التجسس الالكتروني.. استثمارات تكنولوجية للظفر بالهيمنة العالمية

 

شبكة النبأ: لا تزال تداعيات فضيحة التجسس التي قامت بها وكالة الأمن الوطني الأمريكي على مواطنيها ومواطني وقادة الدول الأخرى وخصوصا اقرب الحلفاء، من خلال اختراق خوادم شركات الإنترنت او الهواتف الخاصة، تحظى باهتمام واسع من قبل بعض الحكومات ووسائل الإعلام العالمية التي تسعى الى نشر كل ما هو جديد ومهم في فصول هذا الملف الخطير، الذي جاء من اجل تعزيز سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم من خلال اكبر مشروع تجسس عالمي، وبحسب بعض المراقبين فان هذه الفضيحة ربما ستسهم بخلق بعض الأزمات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها ممن شملتهم علميات التجسس، خصوصا وان الولايات المتحدة لا تزال تدافع عن هذه البرامج وتصر على تطويرها، هذا بالإضافة إلى الوثائق الجديدة المعلنة قد أثبتت تورط دول أخرى في هذه الفضيحة.

وفيما يخص أخر فصول هذه الفضيحة فقد كثفت الاستخبارات الأميركية عملياتها للتجسس على مئات الشخصيات المهمة في المانيا ومن بينهم وزير الماني بعد ان توقفت عن مراقبة المستشارة الالمانية انغيلا ميركل كهدف مباشر للتجسس، بحسب ما اوردت صحيفة المانية. وقالت صحيفة بيلد ام سونتاغ ان الوكالة الاميركية للامن القومي تتجسس على 320 سياسيا ورجل اعمال في المانيا من بينهم وزير الداخلية ثوماس دي ميزيار.

ونقلت الصحيفة عن موظف بارز في الاستخبارات الاميركية في المانيا لم تكشف عن هويته قوله "لدينا امر ان لا نسمح بفقدان اية معلومات مهما كانت بعد ان فقدنا قدرتنا على مراقبة المستشارة بشكل مباشر". وتوترت العلاقات الاميركية الالمانية بعد تسريبات عميل الاستخبارات الاميركية السابق ادوارد سنودن بان اجهزة الاستخبارات الاميركية تنصتت على ميركل وجمعت كميات كبيرة من بيانات الانترنت ورصدت مكالمات هاتفية لمواطنين عاديين.

وصرح الرئيس الاميركي باراك اوباما ان جهاز الاستخبارات الاميركي سيواصل التجسس على حكومات اجنبية، الا انه طمأن ميركل الا انه لن يسمح لعمليات التجسس بالاضرار في العلاقات بين البلدين. ونقلت صحيفة بيلد كذلك عن المتحدثة باسم مجلس الامن القومي الاميركي كاتلين هايدن قولها ان الادارة الاميركية اوضحت انها تجمع معلومات استخباراتية مشابهة لتلك التي تجمعها الدول المتقدمة.

واكدت ان المعلومات الاستخباراتية التي يتم جمعها لا تستخدم لمساعدة الشركات الاميركية في التفوق من حيث التنافسية. وياتي هذا التقرير فيما نشرت مجلة شبيغل الالمانية مقابلة مع وزير الخارجية فرانك والتر شتاينماير اعرب فيها عن اعتقاده ان الولايات المتحدة تعلمت الدرس من سلبيات التجسس على دول حليفة. بحسب فرانس برس.

وصرح شتاينماير للمجلة انه متاكد من ان واشنطن توقفت عن التجسس على القادة السياسيين في الدول الصديقة. وقال في رد على سؤال حول تجسس واشنطن على الالمان "نامل ان تكون واشنطن فهمت بان هذا النوع من العلاقة مع شركائها يمكن ان يكون له ثمن سياسي". واكد اعتقاده "ان التجسس على القيادة السياسية في الدول الصديقة قد توقف".

روسيا تجسست الكترونيا

من جهة اخرى قالت شركة أمريكية للأمن الالكتروني إنها جمعت أدلة على أن الحكومة الروسية تجسست الكترونيا على مئات الشركات الامريكية والاوروبية والاسيوية. وهذه هي المرة الاولى التي تشير فيها أصابع الاتهام إلى روسيا في هجمات الكترونية لتحقيق مكاسب اقتصادية مزعومة وليس سياسية. وذكرت شركة (كراودسترايك) أن من بين ضحايا حملة التجسس الالكتروني التي لم يعلن عنها من قبل شركات للطاقة والتكنولوجيا خسر بعضها ملكية فكرية قيمة. وأحجمت كراودسترايك عن الدخول في تفاصيل هذه الخسائر أو تسمية الضحايا معللة ذلك باتفاقات تتعلق بالسرية لها علاقة بالتحقيق الذي تجريه.

وقال ديمتري البيروفيتش كبير مسؤولي التكنولوجيا في كراودسترايك "يبدو أن هذه الهجمات كانت بدافع اهتمام الحكومة الروسية بالعمل على إبقاء صناعتها في المنافسة في مجالات ذات أهمية قومية." وأفاد تقرير كراودسترايك أن من بين ضحايا التجسس الروسي شركات طاقة أوروبية ومتعاقدين للدفاع وشركات تكنولوجيا ووكالات حكومية. وقال البيروفيتش ان كراودسترايك تتابع أنشطة مجموعة المتسللين الروس منذ عامين واطلقت عليها اسم "الدب النشط". وتعتقد الشركة ان الحكومة الروسية تقف وراء هذه الحملة استنادا الى بعض المؤشرات التقنية وتحليل الاهداف المختارة والبيانات التي تعرضت للسرقة. بحسب رويترز.

وذكر التقرير أن شركات بناء وتصنيع في الولايات المتحدة واوروبا والشرق الاوسط الى جانب شركات للرعاية الصحية كانت من بين الاهداف. ووثقت الشركة الامريكية في تقريرها هجمات جماعات للاختراق الالكتروني في الصين وإيران ووصفت انشطة ما يعرف بالجيش الالكتروني السوري.

مخابرات أوروبا

على صعيد متصل قالت صحيفة جارديان البريطانية إن أجهزة المخابرات في أنحاء أوروبا الغربية تشارك معا في برامج تنصت هائلة لحركة الإنترنت والهواتف مماثلة لتلك التي تقوم بها أجهزة المخابرات الأمريكية ونددت بها الحكومات الأوروبية. وقالت الصحيفة مستشهدة بوثائق سربها المتعاقد السابق الهارب بوكالة الأمن القومي الأمريكية إدوارد سنودن إن من بين تلك الوسائل التنصت على كابلات الألياف الضوئية والعمل سرا مع شركات اتصالات خاصة.

وذكرت الصحيفة بالاسم ألمانيا وفرنسا وأسبانيا والسويد وهولندا على أنها الدول التي تطور أجهزة المخابرات فيها مثل هذه الوسائل بالتعاون مع نظراء لها مثل وكالة المراقبة البريطانية (مقر الاتصالات التابع للحكومة البريطانية وبه مركز أنشطة الاشارة للمخابرات). وقد يتسبب هذا التقرير في إحراج للحكومات خاصة الألمانية والفرنسية اللتين كانتا الأكثر حدة في الاحتجاج على أنشطة التنصت الهائلة التي قامت بها الولايات المتحدة على شبكات الاتصالات الأوروبية التي كشف عنها سنودن منذ يونيو حزيران.

ووزعت ألمانيا بالاشتراك مع البرازيل مشروع قرار في لجنة تابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى إنهاء عمليات المراقبة الإلكترونية الهائلة وجمع البيانات وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للخصوصية. وثارت حالة من الغضب في ألمانيا خاصة بسبب الكشف عن أن وكالة الأمن القومي الأمريكية راقبت الهاتف المحمول الخاص بالمستشارة أنجيلا ميركل.

وكتب سنودن رسالة علنية إلى ميركل والسلطات الألمانية الأخرى قال فيها إنه يعول على الدعم الدولي حتى تكف واشنطن عن "اضطهاده". وقال جهاز المخابرات الاتحادي الألماني إنه كانت هناك اعتبارات في عام 2008 بخصوص دمج عمليات التنصت على الاتصالات التي تقوم بها أجهزة الأمن استدعت إدخال تعديلات على قوانين الاتصالات والأمن. وقال إنه تبادل الخبرات مع أجهزة المخابرات البريطانية في هذا الصدد في عام 2008 لكن المباحثات لم تركز على الجوانب القانونية وإنما ركزت على جوانب فنية. وأضاف أنه كان يتبادل عادة الخبرات بشأن التطورات الفنية مع أجهزة مخابرات أوروبية أخرى.

وقال "ليس صحيحا أن المخابرات الاتحادية الألمانية حاولت الالتفاف على القيود القانونية كي تتمكن من استيعاب التكنولوجيا البريطانية. في هذه النقطة أيضا التزم جهاز المخابرات الاتحادية الألماني بالقانون." وقالت جارديان إن ملفات وكالة المراقبة البريطانية التي سربها سنودن أظهرت ان الوكالة البريطانية لها الفضل في نصح النظراء الأوروبيين بشأن كيفية الالتفاف حول القوانين المحلية التي تهدف إلى تقييد سلطات المراقبة لديهم.

وقالت جارديان مستشهدة بتقرير لوكالة المراقبة البريطانية تناول كل بلد على حدة لعام 2008 إن ضباط المخابرات البريطانيين أعجبوا بوجه خاص بوكالة المراقبة الألمانية التي قالوا إن لديها "إمكانات تكنولوجية هائلة ودخول جيد إلى قلب الانترنت." كما أشادت الوكالة البريطانية بوكالة فرنسا وخاصة علاقاتها الوثيقة بشركة اتصالات لم تذكر اسمها وهي علاقة عبرت وكالة الأمن البريطانية عن رغبتها في الاستفادة منها.

وكان هناك تحليل مماثل لأجهزة المخابرات في أسبانيا والسويد وهولندا إذ جرت الإشادة بمركز المخابرات الوطني الأسباني لعلاقاته مع شركة اتصالات بريطانية لم يذكر اسمها وتهنئة مؤسسة راديو الدفاع الوطني السويدي على قانون تم إقراره في عام 2008 وسع نطاق المراقبة. وقالت مؤسسة راديو الدفاع الوطني السويدي لدى سؤالها عن تقرير جارديان إن من الطبيعي أن يكون لها اتصالات مع منظمات مماثلة في دول أخرى. بحسب رويترز.

وقال المتحدث باسم المؤسسة فريدريك فالين إن التعاون مع أجهزة المخابرات الأجنبية قد يشمل تبادل تقارير استخباراتية. ورفض فالين التعقيب على دول بعينها ولكنه قال إن جميع الأنشطة تخضع للرقابة الصارمة بموجب القانون السويدي. وأضاف "هناك إطار قانوني واضح يحدد كيفية تعاوننا مع الدول الأخرى".

كندا وأمريكا

من جهة أخرى ذكرت شبكة التلفزيون الكندية سي بي سي ان جهاز الاستخبارات الكندي اجرى لحساب وكالة الامن القومي الاميركية، تجربة لجمع معطيات مسافرين عن طريق اتصالهم بشبكة الانترنت (واي فاي) في المطارات مما سمح بتتبع كل تحركاتهم لايام. واستنادا الى وثائق كشفها المستشار السابق لدى الاستخبارات الاميركية ادوارد سنودن، قالت الشبكة ان مركز الامن والاتصالات في كندا كان قادرا على متابعة تحركات كل المسافرين الذين دخلوا المطارات واجروا اتصالات عبر الواي فاي باجهزتهم النقالة من هواتف والواح وكمبيوترات.

وأمكن بعد ذلك متابعة هؤلاء الاشخاص في تحركاتهم بفضل اتصالاتهم عن طريق شبكات الانترنت العامة (واي فاي) في المقاهي والمكتبات والفنادق واجهزة النقل المشترك، داخل كندا وفي المطارات الكندية. وقالت الوثائق ان جهاز الاستخبارات الكندي قام بهذه العملية في اطار تجربة لحساب وكالة الامن القومي الاميركية. وينص القانون الكندي على ان مهمة مركز الامن والاتصالات في كندا تقتصر على القيام بعمليات استخبارية في الخارج عبر اعتراض اتصالات او مراقبة حركة الانترنت.

وواجهت هذه الوكالة في الاشهر الاخيرة انتقادات بسبب معلومات عن قيامها بأنشطة على الاراضي الكندية. فقد قامت الوكالة الكندية بتسهيل التجسس على الاتصالات خلال قمة مجموعة العشرين في تورونتو في 2010 لحساب وكالة الامن القومي الاميركية. ويتعارض الكشف عن معلومات عن مراقبة مسافرين بمن فيهم كنديون، مع تصريحات رئيس الاستخبارات الكندية الذي نفى العام الماضي ان تكون ادارته تتجسس على الكنديين. وقال ان "حماية الحياة الخاصة للكنديين هي اهم مبدأ في نشاطات مركز الامن والاتصالات".

وعين رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر مفوضا مستقلا للتأكد من ان نشاطات وكالة الاستخبارات هذه مطابقة للقانون. وقالت "سي بي سي" ان هدف الاختبار كان تجربة برنامج جديد للتجسس قام مركز الامن والاتصالات الكندي بتطويره مع وكالة الامن القومي الاميركية.

فك كل الشيفرات

في السياق ذاته ذكرت صحيفة واشنطن بوست نقلا عن وثائق كشفها المستشار السابق لدى الاستخبارات الاميركية ادوارد سنودن ان وكالة الامن القومي الاميركية تسعى "لاختراع جهاز كمي" قادر على فك اي شيفرة امنية. وتفيد هذه الوثائق ان الوكالة وظفت اموالا لتصميم حاسوب يتمتع بقوة حسابية كبيرة تسمح له بفك سريع لشيفرات المعلوماتية التي تحمي الاسرار المصرفية والطبية والمعلومات الحكومية او في عالم الاعمال.

وتسعى شركات المعلوماتية الكبرى ومختبرات الابحاث العامة منذ فترة طويلة الى اختراع اجهزة كمبيوتر كمية تستغل الميزات الغريبة للذرات والجزيئات التي يسمح لها حجمها الدقيق بمخالفة قواعد الفيزياء التقليدية. ففي عالمنا، اما ان يكون الباب مفتوحا او مغلقا. لكن في عالم الكم، يمكن لذرة او الكترون ان يكون "معلقا" بين حالتين. بالتالي في كمبيوتر عادي، من الالزامي ان تكون المعلومة المخزنة في اصغر وحدة معلوماتية او "بتة" ثنائية (بايناري): فلا يمكن ان تكون الا 1 او صفرا. اما "البتة الكمية" فتكون الاثنين في آن. وهذه القدرة تجيز سرعات حسابية هائلة قادرة على فك الشيفرات التقليدية الاكثر تعقيدا.

في عام 2009 اكتشف خبراء معلوماتية مفاتيح شيفرات عبر كمبيوترات تقليدية، لكنهم احتاجوا الى حوالى عامين ومئات الالات لذلك، على ما ذكرت الواشنطن بوست. وتكمن الصعوبة الرئيسية في تصميم كمبيوتر كمي مماثل في شدة حساسيته. فينبغي ان تعزل كل من جزيئاته بمفردها عن اي تاثير خارجي للحفاظ على حالتها الكمية. وذلك يستدعي درجات حرارة متدنية جدا وغرفا محمية من الاشعاعات الالكترومغنطيسية وغيرها من الاجراءات.

وحتى الان ما زالت التجارب التي اجرتها المختبرات المختلفة و لاسيما في اوروبا بعيدة عن الوصول الى عدد الجزيئات اللازم للحصول على قوة حساب تتجاوز تلك التي انتجتها الكمبيوترات الخراقة الثنائية. ويؤكد الخبراء انه من المبكر تحديد موعد بناء اول كمبيوتر كمي ويشكك الكثيرون منهم في وشوك وكالة الامن القومي الاميركية على انجاز ذلك وحدها.

على صعيد متصل اقترحت لجنة معينة من البيت الابيض الحد من بعض عمليات المراقبة التي تقوم بها وكالة الامن القومي الأمريكية وأوصت بالحد من برنامج لجمع سجلات مليارات من الاتصالات الهاتفية واجراء اختبارات جديدة قبل ان تتجسس واشنطن على زعماء أجانب. ومن أهم مقترحات اللجنة التي أعلن عنها وجاءت بعد كشف المتعاقد السابق مع وكالة الامن القومي الامريكية ادوارد سنودن عن تفاصيل برنامج تجسس عالمي للوكالة توصيتها بان تكف الوكالة عن عمليات واسعة النطاق لجمع سجلات المكالمات الهاتفية المعروف باسم (ميتاديتا). بحسب رويترز.

وأوصت اللجنة بضرورة أن تكون هذه السجلات في حوزة شركات الاتصالات التي تقدم الخدمة او لدى طرف ثالث غير حكومي. وفي مزيد من التقييد ستحتاج الحكومة الامريكية أمرا من محكمة مراقبة المخابرات الاجنبية في كل مرة تحتاج فيها الوكالة الى البحث عن البيانات. وقال ريتشارد كلارك عضو اللجنة وهو مستشار سابق للبيت الابيض في مكافحة الارهاب "لا نرى حاجة لان تحتفظ الحكومة بهذه البيانات." كما أبدت اللجنة تشككها الكبير في قيمة وفعالية برنامج (ميتاديتا). وقدمت اللجنة في تقريرها 46 توصية ولم يتضح كم عدد التوصيات التي سيعمل بها الرئيس الامريكي باراك أوباما والكونجرس.

حلول تكنولوجية لمنع التجسس

في السياق ذاته قال خبير في أمن البرمجيات إن شركات خدمة الهاتف المحمول بإنحاء العالم تقاعست عن اتباع حلول تكنولوجية متاحة منذ 2008 كان من شأنها ان تجهض قدرة وكالة الأمن القومي الامريكية على التجسس على الكثير من مكالمات الهواتف المحمولة. وقال كارستن نول كبير العلماء في مختبرات البحوث الأمنية في برلين إن مؤسسته اكتشفت الأمر اثناء مراجعة الاجراءات الأمنية التي تتبعها شركات خدمة الهاتف المحمول بانحاء العالم. وقال نول ايضا إن شركات خدمة الهاتف المحمول فشلت في معالجة بعض الثغرات بشكل تام مما اتاح للمتسللين استنساخ بعض شرائح الاتصال بشكل خاص والتحكم فيها عن بعد. وجرى االتحذير من هذه الثغرات في يوليو تموز.

ورغم انتقاد الخبير التكنولوجي الالماني شركات خدمة الهاتف المحمول لفشلها في اتباع تكنولوجيا تحمي المستخدمين من المراقبة وكذلك الاحتيال قال إنه لا يعتقد ان هذه الشركات فعلت ذلك تحت ضغط من اجهزة المخابرات. وقال "لا اتخيل ان هناك تواطؤ. اعتقد انه اهمال. لا اريد ان اصدق بوجود مؤامرة عالمية بين جميع شركات خدمة الهاتف المحمول بانحاء العالم. اعتقد انه تكاسل فردي واعطاء اولوية لسرعة الشبكة وتغطيتها على حساب الأمن."

وقالت متحدثة باسم رابطة النظام الموحد للاتصالات المتنقلة (جي اس ام) والتي تمثل نحو 800 شركة لخدمات الهاتف المحمول بانحاء العالم إنها لا تستطيع التعليق على انتقادات نول قبل رؤية محاضرته عن الموضوعات المطروحة في (مؤتمر فوضى الاتصالات) في هامبورج وهو أكبر مؤتمر سنوي في اوروبا متخصص في قضايا التسلل والأمن والخصوصية.

من جانبها اكدت شركة "آبل" الاميركية المصنعة لاجهزة المعلوماتية انها "لم تعمل يوما مع وكالة الامن القومي" الاميركية لمنحها بيانات حاملي هواتف "آي فون"، بحسب بيان صادر عن الشركة. وقالت المجموعة ان "آبل لم تعمل يوما مع وكالة الامن القومي لايجاد مخرج خلفي (لتسريب البيانات) من منتجاتها، بما في ذلك من هواتف آي فون".

ورد عملاق المعلوماتية على معلومات صحافية نشرتها خصوصا مجلة دير شبيغل الالمانية وتحدثت عن امتلاك وكالة الامن القومي الاميركية نظاما للولوج بالكامل الى المعلومات المرسلة من هواتف آي فون". واضافت المجموعة الاميركية "لسنا على بينة من وجود البرنامج المفترض لوكالة الامن القومي والذي يستهدف منتجاتنا". وتابع بيان شركة آبل ان "امن وسرية (البيانات) لزبائننا مهمان جدا بالنسبة الينا. فريقنا يعمل باستمرار لجعل منتجاتنا اكثر امنا والسماح لزبائننا بتحديث برمجياتهم باحدث التطورات".

وخلال مؤتمر صحافي في المانيا، اكد خبير المعلوماتية جاكوب ابلباوم ايضا ان برنامج "دروب اوت جيب" التابع لوكالة الامن القومي الاميركية يسمح للوكالة باعتراض الرسائل النصية القصيرة والحصول على قوائم الارقام الهاتفية وتحديد الموقع الجغرافي لهاتف ما والاطلاع على الرسائل الصوتية وتفعيل المذياع (ميكروفون) والكاميرا في اجهزة آي فون. ووصف هذا البرنامج بانه "مخرج خلفي" لتسريب البيانات في اجهزة آي فون. بحسب فرانس برس.

كذلك اشار الباحث في امن المعلوماتية غراهام كلولي على مدونته الى ان العرض والوثائق التي تقدم بها ابلباوم تصف "مروحة اوسع على ما يبدو من الادوات المستخدمة من جانب وكالة الامن القومي في مواجهة شركات ومنتجات تكنولوجية اخرى مثل" سيسكو وخوادم "اتش بي" وهواوي. الا ان كلولي اعتبر ان هذه المعلومات "لا تعني بالضرورة ان وكالة الامن القومي لديها تحكم كامل بهواتف آي فون".

الهاتف الأسود

هو أسود ويشبه أي هاتف ذكي آخر، لكن هاتف "بلاكفون" (الهاتف الأسود) يتمتع بميزة إضافية، إذ يؤكد مصمموه أن المكالمات ستكون بمنأى عن عمليات التجسس الحكومية وهجومات القراصنة المعلوماتيين. ويستفيد هاتف "بلاكفون" الذي هو من صنع المجموعتين الأميركية "سايلنت سيركل" والإسبانية "غيكسفون" من حملة ترويجية هي الأفضل له على الإطلاق في خضم النقاش الدائر حول نطاق نشاطات الاستخبارات الأميركية.

لكن مايك يانكه مدير "سايلنت سيركل" يؤكد أنه لم يفكر يوما في انتهاز الجدل القائم حاليا. فشركته كانت تطور هذا الهاتف قبل تسريبات إدوارد سنودن المستشار السابق لوكالة الأمن القومي الأميركية. وشرح هذا العضو السابق في القوات البحرية الأميركية الذي تعاون مع زملاء له وخبراء في فك الشيفرات من سيليكون فالي لتأسيس "سايلنت سيركل" "طورنا هذا الهاتف لأن مشكلة الاتصالات الآمنة لم تحل بعد".

وصرح "نقدم للمستخدمين إمكانية التواصل بطريقة مشفرة من خلال أشرطة الفيديو ورسائل نصية واتصالات صوتية في إطار شبكات متماشية مع بروتوكولات الانترنت". وليس هذا الهاتف الخطوة الأولى التي تقوم بها "سايلنت سيركل" التي تعاونت في السابق مع شركات متعددة الجنسيات والحكومة التيبتية في المنفى. وهذه الخبرة هي التي دفعت "جميع كبار مصنعي الهواتف الذكية تقريبا إلى اللجوء إلى خدماتنا" لتطوير هاتف آمن، على حد قول مايك يانكه.

وقد وقع خيار "سايلنت سيركل" في نهاية المطاف على شركة "غيكسفون" الإسبانية التي أطلقت منذ فترة وجيزة هاتفا ذكيا يعمل بنظام "فايرفوكس" لتصفح الانترنت. وهاتف "بلاكفون" مزود بنظام "برايفت أو اس" وهو نسخة معدلة من نظام "أندرويد" التابع ل "غوغل". ولا يزال سعر هذا الهاتف من المسائل الشائكة، لكن مايك يانكه أكد أنه سيباع بسعر أقل من من هاتف "آي فون 5اس" من "آبل" أو "غالاكسي اس 4" من "سامسونغ".

ولا شك في أن هذا الهاتف يقدم جميع الخدمات التي توفرها الهواتف الذكية مع فارق واحد ألا وهو أنه "يمكن للمستخدم أن يستعمل مثلا محرك غوغل للبحث من دون أن يتمكن عملاق الانترنت من تحديد هويته"، بحسب مايك يانكه الذي أوضح أن مركز تخزين المطعيات الذي يتمتع بأدنى مستوى من القدرة على تخزين المعلومات يقع في سويسرا.

وأكد مدير الشركة "المعلومات التي نأخذها عن المستخدم تقتصر على الاسم الذي يقدمه ورقم هاتفه". وحتى لو أصدرت السلطات السويسرية مذكرة في حق أحد المستخدمين، كل ما في وسع الشركة أن تقدمه هو الاسم الذي في حوزتها. ويتوقع مايك يانكه بيع "ملايين" النسخ من هاتف "بلاكفون" في السنة التي تلي تسويقه. بحسب فرانس برس.

و أكد أن الهاتف يتمتع بميزة عالمية "لأن وكالة الأمن القومي الأميركية ليست الوحيدة التي تقوم بالتجسس، ف 72 بلدا آخر يتمتع بوسائل تجسس مماثلة ... والتهديدات هي عينها، أكنتم في ألمانيا أو كينيا أو الأرجنتين". لكنه ختم قائلا إنه "ما من هاتف آمن بنسبة 100% ... لكن هذا الهاتف يقوم بالكثير لحماية الحياة الخاصة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 27/شباط/2014 - 26/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م