دبي.. عودة اقتصادية على وقع الفقاعة العقارية

 

شبكة النبأ: تسعى إمارة دبي إحدى أهم مراكز الاقتصاد العالمي، ومن خلال الخطط والقرارات والقوانين الجديدة التي تهدف الى ترسيخ مكانتها الاقتصادية التي تأثرت بشكل سلبي بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، وتتمتع دبي بموقع إستراتيجي متميز وبنية تحتية متطورة مكنتها من ان تكون مركز جذب مهم للكثير من القطاعات الاقتصادية والمستثمرين من جميع أنحاء العالم كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان دبي وعلى الرغم من وجود مخاوف الاقتصادية لدى البعض لاتزال قوة اقتصادية متينة وملاذ امن للعديد من الشركات العالمية بفضل السياسات الخاصة والدعم المتواصل من قبل الحكومة التي بشكل دائم على اراء ودراسات كبار الخبراء.

وفي هذا الخصوص تتطلع دبي للاستفادة من تدفق الاستثمارات اليها مع فوزها بحق استضافة المعرض الدولي اكسبو في العام 2020، وذلك بعد سنوات قليلة من مواجهتها التداعيات القاسية للازمة المالية العالمية والفقاعة العقارية التي شهدتها. وفازت دبي الاماراتية على ساو باولو البرازيلية وازمير التركية وايكاتيرينبرغ الروسية في التصويت الذي جرى في العاصمة الفرنسية باريس لتحديد المدينة المضيفة للمعرض الدولي.

وتوقعت دبي ان تبلغ استثماراتها المباشرة في اكسبو 2020 حوالى 6,8 مليار دولار على ان يستقطب الحدث العالمي 25 مليون زائر وان يساهم في خلق حوالى 280 الف وظيفة. اما العائدات المتوقعة فهي بحدود 38 مليار دولار ستضاف الى اجمالي الناتج المحلي لدبي، وتمثل هذه الاضافة ما يوازي 44% من الناتج المحلي للإمارة في 2012. وتبلغ مساحة الموقع الذي اختير لبناء منشآت المعرض عليه حوالى 438 هكتارا، وهو على مسافة متساوية بين مطاري دبي وابوظبي عاصمة الامارات.

وقالت مونيكا مالك كبيرة المحللين الاقتصاديين في بنك اي اف جي هيرميس اميريتس للاستثمار ان "نجاح ملف دبي لاستضافة الاكسبو يفترض ان يلعب دور الشرارة التي ستحفز مزيدا من النمو في الاستثمار في دبي، بما يؤدي الى تعزيز قدرة الاقتصاد ككل". وبالرغم من ان نسبة كبيرة من الاستثمارات المنتظرة في دبي هي في الاساس جزءا من الرؤية الاستراتيجية للإمارة للعام 2020 بغض النظر عن استضافة المعرض، الا ان مالك اكدت ان نجاح ملف الامارة "سيزيد من الثقة في دبي وسيسرع التنفيذ".

وقد تحولت الامارة من ميناء هادئ على ساحل الخليج في خمسينيات القرن الماضي الى مركز اقليمي للنقل والسياحة والتجارة والخدمات المالية. وقالت مالك ان "استضافة الاكسبو بنيت على اساس القطاعات الرئيسية وهي السياحة والتجارة والنقل، وستكون نتائجها في نطاق اوسع بكثير من منطقة المعرض". وبحسب مالك، فان نمو اقتصاد الامارة يفترض ان يكون بين 5,5% و6% في 2014 مقارنة ب4,9% في 2013.

من جهته، توقع مصرف دويتشي بنك بان دبي بحاجة الى استثمارات ب43 مليار دولار لتطوير بناها التحتية فيما القسم الاكبر من هذه الاستثمارات ستذهب الى قطاع الفنادق والترفيه. بحسب البنك، فان عشرة مليارات دولار من هذا المبلغ يفترض ان تذهب الى البنى التحتية للنقل. اما بنك باركليز فقد توقع ايضا ان يدفع فوز ملف دبي بالنمو قدما ليصل الى معدل 6,4% سنويا في السنوات الثلاث المقبلة، مع احتمال ان يرتفع الى 10,5% سنويا حتى العام 2020.

ويتعافى اقتصاد دبي بسرعة من تداعيات الازمة المالية العالمية التي اسفرت عن انكماش الناتج المحلي للامارة بنسبة 2,4% في 2009، وذلك مع انهيار القطاع العقاري بعد سنوات من الفورة، ومواجهة الشركات المرتبطة بالحكومة صعوبات في سداد ديونها الضخمة. واهتزت الاسواق العالمية في تشرين الثاني/نوفمبر 2009 عندما اعلنت مجموعة دبي العالمية التابعة للحكومة تجميد استحقاقات ديون تبلغ حوالى 26 مليار دولار.

الا ان المجموعة نجحت في اعادة هيكلة الديون بفضل اتفاقات مع الدائنين. لكن الشركات المرتبطة بالامارة ما زالت تحمل ديونا ضخمة تقدر ب103 مليار دولار، وهي ديون ترخي بثقلها على الحكومة والشركات المرتبطة بها حتى الآن بحسب باركليز. وتمكن اقتصاد دبي الذي يعتمد بشكل شبه كامل على قطاعات غير مرتبطة بالنفط، من العودة الى النمو اعتبارا من العام 2010. ونما اقتصاد الامارة بنسبة 2,85% في 2010 و3,7% في 2011 و4,4% في 2012 مع تعافي القطاعات الحيوية بسرعة. وبدوره بدأ القطاع العقاري بالتعافي اعتبارا من العام الماضي مع ارتفاع اسعار العقارات بعد ان خسرت اكثر من نصف قيمتها، ومع ارتفاع اسعار الايجارات ايضا.

وقال دويتشي بنك ان اسعار العقارات ارتفعت بنسبة 50% مقارنة بمستويات الربع الثالث من 2011، الا انها ما تزال دون مستويات القمة التي سجلت في صيف 2008 بنسبة 45%. وقد تكون المرحلة المتفائلة التي سبقت التصويت على حق استضافة اكسبو 2020 قد ساهمت في رفع اسعار العقارات والايجارات اذ يعول اصحاب العقارات على ارتفاع في الطلب، ما زاد المخاوف من تضخم الاسعار. بحسب فرانس برس.

كما ان ارتفاع اسعار العقارات قد يكون مرتبطا ايضا بارتفاع الطلب من قبل المستثمرين القادمين من دول الشرق الاوسط التي تعاني من اضطرابات سياسية، الى دبي المستقرة. وفي مؤشر واضح على التوجه لتجنب تكون فقاعة عقارية جديدة، ادخلت السلطات سلسلة من التدابير التي تشمل خصوصا مضاعفة قيمة تسجيل العقارات من 2 الى 4% من قيمة العقار، وتحديد نسبة التمويل العقاري الذي تقدمه البنوك. ومؤخرا، منعت شركة اعمار العقارية العملاقة موظفيها من عمليات اعادة البيع للوحدات العقارية قبل انتهاء بنائها وتسليمها. وتهدف هذه التدابير الى الحد من عمليات البيع المتكررة قبل انتهاء اعمال البناء، وهي ممارسة كانت في اساس تكون الفقاعة العقارية السابقة.

أسعار المنازل

في السياق ذاته قالت جونز لانج لاسال الاستشارية إن أسعار المنازل في دبي تقل بنسبة 15 بالمئة فقط عن ذروتها المسجلة في 2008 وإنها ستعود إلى مستوياتها المرتفعة قبل الأزمة في غضون 18 شهرا. وفاقت الإمارة جميع الأسواق العقارية الكبرى العام الماضي إذ قفزت أكثر من 22 بالمئة مع تدشين مشروعات عقارية حكومية بمليارات الدولارات زادت من شهية المستثمرين للشراء. ورغم ذلك أثار النمو السريع مخاوف من احتمال تكرار الفقاعة العقارية التي هوت بالأسعار إلى أقل من النصف بعد الأزمة المالية العالمية في 2008.

وقال كريج بلامب رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط وشمال افريقيا في جونز لانج لاسال خلال مؤتمر لإصدار تقرير بخصوص اتجاهات سوق العقارات في الإمارات العربية المتحدة "نتوقع أن تقترب الأسعار جدا من مستويات ما قبل الأزمة. وقد وصلت بالفعل إلى هذا المستوى في بعض المناطق." وأضاف "من المرجح أن نعود إلى تلك المستويات في الأشهر الثمانية عشر المقبلة."

وكان صندوق النقد الدولي حذر في يناير كانون الثاني من احتمال حدوث فقاعة إذا لم يتم تنفيذ المشروعات الحكومية الضخمة بعناية. غير أن تقرير جونز لانج لاسال قال إن المستثمرين باتوا أكثر حذرا وإن القواعد الحكومية الجديدة الرامية لاحتواء المضاربات قللت من خطر حدوث فقاعة أخرى. وأضافت الشركة الاستشارية أن الأسعار ستستمر في الزيادة عام 2014 لكن ليس بنفس سرعة العام الماضي. بحسب رويترز.

وقال بلامب إن إيجارات المنازل في دبي ستزيد ما بين عشرة وعشرين بالمئة. وقالت جونز لانج سال إن من المقرر بناء 27 ألف منزل جديد في 2014 مع استكمال شركات التطوير العقاري لمشروعات تأجلت على مدى السنوات القليلة الماضية. وقال بلامب "لن يتم بناؤها جميعا في الوقت المحدد لها. لذا يمكننا القول إن 20 ألف وحدة على الأقل ستدخل السوق."

قرارات ومقترحات

من جانب اخر اعتمد حاكم دبي قانونا يلزم جميع أرباب العمل في الإمارة بتوفير التأمين الصحي للعاملين الأجانب في خطوة من شأنها إحداث زيادة كبيرة في الإنفاق على التأمين الصحي للسكان البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة. وينفذ القانون الذي لم ينشر نصه الكامل على مدى ثلاثة أعوام ويلزم أرباب العمل بمنح كل عامل "تغطية تأمينية أساسية" على الأقل.

وقالت هيئة الصحة بدبي في بيان إن القانون سيطبق على مراحل على مدى ثلاثة أعوام وستستمر الحكومة في تغطية المواطنين الذين يقدر عددهم بأقل من 20 بالمئة من إجمالي السكان. وتحتاج شركات التأمين لترخيص خاص من هيئة الصحة كي تصدر وثائق التأمين. وتفيد تقديرات رسمية أن ما بين 40 و50 بالمئة من سكان دبي لديهم تغطية صحية من الحكومة أو شركات تأمين صحي خاصة.

ولم تتضح تكلفة سياسة التأمين الجديدة لكن أرقام كابيتال تقدر أن التكلف سترتفع لأكثر من ثلاثة أمثالها إلى 4.8 مليار درهم بحلول عام 2016 مقارنة مع 1.3 مليار سنويا في الوقت الراهن. وفرضت أبوظبي التأمين الصحي الإجباري في 2007 وأدى ذلك لزيادة مطالبات التأمين الصحي إلى أربعة أمثالها. بحسب رويترز.

على صعيد متصل طالب حسين ناصر لوتاه، مدير عام بلدية دبي، في دولة الإمارات العربية المتحدة، بضرورة وضع قيود على امتلاك السيارات في المدينة وربط الرغبة في الملكية بالراتب الشهري وعدد أفراد الأسرة. وأضاف لوتاه أن الطرق في الإمارات تكتظ بأعداد كبيرة من السيارات، وأن أغلب مشكلات المرور في دبي تنشأ من ذهاب الموظفين إلى أعمالهم بالسيارات.

ويقول محمد عبد الكريم نعمت، مدير إدارة التراخيص بهيئة الطرق والمواصلات بإمارة دبي، إن عدد السيارات في الإمارة تجاوز مليونًا ومئة ألف سيارة، ما من شأنه زيادة الضغط على شبكة الطرق وتفاقم الأزمة المرورية. ونقلت صحيفة "ذى ناشونال" الإماراتية الصادرة بالإنجليزية عن لوتاه قوله إن "تكلفة امتلاك سيارة هنا قليلة، لذلك فإن من الشائع هنا أن تمتلك الأسرة أكثر من سيارة."

ويرى لوتاه أن رفع رسوم التأمين على السيارات ورسوم ساحات الانتظار سيكون من بين المقترحات اللازمة لمواجهة المشكلة. ودعا الجهات المعنية إلى إصدار قانون يضع قيودًا على امتلاك السيارات، مقترحًا يرفع الحد الأدني المطلوب لراتب الشخص الذي يريد شراء سيارة. كما أشار إلى إمكانية خفض حصة الشركات المستوردة للسيارات، مؤكدًا على أن تراجع عدد تلك السيارات يساهم كثيرا في حل أزمة المرور.

ومن المقرر أن تنظم دبي "يومًا بدون سيارات" وهي مبادرة تهدف إلى تشجيع الناس على استخدام وسائل المواصلات العامة في الذهاب إلى العمل، وفقًا لصحيفة غلف نيوز. وذكرت صحيفة الخليج تايمز أن المشاركة في هذا اليوم توفر فرصة للفوز بدراجة. وفي مقابلته مع صحيفة "ذي ناشيونال"، نبه لتواه إلى أن ارتفاع عدد السيارات أكبر تحديات المستقبل التي تواجه دبي. ونصح بالتركيز على شراء السيارات صديقة البيئة والكهربائية في المستقبل.

وكانت القيادة العامة لشرطة دبي قد أطلقت مبادرة "النقاط البيضاء" في سبتمبر/أيلول 2012 تضمنت رصد مكافآت وإعفاءات مالية للسائقين الملتزمين بقواعد القيادة والمرور. ولكن المبادرة مع غيرها من حملات التوعية المرورية لم تحقق نتائج ملموسة، ما اضطر مدير عام بلدية دبي إلى التفكير بفرض قيود على امتلاك السيارات بعد ثبوت عدم فاعلية المبادرات.

وفاة وليام داف

الى جانب ذلك توفي عن 92 عاما مصرفي بريطاني ساهم في نهضة دبي وتحولها إلى مركز مالي عندما عمل مستشارا لحاكمها في الستينات. وكان الاسكتلندي وليام داف وفد إلى دبي بعد فترة عمل كمصرفي في الكويت وأصبح في 1960 مستشارا ماليا لحاكمها الراحل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم. وفي ذلك الوقت كان عدد سكان الإمارة حوالي 50 ألف نسمة واقتصادها يقتصر على صيد الأسماك والرعي وتجارة محدودة عبر الخليج بالقوارب الخشبية.

وأقام داف دائرة جمارك دبي ودائرة المالية وساعد في تأسيس مرفق الكهرباء بالإمارة ثم اضطلع بدور محوري في إقامة المنطقة الحرة لجبل علي التي تضم أكبر ميناء في الشرق الأوسط. والإمارة الآن أكبر مركز مالي في المنطقة وبعدد سكان يتجاوز المليوني نسمة. وتلقى داف تعليما في أكسفورد وكان يتحدث العربية الفصحى واقترب من الدائرة الداخلية للأسرة الحاكمة في وقت كان رب عمله والأعضاء البارزون الآخرون في الأسرة الحاكمة لا يتحدثون الانجليزية. بحسب رويترز.

وقالت ابنته شيلا داف إيرلز "ذهب للقاء الشيخ راشد ونشأت بينهما صداقة على الفور. كانا يستمتعان بالذهاب في رحلات إلى اسكتلندا معا. لم تكن مجرد علاقة عمل .. كانت علاقة صداقة أيضا." وقال أنتوني هاريس سفير بريطانيا السابق إلى الإمارات العربية المتحدة "لقد اضطلع بدور مهم حقا في نمو الإمارات. كانت عجلة القيادة بيد الشيخ راشد. لكن حول الشيخ راشد تحلق موظفون مخلصون .. مخلصون بمعنى أنهم نفذوا الأفكار المقررة أيا كانت." وتقاعد داف في دبي وسيدفن هناك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/شباط/2014 - 23/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م