مصر في انتظار الرئيس.. وجه ديمقراطي بقلب دكتاتوري

 

شبكة النبأ: يترقب الجميع ما سوف تنتهي اليه الاحداث في مصر، بعد حقبة حكم الاخوان والدستور الجديد، والبرلمان القادم والتوقعات بترشح السيسي لرئاسة مصر، وسط الخوف من تزايد احداث العنف وتهميش الحريات كما يشير اغلب المتابعون.

وقد انقسم الشارع المصري نتيجة للأحداث المتراكمة التي أعقبت سقوط جمهورية الاخوان على يد الجيش، الى مؤيد ومعارض، والقاسم المشترك بينهما هو ضرورة سير مصر نحو الاستقرار ومكافحة الإرهاب، لكن بعيداً عن قمع الحريات واستخدام القوة المفرطة تجاه الأطراف الأخرى، وربما تجاه من ايد الثورة والجيش في بداية الامر.

من جانب اخر قال المرشح الرئاسي السابق في مصر عبد المنعم أبو الفتوح إن المصريين سيثورون مرة أخرى على ما وصفه بالحكم العسكري بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي قال إنها واسعة النطاق وكذلك بسبب الضائقة الاقتصادية، ويتعثر مسار الانتقال السياسي والتقدم الاقتصادي في مصر منذ انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.

وفي يوليو تموز أعلن قائد الجيش المشير عبد الفتاح السيسي عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بعد احتجاجات حاشدة على حكمه، وقال أبو الفتوح وهو عضو قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين جاء رابعا في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة التي أجريت عام 2012 وفاز بها مرسي "الشعب (سوف) يغضب مرة أخرى ويقوم بثورة للإطاحة بهذا القمع، الشعب المصري لن يقبل هذه المسائل"، وأضاف "القمع الحالي أسوأ من أيام مبارك عشرات المرات".

وأبو الفتوح (62 عاما) من الإسلاميين القلائل الذين استمر نشاطهم العلني بعد الحملة على جماعة الإخوان المسلمين التي كان من شأنها دخول مرسي وألوف آخرين من قياديي وأعضاء الجماعة السجون، وقتل مئات من مؤيدي الرئيس السابق في العنف السياسي الذي أعقب عزله، كما قتل مئات من رجال الأمن.

وقال أبو الفتوح إن رجال مبارك عادوا للانتقام ويصرون على سحق الحريات التي كانت من مكاسب انتفاضة 2011 من أجل حماية مصالحهم وممارساتهم الفاسدة، على حد قوله، وقال أبو الفتوح "ما يحدث الآن هو ضد ثورة يناير، وهذا لن يكون، وأضاف أبو الفتوح وهو طبيب متقاعد أن مصر أصبحت دولة فاشلة.

وقال إنه قرر ألا يخوض انتخابات الرئاسة المقبلة لأن السلطات أقامت في البلاد ما قال إنها جمهورية الخوف وكذلك لأن وسائل الإعلام التي تملكها الدولة ووسائل الإعلام التي يملكها رجال أعمال من عهد مبارك صارت بعيدة عن اللعب النزيه كما يقول، وقال أبو الفتوح الذي يرأس حزب مصر القوية "هل يستطيع أي متابع أن يقول إن الانتخابات القادمة (ليست) محسومة لصالح الفريق السيسي؟ لا أحد يستطيع القول بغير ذلك".

وأضاف "بعد كل (هذه) الدعاية سبعة شهور بكل وسائل الإعلام الرسمي والخاص وأموال رجال الأعمال التي ملأت حواري وزقاقات مصر هتافا باسم السيسي، سواء هو يريد هذا أو لا يريده.

ولم يؤكد السيسي حتى الآن أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية لكن يتوقع على نطاق واسع أن يعلن ذلك قريبا وأن يفوز بأغلبية ساحقة في الانتخابات التي ستجرى خلال بضعة شهور، ويحظى السيسي بتأييد حماسي من جانب مصريين كثيرين شعروا بالارتياح للخلاص من رئاسة مرسي لكنه يوصف من جانب مؤيدي مرسي بأنه قائد انقلاب.

وقال أبو الفتوح إن شعبية السيسي مصطنعة وإن المصريين تعرضوا لعملية غسل مخ وسيفقدون صبرهم مرة أخرى إذا استمرت مصر على نهجها الحالي، وقال "مصر ممكن تدخل في انهيار اقتصادي لو استمر الوضع هكذا"، وأضاف إن مصر في حالة ازمة اقتصادية وما يدفع الأمور للأمام ما يأتي من أموال من دول الخليج. بحسب رويترز.

ومضى يقول "لكن لا يمكن أن يستمروا في دعم النظام الفاشل الحالي"، وحجبت السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت مساعداتها عن مرسي بسبب شكوك تساورها في جماعة الإخوان المسلمين وقدمت لمصر مليارات الدولارات منذ عزله، وكان أبو الفتوح عضوا قياديا في جماعة الإخوان المسلمين حتى عام 2011 عندما طردته الجماعة لرغبته في الترشح للرئاسة بعد إسقاط مبارك.

وسجن أبو الفتوح في عهد مبارك ووجه انتقادات شديدة لحكم مرسي وطالب بانتخابات رئاسية مبكرة قبل عزله، وقال أبو الفتوح إنه سيكون من الصعب القضاء على جماعة الإخوان المسلمين التي نجت من حملات قمع على مدى عقود، ودعا أبو الفتوح جماعة الإخوان والجيش إلى التوصل لحلول وسط من خلال الحوار لتحقيق الاستقرار في البلاد، وقال إن جماعة الإخوان المسلمين تقول إن عدد أعضائها مليون عضو، وأضاف "لو كل واحد من (هؤلاء) معه خمسة أو عشرة متعاطفين ماذا نفعل بهم؟ هل نبيدهم مثلا؟".

سجناء الرأي

فيما دعا السياسي اليساري المصري حمدين صباحي إلى الإفراج عمن سماهم سجناء الرأي وذلك بعد أيام من إعلان عزمه الترشح لخوض سباق انتخابات الرئاسة، وتستعد مصر لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في غضون ستة أشهر وذلك وفقا لخارطة طريق للانتقال السياسي وضعها الجيش الذي عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي في شهر يوليو تموز الماضي عقب احتجاجات عارمة مناهضة لحكمه.

وقال صباحي في مقابلة مع قناة تلفزيونية خاصة "الآن في مصر سجناء رأي حقيقيون، شباب بالغ الإخلاص لهذا الوطن كان في الطليعة الأولي في 25يناير و30 يونيو هتف للحرية ولحلمه، هذا الشباب موجود في السجون الآن لا هو من الإخوان ولا هو من أصحاب العنف ولا هو مؤيد للإرهاب، لماذا يودع هؤلاء في السجون؟، هذا لا يقبل عقلا ولا منطقا ولا بمنطق السياسة".

وأضاف قوله إنه تتردد "معلومات مؤكدة عن ايذاء بدني ونفسي أي تعذيب، ولن اقبل ولن يقبل مصري ان يكتشف أن هناك عودة لهذه الأساليب التي رفضها الشعب واسقطها تحت اي حجة"، وقال صباحي إن ما سماه "مقاومة الإرهاب" قد تؤدي إلى "أخطاء نتيجة تنفيذ جهاز الشرطة لواجبه الثقيل"، وانتقد حملات الاعتقالات الواسعة التي قال إنها شملت الآن المئات "بعضهم اعرفهم شخصيا واثق فيه"، وتساءل لماذا يتم تجديد حبسهم كل 15 يوما.

وأضاف صباحي "انا أطلب ان هؤلاء بالأساليب الملائمة لدولة قانون يخرجوا الي الحرية"، وجاء صباحي البالغ من العمر 59 عاما في المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها مرسي في عام 2012، وفي ذلك الوقت اكتسب المرشح اليساري قاعدة شعبية كبيرة بين الناخبين مكنته من الفوز على مرشحين كانت حملاتهم الانتخابية تتمتع بتمويل أفضل.

ويقول نشطاء علمانيون تم القبض عليهم الشهر الماضي في الذكرى السنوية الثالثة للثورة على حسنى مبارك انهم تعرضوا للتعذيب وبعضهم تعرض لصدمات كهربائية وذلك وفقا لروايات محاميهم واقاربهم الذين التقوا بهم، ونفت وزارة الداخلية وقوع اي انتهاكات.

وقال صباحي "لا أقبل لا وجود سجين لأنه صاحب رأي وليس له علاقة بالإرهاب ولا وجود تعذيب مهما كان"، وأحال النائب العام 143 شخصا إلى محاكمة الجنايات في اتهامات بالتورط في هجوم على قسم شرطة في كرداسة في شهر اغسطس اب الماضي وهو هجوم أسفر عن مقتل 11 من رجال الشرطة. بحسب رويترز.

وكان مبنى قسم الشرطة قد تعرض لهجوم بقذائف صاروخية واحترق بعد فض الشرطة اعتصامات للإسلاميين في القاهرة في نفس اليوم وقتلها مئات من أنصار الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي.

الدستور المصري

في سياق متصل اعلنت اللجنة العليا للانتخابات ان 98،1% من المقترعين المصريين قالوا نعم في الاستفتاء على الدستور المصري الجديد الذي بلغت نسبة المشاركة فيه 38،6% ما يمنح السلطات شرعية من الصناديق لقرار عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي.

وقال رئيس اللجنة القاضي نبيل صليب في مؤتمر صحافي انه "لولا تزامن يومي الاستفتاء مع امتحانات شباب الجامعة" لزادت نسبة المشاركة التي كانت رهانا رئيسيا في هذا الاقتراع لان السلطات اعتبرتها بمثابة استفتاء على رغبة المصريين في ترشح وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الرجل القوي في البلاد للرئاسة.

وتفوق نسبة المشاركة في الاستفتاء تلك التي تحققت خلال الاقتراع على دستور 2012 الذي وضع في عهد مرسي والتي بلغت نحو 33%، ويتيح ذلك للسلطات الحصول من الصناديق على غطاء شرعي لقرار الثالث من تموز/يوليو 2013 بعزل مرسي وخصوصا ان جماعة الاخوان المسلمين دعت الى مقاطعة الاستفتاء ونظمت مسيرات احتجاجية في بعض المناطق خلال يومي الاستفتاء ادت الى اعمال عنف اوقعت 10 قتلى.

والاستفتاء هو المرحلة الاولى في العملية "الانتقالية الديموقراطية" التي وعد بها الجيش على ان تستكمل بانتخابات تشريعية ورئاسية خلال ستة أشهر من اقرار الدستور، وترك الدستور الجديد للرئيس المؤقت عدلي منصور سلطة اتخاذ القرار بإجراء الانتخابات الرئاسية ام البرلمانية اولا على ان تتم اول انتخابات خلال مهلة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر من اقراره والانتخابات الثانية خلال مدة لا تزيد عن ستة أشهر.

وقال مصدر مقرب من الرئاسة المصرية ان منصور سيعلن قريبا عن اجراء انتخابات الرئاسة اولا وعن موعدها، وإذا ما ترشح السيسي للرئاسة سيتعين عليه الاستقالة من منصبه كوزير للدفاع وبالتالي فان تعديلا وزاريا سيجري فور اعلانه قرار ترشحه، بحسب وسائل الاعلام المصرية.

وعنونت صحيفة اخبار اليوم الحكومية ان كل الطرق تفضي الى السيسي رئيسا للجمهورية، وعندما أعلن السيسي عزل مرسي في الثالث من تموز/يوليو الماضي أكد انه يستجيب لإرادة ملايين المصريين الذين نزلوا الى الشوارع في 30 حزيران/يونيو للمطالبة برحيله غير ان أنصار مرسي الذين تعرضوا لقمع دموي يتهمونه بالقيام ب"انقلاب عسكري".

واكد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات (المؤسسة الاعلامية للحكومة) صلاح الدين عبد الصادق ان نتيجة الاستفتاء تثبت "ان (نزول الملايين في) 30 حزيران/يونيو (2013) كان ثورة شعبية مصرية"، واضاف ان المشاركة الكبيرة في الاستفتاء "تدحض تشكيكات المغرضين" في اشارة الى جماعة الاخوان ومؤيديها.

ولكن مدير منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان كينيث روس كتب على تويتر ان "الحكومة المصرية لا تدرك بالتأكيد ان نسبة تأييد تصل الى 98% لأي شيء تعني ان الحملة لم تكن نزيهة"، وتتابع الادارة الاميركية عن كثب نتائج الاستفتاء في مصر ولكنها لم تقرر بعد ما اذا كانت ستلغي ام لا قرار تجميد 1،5 مليار دولار من المساعدات العسكرية لمصر، بحسب ما قالت وزارة الخارجية.

وكانت السلطات المصرية اعلنت في كانون الاول/ديسمبر الماضي جماعة الاخوان المسلمين "منظمة ارهابية" وهي تؤكد اصرارها على مواصلة تصديها للجماعة، واضافة الى التظاهرات المناهضة للاستفتاء دعت جماعة الاخوان الى تظاهرات في 25 كانون الثاني/يناير في الذكرى الثالثة للثورة التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك في 2011.

وفي المعسكر الاخر طلب وزير الداخلية من أنصار السلطات الجديدة التظاهر بأعداد كبيرة في ذلك اليوم في مواجهة مؤيدي الاخوان، وتواجه جماعة الاخوان التي فازت بكل الانتخابات منذ الثورة في 2011، صعوبة في تعبئة مناصريها في ظل القمع الذي أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص واعتقال الالاف في صفوفها. بحسب فرانس برس.

ومنذ اعلان جماعة الاخوان "منظمة ارهابية" قد يتعرض قادتها لعقوبة الاعدام والمشاركون في تجمعاتهم للسجن خمس سنوات فيما لا يزال مرسي في السجن وتتم محاكمته، وبالإضافة الى اعمال العنف خلال التظاهرات، هزت البلاد اعتداءات دامية عدة نسبت الى اسلاميين متطرفين واستهدفت خصوصا قوات الامن.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/شباط/2014 - 21/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م