الطاقة الشمسية... تنعش الاقتصاد وتحافظ على البيئة

 

شبكة النبأ: مع ازدياد الطلب العالمي على مصادر الطاقة والذي ارتفع بشكل كبير نتيجة للتطور التكنولوجي والصناعي وازدياد أعداد السكان الذي أسهم بارتفاع معدلات استهلاك الطاقة اليومية، تسعى العديد من دول العالم الى اعتماد خطط مهمة في سبيل توفير مصادر بديلة لطاقة الناضبة المتمثلة "بالبترول ومشتقاته" ومنها الاعتماد على الطاقة المتجددة وفي مقدمتها الطاقة الشمسية لما لها من منافع اقتصادية وبيئية، فجميع عمليات التحويل اللازمة للاستفادة من الطاقة الشمسية لا تعطي نواتج ثانوية تلوث البيئة، كما أنها مصدر سهل للخزن والاستخدام في العديد من الجوانب كما يقول بعض الخبراء. الذين أكدوا على ان المؤشرات الحالية تشير الى ان الطاقة الشمسية ستكون طاقة المستقبل الرئيسية في العديد من الدول.

وفي هذا الشأن تسعى الصين لزيادة قدرتها على توليد الطاقة الشمسية لأكثر من أربعة امثالها لتصل الى 35 جيجاوات بحلول عام 2015 في محاولة فيما يبدو للاستفادة من فائض المنتج المحلي من الالواح الشمسية. وكانت هيئة الكهرباء الصينية المملوكة للدولة قد أعلنت هذا الهدف من قبل لكنه حصل الان على مساندة مجلس الدولة اي الحكومة الصينية. وقال مجلس الدولة في بيان ان الصين ستزيد الانتاج بنحو عشرة جيجاوات سنويا في الفترة من عام 2013 الى 2015.

واذا تحقق هذا فإنه لن يفيد فقط المنتجين المحليين للالواح الشمسية بل والمنتجين على مستوى العالم الذين عانوا من تدفق الصادرات الصينية الرخيصة. وبدأت دول أوروبا والولايات المتحدة تفرض رسوما على صادرات الصين من الالواح الشمسية حماية لاسواقها من الإغراق. وفرضت الولايات المتحدة العام الماضي رسوما على الخلايا الشمسية المستوردة من الصين.

كما فرض أيضا الاتحاد الاوروبي -ويمثل نحو نصف الطلب العالمي- رسوما ستصل الى مستوى عقابي.  وحث مجلس الدولة الصيني البنوك على مواصلة تقديم القروض لكبرى شركات انتاج الالواح الشمسية ووعد بتحسين الاسعار وتقديم الدعم المالي لزيادة انتاج واستهلاك الطاقة الشمسية. ولم يقدم المزيد من التفاصيل. وكانت هيئة الكهرباء الصينية تحجم عن شراء الكهرباء من محطات توليد الطاقة من الرياح والشمس خوفا من اعتماد شبكتها على مصادر طاقة غير منتظمة. بحسب رويترز.

في السياق ذاته أعلنت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بالسعودية، انها تعتزم البدء في إنتاج المياه بالطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية تصل إلى 30 ألف متر مكعب. وقال نائب محافظ المؤسسة للتخطيط والتطوير، عبدالله آل الشيخ، في تصريح نقلته اليوم صحيفة "الرياض"، على موقعها الإلكتروني، "أنه سيتم إنتاج المياه بالطاقة الشمسية، بعد تطبيقها في محطات التحلية الجديدة كلما أمكن إذا ثبتت جدواها". واوضح أن طاقة الإنتاج على الساحل الغربي قد تصل 300 ألف متر مكعب.

وكانت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، أكدت أن السعودية، تعد أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، من خلال 26 محطة تحلية عاملة على الساحلين، الشرقي والغربي، مشيرة إلى أن المحطات التابعة لها أنتجت العام الماضي 955 مليون متر مكعب، من المياه بزيادة نسبة 7.8%، عن العام 2011، الى جانب 1406ملايين ميغاوات من الكهرباء في الساعة.

 تقنيات جديدة

على صعيد متصل كشف الملياردير الامريكي ايلون ماسك عن رؤيته لنظام للنقل السريع أطلق عليه اسم (هايبرلوب) يعمل بالطاقة الشمسية وتستخدم فيه كبسولات آمنة يمكن ان ينقل الركاب بين سان فرانسيسكو ولوس انجليس في أقل من نصف ساعة. وفي موقعه للتدوين المصغر شرح ماسك مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة تسلا موتورز بالتفصيل النظام المقترح الذي اذا نجح سيحدث ثورة في النقل بين المدن. لكن على الخطة أولا ان تتخطى عقبات منها قضايا متعلقة بالأمان والتمويل.

والهايبرلوب الذي وصفه المياردير الامريكي من قبل بأنه مزيج من الطائرة الكونكورد وبندقية تعمل بالكهرباء وطاولة هوكي الهواء سينقل الركاب بل والسيارات بسرعة تصل إلى نحو 1200 كيلومتر في الساعة كما ورد في التصميم الذي وقع في 57 صفحة. ويمكن لكل كبسولة ان تحمل 28 راكبا. وتسير الكبسولة الالومنيوم لهذا النظام فوق الأرض وداخل انابيب من الصلب بها ضغط منخفض.

وقال ماسك في مدونته إنه عند مقارنة نظام (هايبرلوب) بأنظمة نقل أخرى تخطط لها الحكومة مثل نظام للسكك الحديدية عالي السرعة فإن (هايبرلوب) سيكون أكثر أمنا وأسرع وأقل تكلفة واكثر راحة. ويكلف المشروع نحو ستة مليارات دولار ويستغرق تنفيذه ما بين سبع وعشر سنوات وينقل أكثر من سبعة ملايين شخص في العام بين مسارات المرور المزدحمة في الساحل الغربي للولايات المتحدة. واقترح ماسك ان يكون الهايبرلوب بديلا لمشروع القطارات الفائقة السرعة الذي يتكلف 68 مليار دولار ويتبناه حاكم كاليفورنيا جيري براون.

من جانب اخر توصلت إحدى شركات تكنولوجيا الطاقة المتجددة إلى تصميم طائرة تستمد طاقتها من أشعة الشمس وتمكنت من التحليق لمدة 24 ساعة متواصلة لتكون بذلك أول طائرة من نوعها تقوم برحلة مماثلة وعلى متنها طيار. وبينت الشركة أن هذه الخطوة تعتبر الأولى من نوعها حيث تقوم التقنية بتخزين أشعة الشمس نهارا واستعمالها ليلا، بالإضافة إلى كونها آمنة لدرجة سمحت بقيام شخص بقيادتها.

وأشارت الشركة إلى أن الطائرة التي أطلق عليها اسم "سولار إمبالس،" تضمّ مقصورة لشخص واحد حاليا الا أن هذه التقنية تفتح الباب على مصراعيه من أجل تطوير تصاميم أخرى يمكن لها حمل أكثر من شخص وصولا إلى تصميم طائرات تجارية. ويبلغ طول الجناحين 208 قدما ( نحو 63.3 مترا) وهو طول يتجاوز طول جناحي طائرة بوينغ 747، ولها قدرة التحليق بوزن 3500 باوند (نحو 1500 كيلوغراما) وهو الوزن ذاته الذي يساوي تقريبا وزن سيارة متوسطة الحجم فقط، مقارنة مع قدرة طائرة البوينغ الطيران بوزن يصل إلى 377 ألف كيلوغرام تقريبا. بحسب CNN.

على صعيد متصل سيطلب من 800 مهندس ومعماري شاب خلال مسابقة "سولار ديكاثلون 2014" الجامعية العالمية التي تنظم نهاية حزيران/يونيو في فرنسا، تصميم مسكن الغد مع هندسة مقاومة تكون التدفئة والانارة فيه مستندة الى الطاقة الشمسية. وستعرض الفرق العشرون المتنافسة الاتية من مدارس وجامعات في 16 بلدا مجسمات تصاميمها في مدينة الهندسة المعمارية في باريس.

وبين 28 حزيران/يونيو 14 تموز/يوليو ستتحول نماذجهم هذه الى حقيقة. فالمنازل العشرون او المساكن المبتكرة المبنية بحجم طبيعي ستفتح ابوابها امام الجمهور في اطار حدائق قصر فرساي الرائعة جنوب غرب باريس. ويمكن للمهنيين والفضوليين والعائلات المجيء لرؤيتها. وسيتم بناء "مدينة شمس" عابرة تستضيف هذه المساكن فضلا عن قرية المصممين الشباب الذين سيقيمون فيها فضلا عن فسحات مكرسة للمهنيين والشركاء. وبعد تفكيكها فان هذه الابنية التي تشكلت منها القرية ستستعمل لاستخدامات اخرى (مساكن للطلاب...). وتقام مسابقة "سولار ديكاثلون" التي استحدثت في الولايات المتحدة، كل سنتين. بحسب فرانس برس.

وتتواجه الفرق العشرون في عشرة معايير (الهندسة المعمارية واستهلاك الطاقة والراحة والابتكار والاستدامة..) وستوضع العلامة على تصاميمها خمس لجان تحكيم مؤلفة من خبراء دوليين. ويحصل المشروع الافضل على جائزة في كل من المعايير العشرة، اما جائزة "سولار ديكاثلون 2014" فتعود الى المسكن الذي يحصل على افضل علامة في مجموع المعايير العشرة.

نزاع بشأن الطاقة الشمسية

في السياق ذاته ربما يواجه مشروع مغربي للطاقة الشمسية بتكلفة نحو تسعة مليارات دولار ويهدف لتحويل شمس الصحراء إلى صادرات كهرباء مربحة إلى أوروبا مخاطر بسبب إحجام المقرضين الدوليين عن تمويل محطات مزمعة في الصحراء الغربية المتنازع عليها. وأعدت المملكة خططا في عام 2009 لبناء محطات للطاقة الشمسية ومزارع رياح لتوليد أربعة جيجاوات كهرباء بحلول عام 2020 لكن أغلب هذه الطاقة ينتظر أن يأتي من مواقع في الصحراء الغربية وهي منطقة محل نزاع منذ عقود.

ويسيطر المغرب على معظم أراضي الصحراء الغربية منذ عام 1975 ويعتبر المنطقة التي تملك مصايد سمكية بحرية واحتياطيات من الفوسفات فضلا عن حقول نفط محتملة جزءا من أراضيه. غير أن جبهة البوليساريو التي تدعمها الجزائر تسعى لاستقلال الصحراء الغربية وشكلت بعثة من الأمم المتحدة قبل أكثر من 20 عاما تمهيدا لاستفتاء متوقع على مصير الصحراء الغربية السياسي لكنه لم يجر قط. وثار النزاع مجددا عندما استدعى المغرب سفيره بالجزائر بعدما أغضب رئيسها المملكة بالدعوة لإرسال مراقبين لحقوق الإنسان إلى المنطقة.

وتسلط الضوء أيضا على الصحراء الغربية وسط قلق السلطات الأوروبية والأمريكية من إمكانية أن يضر تدهور العلاقات بين المغرب والجزائر بالتعاون في مكافحة المتشددين الإسلاميين الذين ينشطون في منطقة المغرب العربي. وتشمل خطط المغرب بناء خمس محطات للطاقة الشمسية اثنتين منها في الصحراء الغربية إحداهما بطاقة 500 ميجاوات والأخرى بطاقة 100 ميجاوات. ويخطط أيضا لانشاء محطة أخرى على حدود الصحراء.

لكن مصادر مختصة بالاقراض لدى بنك كيه.اف.دبليو الألماني المملوك للدولة والبنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي والاتحاد الأوروبي أبلغت أن تلك المؤسسات لن تمول مشروعات في الصحراء الغربية. وقال مصدر مصرفي كبير "إذا دعمنا تلك الاستثمارات فسيبدو ذلك كما لو كنا ندعم الموقف المغربي.

نحن محايدون فيما يخص الصراع." وقال مصدر ثان "لم ندعم قط أي مشروع في تلك الأراضي (الصحراء الغربية) ولن نفعل ذلك رغم أن خطط الطاقة الشمسية المغربية تعني لنا الكثير." ورفضت كل المصادر الكشف عن اسمائها بسبب الحساسية السياسية للمسألة. ويقتصر التقدم بشأن مشروعات الطاقة الشمسية هناك حتى الآن على موقع واحد في المغرب حيث تبني أكوا باور السعودية محطة بطاقة 160 ميجاوات في مدينة ورزازات.

وتخطط الوكالة المغربية للطاقة الشمسية لإصدار مناقصات قريبا لبناء محطتين أخريين بتكلفة 1.7 مليار يورو إحداهما بطاقة 100 ميجاوات والأخرى بطاقة 200 ميجاوات. وضمن كيه.إف.دبليو الألماني في أكتوبر تشرين الأول قرضا بقيمة 654 مليون يورو للمساهمة في تمويل المشروعين.

وقال وزير الطاقة عبد القادر اعمارة إن المغرب يرفض المخاوف بشأن التمويل برغم اقراره بأن الخطط الخاصة بالصحراء الغربية لم تكتمل بعد. وقال إن الخطة الأولية تتضمن إنشاء ثلاث من محطات الطاقة الشمسية الخمسة في الاقاليم الجنوبية - في إشارة إلى الصحراء الغربية - لكن المغرب لم يحدد تلك المناطق حتى الآن. واضاف أنه إذا قالت تلك المؤسسات الدولية إنها لن تمول المشروعات فسيبحث المغرب الأمر عندئذ.

وتقول مصادر إن المغرب قد يسعى للحصول على تمويل ثنائي بديل من دول الخليج العربية التي تستثمر بالفعل في المملكة إذا رفضت كيه.إف.دبليو والمؤسسات الأخرى دعم المشروعات المزمعة في الصحراء الغربية. لكنهم يقولون أيضا إن تلك الدول الخليجية ربما تتردد أيضا بشأن مثل تلك الاستثمارات ومن المستبعد أن تمولها جميعا.

ومع ان منظمات حقوقية مثل العفو الدولية تتهم المغرب بمواصلة استخدام القوة المفرطة ضد النشطاء وقمع الحريات السياسية في الصحراء المغربية فإن الرباط تستثمر بكثافة هناك على أمل تهدئة الاضطراب السياسي والمطالب بالاستقلال لكن أي استثمار تشارك فيه شركات دولية يثير احتجاجات على شرعية تفاوض المغرب نيابة عن سكان الصحراء الغربية.

واقر برلمان الاتحاد الأوروبي في وقت سابق اتفاقا بشأن الصيد مع المغرب يسمح للسفن الأوروبية بالصيد في مياه المغرب والصحراء الغربية بعد عامين من رفض المشرعين الأوروبيين اتفاقا مماثلا بدافع القلق من أن يعزز سيطرة الرباط على الصحراء. وصور الاعلام الرسمي المغربي الاتفاق على أنه انتصار سياسي في حين اعتبرته جبهة البوليساريو انتهاكا للقانون الدولي. بحسب رويترز.

وبدأت شركتا كوزموس انرجي وكايرن انرجي العام الماضي أيضا البحوث قبالة سواحل الصحراء الغربية وتخططان لحفر بئر استكشافية بحثا عن النفط. وقال اعمارة إن المغرب يحترم القانون الدولي وإن المملكة بدأت التنقيب عن الخام ووقعت اتفاقا للصيد مع الاتحاد الأوروبي ولذا فهو لا يرى سببا يحول دون حصول المملكة على التمويل اللازم لمشروعات الطاقة الشمسية تلك. ويحتاج المغرب للطاقة الشمسية محليا حيث لا تزال المملكة تعتمد بكثافة على واردات الطاقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/آذار/2014 - 28/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م