شبكة النبأ: اكدت العديد من المنظمات
الحقوقية الدولية ان مسار تعاطي العائلة الحاكمة في البحرين مع المطالب
الشعبية التي ينادي بها المتظاهرون منذ سنين عدة، والذي لم يدلل على
صدق نوايا النظام في الاستجابة الجادة لها، او على الأقل مناقشتها،
ربما يكون هو المسبب الأول عن احتمالية انفجار الوضع لاحقاً، بعد ان
فقدت الثقة تماماً بالعائلة المالكة ونظام ال خليفة.
يضاف الى ذلك ان الأساليب التي اعتمدتها الحكومة منذ اندلاع
المظاهرات بطابعها السلمي، والتي عبرت عنها من خلال قمع المتظاهرين
والزج بسجناء الرأي داخل السجون والتعذيب الذي اودى بحياة الكثير منهم،
الى جانب الاستعانة بقوات اجنبية والدبابات ومليشيا ومرتزقة في التنكيل
بالمتظاهرين واهانة مقدساتهم الدينية وقادتهم، وتعمد تحويل المظاهرات
الى قضايا إرهابية، وافشال أي جهد حواري حول المطالب المرفوعة من قبل
الشعب البحريني، كل تلك الأساليب عبرت بوضوح عن عدم رغبة الحكومة في أي
حل قد يزعزع مكانتها السلطوية في البحرين.
إدانات حقوقية
من جانبه أدان مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، الأساليب
القمعية التي تنتهجها السلطات البحرينية في مواجهة الاحتجاجات الشعبية
السلمية، ومما جاء في بيان أصدره المركز، 28 شباط/ فبراير، على خلفية
وفاة أحد المعتقلين البحرينيين، "نستخدم أشد عبارات الإدانة ضد
الأساليب القمعية التي تستخدمها وتصر على استخدامها السلطات البحرينية
تجاه المعارضين السياسيين والناشطين الحقوقيين".
واعتبر المركز احتجاز المتظاهرين المرضى والمصابين جراء استخدام
العنف من قبل عناصر الشرطة البحرينية من الأساليب التي "تستحق أقسى
أنواع الإدانة" ووصفها بأنها غير مبررة وتتسبب بتفاقم الأوضاع الصحية
للمحتجزين، كاشفا عن تلقيه معلومات مؤكدة عن تعمد السلطات البحرينية
إهمال الوضع الصحي الخطير لأحد المعتقلين، ويدعى، جعفر محمد جعفر،
وعمره، 23 سنة، منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي، دون مراعاة لظروفه
الصحية، متهما السلطات بممارسة التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية
بحقه.
وقال، مركز آدم، في بيانه" على الرغم من كون المعتقل يعاني من مرض
فقر الدم، غير أن المرض ليس السبب المباشر لوفاته، بل، هناك أسباب أخرى
مثل التعذيب وسوء ظروف الاحتجاز وتعمد الإهمال وعدم توفير العلاج
اللازم للمريض"، وحمّل السلطات البحرينية المسؤولية عن حادث الوفاة،
عادّا الأساليب العنيفة التي تنتهجها السلطات في البحرين مخالفة لجميع
المواثيق والقوانين الدولية، وتمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان
وسلباً لحقه في الحياة بصورة تعسفية تثبت للعالم أن السلطات البحرينية
ماضية في استخدام أساليب قمعية بحق شعبها وخصومها السياسيين دون هوادة.
وكان" مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات" قد أصدر في أوقات سابقة
العديد من بيانات الإدانة بحق جهات مختلفة بسبب انتهاكاتها المتكررة
والواضحة لحقوق الإنسان، كما تابع ملفات حقوق الإنسان في العديد من
البلدان، مع منظمات دولية معنية بهذه الملفات، ولفت بيان المركز بخصوص
مملكة البحرين، إلى أن السلطات البحرينية في استخدامها لهذه الأساليب
تقدم للمجتمع الدولي أسوأ الأمثلة على انتهاك القوانين الإنسانية، كما
طالب السلطات هناك بالارتقاء إلى مستوى المسؤولية الأخلاقية والقانونية
التي تحلى بها المحتجون وهم يحرصون على سلمية تظاهراتهم على مدى ثلاث
سنوات من انطلاقها.
وطالب، المركز، في ختام بيانه، السلطات البحرينية، بإيقاف كافة
أنواع القمع والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين والناشطين في
مجال العمل الحقوقي وأن تقوم بإجراءات إصلاحية شاملة تضمن جميع الحقوق
للشعب البحريني ومن بينها تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في
الحقوق والواجبات بين الجميع.
فيما أصدرت منظّمة شيعة رايتس ووتش، التابعة لمؤسسة الإمام الشيرازي
العالمية في واشنطن، بياناً إثر الأحكام الجائرة التي صدرت من محكمة
أخيرة عقدت من قبل النظام البحريني، بحق عدد من الدينيين والسياسيين
والاجتماعيين الشيعة العزّل، حيث جاء في البيان، "اطّلعت منظّمة شيعة
رايتس ووتش على مجريات المحكمة الأخيرة وما صدر عنها بحقّ عدد من
المحتجّين العزّل والقاضية بإعدام أحدهم شنقاً حتى الموت، بالإضافة إلى
السجن المؤبّد على ستة آخرين لمشاركتهم في الاحتجاجات الشعبية المطالبة
بالإصلاح السياسي في تلك الدولة".
إنّ المنظّمة إذ تعبّر عن استيائها الشديد مما تنتهجه السلطات
البحرينية من سياسات قمعية وطائفية مدانة جملة وتفصيلاً، تؤكّد على ان
قرار المحكمة الأخير يفتقر إلى العدالة المطلوبة ومرتكزات القضاء
الواجب توفّرها لضمان عدم الصاق التهم بالمعتقلين، فضلاً عن كونها
افتقرت إلى الكثير من مستلزمات الشفافية والتحقيق المهني ومقوّمات
الأحكام القضائية المتّبعة في المحاكم العادلة خارج البحرين.
كما تؤكّد المنظمة ان معظم الأحكام التي باتت المحاكم البحرينية
تصدرها لا تتوفر خلالها المعايير القانونية، كونها تنبع من توصيات
سياسية ودوافع طائفية عنصرية مكشوفة مما يستدعي عدم الاعتراف بها وما
يصدر عنها، واعتبارها جرائم يعاقب عليها القانون الدولي، وما يترتب على
ذلك من دعوة مفتوحة للناشطين الحقوقيين في البحرين لرفع دعوات جزاء في
المحاكم الدولية في أوروبا والولايات المتحدة والعالم الحرّ.
هذا، وأشارت المنظمة إلى ان النظام البحريني بات غير معني بأية
إصلاحات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية كانت، وذلك طبقاً لسلوكه
الاستبدادي وعنف أجهزته الأمنية في التعامل مع شرائح المجتمع البحريني
بمختلف انتماءاته، سيما انه بات يسعى إلى إيجاد صراع يمهّد لاقتتال بين
الطوائف البحرينية من خلال سياساته الأخيرة.
استخدام العنف بلاد هوادة
من جهته قال شاهد إن الشرطة البحرينية استخدمت الغاز المسيل للدموع
وقنابل الصوت ضد محتجين قذفوها بالقنابل الحارقة والحجارة في قرية
شيعية بعد تشييع شاب توفي في الحبس، وكانت وزارة الداخلية قالت إن جعفر
محمد جعفر (23 عاما) الذي احتجز في ديسمبر كانون الأول بتهمة تهريب
الأسلحة توفي متأثرا بمرضه وهو رهن الاحتجاز وهذه ثاني حالة وفاة لشخص
محتجز بتهم متصلة بالأمن هذا العام.
ولم يشكك نشطاء حقوق الإنسان في رواية الحكومة بأن جعفر مات نتيجة
المرض لكن جمعية الوفاق الإسلامية المعارضة قالت في بيان إن جعفر منع
عنه العلاج وقال أحد النشطاء إنه تعرض للتعذيب وهو ما نفته الوزارة،
وشارك آلاف الأشخاص في تشييع جعفر في قرية الديه غربي العاصمة المنامة،
واستخدم محتجون في وقت لاحق القنابل الحارقة والقضبان الحديدية
والحجارة لرشق الشرطة التي ردت باستخدام الغاز المسيل للدموع وقنابل
الصوت، ولم ترد تقارير فورية عن وقوع إصابات. بحسب رويترز.
وقالت وزارة الداخلية على موقع تويتر إن قوات الشرطة فرقت مجموعة من
المخربين انحرفت عن مسار الجنازة في الديه، ولم تذكر تفاصيل، وتشهد
البحرين مظاهرات واشتباكات متقطعة بين المتظاهرين وقوات الأمن في حين
تتعثر المحادثات الرامية لإنهاء الاضطرابات بين الحكومة والمعارضة، وقد
يلقي العنف الذي حدث بظلاله على محاولة جديدة لاستئناف المحادثات بين
أسرة آل خليفة الحاكمة وجماعات المعارضة.
وتقول السلطات انها نفذت بعض الإصلاحات ومستعدة لمناقشة المزيد من
المطالب لكن المعارضة تقول انه لا يمكن تحقيق أي تقدم حتى يتم اختيار
الحكومة من خلال نواب منتخبين وليس عن طريق الملك.
فيما ذكرت وكالة أنباء البحرين أن مجلس الوزراء أدرج ثلاث جماعات
مناهضة للحكومة على قوائم الجماعات الإرهابية غداة تفجير أودى بحياة
اثنين من الشرطة المحلية وضابط من دولة الإمارات العربية المتحدة،
وأثار الهجوم المخاوف من اندلاع المزيد من العنف في المملكة التي
يحكمها سنة حيث تنظم جماعات المعارضة بقيادة الاغلبية الشيعية احتجاجات
منذ ثلاثة أعوام للمطالبة بإصلاحات سياسية وانهاء ما تعتبره تمييزا
ضدهم.
وقالت الوكالة إن مجلس الوزراء قرر في اجتماعه الاستثنائي الذي عقد
في المنامة "إدراج ما يسمى بائتلاف 14 فبراير وسرايا الأشتر وسرايا
المقاومة وأي جماعات أخرى مرتبطة بها ومن يتحالف معها ضمن قوائم
الجماعات الإرهابية"، وقالت وكالة أنباء البحرين إن الشرطة ألقت القبض
على 25 من المشتبه بهم في التفجير الذي وقع في قرية الديه غربي العاصمة
المنامة، ولم تذكر ما إذا كانوا أعضاء في الجماعات التي صنفت على أنها
إرهابية.
وقال جوستين جنجلر الباحث في شؤون البحرين في جامعة قطر "من الواضح
ان الحكومة لم تنجح في الاعوام الثلاثة الماضية في انهاء الانشطة
العنيفة التي ما زال يشارك فيها على الاقل جزء من المعارضة، حاولت (الحكومة)
ان تفعل كل ما في وسعها لكنها لم تنجح"، ونددت جماعات المعارضة
الرئيسية ومنها جمعية الوفاق الشيعية بالتفجير وطالبت أتباعها بضمان
سلمية احتجاجاتهم.
لكن منظمة "مواطنون من أجل البحرين" التي ينظر اليها على نطاق واسع
على انها موالية للحكومة قالت إن الإدانة ليست كافية، وأضافت في رسالة
عبر البريد الالكتروني "انه لأمر جيد ان تخرج المعارضة البحرينية وتندد
بقتل افراد الشرطة الثلاثة ولكن عليها ان تدرك انها هي التي وضعت بذور
الارهابيين الذين ارتكبوا هذه الاعمال".
واشتكت الأغلبية الشيعية في البحرين على مدى زمن طويل من التمييز
ضدهم في مجالات مثل الوظائف والخدمات العامة وتنفي الحكومة التي يقودها
سنة ذلك، وتقاوم أسرة ال خليفة التي تحكم البلاد منذ قرنين مطالب
يقودها الشيعة بحكومة منتخبة وليس حكومة يختارها الملك، وكثيرا ما
يتعرض سجل البحرين في مجال حقوق الانسان لانتقادات في الداخل والخارج،
وتقول الحكومة البحرينية انها اتخذت خطوات للتصدي لانتهاكات قوات الأمن
من خلال إقالة المسؤولين عن ذلك ووضع كاميرات مراقبة في مراكز الشرطة.
احتجاجات سلمية
من جهة اخرى شارك عشرات الآلاف من البحرينيين في مظاهرة سلمية احياء
للذكرى السنوية الثالثة لانتفاضة قادتها الأغلبية الشيعية في البلاد
للمطالبة بالديمقراطية، والمظاهرة التي نظمتها جمعية الوفاق كبرى حركات
المعارضة في البحرين هي أكبر مظاهرة في البلاد منذ عام 2011، وقال شهود
إن حشودا غفيرة من الرجال والنساء والأطفال خرجت إلى شوارع البحرين
للمطالبة بالديمقراطية والإصلاح السياسي والإفراج عن السجناء السياسيين.
وردد المحتجون شعارات تؤكد أنهم لن يتوقفوا إلى أن تتحقق مطالبهم
وأن الشيعة والسنة يتشاركون في حبهم للبلد، وقال شهود إنه لم يكن هناك
اي وجود للشرطة في المظاهرة التي نظمت على طريق البديع السريع الذي
يربط العاصمة المنامة ببلدة البديع الواقعة في شمال غرب البحرين، ولم
ترد تقارير عن وقوع اشتباكات.
وسحقت البحرين بدعم من السعودية المظاهرات التي بدأت في 14 فبراير
شباط 2011 مستلهمة انتفاضات الربيع العربي في دول اخرى في المنطقة
لكنها لم تحل بعد الصراع بين الاغلبية الشيعية والاسرة الحاكمة السنية،
وبدأت الاسرة الحاكمة جولة ثالثة من الحوار مع معارضيها دون أن يلوح
اتفاق سياسي في الأفق، وتعتبر السلطات البحرينية وكذلك داعموها
السعوديون مطالب الشيعة بالإصلاح السياسي مؤامرة بإيعاز من إيران.
وأحرج تعاملها مع الاضطرابات الولايات المتحدة التي يتعين عليها
الموازنة بين دعمها لحليف يستضيف اسطولها الخامس وبواعث قلق تتعلق
بحقوق الانسان، وقال موظف عمره 34 عاما يسكن قرية سار اكتفى بتعريف
نفسه بأبي علي "لم نشهد سلاما منذ بداية الاحتجاجات قبل ثلاث سنوات،
الشبان يخرجون يوميا ويحرقون الاطارات على الطرق والشرطة تفرقهم بالغاز
المسيل للدموع"، وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون قلقه من
التقارير عن الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن وحث السلطات على
التقيد الصارم بالتزاماتها بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
وردت وزارة الداخلية على تعليق بان قائلة إن الحق في التظاهر السلمي
والتجمع مكفول في دستور البحرين وكان هناك عدد من المسيرات السلمية تم
تنظيمها مؤخراً دون تدخل الشرطة، لكنها أضافت "أنه وللأسف كانت هناك
مؤخراً سلسلة من عمليات التخريب والشغب وصلت لحد الإرهاب من قبل
مجموعات تستخدم تكتيكات حرب العصابات في المدن مستخدمة أسلحة ومتفجرات
محلية الصنع كما تم تفجير قنبلتين"، وتابعت "استخدام القوة يتم بطريقة
متناسبة مع الحدث ومتدرجة وحسب الضرورة".
وتدخل ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة وهو شخصية معتدلة
نسبيا في اسرة آل خليفة التي تحكم البحرين منذ أكثر من 200 عام الشهر
الماضي في محاولة لإحياء حوار قاطعته المعارضة لأربعة أشهر، والتقى
وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن احمد آل خليفة بقادة المعارضة
وشخصيات اخرى لكن المحادثات الرسمية لم تستأنف بعد ولا تزال مواقف
الجانبان متباعدة فيما يبدو.
وقاطعت المعارضة المحادثات بعدما قامت الحكومة بالتحقيق مع اثنين
على الأقل من زعمائها بتهم التحريض على العنف، ويزداد القلق من أن يلجأ
الشبان الشيعة الى مزيد من العنف اذا فشل قادة المعارضة الرئيسية في
التوصل الى تسوية سياسية من شأنها أن تعطي الشيعة دورا أكبر في الحكومة
وتحسن ظروف المعيشة، ويريد الشيعة تحولا ديمقراطيا اوسع نطاقا يستتبع
تشكيل حكومة يختارها برلمان منتخب بدلا من تعيينها من قبل الملك، كما
يدعون الى انهاء ما يزعمون انه تمييز ضدهم في الوظائف والسكن والمزايا
الأخرى، وتنفي الحكومة أن يكون لديها أي سياسة لتهميش الشيعة. |