القاعدة وفصائلها... قدم في سوريا وعيون صوب لبنان

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: يحاول تنظيم القاعدة رسم خطوطه العامة واستثمار الفرص المؤاتية في منطقة تشهد اضطرابات وصراعات سياسية ومذهبية، وهي البيئة المناسبة لنمو الفكر المتطرف الذي تتبناه القاعدة ايديولوجياً وعقائدياً.

ففي لبنان التي يحاول التنظيم والفصائل التي ولدت من رحمه، تأسيس قاعدة جهادية من منطلق الاحداث التي شهدتها الأوضاع السورية وانعكاساتها المذهبية والسياسة في الداخل اللبناني الهش، سيما وان بوادر الاصطفاف المذهبي انطلقت مع حركة "أنصار الإسلام" التابعة للشيخ السلفي "احمد الأسير"، مرورا بالإحداث التي تشهدها طرابلس ومحافظة عكار شمالاً، إضافة الى تنامي الفصائل النشطة ككتاب "عبد الله عزام" المسؤولة عن عدة تفجيرات استهدفت المناطق التابعة لحزب الله.

كما ان تنظيم "داعش" هو الاخر يحاول التمدد وتكوين قاعدة جهادية له في لبنان من خلال "أبو سياف الأنصاري" الذي يعتقد بأنه قائدها في لبنان بعد ان أعلن مؤخراً البيعة للبغدادي زعيم "داعش"، وأوجز الانصاري رغبة الأخير في لبنان بالقول إن "داعش وضعت الأسس لوجودها خصوصا في شمال لبنان".

ويشير محللون ان القاعدة وفصائلها المختلفة قد أكملت عملية تثبيت وجودها في لبنان او هي في طور مراحلها النهائية، فيما يشير اخرون ان الوقت مبكر للحديث عن هكذا امر من دون اغفال ان التنظيمات المتطرفة اخذه في التوسع التدريجي هناك.

ان فتح جبهة أخرى لتنظيم القاعدة، كما يرى العديد من الخبراء، يأتي في سياق ايجاد متنفس اخر للتنظيم بعد الصعوبات التي واجهتها في سوريا والعراق، إضافة الى الازمة الداخلية التي تمر بها الحركة الجهادية بصورة عامة جراء الاقتتال الدائر منذ اشهر بين فصائلها المقاتلة في سوريا والذي من المرجح ان ينتقل الى مناطق أخرى كالعراق بعد المهلة الممنوحة من قبل الجولاني "جبهة النصرة" الى البغدادي "الدولة الإسلامية" للاحتكام الى "الشرع" على حد وصف الجولاني، والا "فالدم والهدم" هما البديلان، سيما وان اغلب الوساطات الجهادية لم تلق اذان صاغية من الطرفين. 

سوريا

فقد أمهل زعيم جبهة النصرة في سوريا ابو محمد الجولاني، الدولة الاسلامية في العراق والشام خمسة ايام للاحتكام الى "شرع الله"، متوعدا في حال رفضها، بقتالها في سوريا والعراق، ويأتي هذا التسجيل للجولاني الذي بثته جبهة النصرة على حسابها على موقع تويتر فجر، بعد يومين من مقتل جهادي بارز بتفجير اتهمت الدولة الاسلامية بالوقوف خلفه، وذلك مع استمرار المعارك المستمرة منذ نحو شهرين بين تنظيم الدولة الاسلامية وتشكيلات اخرى من المعارضة السورية.

وقال الجولاني "ها نحن كجبهة النصرة، نضع قيادة الدولة من جديد امام اتباعها اولا وامام الامة ثانيا، على محك الشرع الحنيف لنحكم شرع الله على أنفسنا قبل ان نحكمه على الناس"، واضاف "ننتظركم ان تردوا بشكل رسمي وخلال خمسة ايام من تاريخ اعلان هذا التسجيل، وان ابيتم، فقد علمتم اننا صبرنا عليكم سنة كاملة من التعديات والتهم الباطلة وتشويه الصور"، واوضح انه "ريثما يتم ترتيب اجراءات المحكمة تتوقف كل العمليات العسكرية بيننا على حالها وتتقدموا بكل ما تملكونه من شبه وبراهين، وحتى شبه الى العلماء المعتبرين".

واكد ان "ما يقوله العلماء فهو يسري على الجميع، ونحن ملتزمون بفتواهم"، وحذر من انه في حال "رفضتم حكم الله مجددا ولم تكفوا بلاءكم عن الامة، لتحملن الامة على الفكر الجاهل المتعدي، ولتنفينه حتى من العراق، وانتم تعلمون مئات الاخوة الافاضل الذين ينتظرون من الامة اشارة في العراق".

ونبه عناصر "الدولة" قائلا "تعلمون ايضا المر العلقم الذي ذقتموه على ايدي رجال الشرقية" في اشارة الى محافظة دير الزور في شرق سوريا، والتي طردت منها الدولة الاسلامية في العاشر من شباط/فبراير اثر معارك مع كتائب مقاتلة بينها النصرة، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

واعلن تنظيم القاعدة بلسان زعيمه ايمن الظواهري ان "جبهة النصرة" هي ممثله الرسمي في سوريا، وتبرأ من "الدولة الاسلامية في العراق والشام" بزعامة ابو بكر البغدادي، والتي كانت اعلنت مبايعتها للقاعدة، ومن القتال الذي تشنه ضد الكتائب المعارضة للنظام السوري، وادت هذه المعارك المستمرة منذ مطلع كانون الثاني/يناير، الى مقتل قرابة ألفي شخص، بحسب المرصد.

وكان أبو خالد السوري، القيادي في الجبهة الاسلامية" وهي واحدة من التشكيلات التي تقاتل ضد الدولة الاسلامية، قتل بتفجير سيارة مفخخة في مدينة حلب (شمال)، نفذه انتحاري من الدولة الاسلامية، بحسب المرصد السوري، وابو خالد معروف من الحركات الجهادية، وتقدمه المواقع الالكترونية التابعة لهذه المجموعات، بانه "رفيق درب الشيخ (ايمن) الظواهري (زعيم تنظيم القاعدة) ومن رفقة الشيخ المجدد شمس الأمة الوالد الكريم الشيخ أسامة بن لادن"، الزعيم السابق للقاعدة الذي قتل في عملية عسكرية اميركية في باكستان العام 2011.

ورثى الجولاني هذا القيادي، قائلا انه "صاحب الشيخ اسامة بن لادن والدكتور الشيخ ايمن الظواهري وغيرهم من خيرة الفضلاء من قادة الجهاد وعلماء الامة"، ووصف الجولاني ابو خالد السوري بانه "الحكيم الرزين" و"صاحب الخلق والحياء" و"الاب العطوف والام الحنون"، اضاف متوجها اليه "ليتك رثيتني ولم ارثك، ليتني فارقت الدنيا ولم تفارقها، ليتك سكبت الدموع علي ولم اسكبها"، وتوجه لقتلته بالقول "تبت يداكم وتبا لما صنعتم، وتعستم وتعس من امركم وافتى لكم".

فيما أفاد بيان نشر على الانترنت بأن جماعة تستلهم نهج القاعدة طلبت من المسيحيين في مدينة سورية تسيطر عليها دفع الجزية ذهبا وعدم إظهار ما يشير إلى دينهم مقابل "عهد أمان"، وتتألف جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام من مقاتلين أغلبهم أجانب وتعتبر على نطاق واسع أكثر الجماعات التي تقاتل الرئيس بشار الأسد تشددا وتخوض أيضا صراعا مسلحا مع جماعات إسلامية منافسة.

والتعليمات التي صدرت للمسيحيين في مدينة الرقة في شرق سوريا هي أحدث دليل على طموح الجماعة لإقامة دولة في سوريا تستند الى رؤيتها لمبادئ الشريعة وهو أمر يثير قلق الداعمين الغربيين والعرب للجماعات التي تقاتل الأسد، وقالت جماعة الدولة الإسلامية إنها ستضمن سلامة المسيحيين مقابل دفع الجزية "والتزامهم بالأحكام التفصيلية المترتبة على عقد الذمة"، واضافت أنه غير مسموح للمسيحيين بترميم كنائسهم أو مبانيهم الدينية أو إظهار رموزهم الدينية خارج الكنائس أو دق أجراسها أو الصلاة في العلن.

وتلزم التعليمات كل رجل مسيحي بدفع ما يصل إلى 17 جراما من الذهب جزية "على اهل الغنى ونصف ذلك على متوسطي الحال ونصف ذلك على الفقراء منهم"، وتحظر أيضا على المسيحيين امتلاك أسلحة وبيع لحم الخنزير والخمر للمسلمين وشرب الخمر علنا، والرقة هي المدينة الوحيدة التي سقطت بالكامل في أيدي المعارضة وكان ذلك في العام الماضي، وبعدما صدت الجماعة هجوما شنه إسلاميون منافسون وجماعات أخرى أكثر اعتدالا حولت اهتمامها إلى إقامة دولة تقوم على تفسيرها للشريعة الإسلامية.

وكانت الجماعة أصدرت توجيهات أكثر عمومية لكل سكان الرقة لكن توجيهات هذا الأسبوع تضمنت أوسع قيود على المسيحيين حتى الآن، ونشر البيان على حساب على تويتر لمؤيد مزعوم للجماعة، ويماثل النص بيانا نشره المرصد السوري لحقوق الانسان المناهض للأسد والذي أدان التوجيهات، وطالبت جبهة النصرة الجناح المعترف به لتنظيم القاعدة في سوريا جماعة الدولة الإسلامية بقبول وساطة لإنهاء القتال بين جماعات المعارضة المسلحة الذي أدى إلى مقتل نحو 3300 شخص منذ بداية العام وقالت إنها ستقضي عليها إذا لم تذعن لذلك في الأيام القادمة.

لبنان

في سياق متصل اعتقل الجيش اللبناني قائدا في تنظيم عبد الله عزام المرتبط بتنظيم القاعدة وصفته مصادر أمنية بانه "العقل المدبر" للتفجيرات بسيارات مفخخة في عدة مناطق شيعية في لبنان خلال الاشهر الماضية، وقال الجيش اللبناني في بيان، إنه اعتقل "الإرهابي" نعيم عباس وهو فلسطيني الجنسية في حين أشادت مصادر أمنية باعتقاله واعتبرته "نصرا كبيرا" يمكن أن يساعد في الكشف عن الخلايا الجهادية المتشددة في البلاد التي تزايدت فيها الهجمات ضد الجيش وجماعة حزب الله الشيعية.

وقال بيان الجيش انه كان "يرصد عباس منذ مدة بعد ورود معلومات عن دوره في إعداد سيارات مفخخة وتفجيرها وقد تمت ملاحقته منذ خروجه من مخيم عين الحلوة (للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان) في عملية مراقبة دقيقة أسفرت عن مداهمته والقبض عليه، وأضاف "وفور بدء عملية التحقيق معه سارع إلى الاعتراف بإعداده سيارة مفخخة لتفجيرها لاحقا وهي موجودة في محلة كورنيش المزرعة - بيروت فتمت مداهمتها وتفكيك العبوة التي وجدت بداخلها وزنتها حوالى 100 كيلوغرام من المواد المتفجرة والأحزمة الناسفة بالإضافة إلى عدد من القذائف.

وأوضح البيان أن " قوى الجيش ضبطت سيارة ثانية نوع كيا لون رصاصي كانت تتجه من يبرود في سوريا إلى داخل الأراضي اللبنانية ثم بيروت وبداخلها ثلاث نساء على أن يسلمن السيارة المذكورة لأشخاص انتحاريين، وقد لوحقت السيارة وتم توقيفها عند حاجز اللبوة مع النساء الثلاث"، وأكد البيان: "كذلك اعترف الموقوف عباس بوجود مخابئ لسيارات مفخخة تجري مداهمتها حاليا كما أدلى باعترافات تثبت صلته بتفجيرات وقعت أخير.

وتأثر لبنان بالصراع الدائر في سوريا منذ ثلاث سنوات حيث تزايدت التوترات الطائفية بين السنة والشيعة على جانبي الحدود، واعتقل عباس من منزله في احدى ضواحي بيروت في عملية خاصة بقيادة الجيش اللبناني في وقت مبكر، وقالت مصادر امنية انه لعب دورا في عدة هجمات بسيارات مفخخة في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله ادت الى مقتل العشرات من المدنيين في احياء اغلب سكانها من الشيعة.

وأكدت المصادر "انه قاد الانتحاريين الى الضاحية الجنوبية وهو العقل المدبر للتفجيرات بالسيارات المفخخة ولا يقل اهمية عن ماجد الماجد" في اشارة الى قائد اخر للمتشددين، وفي ديسمبر الماضي القى الجيش اللبناني القبض على السعودي ماجد بن محمد الماجد القيادي في كتائب عبد الله عزام لكنه ما لبث ان فارق الحياة بعدما صارع امراض عدة.

وضربت اربع سيارات مفخخة معقل حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت منذ العام الماضي مما اسفر عن مقتل العشرات واستهدف الانتحاري الخامس منطقة الشويفات في ضاحية بيروت، كما شهدت مدينة الهرمل التي تقطنها اغلبية شيعية تفجيرين انتحاريين وسقوط العديد من الصواريخ، وأدى تفجيران انتحاريان متزامنان قرب السفارة الإيرانية في نوفمبر إلى مقتل ما لا يقل عن 25 شخصا بينهم دبلوماسي إيراني، ولبنان الذي لا زال يتعافى من الحرب الاهلية التي اندلعت بين عامي 1975 و1990 كان قد سعى جاهدا الى وقف امتداد العنف من سوريا الى اراضيه. بحسب رويترز.

وقد ادعى القضاء اللبناني على رجل دين موقوف وخمسة اشخاص آخرين بتهمة التورط في تنفيذ تفجيرين انتحاريين في الضاحية الجنوبية لبيروت الشهر الماضي، واوقف ثلاثة اشخاص آخرين في تفجير انتحاري وقع على تخوم الضاحية، وكان الجيش اللبناني اعلن ان الشيخ عمر إبراهيم الأطرش اعترف لدى التحقيق معه بانه اقدم على نقل انتحاريين وسيارات مفخخة من سوريا الى لبنان، وانه على علاقة بمطلوبين ينتمون الى تنظيمات جهادية.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام ان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر ادعى "على الموقوف الشيخ عمر الاطرش وخمسة اشخاص آخرين" في التفجيرين اللذين وقعا في منطقة حارة حريك في 2 و21 كانون الثاني/يناير، واوقف الاطرش الملقب ب"أبو عمر" في 22 كانون الثاني/يناير "بعد توافر معلومات حول ارتباطه بإرهابيين داخل سوريا، وتأليفه خلية إرهابية تضم لبنانيين وسوريين وفلسطينيين"، بحسب الجيش.

واوضح بيان الجيش في 30 كانون الثاني/يناير ان الموقوف "اعترف بنقله سيارات مفخخة الى بيروت" بعد تسلمها من شخص سوري يعرف باسم "أبو خالد"، اضافة الى "نقله انتحاريين من جنسيات عربية إلى داخل الأراضي السورية وتسليمهم إلى جبهة النصرة"، وقال ان الاطرش نقل "انتحاريين مزودين بأحزمة ناسفة قتلا لاحقا على حاجزي الاولي ومجدليون" في مدينة صيدا (جنوب) في 15 كانون الاول/ديسمبر.

واضاف ان الاطرش اعترف بارتباطه بثلاثة مطلوبين فارين، اضافة الى آخرين "ينتمون الى ألوية عبد الله عزام، وداعش، وجبهة النصرة، وقد تبنت هذه المجموعات الثلاث عددا من التفجيرات الانتحارية التي وقعت اخيرا في لبنان في مناطق محسوبة اجمالا على حزب الله، معلنة انها رد على مشاركة الحزب الشيعي في القتال الى جانب النظام في سوريا.

من جهة اخرى، ذكرت الوكالة الوطنية انه تم توقيف "ثلاثة اشخاص في ملف تفجير الشويفات"، مشيرة الى ان احدهم هو "سائق التاكسي الذي نقل الانتحاري الى مكان التفجير"، وافاد مسؤولون لبنانيون ان سيارة تاكسي نقلت الانتحاري الى مكان حصول التفجير، وان هذا الاخير نزل منها وصعد الى سيارة فان عمومية للركاب متجهة الى الضاحية الجنوبية، الا ان سائق الفان اشتبه بالانتحاري وسأله لم بطنه "منفوخ"، فما كان من هذا الاخير، وقد كان يرتدي حزاما ناسفا، الا ان فجر نفسه على الفور، ولم يقتل سواه في العملية.

وفي خبر آخر، افاد الوكالة الوطنية للإعلام عن اصدار القضاء الاربعاء مذكرة توقيف وجاهية في حق القيادي في كتائب عبد الله عزام جمال الدفتردار، وجاء في الخبر ان قاضي التحقيق العسكري عماد الزين استجوب اليوم في المستشفى العسكري المركزي "الموقوف جمال الدفتردار المدعى عليه بالانتماء الى كتائب عبد الله عزام والقاعدة وسرايا زياد الجراح بقصد القيام بأعمال ارهابية، وتزوير هويات سورية ولبنانية وفلسطينية واوراق ثبوتية رسمية، واصدر مذكرة وجاهية بتوقيفه".

وكان الجيش اوقف الدفتردار في 15 كانون الثاني/يناير، مشيرا الى تورطه في اعتداء على الجيش في كانون الاول/ديسمبر، وجمال محمد مسلم المدني الدفتردار من مواليد طرابلس في شمال لبنان. وهو ملاحق من القضاء اللبناني منذ 2008.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/آذار/2014 - 1/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م