الطائرة الماليزية.. غياب غامض يفتح جميع الاحتمالات

 

شبكة النبأ: مصير الطائرة الماليزية التي اختفت بشكل غامض ومحير بالرغم من عمليات البحث الواسعة والمكثفة متعددة الاطراف مازال مجهولا ويثير أسئلة كثيرة، فالرحلة "ام اتش 370 " التي كانت تقل"239 شخصا من 14 بلد" غابت عن شاشات الرادار بشكل مفاجئ ومن دون ان ارسل أي إشارة استغاثة، اعتبره الكثير من الخبراء لغزاً مثيراً خصوصا وان اجواء وظروف الرحلة كانت جيدة وامنة، وهو ما أدى إلى ظهور فرضيات عديدة مازال الباحثون يحققون في صحتها خصوصا مع غياب الادلة، فهم لم يستبعدوا فرضية تورط أفراد او جماعات ارهابية في هذا الحادث الذي يعتقد انه عملية اختطاف مدبرة الى مطار مجهول، الفرضية الاخرى رجحت ان يكون امر الاختفاء متعلقا بخلل فني في اجهزة الطائرة ادى الى انفجار بسبب سوء تقدير طاقم الطائرة، وهو امر استبعده بعض خبراء الطيران مرجحين ان يكون الحادث مدبرا.

ويمثل الاختفاء أحد أندر كوارث الطيران ويزيد الغموض عدم معرفة الدولة التي سقطت فيها الطائرة. وفترة اقلاع وهبوط الطائرة من أكثر فترات الرحلة خطورة بطبيعة الحال وتحدث خلالها معظم الحوادث. لكن على النقيض من ذلك اختفت الطائرة التي اقلعت بعد منتصف الليل على ارتفاع التحليق في سماء صافية عندما كانت في طريقها من كوالالمبور إلى بكين. ولم ترسل أي إشارة استغاثة فيما يبدو ولم يتم العثور على حطام الطائرة ولا التوصل لحدوث أي عطل بالطائرة.

وبناء على آخر اتصال مع الطيارين يفترض أن الطائرة وهي من طراز بوينيج 777-200 إي.آر تحطمت قبالة سواحل فيتنام. وقال بول هايز مدير السلامة في فلايت جلوبال اسيند وهي مؤسسة لاستشارات الملاحة الجوية في بريطانيا "لا تتحطم الطائرات وهي تحلق بهذه الطريقة... هذه واقعة غير عادية إلى أبعد الحدود." وتوجد كارثة واحدة فقط مماثلة وقعت في الآونة الأخيرة وهي تحطم طائرة إير فرانس 447 في المحيط الأطلسي عام 2009 وهي في طريقها من ريو دي جانيرو إلى باريس.

وسيعيد الحادث على الأرجح النقاش حول ضرورة الاستعاضة عن مسجلات الصندوق الأسود بنظم تعتمد على الأقمار الصناعية قادرة على ارسال قياسات عن بعد في الوقت الحقيقي لوقوع الحادث. ومثل هذه الأنظمة موجودة لكن استبعد استخدامها حتى الآن بسبب التكلفة والتجهيزات. وفي الوقت الراهن لم يتضح من سيأخذ بزمام المبادرة لكشف ما حدث للطائرة الماليزية. وبموجب قواعد المنظمة الدولية للطيران المدني عادة تتولى حكومة منطقة وقوع الحادث الولاية القضائية على حطام الطائرة وتقود التحقيق. ولذلك من غير المرجح أن تتولى أي دولة المسؤولية لحين العثور على حطام الطائرة.

وفي هذه الحالة ستكون فيتنام على الأرجح. لكن إذا سقطت الطائرة في المياه الدولية فستتولى ماليزيا المسؤولية وتشارك الولايات المتحدة لأن الطائرة أمريكية الصنع. وقد يطلب المحقق الرئيسي من الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى تملك قدرة أكبر على التحقيق القيام بدور أكبر. لكن يبقى على الأرجح الاعلان عن المعلومات والنتائج في سلطة المحقق الرئيسي.

وقال كيلي نانتل المتحدث باسم المجلس الوطني لسلامة النقل الذي يحقق في حوادث التحطم في الولايات المتحدة إن الأجهزة الأمريكية "لا تملك القدرة على اعلان معلومات حقيقة كما لو كان الحادث قد وقع في الولايات المتحدة." واختفت طائرة الخطوط الجوية الماليزية بعد حوالي ساعة من رحلتها المقررة إلى بكين وثارت تكهنات من حدوث عطل مفاجئ إلى وقوع شيء تسبب في انقطاع الكهرباء أو وقوع حادث غريب.

وقالت شركة الخطوط الجوية الماليزية إن الطائرة التي صنعت قبل 11 عاما اقلعت من مطار كوالالمبور الدولي وكان آخر اتصال للطائرة بالمراقبين الجويين على بعد 120 ميلا بحريا من الساحل الشرقي لبلدة كوتا بهارو الماليزية. وأظهر موقع (flightaware.com) الذي يتتبع رحلات الطيران أن الطائرة حلقت فوق شمال شرق ماليزيا بعد الاقلاع ووصلت إلى ارتفاع 35 ألف قدم.

وتجري عملية بحث ضخمة في المياه بين ماليزيا والطرف الجنوبي من فيتنام وتركز على المنطقة التي اجرت منها الطائرة آخر اتصال. وقال طيارون وخبراء في مجال الطيران إن انفجارا على متن الطائرة يبدو أنه السبب المحتمل للكارثة. وكانت الطائرة على ارتفاع التحليق وهي المرحلة الأكثر أمانا اثناء الرحلة وكانت الطائرة تعمل بالطيار الآلي في الغالب.

وقال طيار سابق بالخطوط الجوية الماليزية "كان ذلك إما انفجار أو صاعقة أو انخفاض شديد في الضغط ... الطائرة 777 يمكنها الطيران بعد صاعقة وحتى بعد انخفاض شديد في الضغط. لكن إذا وقع انفجار فلا توجد فرصة." وقال جون جوجليا عضو مجلس الإدارة السابق بمجلس سلامة النقل الوطني إن الفقدان المفاجئ والشديد للضغط في قمرة القيادة قد يسبب هبوطا شديدا في الضغط ينجم عنه انفجار يحطم الطائرة. وقد يحدث هذا الانخفاض في الضغط عن طريق تآكل أو ضعف معدني في هيكل الطائرة.

يعيد الحادث إلى الأذهان حادث الاختفاء الغامض للرحلة رقم 447 لطائرة إير فرانس ومقتل 228 شخصا على متنها. ولم تتمكن التحقيقات من التوصل بشكل قاطع إلى سبب تحطم الطائرة وهي من طراز ايرباص ايه330 حتى انتشال الصندوقين الاسودين من قاع المحيط بعد ذلك بعامين. وربما يساعد ذلك المحققين في حادث تحطم الطائرة الماليزية. بحسب رويترز.

وقال هايز من فلايتجلوبال اسيند "انتشال حطام الطائرة في المحيط مشكلة دائما لكن الصناعة استفادت كثيرا من تحطم طائرة إير فرانس." وشدد الخبراء أيضا على أن حادث طائرة إير فرانس قدم رواية حذرة بعد تكهنات سابقة لأوانها. وقالت إير فرانس في البداية إن الحادث ناجم عن عاصفة رعدية. وفي وقت لاحق قال محققون إن الثلج تسبب في قراءات خاطئة لجهاز السرعة على متن الطائرة. لكن البيانات بعد عامين من البحث جعلت السلطات تخلص إلى أن خطأ الطيار لعب دورا أيضا إذ أدى تعامل الطاقم مع الطائرة بعد فصل الطيار الآلي إلى حدوث عطل قاتل.

ثغرة أمنية

في السياق ذاته فحص مسؤولون ماليزيون لقطات تلفزيونية واستجوبوا موظفي الهجرة والجوازات والحراس في مطار كوالالمبور الدولي وسط مخاوف من حدوث خرق أمني ربما يكون مرتبطا باختفاء طائرة ماليزية. وهناك شكوك بأن الطائرة التي كانت متجهة إلى بكين قد تكون مخطوفة أو جرى تفجيرها. وهي شكوك تصاعدت بعد اكتشاف أن اثنين من الركاب على الأقل سافرا بجوازي سفر مسروقين وذلك على الرغم من تأكيد الحكومة الماليزية على أنها تدرس كل الاحتمالات.

وورد على قائمة الركاب نمساوي يدعى كريستيان كوزيل وايطالي يدعى لويجي مارالدي لكنهما لم يكونا على متن الطائرة. واكد الانتربول ان الرجلين قدما في 2012 و2013 تباعا شكوى بتعرض جوازي سفرهما للسرقة في تايلاند. وتحقق الشرطة في تايلاند حول تجارة ممكنة لجوازات السفر في منتجع فوكيت بجنوب البلاد حيث سرق جواز سفر مارالدي.

وقال وزير الداخلية الماليزي زاهد حميدي ان الراكبين المذكورين لهما "ملامح اسيوية"، حسبما نقلت عنه وكالة برناما. كما اكدت السلطات المحلية ان خمسة ركاب لديهم تذاكر سجلوا حقائبهم دون ان يصعدوا على متن الطائرة. الا ان الخطوط الجوية الماليزية عزلت هذه الحقائب حين تبين غياب الركاب قبل اقلاع الطائرة، طبقا للإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات.

وقال جون جوجليا العضو السابق بالمجلس الوطني لسلامة النقل وهو الوكالة الأمريكية التي تحقق في حوادث الطائرات إن عدم وجود اشارة استغاثة يشير إلى ان الطائرة اما تعرضت لانخفاض في الضغط الجوي أو دمرت بواسطة عبوة ناسفة. وأضاف "لا بد وان الامر حدث بسرعة بسبب عدم وجود اتصال."

وابلغت 166 دولة عن فقدانها او سرقتها وتقول على موقعها على الانترنت ان هذا يمكن الشرطة وضباط الهجرة والحدود من التأكد من صلاحية اي وثيقة محل شكوك خلال ثواني. ولم يرد اي تعليق فوري من الانتربول. وقالت الشرطة الإيطالية انه تم الابلاغ عن سرقة جواز سفر لويجي مارالدي في الأول من أغسطس 'ب 2013 وادرج ضمن قاعدة بيانات الانتربول.

لكن قائمة الركاب التي أعلنتها شركة الطيران ضمت اسمي راكبين أوروبيين -النمساوي كريستيان كوزيل والإيطالي لويجي مارالدي. وقالت وزارتا الخارجية في البلدين إنهما لم يكونا على متن الطائرة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في فيينا "تلقت سفارتنا معلومات بأن مواطنا نمساويا كان ضمن ركاب الطائرة طبقا لقائمة الركاب التي قدمتها شركة الطيران الماليزية. ردت شبكاتنا بإشارة تفيد بأن جواز السفر هذا مسروق."

وتأكدت الشرطة النمساوية من وجود الرجل سالما في بيته. وقال المتحدث إنه كان قد أبلغ عن سرقة جواز سفره قبل عامين خلال سفره إلى تايلاند. وقالت وزارة الخارجية في روما إنه لا يوجد أي إيطاليين ضمن ركاب الطائرة رغم وجود اسم مارالدي ضمن قائمة الركاب. وقالت والدته ريناتا روتشي إن جواز سفره فقد -أو يفترض أنه سرق- في تايلاند في عام 2013 .

وبينما تنتظر اسر الركاب بقلق في بكين وفي كوالالمبور وجهت وسائل الاعلام الرسمية الصينية انتقادات شديدة "للثغرات" في الاجراءات الامنية. وكتبت صحيفة "غلوبال تايمز" اذا كان (اختفاء الطائرة) مرده عطلا ميكانيكيا او خطا ملاحيا، فان الخطوط الجوية الماليزية تتحمل المسؤولية. واذا كان الامر يتعلق باعتداء ارهابي، فان الاجراءات الامنية في مطار كوالالمبور هي المسؤولة".

واوفدت الولايات المتحدة التي كان ثلاثة من رعاياها على متن الطائرة عناصر من مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) لكنها شددت على عدم وجود اي دليل في هذه المرحلة بوقوع عمل ارهابي. واشارت الصحف الصينية الى ان بكين ارسلت فريقا للتحقيق وتقديم الدعم الى الاسر في ماليزيا. "وتظهر المؤشرات الأولية وجود نوع من الثغرة الأمنية ولكن لا يمكنني أن أعطي مزيدا من التفاصيل حاليا." بحسب فرانس برس.

من جانب اخر قال مسؤولون عسكريون ماليزيون إن طائرة مفقودة تابعة للخطوط الجوية الماليزية ربما تكون قد حولت مسارها للعودة من طريقها المقرر قبل أن تختفي من على شاشات الرادار مما يزيد الغموض حول مصيرها. وقال رضا علي داود قائد القوات الجوية الماليزية "ما فعلناه هو فحص تسجيل الرادار الذي لدينا ووجدنا أن هناك إمكانية في أن تكون الطائرة قد عادت." ولم ترد أنباء عن سوء الأحوال الجوية ولم يظهر سبب لاختفاء الطائرة. وقال رضا علي إنه تم توسيع نطاق البحث ليشمل الساحل الغربي لشبه جزيرة الملايو بالاضافة إلى مساحة كبيرة في البحر بين ماليزيا وفيتنام.

لا أثر

الى جانب ذلك قال رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق للصحفيين في كوالالمبور "ستتواصل عمليات البحث والانقاذ مادام هناك ضرورة." وأضاف أن ماليزيا تستخدم في عمليات البحث 15 طائرة من الطائرات التابعة للقوات الجوية وست سفن بحرية وثلاث سفن تابعة لخفر السواحل. وقالت الوكالة الماليزية المكلفة بتنسيق عمليات البحث والانقاذ في المنطقة البحرية الماليزية إنها أرسلت سفن بحث وانقاذ إلى المنطقة حيث اجرت الطائرة اخر اتصال لها لكنها لم تر أي حطام.

وأرسلت فيتنام اثنين من زوارق البحرية من جزيرة فو كواك وارسلت مقاتلتين وطائرة هليكوبتر من مدينة هوتشي منه للبحث عن الطائرة المفقودة. وتجهز ايضا سبع طائرات اخرى وتسع قوارب للمشاركة في جهود البحث. وبالإضافة إلى عمليات البحث الفيتنامية والماليزية فقد أرسلت الصين والفلبين سفنا إلى المنطقة للمساعدة. وأرسلت. وقال وزير النقل الصيني يانغ تشوان تانغ للصحفيين في بكين إن الصين تشعر "بقلق بالغ" على مصير الطائرة وركابها.

وارسلت الولايات المتحدة مدمرتين تنقلان مروحيات وطائرة مراقبة هذا بالاضافة الى ما أرسلته الفلبين وسنغافورة طائرات عسكرية، و تقوم طائرة تابعة للبحرية الامريكية طراز بي-3 القادرة على رصد 1500 ميل مربع كل ساعة بالبحث في الجزء الشمالي من مضيق ملقة في الجانب الاخر من شبه جزيرة الملاي حيث حدث آخر اتصال مع الطائرة المفقودة. وقال وليام ماركس المتحدث باسم الأسطول الأمريكي السابع "طائرتنا قادرة على ان ترصد بوضوح قطع الحطام الصغيرة في المياه لكن حتى الان لا يوجد سوى قمامة او قطع من الخشب."

واشارت فرق الانقاذ عدة مرات الى العثور في البحر على عناصر قد تكون من الطائرة وفقا لفرضية ان تكون هبطت فجأة او تحطمت اثناء الرحلة. وفي كل مرة تبطل التحقيقات هذا الامر. واظهرت التحاليل على رقعة وقود رصدت في البحر قرب نقطة محتملة لاختفاء طائرة البوينغ انها ليست من الطائرة. ولم تعثر سفينة فيتنامية ارسلت للتحقق من احتمال وجود طوف نجاة، الا على "غطاء عفن للكابلات"، على ما اعلن مساعد رئيس اركان الجيش الفيتنامي فو فو توان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/آذار/2014 - 10/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م