تحديد المدة الزمنية التي تحتاجها ايران لتصنيع سلاح نووي إذا ما قررت ذلك.

لكن من غير الواضح مدى ما سيمثله ذلك في اتفاق نهائي بين ايران والقوى العالمية التي يمكنها أن ترفع العقوبات المعوقة المفروضة على ايران ومن ثم بيدها وسائل ضغط أكبر عندما تتعامل مع طهران. وقال معهد العلوم والأمن الدولي وهو مؤسسة أبحاث أمريكية "جادل بعض المحللين خطأ أن مسائل مثل بارشين والابعاد العسكرية المحتملة لا تهم. وفي تقديرهم أن هذه المسائل تخص الماضي ويجب غض الطرف عنها." بحسب رويترز.

إلا أن بيتر جنكنز السفير البريطاني السابق لدى الوكالة الدولية قال إن ايران ملتزمة الان فيما يبدو بما عليها من التزامات بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي وإنها "بدأت تحل ... تساؤلات عن الانشطة السابقة المتعلقة بالأنشطة النووية وإلقاء الضوء على نواياها المستقبلية." وقال مسؤول أمريكي كبير إن تسوية مسألة الابعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الايراني هي "في المقام الاول" مهمة الوكالة الدولية. وأضاف المسؤول الامريكي "كلما بذلت ايران جهدا أكبر للوفاء بالتزاماتها مع الوكالة الدولية كلما كان ذلك أفضل لعملية التفاوض حول اتفاق شامل...نحن لا نريد القيام بمهمة تخص الوكالة الدولية."

مفاعل اراك واموال النفط

على صعيد متصل اعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان ايران "لن تغلق" مفاعل اراك، رغم تأكيده ان بلاده تعلق آمالا على المحادثات النووية مع الغرب. ويشكل مفاعل اراك الواقع على بعد 240 كلم جنوب غرب طهران ويعمل بالماء الثقيل احدى نقاط الخلاف في المفاوضات النووية بين ايران والقوى الكبرى لانه قد يمكن طهران من الحصول على البلوتونيوم الذين يمكن استخدامه في الاسلحة. وتؤكد طهران ان هذا المفاعل بقوة 40 ميغاوات وتتولى وكالة الطاقة الذرية مراقبة بنائه، وهدفه فقط الابحاث خصوصا الطبية.

وصرح الوزير للصحافيين "لقد بنينا جميع حساباتنا على نجاح هذه المفاوضات .. اعتقد ان نجاح المفاوضات هو الخيار الافضل للجميع". وقال ان مفاعل اراك مهم للأبحاث العلمية السلمية، مؤكدا "لن نغلق هذا المفاعل". واضاف في مؤتمر صحافي مشترك "نعتقد ان الحل قريب .. وانا متأكد انه اذا جاء الاطراف الاخرون بالعقلية نفسها، فسنتوصل الى نتيجة مرضية خلال فترة قصيرة".

من جهة اخرى اشاد ظريف باللقاءات "المثمرة" التي اجراها خلال زيارته لليابان بهدف استعادة بعض الارصدة المجمدة في البنوك الاجنبية بسبب العقوبات الدولية. وتم استبعاد ايران التي تتهمها اسرائيل ودول غربية بالسعي الى امتلاك سلاح نووي، منذ 2012 من النظام المالي العالمي ما يمنعها بالخصوص من استعادة ارصدتها المجمدة في بنوك الدول التي تشتري النفط الايراني وخصوصا اليابان. وبحسب الولايات المتحدة تملك ايران مئة مليار دولار مجمدة في الخارج.

واكد ظريف على صفحته على فيسبوك ان "اللقاءات المالية والاقتصادية في طوكيو كانت بناءة ومثمرة". واضاف "توصلنا الى اتفاقات عملية في مختلف الميادين بينها تطبيق الجانب المالي لاتفاق جنيف الذي ستكون نتائجه ملموسة قريبا جدا في المعاملات البنكية". وطلب ظريف ، بحسب وكالة ايرنا الرسمية، من اليابان "القيام بدور نشط" في استعادة اموال النفط الايراني التي "يوجد قسم كبير منها" في اليابان.

وبموجب الاتفاق المرحلي تمت اقامة قناة مصرفية تضم بنوكا يابانية وسويسرية وجنوبية كورية، لتمكين ايران من شراء منتجات غذائية وادوية ومعدات طبية لا تشملها نظريا العقوبات البنكية. لكن عمليات الشراء كانت حتى الان صعبة بسبب تردد البنوك الاجنبية في القيام بمعاملات مع ايران.

ومن المقرر ان تستخدم القناة ذاتها في استعادة عائدات صادرات النفط التي تزيد عن مليون برميل يوميا ستدر بحسب طهران 15 مليار دولار اضافة الى عائدات مبيعات المواد البتروكيميائية المقدرة بثمانية مليارات دولار سنويا. كما من المقرر ان تتلقى ايران عبر هذه البنوك 4,2 مليارات دولار مجمدة في الخارج وذلك على فترة ستة اشهر. وتامل الحكومة الايرانية في استخدام هذه العائدات للسيطرة على التضخم الذي فاق 40 بالمئة في 2013، بهدف دفع الاقتصاد.

الى جانب ذلك قال الرئيس الايراني حسن روحاني انه رغم "الاف الساعات" من التفتيش، لم تعثر الوكالة الدولية للطاقة الذرية على اي دليل لوجود اهداف عسكرية لبرنامج ايران النووي. وقال روحاني في كلمة بثها التلفزيون الرسمي ان القوى الغربية "تعلم جميعها ان العلوم النووية في ايران تسلك طريقا سلميا".

واضاف ان "الوكالة قامت بآلاف ساعات التفتيش واعلنت انها لم تعثر على اي انحراف عن الاستخدام السلمي (للتكنولوجيا النووية) لتحقيق اهداف عسكرية". ودافع روحاني عن برنامج بلاده النووي وقال انه "كان دائما دفاعيا في طبيعته، وسيبقى كذلك دائما". بحسب رويترز.

و دعا روحاني الى الهدوء وسط تصريحات استفزازيه لمتشددين ايرانيين. وقال امام مسؤولين من الجيش ووزارة الدفاع "احيانا لا يسعى الشخص الى الحرب، ولكن يتحدث وكانه يسعى لها، وتنظر الاطراف الاخرى الى ذلك على انه تهديد". واضاف ان "السياسة الخارجية لجمهورية ايران الاسلامية تقوم على تحقيق الانفراج وبناء الثقة. ومنذ توليه الرئاسة في اب/اغسطس، تعهد روحاني بإعادة بناء العلاقات المتوترة مع الغرب.

عقوبات جديدة

في السياق ذاته سعى أعضاء جمهوريون في مجلس الشيوخ الأمريكي إلى إحياء مشروع قانون من شأنه فرض عقوبات جديدة على إيران على الرغم من إصرار الرئيس باراك أوباما على أن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يعرض للخطر مفاوضات حساسة تسعى لوقف البرنامج النووي الإيراني. وأضاف السناتور ميتش مكونيل زعيم الحزب في مجلس الشيوخ للصحفيين أن الحزب الجمهوري يريد إضافة حزمة العقوبات لتكون تعديلا على مشروع قانون يتوسع في برامج تقديم الرعاية الصحية والتعليم للمحاربين القدامى في الحروب التي وقعت في العراق وأفغانستان.

وأضاف مكونيل "نحاول منذ شهور إجراء مناقشة وتصويت على مشروع قانون العقوبات الخاص بكيرك ومينينديز." ووصف مشروع قانون العقوبات بأنه "مسألة يمكن أن تتأثر بمرور الوقت". وتبنى 59 من أصل مئة سناتور أمريكي منهم 16 من الحزب الديمقراطي مشروع القانون الذي يقضي بفرض عقوبات جديدة على إيران إذا تعثرت المفاوضات الرامية للتوصل لاتفاق نووي. بحسب رويترز.

ويصر مؤيدو مشروع القانون على أن حزمة العقوبات الجديدة ستساعد في الضغط على إيران خلال المفاوضات. وتعهد أوباما بالاعتراض على المشروع ونقضه قائلا إن التصويت على عقوبات جديدة ينتهك شروط اتفاقية مؤقتة أبطأت إيران بموجبها برنامجها النووي مقابل بعض التخفيف للعقوبات القائمة. كما حذرت إيران أيضا من أنها ستنسحب من المفاوضات الجارية بشأن اتفاق نووي شامل إذا ما أقر مشروع القانون.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/آذار/2014 - 12/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م