حرب المعارضات في سوريا... تقودها الى نهايتها وتعجل بالحل السياسي

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: النقطة التي صبت في مصلحة الحكومة السورية هو اختلاف ما يسمى "المعارضة" فيما بينها من جهة، والصراع الدموي بين التكفيريين والحركات الجهادية من جهة أخرى، مما سهل للنظام طرح مسألة مكافحة "الإرهاب" واعتبارها نقطة جوهرية قدمت بقوة في مؤتمر جنيف الثاني، سيما وأنها لقيت اذان صاغية من قبل روسيا، وحتى من قبل الدول الساعية الى انهاء حكم عائلة الأسد في سوريا.

الولايات المتحدة الامريكية بدورها ترددت كثيراً في منح المعارضة المنقسمة على نفسها "السلاح النوعي" خوفاً من سقوطه في ايدي المتشددين اللذين لن يتوانوا في استخدامه ضد الولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الأوسط، ولنفس السبب ضغط على حلفائها "السعودية" لمنع تزويدهم بهذه الأسلحة.

ان الحركات والفصائل المسلحة ذات الصبغة الإسلامية والمرتبطة اغلبها بتنظيم القاعدة وبعد ان اتخذت منحى أكثر تطرفاً وتشدداً، تحولت الى عبأ كبير على المعارضة بعد ان ساندتها في بداية الامر، خصوصاً وأنها بدئت تمارس تطبيق الشريعة الإسلامية بطريقتها المتشددة، إضافة الى الصراع الدامي بينها ودخول المعارضة على خط القتال.

ما زاد الأمور تعقيداً، وصول الخلاف والانقسام بين المعارضة الى داخل الهيكل العسكري "بعد ان كان محصوراً في السابق بين المعارضة السياسية والعسكرية"، بعد عزل ادريس الذي يمثل اعلى سلطة عسكرية لدى المعارضة.

فقد أعلن قادة ميدانيون لوحدات بالجيش السوري الحر في المحافظات السورية رفضهم لقرار المجلس العسكري الاعلى عزل رئيس الاركان اللواء سليم ادريس وتعهدوا بمواصلة القتال تحت قيادته، ويمثل عزل إدريس دليلا جديدا على الانقسام في صفوف المعارضة التي يدعمها الغرب وهو انقسام أفضى الى اضعاف الانتفاضة المناهضة للرئيس بشار الاسد.

وأدى التنافس على النفوذ بين السعودية وقطر - وهما داعمان أساسيان لمعارضي الأسد المدنيين والعسكريين - الى تعميق الانقسام في صفوف المعارضة وتعزيز مركز الاسد في محادثات السلام الاخيرة في جنيف التي انتهت دون تحقيق اي تقدم يذكر، وكان المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر أعلن عزل ادريس الذي شهدت فترة قيادته عدة انتكاسات للجيش السوري الحر كما شهدت توترا متصاعدا بينه وبين رئيس الائتلاف الوطني السوري احمد الجربا الذي يحظى بدعم السعودية حسبما ذكرت مصادر بالمعارضة.

وأفاد بيان وقعه 22 من اعضاء المجلس العسكري الثلاثين بأن القرار اتخذ "من أجل توفير قيادة للأركان تقوم بإدارة العمليات الحربية ضد النظام المجرم وحلفائه من المنظمات الارهابية وبسبب العطالة التي مرت بها الاركان على مدى الشهور الماضية ونظرا للأوضاع الصعبة التي تواجه الثورة السورية".

لكن إدريس بدا متحديا وقال في تسجيل مصور ظهر فيه محاطا بعدد من القادة الميدانيين إنهم سيقطعون علاقتهم بوزير الدفاع في "الحكومة المؤقتة" التي عينها الائتلاف الوطني، وفي التسجيل المصور دعا إدريس الى إعادة تشكيل المجلس لتوسيع قاعدة جماعات المعارضة المسلحة وحث ما وصفها بالقوى العسكرية والثورية في الميدان على تشكيل جبهة موحدة ضد الأسد.

وكان قادة يمثلون وحدات بالجيش السوري الحر في مناطق القتال الرئيسية الخمس قد نددوا بقرار إقالة إدريس واتهموا في تسجيل مصور بث على الانترنت في وقت متأخر مسؤولين في الائتلاف الوطني بتعميق الانقسامات بين المقاتلين.

وقال فاتح حسين قائد الجيش السوري الحر في منطقة وسط سوريا في التسجيل المصور ان القادة يعتبرون قرار عزل ادريس باطلا وغير مشروع مضيفا ان انصار ادريس سيواصلون القتال تحت قيادته، واضاف قارئا من بيان انه ليس من حق أي مجموعة غير موجودة على التراب السوري ان تتخذ قرارا حاسما لا يمثل وجهات نظر القوات المقاتلة في الميدان.

ولم يتسن على الفور تحديد شخصيات كل الأشخاص الذين ظهروا في التسجيل مرتدين زيا عسكريا وأشاروا إلى انفسهم على أنهم قادة الجبهات والمجالس العسكرية في سوريا، وأكد أحد الرجال الذين ظهروا في التسجيل - وهو محمد العبود قائد الجبهة الشرقية للجيش السوري الحر - في اتصال هاتفي انه يعارض القرار وقال ان قادة الوحدات سيجتمعون مع ادريس في انطاكيا بتركيا لمناقشة "الخطوات التالية".

وكانت مصادر في المعارضة قالت ان علاقة ادريس مع السعودية تدهورت بعد ان فتج قنوات اتصال مع قطر، وعين مكانه العميد عبد الإله البشير قائد عمليات الجيش السوري الحر في محافظة القنيطرة الواقعة في جنوب غرب سوريا على حدود مرتفعات الجولان التي تحتلها اسرائيل.

ونفى منذر أقبيق مستشار الشؤون الرئاسية في الائتلاف الوطني السوري ان قرار عزل ادريس اتخذ لأسباب سياسية قائلا ان القرار انما اتخذ كي يتولى القيادة شخص يقاتل داخل سوريا، وقال ان قيادة الجيش السوري الحر تحتاج الى شخص يقاتل في الميدان لا شخص بعيد عن العمليات مضيفا ان البشير خاض عدة معارك واداءه جيد في الميدان.

وقال قائد في الجيش السوري الحر لم يشأ نشر اسمه ان سبب الانتكاسات التي مني بها الجيش الحر هو نقص الامكانيات وليس قيادة ادريس مستشهدا على سبيل المثال بتمكن معارضين اسلاميين منافسين من انتزاع السيطرة على معبر على حدود تركيا من أيدي الجيش الحر في ديسمبر كانون الاول وهو حادث احرج الائتلاف الوطني ودفع الولايات المتحدة وبريطانيا الى تعليق المساعدة بالمواد غير المميتة. بحسب رويترز.

واضاف "ليست مسألة شخص بل مسألة موارد، الفساد مستشر ويدمر الائتلاف"، ويعقد الخلاف بغض النظر عن اسبابه حالة الفوضى التي تعاني منها الانتفاضة السورية، فقد رفضت كثير من جماعات المعارضة المسلحة بالفعل سلطة القيادة العليا للجيش السوري الحر، ومن بين هذه الجماعات الجبهة الاسلامية وهي تحالف لبعض من اقوى فصائل المعارضة المسلحة، واضطرت الجبهة الاسلامية نفسها لخوض اشتباكات ضارية على مدى اسابيع مع جماعة الدولة الاسلامية في العراق والشام، وقتل ما يربو على 2300 شخص هذا العام في الاشتباكات بين جماعات المعارضة المسلحة.

صراع داخلي

فيما قال نشطاء ومقاتلون إن جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام المنشقة عن تنظيم القاعدة سحبت قواتها من محافظة دير الزور في شرق سوريا بعد أيام من القتال الشرس مع منافسيها، وقاتلت جماعات معارضة من بينها جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة جماعة الدولة الإسلامية لانتزاع السيطرة على البلدات وحقول النفط في دير الزور.

وقال مصدر في جبهة النصرة طلب عدم نشر اسمه "انسحب مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام بالكامل تقريبا من دير الزور، ينتقل المقاتلون إلى "محافظتي" الحسكة والرقة"، وما زالت الرقة معقلا لجماعة الدولة الإسلامية، وقال نشطاء موالون لجماعة الدولة الأسلامية على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي على الانترنت إن الجماعة انسحبت من دير الزور حقنا للدماء.

وقال أنصار لجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام ان مقاتليها المنسحبين من دير الزور ويقدر عددهم بنحو 200 مقاتل سيلجئون على الأرجح إلى استخدام حوادث الاغتيال وتفجير السيارات الملغومة ضد جماعات المعارضة الباقية في دير الزور وهو أسلوب سبق ان استخدمته الجماعة في مناطق اخرى تسيطر عليها المعارضة المسلحة.

وبدأت عدة جماعات إسلامية ومدنية حملة الشهر الماضي لطرد قوات جماعة الدولة الإسلامية من مناطق سيطرة المعارضة في شمال سوريا وشرقها، وبث نشطاء في دير الزور تسجيلات مصورة على الانترنت يظهر فيها مقاتلون يفجرون المقر الرئيسي لجماعة الدولة الاسلامية في المحافظة فينهار وتتصاعد منه سحب الغبار.

وجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام التي تضم كثيرا من المقاتلين الاجانب في صفوفها صغيرة لكنها قوة قتالية شديدة البأس في سوريا كما تعمل في العراق أيضا، وقد استعدت عليها كثيرا من المدنيين ونشطاء المعارضة لفرضها أحكاما قاسية كقطع الرأس على المعارضين لها في مناطق سيطرتها. بحسب رويترز.

وقتل أكثر من 2300 مقاتل في الاشتباكات داخل صفوف المعارضة على مدى الشهر الأخير، ولاقى عشرات الأشخاص حتفهم في القتال بين جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام ومنافسيها، وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن ما يزيد على 20 شخصا من بينهم ستة أطفال قتلوا في حادث واحد عندما فجر انتحاري من الجماعة سيارة ملغومة بين حشد من المدنيين والمقاتلين قرب سوق.

وأضاف المرصد وهو جماعة مؤيدة للمعارضة مقرها بريطانيا إن محافظة دير الزور أصبحت الآن تحت سيطرة مقاتلي جبهة النصرة بالإضافة إلى عشر جماعات أخرى معارضة، وأضاف "وقعت اشتباكات عنيفة، طلبت الدولة الإسلامية في العراق والشام الوساطة لكن جبهة النصرة رفضت لذا انسحبت"، وقال بعض النشطاء إن مقاتلين من المعارضة اعتقلوا أيضا أحد قادة جماعة الدولة الاسلامية في دير الزور ويعرف باسم أبو ذر العراقي.

وخلافا للجماعات الإسلامية الأخرى كجبهة النصرة التي تتبع نفس التفسير المتشدد للشريعة الاسلامية تحاول جماعة الدولة الاسلامية في العراق والشام إقامة دولة خلافة في الأراضي التي سيطرت عليها في العراق وسوريا، وتريد جماعات المعارضة السورية الأخرى الاطاحة بالأسد ثم اختيار نظام الحكم برغم أن كثيرا منها تريد أيضا حكما إسلاميا.

من جانبه دعا زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري في رسالة صوتية نشرت على الانترنت الى وقف القتال بين "اخوة الجهاد والاسلام" في سوريا، وذلك بعد احتدام القتال بين الفصائل المعارضة، ووجه الظواهري في رسالته التي تتزامن مع انطلاق مؤتمر جنيف 2، نداءا الى "كل المجموعات الجهادية وكل حر في الشام يسعى لإسقاط حكم الاسد"، وقال "ندعوهم جميعا لان يسعوا الى ايقاف القتال بين اخوة الجهاد والاسلام فورا".

ودعا الظواهري هذه الفصائل الى "ايقاف هذه الفتنة" معتبرا ان "اخوة الاسلام التي بيننا هي اقوى من كل الروابط التنظيمية الزائلة والمتحولة"، مشددا "وحدة صفكم فوق الانتماء التنظيمي والعصبية الحزبية"، كما قال زعيم تنظيم القاعدة انه يمكن ان "يضحى بهذه الروابط، اذا تعارضت من تآلفكم ووحدتكم واصطفافكم في صف واحد، لمواجهة عدوكم العلماني الطائفي الذي تدعمه القوى الرافضية الصفوية وروسيا والصين وتتواطأ معه القوى الصليبية".

أمريكا ودعم المقاتلين

من جانب اخر قال مسؤولون أمنيون أمريكيون وأوروبيون إن اسلحة خفيفة تتدفق من الولايات المتحدة لجماعات "معتدلة" من مقاتلي المعارضة السورية في جنوب البلاد كما وافق الكونجرس على عمليات تمويل على مدى اشهر لإرسال مزيد من شحنات الأسلحة، وتضم الاسلحة والتي ترسل معظمها للمقاتلين السوريين غير الإسلاميين عبر الاردن مجموعة مختلفة من الاسلحة الخفيفة بالإضافة الى بعض الاسلحة الاقوى مثل الصواريخ المضادة للدبابات.

واضاف المسؤولون أن هذه الشحنات لا تشمل اسلحة مثل صواريخ ارض جو التي تطلق من على الكتف والتي يمكن ان تسقط طائرات عسكرية او مدنية، وقال مسؤولان إن شحنات الاسلحة تلك وافق الكونجرس الأمريكي على تمويلها خلال تصويت في جلسات مغلقة خلال نهاية السنة المالية الحكومية 2014 التي تنتهي في 30 سبتمبر ايلول القادم.

ويتناقض هذا التدفق الثابت على ما يبدو للأسلحة مع الوضع الذي كان سائدا الصيف الماضي عندما توقفت مساعدات الاسلحة الامريكية لمقاتلي المعارضة السورية لفترة بسبب تحفظات بالكونجرس، وأوقفت لجان الكونجرس شحنات الاسلحة لأشهر بسبب الخوف من الا تثبت الاسلحة الامريكية انها حاسمة في جهود مقاتلي المعارضة لأسقاط الرئيس السوري بشار الاسد وحكومته ومن ثم تسقط في نهاية الامر في يد متشددين اسلاميين.

وقال مسؤول أمريكي على صلة بالتطورات الجديدة ان مسؤولي الامن القومي وأعضاء الكونجرس أصبحوا أكثر ثقة في ان الاسلحة المتجهة الى جنوب سوريا ستصل وستظل في ايدي المعارضين المعتدلين ولن تصل الى فصائل جهادية متشددة.

وذكر مصدران مطلعان أن الكونجرس وافق على تمويل الاسلحة المرسلة الى المعارضين السوريين من خلال أجزاء سرية في تشريع المخصصات الدفاعية، ولم يتضح متى تمت الموافقة على التمويل لكن التمويلات الدفاعية السرية مررت في الكونجرس في أواخر ديسمبر كانون الاول.

ويقر مسؤولون أمريكيون يؤيدون تقديم اسلحة للمعارضة السورية ان هذا لم يزد بشكل كبير التوقعات الأمريكية بتحقيق نصر للقوات المناهضة للأسد سواء كانوا من المعتدلين او المتشددين، وقال بروس ريدل وهو محلل سابق في وكالة المخابرات المركزية "سي.اي.ايه" كما انه يعمل احيانا مستشارا للسياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما "الحرب السورية تقف في مأزق، المعارضون ينقصهم التنظيم والاسلحة لألحاق الهزيمة بالأسد والنظام ليس لديه القوة البشرية المؤيدة لقمع التمرد.

اما حلفاء الجانبين في الخارج فهم مستعدون لتقديم المال والسلاح لإذكاء الموقف المتأزم في المستقبل المنظور"، وقال مسؤولون أمريكيون وأوروبيون ان المعارضين "المعتدلين" عززوا مؤخرا مواقعهم في جنوب سوريا حيث يطردون عناصر لها صلة بالقاعدة، ومازالت الفصائل المتشددة مهيمنة في الشمال والشرق.

وقال مسؤول انه في تطور آخر يصب في صالح الفصائل المعتدلة بدأت الجماعات الكردية - التي كانت تقدم السلاح والمساعدات الاخرى التي يمولها مانحون في دولة قطر الى كل من الفصائل المعتدلة والمتشددة دون تمييز - في تقليص دورها في تهريب السلاح، ورفضت متحدثة باسم البيت الابيض التعليق بينما لم ترد الاجهزة الامريكية الاخرى على طلب التعليق.

الجماعات المقاتلة

الدولة الإسلامية في العراق والشام: شكل جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام منشقون خرجوا من جبهة النصرة الفرع الرسمي للقاعدة في سوريا وانضموا إلى فرع القاعدة في العراق، ويقود الجماعة زعيم فرع العراق ويعرف باسم أبو بكر البغدادي، وتجاهل البغدادي دعوات القيادة العامة للقاعدة إلى الابتعاد عن سوريا والتركيز على العراق، وقالت القيادة العامة للقاعدة يوم  إنها لا تربطها أي علاقة بجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام في محاولة على ما يبدو لتأكيد سلطتها على الجماعات الإسلامية المتشددة في سوريا.

وتعتبر جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام أكثر القوى الإسلامية تشددا في سوريا وناصبت عدة جماعات مقاتلة هناك العداء منذ استولت على عدة بلدات ونقاط تفتيش في مناطق سيطرة المعارضة، وحظيت الجماعة بقبول واسع من المدنيين السوريين في باديء الأمر لسياساتها الصارمة في التصدي للنهب ومحاولتها توفير الخدمات الاجتماعية، لكن الجماعة فقدت التأييد مع ضلوع أعضائها في خطف المنتقدين وأعضاء الجماعات المنافسة وقتلهم.

وتقاتل الدولة الإسلامية في العراق والشام حاليا على عدة جبهات، ففي سوريا تحاول عدة فصائل معارضة استعادة السيطرة على أراض وطرد الجماعة من مناطقها، وفي الوقت نفسه يقوم الجيش العراقي بحملة مشددة في محافظة الأنبار التي سيطر مقاتلو الجماعة على عدة بلدات فيها، وقد يكون عدد مقاتليها أقل إذ ربما يتراوح بين ستة آلاف وسبعة آلاف مقاتل لكن قوتها القتالية الأساسية شديدة الالتزام ويدعمها متشددون أجانب، وتوعدت الجماعة باستخدام الاغتيال وغيره من الأساليب للرد على الهجمات، وتعهدت في بيان في السابع من يناير كانون الثاني بسحق مقاتلي المعارضة السورية ولم تبد أي بادرة مصالحة رغم دعوات جبهة النصرة للهدنة.

جبهة النصرة: تتألف هذه الجماعة المسلحة القوية من متشددين سوريين وأجانب وأقرتها رسميا القيادة المركزية للقاعدة فرعا للتنظيم في سوريا، وكانت الجبهة من أولى الجماعات التي استخدمت اساليب مثل الهجمات الانتحارية وتفجير السيارات الملغومة في المدن، ومع ذلك تعتبر جبهة النصرة أكثر تسامحا وأقل صرامة في تعاملها مع المدنيين وجماعات المعارضة الأخرى مقارنة مع الدولة الاسلامية في العراق والشام، ويقدر عدد أعضاء جبهة النصرة بما بين سبعة آلاف وثمانية آلاف شخص وتعاونت الجماعة مع معظم فصائل المعارضة المسلحة في سوريا لكنها تتبع تفسيرا متشددا للإسلام وتدعو إلى إقامة دولة إسلامية، وتعمل الجماعة في تعاون وثيق مع كثير من الجماعات الاسلامية السورية الأخرى، وشاركت في بعض المعارك في الآونة الأخيرة ضد الدولة الاسلامية في العراق والشام.

الجبهة الإسلامية: هي تحالف لست جماعات إسلامية كبيرة، ويعتقد أن هذا التحالف أكبر جيش للمعارضة المسلحة يحارب في سوريا، وأضعف تشكيل الجبهة في نوفمبر تشرين الثاني المجلس العسكري السوري الذي يدعمه الغرب إذ حرمه من بعض اعضائه الأساسيين فيه مثل لواء التوحيد كما زاده بعدا عن جماعات إسلامية قوية مثل كتائب أحرار الشام، وأعضاء الجبهة الإسلامية متشددون سنة ينشدون تحويل سوريا إلى دولة إسلامية لكنهم أكثر قبولا للجماعات الأخرى من الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة.

ويقول محللون إن عدد المقاتلين الذين جمعتهم الجبهة تحت لوائها يتراوح بين 40 ألفا و50 ألفا، لكن ما زال غير واضح إن كانت ستحقق نجاحا أكبر مما حققته تحالفات المعارضة المعتدلة الفاشلة التي تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر في التنسيق بين جماعات المعارضة المسلحة المعروفة بالتشرذم وقيادة جهودها، وخاضت وحدات من الجبهة الإسلامية معارك هذا العام ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام.

القيادة العسكرية العليا: القيادة العسكرية العليا هي جماعة معتدلة غير أيديولوجية حلت محل القيادة السابقة في الجيش السوري الحر الهيكل الأصلي لمقاتلي المعارضة، ولم يتمكن من سبقوا القيادة العسكرية العليا في الجيش السوري الحر قط من تشكيل هيكل تنظيمي أو قيادي متماسك وواجهت القيادة العسكرية العليا تحديات مماثلة، وتحظى القيادة العسكرية العليا بدعم قوى غربية مثل الولايات المتحدة بالإضافة إلى تركيا ودول عربية خليجية ولم تتمكن قط من تغيير الانطباع بين جماعات المعارضة المحلية بأنها قيادة وافدة من الخارج، وقضى كثير من زعماء القيادة جانبا كبيرا من وقتهم خارج سوريا، ولم يستطيعوا أيضا تأمين امدادات مستمرة من المال والسلاح من مانحين أجانب، وتلقت القيادة وهي لا تزال تعمل بصفة رمزية ضربة كبيرة بتشكيل تحالف الجبهة الإسلامية في نوفمبر تشرين الثاني 2013 وهو ما حرمها من بعض أكبر أعضائها وحلفائها وألحق مزيدا من الضرر بشرعيتها.

جبهة ثوار سوريا: شكل هذا التحالف الذي يضم وحدات مقاتلة أغلبها غير أيديولوجي في ديسمبر كانون الأول وساعد في بدء حملة متنامية على مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام المتشددين، والعمود الفقري لهذه الجماعة هو لواء شهداء سوريا الذي كان يوما ما جماعة قوية في محافظة إدلب الشمالية بقيادة جمال معروف، وتراجعت شعبية معروف ومقاتليه كثيرا في إدلب بعد اتهام جماعات اسلامية منافسة لهم بالاستيلاء على أموال مخصصة للقتال، وخلافا لمعظم تشكيلات المعارضة المسلحة الأخرى لا تبدو للجماعة توجهات أيديولوجية واضحة برغم ان أغلب مقاتلي وحداتها إسلاميون معتدلون.

ويعتقد أن جبهة ثوار سوريا تتلقى تمويلا من دول خليجية كبيرة مثل السعودية، وعلاقتها بالجبهة الاسلامية سيئة لكنها عبرت عن تأييدها للقيادة العسكرية العليا، ويرى بعض المحللين إن جبهة ثوار سوريا قد تكون محاولة أخرى لإحياء المكونات الرئيسية للجيش السوري الحر لكنها لا زالت تفتقر إلى النطاق الإقليمي الذي يمكنها من ذلك حيث ان معظم الوحدات التابعة لها من الشمال.

جيش المجاهدين: أعلن قيام هذا التشكيل المكون من ثماني جماعات سورية مقاتلة في أوائل يناير كانون الثاني وبدأ على الفور حملة على الدولة الإسلامية في العراق والشام وهو ما دفع كثيرا من المراقبين إلى الاعتقاد أن داعمين خليجيين شكلوه للتصدي للجماعة المتشددة، ويعتبر جيش المجاهدين الذي يقول إن عدد مقاتليه خمسة آلاف تنظيما اسلاميا معتدلا، ومعظم الفصائل التي انضمت إليه صغيرة نسبيا ولا يعرف الكثير عن هذا التنظيم الجديد حتى الآن، لكن جيش المجاهدين وجبهة ثوار سوريا يقودان الحملة على الدولة الإسلامية في العراق والشام والتي بدأت في كثير من مناطق سيطرة المعارضة في شمال سوريا وشرقها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/شباط/2014 - 25/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م