تابعت بشغف من على إحدى القنوات اللبنانية بمناسبة يوم اللغة
العربية اختباراً بمادة (الإملاء) في قاعة الجامعة الطولونية اللبنانية
التي تبنت الاختبار، نعم الإملاء الذي يعطى كمادة أساسية في الصفوف
الابتدائية ولكن لم يجرِ الاختبار على تلاميذ في مرحلة الابتدائية
وأنما كانوا شريحة تمثل النخبة في اختصاص الأدب واللغة العربية وبعضهم
من حاملي الشهادات العليا بالإضافة الى وزير الثقافة ومستشارين وأدباء
وكتاب بارزين وعلماء دين وغيرهم من طلبة الدراسات اللغوية من ذوي
الاختصاص.
بدأ الاستاذ بقراءة مقطوعته الادبية على الحضور وهم يكتبون الكلمات
التي كانت من النوع الثقيل وفيها الكثير من الالغام الاملائية وكان
يقرأ كلماتها بتأنٍ ويكرر قراءة الكلمات كأنما يقرأها على تلاميذ في صف
مدرسي، بعد انتهاء الاستاذ من القاء مقطوعته جمع الاوراق وبعدها بدأ
بتصحيح الأوراق، فكانت النتيجة مخيبة للآمال فلم يحصل أيٌ من الحضور
على درجة كاملة فكلهم لديهم خطأ هنا أوهناك.
تأسفت على لغة الضاد وهزيمتها في ميدان الاختبار لدى النخبة فكيف
يكون حالها عند من هم دونهم وخاصة في ميدان الاعلام عند مقدمي البرامج
ونشرات الأخبار ومديري اللقاءات فرفع المنصوب ونصب المجرور وكسر
المرفوع باتت مألوفة عند هؤلاء لدرجة أن الجمهور لم يعد يميز الصحيح من
الخطأ لكثرة الأخطاء وشيوعها في أغلب القنوات الفضائية ومن جانب أخر
غلبة إستعمال اللهجات الدارجة الشعبية على اللغة الفصحى وإستسهال
استخدامها للمقدم والمستمع وهذا طبعاَ ينذر بخطر كبير لان اللغة
العربية لها أهمية كبيرة عند العرب لأنها تمثل الهوية العربية وأزاحتها
يمثل مسخ لهذه الهوية وأي شعب تمسخ هويته يكون عرضة للذوبان والتماهي
في تيارات وحضارات أخرى وسيأتي عليه يوم لا يبقى منه الا تاريخه كما
وتأتي هذه الأهمية لأنها لغة القران الكريم، كلام الخالق سبحانه
وتعالى، رسالة السماء الى أهل الارض فأصطفى رب العالمين لغتنا العربية
لتُكتب بها هذه الرسالة، ولترسل بها الى باقي الأمم.
ويبدأ ضعف الاهتمام باللغة العربية في مراحل التعليم الأولية
وانعدام الاهتمام عند المعلم والمدرس من ذوي الاختصاص في اللغة والأدب
فساعد هؤلاء في بناء الحواجز بين أجيال المتعلمين ولغتهم، فمعظمهم
وجدوا أنفسهم قسراً لا برغبة منهم في هذا الاختصاص، ففقدوا حافز العطاء
لعدم وجود الرغبة وساعد على ذلك الجفاف والتصحر الأدبي المستشري في
عموم ثقافة المجتمع واستغراق الشباب وفي ثورة الاتصالات وسباق الأجهزة
الذكية وانحسار دور الكتاب وانكفاء المثقف في دوائر ضيقة وغيرها من
العوامل المتراكبة والمتشابكة التي تنتج أمية ثقافية تصيب المجتمع في
منظومته الحضارية ومن أبرزها ضعف اللغة العربية عافاها الله. |