ايباك لوبي اليهود... يفقد تنمره على البيت الأبيض

 

شبكة النبأ: على مر السنين ظل الزعماء الاسرائيليون الذين يزورون واشنطن يلقون مؤازرة من جماعة الضغط الرئيسية المؤيدة لاسرائيل في الولايات المتحدة وكان تأثيرها على السياسة الامريكية في الشرق الاوسط مقبولا كأمر مفروغ منه.

لكن عندما يخاطب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤتمرا سنويا لمؤيدي اسرائيل في الولايات المتحدة فسيجد ان هذه الجماعة تحاول اظهار انها لم تفقد لمستها بعد ان عرقل البيت الابيض جهودها لكي يفرض الكونجرس عقوبات جديدة على ايران.

ولا يشك أحد في ان لجنة الشؤون العامة الامريكية الاسرائيلية (أيباك) مازالت قوة سياسية فعالة ولا تستطيع اللجنة بل والحكومة الاسرائيلية التي تسعى لدعمها في واشنطن تحمل عبء ظهورها بمظهر الضعف في سعيها لتعزيز برنامجها في مثل هذا المنعطف الخطير في العلاقات الامريكية الاسرائيلية. بحسب رويترز.

وتجتمع أكبر جماعة ضغط مؤيدة لاسرائيل في وقت تختلف فيه قيادتها المحافظة مع الرئيس باراك اوباما بشأن استراتيجيته الدبلوماسية لحل المواجهة النووية بين الغرب وايران العدو اللدود لاسرائيل وهو خلاف يشاركها فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي.

وتواجه أيباك تساؤلات بشأن كيفية التحرك لتجاوز أكبر انتكاسة تشريعية مرت بها منذ سنوات. والمخاطر عالية بدرجة خاصة فيما يتعلق بالقضية الايرانية التي لها أولوية أمنية لدى كل من حكومة نتنياهو والجماعة المؤيدة لاسرائيل في الولايات المتحدة.

وأصر مصدر في اللجنة وهو يسخر من فكرة ان الجماعة في وضع حرج على ان منتقديها "فقدوا القدرة على تقدير الامور" وانها تعمل على تسوية الخلافات مع الادارة الامريكية، وينسب لأيباك التي جذبت نحو 100 الف عضو في تاريخها الممتد على مدار 60 عاما الفضل الى حد كبير في المساعدة في ضمان بقاء اسرائيل أكبر متلقي للمساعدات الخارجية الامريكية التي زادت هذا العام على ثلاثة مليارات دولار معظمها عسكرية.

وبعد ان ساعدت اللجنة في حشد تأييد 59 عضوا في مجلس الشيوخ الامريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لرعاية التشريع الذي سيفرض عقوبات جديدة على ايران اذا فشلت المفاوضات تعثر مشروع القانون في وقت سابق من الشهر الحالي بعد ان حظي بمباركة نتنياهو، وقال مسؤول سابق بالادارة الامريكية "لقد اصطدموا بالحقائق في الكونجرس" مشيرا الى ان الجدل باصرار بشأن ايران مع رئيس ينتمي للحزب الديمقراطي مسألة خاسرة. وأضاف "السؤال الان هو هل سيؤثر هذا على قدرة لجنة الشؤون العامة الامريكية الاسرائيلية على انجاز الاشياء التي تتعلق تحديدا باسرائيل".

وتعمل اللجنة من وراء الستار وتجيد اختيار معاركها. ومعظم الاقتراحات التي تؤيدها تتم الموافقة عليها في الكونجرس دون معارضة تذكر. لكنها وجدت نفسها هذه المرة موضع سخرية في شبكات التلفزيون المدفوعة الاجر من جانب مقدم البرامج الساخر الشهير جون ستيوارت الذي اتهم اعضاء الكونجرس الامريكي بالتصرف مثل اعضاء مجلس شيوخ "من دولة اسرائيل العظمى".

ووصف البيت الابيض العقوبات بأنها "مسيرة نحو الحرب" وهدد أوباما باستخدام حق النقض (الفيتو) مما أدى الى تخلي بعض الديمقراطيين الذين كانوا يؤيدون مشروع القانون عنه. وقال مسؤول رفيع في أيباك ان اللجنة مازالت تعتقد انها اذا تحلت بالصبر فستتاح لها الفرصة لاحياء جهود العقوبات.

وهذه هي الضربة الثانية للجنة في الشهور الاخيرة. ففي سبتمبر ايلول عندما سعى اوباما الى تفويض من الكونجرس لضرب سوريا بسبب استخدام اسلحة كيماوية حشدت اللجنة تأييد اعضاء الكونجرس بناء على طلب البيت الابيض. ثم تراجع اوباما عن القيام بعمل عسكري.

وعثرات أيباك فيما يتعلق بالتشريعات نادرة وقد أخطأت من قبل. فقد فشلت في عرقلة صفقة لبيع طائرات مزودة بأجهزة رادار حديثة للسعودية عام 1981 خلال رئاسة رونالد ريجان وبعد ذلك بعقد أرجأ الرئيس جورج بوش ضمانات قروض قيمتها عشرة مليارات دولار لاسرائيل بسبب نزاع بشأن بناء مستوطنات في الاراضي المحتلة.

وتتوقع اللجنة اقبال عدد قياسي من الاعضاء يصل الى 14 الف عضو لحضور اجتماعها وحضور "أكثر من ثلثي اعضاء الكونجرس" المؤتمر السنوي الذي يستمر ثلاثة ايام، وحتى في وقت الخلاف مع اللجنة سيوفد البيت الابيض وزير الخارجية جون كيري الذي يحاول اعداد اطار اتفاق من اجل استمرار محادثات السلام الاسرائيلية الفلسطينية ووزير الخزانة جاك لو لالقاء كلمة أمام اللجنة، وقال مصدر في اللجنة "لدينا خط اتصالات مفتوح مع الادارة الامريكية"، وأوضحت ادارة اوباما انها تأمل ان يهديء نتنياهو وحلفاؤه في اللجنة معارضتهم اثناء استمرار المفاوضات مع طهران.

لكن الادارة تتوقع تلقي بعض الانتقادات الصارخة من نتنياهو. وقال مسؤول امريكي رفيع أصر أيضا على ان الخلافات مع نتنياهو تتعلق بالتكتيكات وليس الاهداف المشتركة لمنع ايران من تطوير أسلحة نووية "نحن لا نملي النقاط التي سيتحدث فيها."

ولم تترك ويندي شيرمان المسؤولة الكبيرة بالخارجية الامريكية التي ترأس فريق التفاوض الامريكي في المحادثات بين ايران والقوى العالمية قدرا يذكر من الشكوك في ان الادارة الامريكية تحسب حساب أيباك، وقالت شيرمان لمجموعة من الصحفيين الاسرائيليين في القدس في مطلع الاسبوع الماضي عندما سئلت بشأن دور اللجنة "تحدثت مباشرة الى اللجنة. واجتمعت معها"، وقالت "نحتاج الى اتاحة حيز لهذه الدبلوماسية. وسوف أحث اللجنة على انشاء هذا الحيز"، ورغم مثل هذه النداءات فان اللجنة تبدو عازمة على مواصلة الضغوط على الادارة الامريكية بشأن ايران، ونفى زعماء اللجنة في مناسبة في نيويورك الاسبوع الماضي تلميحات بأن أولئك الذين يضغطون من اجل مزيد من العقوبات هم "دعاة حرب" وحثوا الكونجرس على استعادة المبادرة بشأن ايران، وقال مصدر في أيباك انهها بينما ترى ان الوقت الحالي ليس هو الوقت المناسب لاجراء تصويت في الكونجرس فان العناد الايراني سيقلل من اعتراض اوباما ويولد تأييدا عريضا من جانب الحزبين الديمقراطي والجمهوري لإصدار تشريع يمكن تقديمه قبل نهاية مهلة يوليو تموز للمحادثات.

وقال المصدر ان العقوبات يمكن تفعيلها اذا فشلت الدبلوماسية، وأوضح البيت الابيض انه سيعارض أي تصويت على فرض عقوبات جديدة اثناء عملية المفاوضات لكنه سيتقبل مثل هذه الاجراءات اذ انهارت الدبلوماسية.

وبينما سيحاول نتنياهو بالتأكيد حشد تأييد الحلفاء في أيباك عندما يتحدث أمامها فان التصريحات شديدة اللهجة بشأن ايران يمكن ان تزيد التوترات مع الادارة الامريكية، وقال مسؤول اسرائيلي انه في المحادثات مع اوباما يوم الاثنين يعتزم نتنياهو انتهاج موقف راسخ بشأن طلبه بان أي اتفاق نووي نهائي يجب ان يزيل قدرة ايران على تخصيب اليورانيوم في تناقض مع وجهة نظر الرئيس بأن يسمح لطهران بأن تفعل ذلك على نطاق ضيق للاغراض المدنية.

ورغم ان أيباك تصف نفسها بأنها تحظى بتأييد الحزبين فانها تواجه شكاوى في اليسار بأنها لم تعمل بطريقة أكثر جدية لاستيعاب ادارة أمريكية من الحزب الديمقراطي، ويعترف مسؤولون في أيباك أيضا بأن هناك علاقات أمنية عميقة بين الولايات المتحدة واسرائيل خلال رئاسة اوباما تضمنت تمويل مشروع القبة الحديدية للصواريخ المضادة للصواريخ في اسرائيل.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/آذار/2014 - 5/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م