العنصرية حول العالم.. بين سياسات التمييز وشعارات الحرية الزائفة

 

شبكة النبأ: لا تزال الكثير من دول العالم وعلى الرغم الاتفاقيات والتعهدات الدولية التي تنص على احترام الحقوق والحريات، تعانى من انتشار مظاهر التمييز العنصري المبني على أساس اللون أو العرق أو الدين أو العقيدة، حيث أصبحت هذه المشكلة المتفاقمة من أهم القضايا لدى المنظمات الحقوقية والإنسانية وخصوصا في الدول المتقدمة التي تشهد تنامي تيارات التمييز ضد الأجانب المهاجرين وباقي الأقليات الأخرى، التي تعاني من والمضايقات والانتهاكات اليومية المستمرة من قبل بعض الحكومات او الجماعات او الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي تعمل على تعميق وإثارة مشاعر الكراهية ضد تلك الأقليات او حتى ضد مواطنيهم على أساس عرقي أو ديني، وفي هذا الشأن فقد عززت الأبحاث المتقدمة في السنوات الأخيرة في مجال العلوم الوراثية، عن غير قصد أصحابها، النظريات العنصرية القديمة في الولايات المتحدة، بحسب ما يحذر علماء أميركيون. ويعزز مخاوف العلماء ما يعمد اليه بعض الباحثين من تقسيم الأجناس البشرية ومحاولة إعطاء كل جنس خصائص عضوية وسلوكية وثقافية خاصة.

وقالت نينا جابلونسكي أستاذة الانتروبولوجيا في جامعة بن ستايت في بنسلفانيا "ان علم الوراثة يساعدنا كثيرا في مجال العلاج الطبي، لكنه علم قد يساء استخدامه وقد يوظف في خدمة الأفكار العنصرية". وكمثال على ذلك، تشير الباحثة الى دراسات خلصت الى تقسيم الأطفال بحسب قدراتهم المكتسبة من كونهم ينتمون الى عرق أو آخر، وتوزيعهم على هذا الأساس على مدارس مختلفة. وتقول "انه امر مقلق جدا وهو يذكرنا بنظام الفصل العنصري الذي كان قائما في مدارس الجنوب الاميركي" حتى حظره في العام 1954.بحسب فرانس برس.

فقد أظهرت أبحاث حديثة ان ذوي البشرة السوداء يتمتعون أكثر من البيض بفئات دم تساعدهم على المناعة من أمراض مثل الملا ريا. لكن باحثين يرون انه من الخطأ اختزال الفروقات الصحية بين السود والبيض بموضوع الجينات. ويقول الباحث جوزيف غرايفز "الفكرة وراء هذا الاختزال هو القول ان أسلاف الأفارقة كانوا يعانون من الأمراض ومن ارتفاع نسبة الوفيات، وهو ما اسميه أسطورة الإفريقي المريض جينيا". ويضيف "لكن في الحقيقة اذا ما اردنا ان نفهم لماذا يتمتع الاميركيون بصحة افضل من الافارقة، علينا ان نأخذ بعين الاعتبار عوامل كثيرة اهمها مستوى الدخل".

فضيحة في إسرائيل

في السياق ذاته رفضت مؤسسة "نجمة داوود الحمراء" والتي يطلق عليها في إسرائيل "ماغن ديفيد ادوم"، الموازية في الدولة العبرية لمنظمتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر، قبول تبرع بالدم من النائبة السوداء من أصل أثيوبي بنينا تامانو-شاتا. وأرادت النائبة التبرع بدمها في إطار عملية تبرع نظمتها المؤسسة الإنسانية داخل البرلمان الإسرائيلي. لكن مسؤولة في هذه الهيئة قالت لها إن "وفق تعليمات وزارة الصحة من غير الممكن قبول دم لشخص من أصل يهودي أثيوبي".

وتم تصوير الوقائع بكاميرا فيديو، وأثار رفض التبرع فضيحة في إسرائيل. وتعتبر وزارة الصحة الإسرائيلية أن دم اليهود من أصل أثيوبي غير المولودين في إسرائيل يمكن أن ينشر أمراضا بينها، بحسب وسائل الإعلام المحلية. وعبرت النائبة عن غضبها تجاه هذه "الإساءة لجماعة بأسرها بسبب لون البشرة"، وقالت في مقابلة مع القناة العاشرة "عمري 32 عاما ووصلت في سن الثالثة إلى إسرائيل ولدي طفلان، ليس هناك أي سبب لمعاملتي بهذه الطريقة". وذكرت بأن مظاهرة كبيرة لليهود الأثيوبيين نظمت في القدس قبل 16 عاما إثر كشف وسائل الإعلام عن تخلص السلطات الصحية الإسرائيلية من الدم الذي يتبرع به هؤلاء. واضافت بنينا باسف "ومنذ ذلك العهد وتلك المظاهرة التي شاركت فيها، لم يتغير شيء". بحسب فرانس برس.

وافاد موقع "واي نت" انه بعد مشاورات قال مسؤولو الهيئة الاسرائيلية المعنية انهم على استعداد لتلقي دم النائب لكن سيتم تجميده ولن يستخدم. واتصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ببنينا ليعبر لها عن "إعجابه" وأكد أنه سينظر في التعليمات التي تسببت في هذه الحادثة. وببنينا عضو في حزب "يش عتيد" الوسطي العضو في الائتلاف الحاكم. وهاجر أكثر من مئة ألف يهودي أثيوبي إلى إسرائيل في الثلاثين سنة الماضية. ويعيش حاليا أكثر من 120 ألف يهودي أثيوبي في اسرائيل بينهم 80 ألفا ولدوا في أفريقيا ويعانون من التمييز في إسرائيل.

وزيرة سوداء

الى جانب ذلك طلبت وزيرة الهجرة، اول وزيرة سوداء في تاريخ ايطاليا، في روما بالوقف الفوري للتصريحات العنصرية التي تتعرض لها منذ تعيينها في هذا المنصب خصوصا من حزب رابطة الشمال. وقالت سيسيل كينغي لدى عرضها مشروع خطة وطنية لمكافحة العنصرية "اذا لم يضع (سكرتير رابطة الشمال روبرتو) ماروني حدا لهجمات ناشطي الرابطة لن اشارك في المؤتمر بمناسبة عيد الرابطة ".

وفي وقت سابق تعرضت الوزيرة للرشق بالموز خلال تجمع سياسي ما اثار استياء داخل الطبقة السياسية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي. ومنذ تعيينها تتعرض الوزيرة واصلها من جمهورية الكونغو الديموقراطية لحملة عدائية من حزب رابطة الشمال حليف حزب شعب الحرية الذي يتزعمه سيلفيو برلوسكوني الذي انتقل الى صفوف المعارضة. كما شبه احد قادة رابطة الشمال السناتور روبرتو كالديرولي الوزيرة بقرد. بحسب فرانس برس.

وقالت الوزيرة "حتى وان كانت افكارنا مختلفة" على الافراد والقوى السياسية ان "تتواجه حول الافكار وليس عبر الشتائم". واوضحت "من هذا المنطلق قبلت ان اتواجه مع حاكم (منطقة فينيتو العضو في رابطة الشمال لوكا) زايا خلال عيد رابطة الشمال في اميليا-رومانيا. واضافت "لكن اعتبر اني لن اتمكن من احترام هذا التعهد الا اذا دعا ماروني مناصريه الى الكف فورا عن الهجمات المستمرة ضد شخصي والهجمات الكلامية التي لا تهينني فقط بل تهين الضمير المدني في هذا البلد". وقالت "وفي حال لم يحصل ذلك سأضطر الى رفض الدعوة".

عربات الكراهية وهجمات عنصرية

من جانب اخر سعى أكبر اتحاد تجاري في بريطانيا إلى الحصول على استشارة قانونية بشأن إن كانت وزارة الداخلية البريطانية تحرض على العنصرية" بإرسال سيارات للنقل تجوب لندن كتب عليها "إذا كنت مهاجرا غير شرعي عد إلى بلادك". وقال لين ماكلسكي، رئيس اتحاد "يونايت"، إن الملصقات التي غطت السيارات حولتها إلى "عربات للكراهية". ونفت الداخلية البريطانية أن تكون رسائلها اتسمت بالعنصرية.

وقالت دورين لورانس، والدة المراهق الأسود الذي قتل بسبب لونه عام 1993 وأثارت قضيته جدلا واسعا، إن الشرطة البريطانية تشتبه دائما في "الأشخاص الملونين". وتعالت أصوات معارضة بعد الكشف عن إلقاء القبض على نحو 140 شخصا في موجة اعتقالات استهدفت العاملين بصورة غير شرعية في المملكة المتحدة. وأشارت لورانس في حوار مع تليفزيون (اي تي في) إلى أن "التنميط العنصري" جزء من حملة "الاشتباه والتفتيش".

وقالت الخارجية إنها ليست مضطرة للاعتذار عن تطبيقها لقوانين البلاد المتعلقة بالهجرة. وذكر متحدث باسم الشرطة البريطانية أن السلطات تلقت شكوى بهذا الشأن لكن تم تقييد الواقعة على أنها ليست جريمة. لكن نيك كليج نائب رئيس الوزراء البريطاني إنه "فوجئ بتلك العربات التي كانت تجوب شمالي لندن بلا هدف سوى نشر هذه الرسائل غير المباشرة".

الى جانب ذلك قالت الشرطة ان الاف السويديين تظاهروا في ستوكهولم احتجاجا على العنصرية في اعقاب هجوم للنازيين الجدد على مسيرة صغيرة. وهاجم زهاء 30 من النازيين الجدد المسيرة المناهضة للعنصرية في ضاحية كارتورب والقوا القنينات والألعاب النارية على المحتجين. وطعن شخصان واعتقلت الشرطة 26 من النازيين الجدد.

وقدر منظمو المظاهرة في الضاحية نفسها عدد المشاركين فيها بما يربو على 16 الف شخص. وردد الحشد "اقضوا على العنصرية الان" و"لا للعنصريين في شوارعنا" وقدم فنانون سويديون بارزون عروضا على مسرح اقيم في ملعب لكرة القدم. وشهدت السويد التي ينظر اليها منذ فترة طويلة على انها أرض التسامح زيادة في تأييد اقصى اليمين مع زيادة الهجرة. بحسب رويترز.

ويحصل الحزب الديمقراطي السويدي المناهض للهجرة على حوالي عشرة في المئة في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات البرلمانية. وفي وقت سابق وقعت في ضواحي ستوكهولم وأغلب سكانها من الفقراء والمهاجرين أسوأ أعمال عنف تشهدها المدينة منذ سنوات حيث القى الشبان الحجارة على الشرطة واضرموا النيران في السيارات في اضطرابات استمرت ما يزيد على اسبوع.

التلميذة المطرودة

على صعيد متصل قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند ان تلميذة (15 عاما) اثار ترحيلها من فرنسا ضجة كبيرة قد تعود لمواصلة دراستها ولكن بدون عائلتها وهو حل وسط في اعقاب انتقادات من حلفاء يساريين. وبدأت الضجة بعد إنزال الشرطة للتلميذة ليوناردا ديبراني التي دخلت عائلتها البلاد بشكل غير مشروع عام 2009 من حافلة مدرسية امام زميلاتها ثم ترحيلها إلى كوسوفو مسقط رأس والدها.

وشارك الوف الطلاب في مسيرة في شوارع باريس والمدن المجاورة للمطالبة بعودة التلميذة إلى فرنسا وحذر اعضاء البرلمان من الحزب الاشتراكي من ان الحزب يخاطر "بفقدان روحه" بانتهاج اساليب ترحيل صارمة. وتجمع أيضا مئات الطلاب في شمال باريس للمطالبة باستقالة وزير الداخلية مانويل فالس.

وتهدف تصريحات اولوند تجاه ديبراني إلى اظهار قدر من الرأفة فيما يبدو دون اضعاف موقف وزير داخليته او تقديم مادة خصبة يمكن أن تفيد اليمين المتطرف الذي تتنامى قوته. وأدت مشاعر الاحباط تجاه الهجرة غير المشروعة ومخيمات الغجر على اطراف المدن الفرنسية إلى زيادة التأييد للجبهة الوطنية التي تمثل اليمين المتطرف قبل الانتخابات البلدية والاوروبية مما يضع أولوند في موقف حساس للغاية.

ودافع الزعيم الاشتراكي عن عملية الترحيل باعتبارها سليمة من الناحية القانونية لان عائلة ديبراني استنفدت كل سبل الحصول على اللجوء السياسي في فرنسا لكنه قال ان القرار يستند إلى ضرورة أخذ "الوضع الانساني لها" بعين الاعتبار. وقال أولوند في رسالة مسجلة صادرة من مكتبه "ستكون هي وحدها محل ترحيب مرة اخرى."

وأبلغ رئيس الوزراء جان مارك إيرو البرلمان بأن ديبراني وهي من اصول غجرية سيسمح بعودتها لفرنسا اذا وجد التحقيق ان الشرطة انتهكت القوانين باعتقالها اثناء وجودها على متن حافلة مملوكة للمدرسة.وقال أولوند مستشهدا بتحقيق من 24 صفحة في واقعة الحافلة المدرسية من وزارة الداخلية إن الشرطة لم تنتهك القوانين اثناء انزال ديبراني من الحافلة ولكن يتعين تعزيز الارشادات التي تضع قيودا على اجراءات الشرطة تجاه الممتلكات المدرسية. بحسب رويترز.

لكن ديبراني قالت انها لن تعود بدون عائلتها. وأضافت متحدثة من مدينة ميتروفيتشا في كوسوفو انها لا تريد العودة إلى فرنسا إلا بصحبة أسرتها. وقالت "رفضت لانني اريد الذهاب مع عائلتي ... انا لا استطيع تدبير امري بنفسي." وقال مصدر مقرب من المحادثات المتعلقة بالفتاة ان الخدمات الاجتماعية ستعتني بها اذا عادت إلى فرنسا.

جرائم الكراهية

في السياق ذاته أعلنت وزارة العدل الأمريكية أنها بصدد جمع معلومات عن جرائم الكراهية المرتكبة بحق من ينتمون لست أقليات دينية، وكذلك أفراد من أصول عربية. وتزامن هذا مع إحياء الذكرى السنوية الأولى لهجوم على معبد للسيخ بولاية ويسكونسن الأمريكية، قتل فيه ستة أشخاص بالرصاص. وجاء الإعلان من خلال وزير العدل، إريك هولدر، الذي ذكر في مدونة الكترونية أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي اي) سيتولى جمع البيانات بهدف توفير حماية أفضل للأقليات المعنية.

وأوضح هولدر أن هذه الأقليات هي السيخ والهندوس والبوذيين والمورمون وطائفة شهود يهوه المسيحية والمسيحيين الاثوذوكس. وكتب هولدر في مدونته "وجود معلومات دقيقة يتيح لمسؤولي تطبيق القانون وصناع السياسات اتخاذ قرارات مستنيرة في شأن توزيع الموارد والأولويات.. قرارات تؤثر على الناس وتؤثر على الأمن العام في كل حي ومجتمع."

ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول 2001، أجرت وزارة العدل تحقيقات في أكثر من 800 حادثة عنف وتهديد واعتداء وتخريب، استهدفت أفرادا من العرب والمسلمين والسيخ والمنحدرين من جنوب آسيا، بحسب هولدر. ورحب امارديب سينغ، المسؤول في ائتلاف السيخ، بالإعلان معتبرا أنه "خطوة أولى مهمة"، لكنه شدد على اعتقاده بأن الأوضاع التي تؤدي لمثل هذه الجرائم مازالت قائمة.

ونقلت وكالة اسوشيتد برس للأنباء عن سينغ قوله "شهد العام الماضي مجددا تعرض السيخ في أنحاء البلاد لإطلاق نار وللضرب. وقف (هذا) المد سيحتاج أكثر من رصد إحصاءات جرائم الكراهية." ومنذ فترة طويلة، يسعى أفراد من أقلية السيخ في الولايات المتحدة لإقرار العمل بمثل ما جاء في إعلان وزارة العدل.

من جانب اخر وافق المجلس البلدي في واشنطن على قرار يطالب بتغيير اسم نادي كرة القدم الاميركية المحترف "ريد سكينز" (ذوو البشرة الحمراء) لانه "يهين" الهنود الاميركيين. والنص الصادر عن المجلس البلدي والذي لا يتمتع باي صفة الزامية، يقترح اسم "ريد تيلز" (الاذناب الحمراء") وهو لقب كان يطلق على وحدة من الطيارين الاميركيين السود خلال الحرب العالمية الثانية.

وتطالب قبائل هنود بهذا التغيير، وهي تناضل منذ سنوات لتغيير اسماء فرق رياضية خصوصا فيها اشارة الى الهنود الاميركيين تعتبر ان فيها سخرية. وقد نجحت في بعض الحالات. وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما انه يؤيد تغيير الاسم. واكد دان سنايدر مرات عدة انه لا يريد تغيير الاسم الذي يعتبره "مصدر فخر".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/شباط/2014 - 19/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م