الشعب في خدمة الطبقة السياسية!

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: في الدول المستقرة الراسخة، تبذل الطبقة السياسية كل ما في وسعها، كي تكون في خدمة الشعب، فتقدم له كل ما يحتاجه، في مجالات التعليم والتنمية والاقتصاد والصحة، وجميع المقومات التي ترتفع بمستواه، لكي يصطف الى جانب الشعوب المتقدمة، فيصبح بذلك منتميا الى دول العالم المدني المتطور سياسيا وعلميا، هكذا يعمل السياسيون في جميع الدول المتطورة، وهذا هو واجبهم تحديدا، وليس العكس، حيث يتحول الشعب الى خادم للسياسيين!، كما هو الحال في الدول التي لا تزال تتخبط في سياسات التجهيل والتخلف.

هذه المعادلة التي تتكون من طرفين هما (الطبقة السياسية/الشعب)، ينبغي أن لا تنقلب بصورة عكسية، بمعنى أوضح هناك مخاطر كبيرة تتعرض لها مقومات الدولة واستقرارها، عندما ترتبك هذه المعادلة، وعندما يصبح الشعب خادما أو مسيّرا لصالح السياسيين، كما هو الحال في العراق، لأن المنطق الصحيح ينص على أن السياسي هو الذي يخدم الشعب وليس العكس، كما يحدث في الدولة العراقية راهنا.

إن السنوات العشر التي مضت على العملية السياسية في العراق، أفرزت طبقة سياسية لا تعرف دورها بالضبط، أو أنها لا تريد أن تلتزم بدورها الصحيح تحت ضغط المصالح الفردية والفئوية والحزبية، فيسعى السياسي جاهدا وبكل ما يملك من أساليب وسبل، لكي يستغل الشعب لصالح أهدافه، متناسيا أن العكس هو المطلوب، في حين نلاحظ أن جميع المؤشرات التي تفرزها الساحة السياسية في العراق، تدل على أن الطبقة السياسية تحاول أن تستغل الشعب لصالحها بأقصى ما تستطيع، ومن تلك المؤشرات والدلائل، عندما يحين موعد الدورات الانتخابية، النيابية أو انتخابات مجالس المحافظات.

عند ذاك يمكننا جميعا أن نرصد الطرق المختلفة التي يحاول عبرها السياسيون التقرّب الى الناخبين من افراد الشعب، وكلنا سمع أو قرأ أو رأى بعينه أساليب التقرب تلك، وبعضها أو أغلبها يأتي بصيغ غير مقبولة، أو لا مشروعة، مثل توزيع الهدايا، واستغلال المال العام من اجل الحملات الانتخابية، واستخدام آليات وسيارات وممتلكات الدولة، لصالح الحملة الانتخابية لهذا المرشح أو ذاك!، فعندما يزف موعد اللقاء بصناديق الاقتراع ويبدأ العد التنازلي للانتخابات، توحي الطبقة السياسية بأنها خادمة للشعب، بل في مثل هذه الأوقاتتتضاعف المزايدات والصراعات الكلامية والحوارية بين المتنافسين، في وسائل الإعلام والاتصال كافة، لكي يثبت جميع السياسيين أنهم يعملون وينشطون ويتحركون ويخططون لتحقيق متطلبات الشعب، لكن بعد أن تنتهي عملية الانتخاب، تعود الامور الى ما كانت عليه، فيبدأ السياسيون باستغلال الشعب لصالحهم!.

إننا غالبا ما نستمع لتصريحات رنانة، يطلقها هذا السياسي أو ذاك، وبعضهم قادة يتصدون للمسؤولية، تؤكد حرصهم على الشعب ومصالحه، ولكن واقع الحال لا يثبت مضمون التصريحات، فيشعر الشعب بحالة من الغبن والتذمر، وكثيرا ما أظهرت وسائل الاعلام تذمر الشعب من قادته السياسيين، والمحاولات الواضحة التي تقوم بها الطبقة السياسية لاستغلال الشعب، وهي بذلك تجازف بتدمير العملية السياسية بنفسها، لأننا جميعا نتفق على أن الشعب لا يمكن أن يبقى مستغَّلا من لدين السياسيين، دون أن تنعكس عن ذلك ردود افعال قد تكون قوية جدا، الامر الذي يدعو الطبقة السياسية، الى أهمية أن تتمسك بالمعادلة المذكورة آنفا.

إن الشعب مطالب بأداء ما عليه من واجبات، مثال ذلك دوره في عملية الانتخاب، وأهمية المشاركة بفاعلية عالية، ولكن الاهم في هذا كله، دقة اختيار المرشَّح، ومؤهلاته، وقدرته على أداء الدور القيادي المتميز بما يحقق قفزة للبلد، من خلال اعتماد الكفاءات وليس الولاءات، لان الكفاءة هي القادرة على البناء المتميز، وليس الولاءات الفرعية، التي غالبا ما تأتي بنتائج تسيء للشعب وللسياسي في وقت واحد، لذا لابد أن يثبت السياسيون أنهم في خدمة الشعب وليس العكس، من أجل تصحيح مسارات العمل السياسي في العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/آذار/2014 - 5/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م