خليج الازمات ومؤشرات الانهيار الوشيك

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: يبدو ان مهمة الكويت في دبلوماسيا الوساطة النشطة بين دول الخليج، هذه المرة، ستكون أصعب من مثيلاتها السابقة، فالخلاف الخليجي المعلن، والذي اجمع المتابعون على خروجه عن المألوف، يعد سابقة قد تهدد أسس مجلس التعاون الخليجي، فضلاً عن الاتحاد المفترض.

قطر واجهت اليوم ثلاثي خليجي (سعودي-بحريني-اماراتي) اجتمع على غلق باب الدبلوماسية والتهديد بعقوبات اشد قد تشمل نواحي امنية او اقتصادية او سياسية مستقبلاً، في حال لم تعدل من نهجها السياسي في دعم حركة الاخوان المسلمين، إضافة الى عدة قضايا لم يتم طرحها علناً تتعلق بسياسة قطر الخارجية في موارد اخرى.

صحيح ان دولة قطر لم تغلق باب الدبلوماسية تجاه المقاطعة الخليجية، وأبدت "استغراباً واسفاً" حول القرار الثلاثي، الا ان الصحف الرئيسية وبعض المصادر المقربة من امير قطر الشاب شنت هجوماً مركزاً حول القرار، كما تم التوضيح من تلك المصادر ان سياسة قطر لن تتغير على الأقل في مداها الراهن، وإنها لن تخضع للضغوط الخارجية التي تمارسها السعودية ضدها وجعلت منهما ابرز المتخاصمين خلجياً.

التحركات الدبلوماسية للوساطة بين الفرقاء بدئت مع اعلان سحب السفراء، الكويت اول المبادرين مع قرب القمة العربية التي ستعقد على أراضيها، كذلك الولايات المتحدة الامريكية التي أعلن بيتها الأبيض عن اتصال بين الرئيس أوباما وحاكم الامارات جرى فيه "تبادل وجهات النظر حول مجموعة من القضايا الإقليمية والتحديات الأمنية المشتركة"، وجاء الاتصال قبل اعلان الخلاف الرسمي بين دول الخليج وقطر بيوم واحد، وبالتأكيد سيكون هذا الموضوع مطروحاً بقوة في زيارة أوباما المرتقبة الى السعودية.

في نفس الوقت هناك من يراقب كل هذه الاحداث على ضفة الخليج الأخرى، إيران الساعية بدبلوماسية كسب الأصدقاء وتكوين الحلفاء والخروج من العزلة الدولية المفروضة عليها، إضافة الى عمان التي رفضت مشروع الاتحاد منذ بداية اطلاقه وتحدت السعودية، والعراق الذي يعاني من دور السعودية في دعم بعض الحركات التكفيرية النشطة في الداخل، كما يشير المحللون، الامر الذي قد يعكس بداية لتحالفات جديدة في المنطقة.

في سياق متصل يواجه مجلس التعاون الخليجي ازمة لا سابق لها منذ تأسيسه قبل 33 عاما مع اعلان السعودية والبحرين والامارات انها قررت سحب سفرائها لدى قطر المتهمة بتشجيع ودعم جماعة الاخوان المسلمين علنا، وقررت الدول الثلاث في بيان مشترك سحب سفرائها بسبب عدم "التزام" الدوحة بمقررات "تم التوافق" عليها سابقا مثل عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاعضاء في المجلس.

ويأتي القرار غداة اجتماع مطول لوزراء خارجية الدول الخليجية في الرياض، وسرعان ما انعكس قرار سحب السفراء على بورصة قطر التي اغلق مؤشرها متراجعا بنسبة اثنين في المئة، واكد البيان ان الدول الثلاث "اضطرت للبدء في اتخاذ ما تراه مناسبا لحماية أمنها واستقرارها وذلك بسحب سفرائها من قطر".

وتابع ان الدول الثلاث بذلت "جهودا كبيرة" مع قطر للاتفاق على "الالتزام بمبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد سواء عن طريق العمل الامني المباشر او عن طريق محاولة التأثير السياسي وعدم دعم الاعلام المعادي" في اشارة الى قناة الجزيرة.

ويسود التوتر العلاقات بين قطر والسعودية منذ الاطاحة بالرئيس الاسلامي في مصر محمد مرسي مع اعلان السلطات السعودية تأييدها القوي للسلطات الجديدة وتقديمها مع الامارات والكويت دعما ماليا مهما لها، وفي حين حظرت الامارات جماعة الاخوان المسلمين وتخضعها لمحاكمات، تستعد السعودية لتطبيق قرارات اتخذتها قبل فترة لمعاقبة المنتمين لأحزاب وتيارات عدة بينها تلك المحسوبة على الاخوان المسلمين.

وهناك ايضا التباينات حيال سوريا واتهامات موجهة لقطر بانها تؤوي وتشجع الاخوان المسلمين وتمنحهم قناة الجزيرة منبرا لأفكارهم، واكد البيان التوصل الى اتفاق حول هذه النقاط خلال قمة خليجية مصغرة في الرياض في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لكن قطر لم تتخذ اتفاق "الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ"، يذكر ان امير الكويت الشيخ صباح السالم الصباح زار الدوحة ومن ثم انتقل الى الرياض مصطحبا امير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني للقاء العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وتابع البيان ان الاجتماع الدوري لوزراء خارجية الدول الست في التكتل الخليجي في الرياض بذل محاولات كبيرة "لإقناع قطر بأهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع اتفاق الرياض موضع التنفيذ الا أن كافة تلك الجهود لم يسفر عنها مع شديد الأسف موافقة قطر على الالتزام بتلك الإجراءات"، وفي هذا السياق، قال الأكاديمي الاماراتي عبد الخالق عبد الله ان الدول الثلاث "فقدت الامل في اي تغيير في نهج قطر ما ادى الى كثير من الاستياء"، واضاف ان امير قطر الشيخ "تميم وعد السعودية ودول المجلس بحصول تغيير للنهج لكنه لم يتمكن من ذلك من الصعوبة تغيير نهج مستمر منذ 15 عاما ويبدو ان نفوذ والده والحرس القديم ما يزال ماثلا"، وقال عبد الله ان الرياض والمنامة وابو ظبي ترى ضرورة "ممارسة ضغوطات على قطر وعزلها املا ان يدفع ذلك الى تغيير نهجها الذي لم يعد مقبولا لا عربيا ولا خليجيا".

ومن الامور التي تزعج هذه الدول ايضا "التنسيق الكبير بين قطر وتركيا على حساب باقي دول مجلس التعاون الخليجي"، يشار الى ان الوجوم كان باديا على وجه وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ونظيره القطري خالد العطية خلال اجتماع مطول عقده الوزراء في مقر الامانة العامة في حين غادر وزير خارجية البحرين الشيخ خالد ال خليفة الاجتماع مبكرا، وقد ادانت محكمة اماراتية قطريا بالسجن سبع سنوات بتهمة جمع الاموال للإخوان المسلمين المتهمين بمحاولة قلب النظام في هذا البلد.

وكانت الازمة بين ابوظبي والدوحة اندلعت في شباط/فبراير الماضي عندما استدعت الامارات سفيرها لدى قطر احتجاجا على تصريحات للداعية يوسف القرضاوي يتهم فيها ابو ظبي بالعدائية تجاه الاسلاميين.

وعبر مجلس الوزراء القطري عن "الأسف والاستغراب" لقرار الشركاء في مجلس التعاون الخليجي لكنه قال إن الدوحة لن ترد بالمثل لأنها ستظل ملتزمة بأمن كافة دول مجلس التعاون واستقرارها، وتنامي استياء السعودية والإمارات على نحو خاص بسبب دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين واستضافتها للشيخ يوسف القرضاوي واتاحة الفرصة له للحديث بانتظام على قناة تلفزيون الجزيرة.

ولم تنضم الكويت ولا سلطنة عمان لمقاطعة قطر دبلوماسيا، وقال رئيس مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) مرزوق الغانم إنه يتابع "بقلق وانزعاج بالغين سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر"، وقال الشيخ تميم بن حمد أل ثاني أمير قطر وهو شاب في مطلع الثلاثينات عندما خلف والده في يونيو حزيران 2013 إن قطر لن تتلقى توجيهات من أي جهة في رسم سياستها الخارجية.

وأشارت قطر إلى أن الخطوة نابعة من عدم رضاء الدول الثلاث عن خطواتها خارج منطقة الخليج على سبيل المثال في سوريا ومصر حيث أنها ساندت جماعات تعارض الحكومة السعودية، وقال مجلس الوزراء القطري في بيان إنه لا علاقة "للخطوة التي أقدم عليها الأشقاء في المملكة العربية السعودية والأمارات العربية المتحدة والبحرين بمصالح الشعوب الخليجية وأمنها واستقرارها بل باختلاف في المواقف حول قضايا واقعة خارج دول مجلس التعاون"، ولعبت قطر دورا كبيرا في احتجاجات الربيع العربي قائلة إنها تقف دائما مع الشعوب العربية ضد القمع، وأيدت المعارضين الليبيين في الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي.

فيما قالت مصادر مقربة من الحكومة إن قطر لن ترضخ لمطالب دول الخليج الثلاث لتغيير سياستها الخارجية مما يشير إلى أن الدوحة لن تتخلى على الأرجح عن دعم الإخوان المسلمين في مصر والإسلاميين في سوريا، وقال المصدر "لن تغير قطر سياستها الخارجية بغض النظر عن الضغوط، هذا الأمر مسألة مبدأ نتمسك به بغض النظر عن الثمن"، وأشار المصدر أيضا إلى أن قطر لن تتخلى عن استضافة أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين بمن فيهم يوسف القرضاوي وهو رجل دين كبير ينتقد السلطات في السعودية والإمارات.

وقال المصدر القريب من الحكومة "منذ تأسست قطر قررنا أن نتخذ هذا النهج وهو الترحيب الدائم بأي شخص يطلب اللجوء في بلادنا ولن يدفعنا أي قدر من الضغط لطرد هؤلاء"، وقال مصدر بوزارة الخارجية "من حق كل دولة ذات سيادة ان يكون لها سياستها الخارجية الخاصة"، وأشار المصدر أيضا إلى انه لا توجد خلافات بين قطر ودول الخليج بشأن قضايا خليجية، وأضاف المصدر أن النزاع يتعلق "أكثر بخلافات حول السياسة الخارجية" في اشارة إلى قضايا الشرق الأوسط مثلما يجري في مصر وسوريا.

الى ذلك قال مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) إنه يتطلع إلى أن يتمكن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح من رأب الصدع بين دول الخليج بعد قرار السعودية والامارات والبحرين سحب سفرائها من قطر، ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن الغانم إعرابه عن الأمل في أن "يتمكن سمو الامير كعادته في تقريب وجهات النظر وأن يوفق سموه في احتواء هذا الموضوع في اقرب فرصة ممكنة".

وأعرب الغانم عن أمله ألا يؤثر سحب سفراء السعودية والامارات والبحرين من قطر على القمة العربية المقبلة في الكويت وأن تكون القمة "فرصة لتقريب وجهات النظر ورأب الصدع"، وقال الغانم "نتابع بقلق وانزعاج بالغين سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر"، والشيخ صباح (84 عاما) دبلوماسي مخضرم ويقول دبلوماسيون إن مسؤولين كويتيين سعوا لتهدئة التوتر بين دول الخليج في الشهور الماضية.

فيما ردت الصحافة القطرية التي تعكس عموما الرأي الرسمي، بقوة على الخطوة التي اتخذتها السعودية والامارات والبحرين بسحب سفرائها من الدوحة، مشددة خصوصا على سيادة قطر وحقها بان يكون لها سياسة مختلفة، وكتبت صحيفة الوطن تحت عنوان "يا سادة، قطر ذات سيادة" ان سبب الخطوة الخليجية هو "الاختلاف في وجهات النظر لا اكثر ولا اقل"، واصفة قرار الدول الثلاث بانه "هفوة دبلوماسية وكبوة سياسية وضربة للوحدة الخليجية"، واعتبر كاتب المقال ان "الدول ليست محافظات حتى لا يكون لها الحق في ابراز مواقفها الخارجية وشخصيتها السياسية".

من جهتها كتبت صحيفة الراية تحت عنوان "لا تابعين لاحد، هذه قطر" ان الدولة الخليجية الغنية بالغاز "دولة راشدة ذات سيادة لها كلمتها ومكانها اللائق بها بين الامم، دولة مؤثرة وصاحبة كلمة وصوت قوي"، اما صحيفة العرب فرات ان "بعض الاشقاء في الخليج ما زال يعيش بعقلية الاملاءات متناسيا ان قطر تنتهج سياسة مبدئة مستقلة وترفض التبعية لاحد"، واستعادت الصحيفة قول امير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "نحن قوم نلتزم بمبادئنا وقيمنا ولا نعيش على هامش الحياة ولا نمضي تائهين بلا وجهة ولا تابعين لاحد ننتظر منه توجيهنا"، وفي اشارة الى استياء دول خليجية من قناة الجزيرة، كتبت صحيفة العرب "لا بد من التذكير ان الجزيرة شبكة اخبارية تبث من قطر لا تملي على الجزيرة تبني سياسة بعينها".

الاستثمار والاصلاحات

من جانب اخر قد يؤدي نزاع دبلوماسي بين قطر وجيرانها الخليجيين الي تعطيل استثمارات بمليارات الدولارات في المنطقة ويبطئ مساعي لتحسين كفاءة اقتصاداتها من خلال اصلاحات في قطاعي التجارة والنقل، وتعني ثروة قطر الضخمة من الغاز الطبيعي ان الدولة الخليجية الصغيرة قد تتمكن على الارجح من مواصلة مسيرتها لأجل غير مسمى على الرغم من استياء السعودية ودولة الامارات العربية والبحرين.

لكن نمو اقتصادها قد يتباطأ إذا تقلصت روابطها التجارية والاستثمارية مع الاقتصادات العربية الخليجية الكبيرة، وقد تعاني جميع الاقتصادات في المنطقة في الاجل الطويل إذا أدت التوترات الدبلوماسية الي عرقلة مشاريع مثل تشييد شبكة خليجية للسكك الحديدية وتطوير منطقة للتجارة الحرة، وقد يحرم ذلك ايضا شركات اجنبية من عقود للتشييد بمليارات الدولارات.

وقال جون سفاكياناكيس كبير خبراء الاستثمار في ماسك -وهي شركة استثمار مقرها الرياض- ان النزاع الدبلوماسي لن يؤثر على الفور على انشطة قطاع الاعمال في منطقة الخليج لكن سيكون هناك تأثير في الاشهر والسنوات المقبلة إذا لم تنحسر التوترات، واضاف ان النتيجة المحتملة في حال انعزال قطر عن المنطقة ستكون "استثمارات أقل وتحويلات رأسمالية أقل وعدد أقل من المشاريع المشتركة والمزيد من الاشياء السلبية لقطر".

وسحب الدول الخليجية الثلاث لسفرائها هو قرار لم يسبق له مثيل في تاريخ مجلس التعاون للدول الخليجية العربية الذي أنشئ قبل ثلاثة عقود ونتج عن استياء عميق بين جيران قطر من سياسات مثل دعم الدوحة لجماعة (الاخوان المسلمون)، ولم تظهر دلائل على التحرك نحو فرض أي عقوبات اقتصادية وتكهن مسؤولون ورجال اعمال في المنطقة بأن الحكومات ستبقي النشاط الاقتصادي بمعزل عن السياسة.

وقال اكبر البكر الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية القطرية المملوكة للدولة للصحفيين في برلين "الدول في منطقتنا لا تخلط السياسة بنشاط الاعمال"، لكن الاقتصاد يميل الي ان يتأثر بالسياسة في الشرق الاوسط فيما يرجع جزئيا الي ان الكثير من الشركات الكبرى تسيطر عليها الدولة ولأن الحكومات الخليجية اصبحت تعمد الي استخدام ثروتها النفطية كأداة دبلوماسية.

وحدث هذا مع مصر في الاعوام القليلة الماضية عندما تجنبت الشركات السعودية والاماراتية الاستثمار هناك اثناء حكم الرئيس الاسلامي محمد مرسي لكن البلدين قدما مساعدات بمليارات الدولارات للقاهرة منذ الاطاحة بمرسي العام الماضي واستؤنف تدفق الاستثمارات، وباعتبارها أكبر مصدر في العالم للغاز الطبيعي المسال فان قطر بلغت مبلغا من الغنى يجعلها لا تحتاج التجارة والاستثمار من باقي الدول الخليجية لرخائها الاقتصادي مادامت قادرة على مواصلة بيع الغاز الي الاسواق الدولية.

وسجلت ميزانية الحكومة القطرية فائضا بلغ 27.3 مليار دولار أو 14.2 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في السنة المالية حتى مارس اذار الماضي، ويعني ذلك انها يمكنها استيراد الغذاء والتكنولوجيا والعمالة التي تحتاجها من جنوب اسيا واوروبا ومناطق أخرى، واشار فاروق سوسة كبير الخبراء الاقتصاديين بسيتي جروب في الشرق الاوسط الي انه بسبب أن الدول الخليجية تركز على صادرات الطاقة فإن لها روابط اقتصادية قليلة نسبيا فيما بينها، وقال ان التجارة خارج مجال الطاقة بين قطر والدول الثلاث الاخرى بلغت حوالي 1 بالمئة من مجمل التجارة القطرية.

لكن ستكون هناك بعض العواقب المالية إذا استمرت التوترات الدبلوماسية لفترة طويلة إذ ان مواطني الدول العربية الخليجية مستثمرون نشطون في اسواق الاسهم في كل من الدول الاخرى وقد تبدأ تدفقات الاموال هذه بالتراجع، ويقدر محللون ان مواطني مجلس التعاون الخليجي غير القطريين ربما انهم يمتلكون 5 إلي 10 بالمئة من الاسهم في البورصة القطرية التي تبلغ القيمة السوقية للاسهم المسجلة فيها حوالي 175 مليار دولار، وهبط المؤشر الرئيسي للاسهم القطرية 2.1 بالمئة مع ظهور انباء النزاع الدبلوماسي.

واشار ناصر سعيدي رئيس شركة ناصر سعيدي وشركاه للاستشارات في دبي الي ان قطر مستثمر كبير في السوق العقاري المزدهر بدولة الامارات والذي قد يخسر مصدرا للأموال إذا طال أجل النزاع، وتحرص شركات قطرية كبيرة مثل بنك قطر الوطني على التوسع في الخليج للهرب من قيود سوقها المحلي الصغير وهي قد تجد ذلك اكثر صعوبة في المستقبل.

ومن المنتظر ان تبدأ الخطوط الجوية القطرية تسيير خطوط محلية في السعودية في الربع الثالث من هذا العام بعد ان كانت احدى شركتي طيران اجنبيتين فقط منحتا حقوقا لخدمة السوق السعودي الذي يبلغ حجمه حوالي 30 مليون مسافر.

وإذا تصاعدت التوترات في نهاية المطاف الي عقوبات اقتصادية فان أكبر شيء عرضة للتأثر سلبيا في الخليج سيكون على الارجح خط انابيب دولفين انرجي الذي ينقل حوالي ملياري قدم مكعبة من الغاز يوميا من قطر الي الامارات العربية وسلطنة عمان،

وقال سوسة انه لا يتوقع ان تستخدم امدادات الغاز كسلاح اقتصادي لكنها سلاح محتمل مهم، ويقدر محللون ان تدفق الغاز يمثل حوالي 5 بالمئة من اجمالي صادرات قطر وحوالي 30 بالمئة من حاجات الامارات من الغاز.

واضاف قائلا "إذا حدث شيء لخط الانابيب فسيكون وضعا يصعب معالجته في الجانبين كليهما لكن بالأساس في جانب الامارات العربية"، ولقطر ايضا روابط للطاقة مع باقي الدول الخليجية من خلال اوبك حيث أيدت بشكل تقليدي سياسات السعودية باعتبارها المنتج المهمين في المنظمة، والمصلحة الذاتية ربما تمنع سياسة الطاقة من ان تصبح منغمسة في النزاع الدبلوماسي، وقال مصدر بشركة قطر للبترول عملاق الطاقة المملوك للدولة "جميع مشاريع الغاز وعلاقات اوبك المرتبطة بالنفط مع مجلس التعاون الخليجي لن تتأثر".

لكن مبادرات مشتركة اخرى بين قطر وجيرانها الخليجيين -وبعضها مهم لجهود تلك الدول لخلق المزيد من الوظائف بالقطاع الخاص وتنويع اقتصاداتها لتقليل الاعتماد على النفط- قد تتعطل، وقد يحرم هذا شركات اجنبية من عقود للتشييد بمليارات الدولارات، وتناقش البحرين وقطر منذ سنوات احتمال بناء جسر فوق البحر بطول 40 كيلومترا للربط بينهما ومن الصعب تصور ان يمضي هذا المشروع قدما في ظل المناخ الحالي، وربما يتعطل ايضا مشروع قيمته 15 مليار دولار على الاقل لربط الدول الخليجية بشبكة مقترحة للسكك الحديدية في الاعوام القادمة.

وحتى قبل تفجر النزاع الدبلوماسي فان مقترحا لوحدة نقدية لمجلس التعاون الخليجي بدا مجمدا لأن المسؤولين الخليجيين أصبحوا متشككين ازاءه بعد ان شاهدوا الصعوبات في منطقة اليورو، وهناك مبادرات اقتصادية اخرى كانت تبدو مرجحة بشكل اكبر لكنها اصبحت الان تبدو أقل ترجيحا، ففي 2003 دشن مجلس التعاون الخليجي منطقة للتجارة الحرة برسوم خارجية موحدة وأزال هذا الي حد بعيد حواجز تجارية ظاهرية داخل التجمع الخليجي لكن ممارسة وظائفها كاملة عطلته اختلافات حول كيفية تقاسم ايرادات الجمارك.

وتحاول سلطة للاتحاد الجمركي أنشأها مجلس التعاون الخليجي حل المشاكل لكنها ربما تجد الان ان ذلك أكثر صعوبة، كما أن تبني مقترح لاستحداث ضريبة للمبيعات في مختلف دول المجلس -وهو إصلاح رئيسي لتقليل اعتماد الحكومات على الايرادات النفطية- يبدو بعيدا ايضا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/آذار/2014 - 6/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م