لبنان... اتفاقات هشة على مضض خوفا من مستقبل مجهول

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: ليست المشكلة السياسية التي تعاني منها لبنان حديثة العهد، او جاءت نتيجة لتداعيات ما يسمى بـ الربيع العربي وما خلفته من إرهاب وتداخل في الاجندات الطائفية والمذهبية في الدول المجاورة لها وبالأخص في سوريا، وانما جاءت في سياق تحصيل الحاصل.

الصراع السياسي بين الطبقات الفاعلة في لبنان شديد التعقيد، وهو نابع، في الاساس، من التقسيم الطائفي والمذهبي للسلطة فيها والذي تعارف عليه السياسيون بعد الحرب الاهلية التي دارت رحها في سبعينات القرن الماضي، إضافة الى تداخل الخطوط المعلن بين القوى الإقليمية التي تدعم هذا الطرف او ذاك من اجل تمرير اجندتها ودعم مؤيدها على حساب الطرف الاخر.

ويبدوا ان الطائفية واللعب على هذه الورقة الدينية الخطيرة هي مصير اعتاد اللبنانيون على دفع ثمنه الباهظ، في السياسية، والحياة العامة، وطريقة التأييد والتفكير، واليوم، في دخول الإرهاب الى أراضيها ايضاً، فقد تحزبت لبنان الى طرفي نقيض جراء القتال في سوريا الى جبهتين متناحرين من (السنة والشيعة) لتأييد كل طرف حسب قناعاته، فيما دخل الخط التكفيري من خلال التفجيرات التي استهدفت المدنيين من الشيعة كرسالة مقدمة من القاعدة ومن يقف ورائها الى حزب الله بضرورة الابتعاد عن المشهد السوري.

من هنا يفهم ان الاتفاقات الجزئية بين الأطراف السياسية، هي انعكاس، في واقعها، لاتفاقات أكبر او هدنه مؤقتة، عادة ما تكون هشة في أصلها، ولا يكتب لها الاستمرار طويلاً وحسب المتغيرات على المدى القصير او المتوسط.

تشكيل حكومة جديدة

فقد أعلن لبنان تشكيل الحكومة الجديدة بعد أكثر من عشرة شهور من الجمود السياسي في محاولة لتعزيز الامن والاستقرار في بلد يحاول جاهدا منع امتداد العنف من سوريا، وتولت حكومة تصريف الاعمال تسيير شؤون البلاد منذ استقالة حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في مارس اذار الماضي بسبب المشاحنات السياسية بين الاحزاب المتنافسة.

وتفاقمت الازمة اثر اصطفاف كل فريق الى جانب حليفه في الحرب الاهلية الدائرة في سوريا منذ ثلاث سنوات، وتعهد رئيس الوزراء الجديد تمام سلام في كلمة بعد التشكيل بالعمل على ترسيخ الامن ومكافحة الارهاب الذي تواجهه البلاد المتأثرة بالصراع الدائر في سوريا منذ ثلاث سنوات، وقال سلام "بعد عشرة اشهر من المساعي الحثيثة التي انطلقت اثر تكليفي باجماع من 124 نائبا والتي تطلبت الكثير من الجهد والصبر والتأني والمرونة ولدت حكومة المصلحة الوطنية التي هي حكومة جامعة تمثل في الحكومة الجامعة الصيغة الانسب للبنان بما يمثله من تحديات سياسية وامنية واقتصادية واجتماعية".

واكد سلام ان الحكومة الجديدة ستعمل على تأمين الانتخابات الرئاسية في موعدها حيث من المقرر ان تنتهي صلاحيات الرئيس ميشال سليمان في مايو ايار المقبل، وينص الدستور على ضرورة انتخاب الرئيس قبل هذه الفترة والا تصبح الرئاسة فارغة كما حدث في عام 2008، وفي حال تعذر الوصول الى اتفاق حول شخصية الرئيس المسيحي المقبل عندها تحول صلاحيات رئيس الجمهورية الى الحكومة مجتمعة ريثما يتم انتخاب رئيس جديد.

واشار سلام الى ان الحكومة الجديدة "تهدف الى تشكيل شبكة امان سياسية وتسعى الى انجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها وترسيخ الامن الوطني والتصدي لكل انواع الارهاب كما تسهل معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية الشائكة وابرزها تنامي اعداد النازحين من الاخوة السوريين وما يلقيه من اعباء على لبنان".

ويعاني لبنان من عبء الأزمة الناشئة عن حرکة النزوح الكثيفة للمواطنين السوريين الذين باتوا يشكلون اكثر من ربع سكان البلاد، ووفقا للبيان الذي قرأه على الهواء مباشرة في التلفزيون سهيل بوجي الأمين العام لمجلس الوزراء اللبناني يتولى المسيحي جبران باسيل حليف حزب الله الشيعي منصب وزير الخارجية في حين عين وزير الصحة السابق علي حسن خليل وزيرا للمالية.

وأضاف بوجي أن البرلماني نهاد المشنوق من تيار المستقبل عين وزيرا للداخلية في حين عين سمير مقبل المقرب من رئيس الجمهورية وزيرا للدفاع، وكان 124 عضوا في مجلس النواب اللبناني المؤلف من 128 قد سموا سلام رئيسا للوزراء في إبريل نيسان عام 2013 لكنه لم يتمكن من تشكيل الحكومة لعدة اشهر بسبب التناحر بين الكتل السياسية المؤلفة من 8 اذار بزعامة حزب الله الشيعي و14 اذار بزعامة سعد الحريري السني.  

وقال سلام "لقد وزعت الحقائب الوزارية الاربعة والعشرون في هذه الحكومة بما يحقق التوازن والشراكة الوطنية بعيدا عن سلبية التعطيل، كما تم اعتماد قاعدة المداورة التي سعيت اليها منذ البداية اي تحرير الحقائب من القيد الطائفي والمذهبي"، وأضاف "لقد شكلت حكومة المصلحة الوطنية بروح الجمع لا الفرقة والتلاقي لا التحدي، هذه الروحية قادرة على خلق مناخات ايجابية لاحياء الحوار الوطني حول القضايا الخلافية برعاية فخامة رئيس الجمهورية، وقادرة على تأمين الاجواء اللازمة لاجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها فضلا عن الدفع باتجاه اقرار قانون جديد للانتخابات التشريعية". بحسب رويترز.

ومضى يقول "اني امد يدي الى جميع القيادات واعول على حكمتها لتحقيق هذه الغاية وادعوها جميعا الى التنازل لصالح مشروع الدولة والالتقاء حول الجوامع الوطنية المشتركة ومعالجة الخلافات داخل المؤسسات الدستورية والالتفاف حول الجيش والقوى الامنية وابقائها بعيدا عن التجاذبات السياسية."

وفي وقت سابق وافق رئيس الحكومة اللبناني السابق سعد الحريري على ان يشارك فريقه السياسي في حكومة تضم كذلك حزب الله، في تراجع عن موقف اعلنه هذا الفريق قبل اسابيع ودعا فيه الى حكومة من دون الحزب الذي يقاتل في سوريا الى جانب قوات النظام السوري، الا انه اشترط الا يملك حزب الله داخل هذه الحكومة عددا من الوزراء يسمح له بشل قراراتها، وكانت قوى 14 آذار التي يعتبر الحريري احد ابرز اركانها اعلنت الشهر الماضي رفضها دخول حزب الله في حكومة جديدة، متهمة اياه بالوقوف مع دمشق وراء اغتيال الوزير السابق محمد شطح، مستشار الحريري، في تفجير سيارة مفخخة في بيروت في 27 كانون الاول/ديسمبر.

كما توجه هذه القوى اصابع الاتهام الى دمشق وحزب الله في سلسلة اغتيالات طالت شخصيات سياسية وامنية بين 2005 و2012، وبدات المحكمة الخاصة بلبنان التي تتخذ من لايدسندام قرب لاهاي مقرا، محاكمة اربعة عناصر في حزب الله من خمسة متهمين في اغتيال رفيق الحريري، والد سعد الحريري في شباط/فبراير 2005.

ومنذ بدأ الكلام في الصحف عن احتمال موافقة تيار المستقبل برئاسة الحريري على المشاركة في حكومة مع حزب الله، بدأت حملة مكثفة من انصار قوى 14 آذار على مواقع التواصل الاجتماعي ضد ذلك، وقال الحريري "لن نقبل بالثلث المعطل"، في اشارة الى الثلث زائد واحد من اعضاء الحكومة الذي كان يطالب به حزب الله والذي يسمح له بتعطيل قرارات حكومية لا يوافق عليها، وذكر مسؤولون يشاركون في المفاوضات لتشكيل حكومة جديدة اخيرا انه قبل بالتراجع عنه، وبان يكون له عدد وزراء مساو لعدد وزراء الفريق المناهض له في الحكومة.

كما اكد الحريري انه لن يغطي مشاركة حزب الله في القتال في سوريا وسيطالب بتكريس سياسة تحييد لبنان عن النزاع السوري التي كان اتفق عليها الافرقاء اللبنانيون في بداية الازمة السورية، وقال الحريري "نعم انا اسير مع الثورة السورية وعلى رأس السطح، لكن الفرق بيني وبين الآخرين انني اسير معها سياسيا، انا لا ارسل الاف الجنود واعود بجثث الى لبنان"، في اشارة الى مقتل العشرات من عناصر حزب الله في سوريا خلال الاشهر الاخيرة.

الخلافات السياسية

من جهته اعتبر الزعيم السني اللبناني رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في كلمة القاها بمناسبة الذكرى التاسعة لاغتيال والده رفيق الحريري ان مواجهة الارهاب تكون بقيام حزب الله الشيعي بسحب عناصره التي تقاتل في سوريا من هذا البلد، والقى الحريري كلمته خلال هذا الاحتفال الذي اقيم بالمناسبة في بيروت عبر شاشة عملاقة نصبت في المكان بسبب وجوده خارج لبنان منذ بضع سنوات لأسباب امنية.

وقال الحريري ان "مواجهة الإرهاب تتطلّب قراراً سريعاً من حزب الله بالخروج من سوريا، والتخلّي عن وهم الحرب الاستباقية والاعتراف بوجود دولة لبنانية هي المسؤولة عن سلامة الحدود والمواطنين" قبل ان يتساءل "فهل هناك من يسمع، ويتعظ، ويتواضع؟"، وشن هجوما على حزب الله معتبرا انه "لا يريد أن يستمع لأحد، وهو يتعامل مع الدولة بصفتها ساحة لمشروع إقليمي خاص، ويزج بلبنان في حروب لن تعود بغير الخراب".

وكرر الحريري رفضه التدخل في الحرب السورية رافضا ربط السنة بالمنظمات الجهادية التي تقاتل في سوريا ضد نظام بشار الاسد مثل تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) وجبهة النصرة، واوضح "كما يرفض تيار المستقبل ان يكون على صورة حزب الله، فإنّنا نرفض أن نكون على صورة داعش أو النصرة، ونرفض أيِ دعوة لإقحام التيار والسّنة في لبنان في الحرب الدائرة بين حزب الله والقاعدة". بحسب فرانس برس.

وعن قرب موعد الانتخابات الرئاسية في لبنان في الربيع المقبل وزيادة المخاوف من العجز عن انتخاب رئيس جديد قال الحريري "نحن تيار المستقبل، نرفض أن يكون منصب الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي، لا بل الرئيس المسيحي الوحيد من سواحل الهند إلى شواطئ المغرب، نرفض أن يكون هذا المنصب مرشحاً للفراغ".

وتوجه قوى 14 اذار التي يعتبر الحريري ابرز اركانها اصابع الاتهام الى دمشق وحزب الله في سلسلة اغتيالات طالت شخصيات سياسية وامنية بين 2005 و2013 ابرزهم رفيق الحريري، وتحاكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، قرب لاهاي، غيابيا خمسة متهمين من عناصر في حزب الله، في قضية اغتيال رفيق الحريري الذي قتل في تفجير في بيروت في 14 شباط/فبراير 2005.

وقال الحريري إن منطق الاعتدال يجب ان يتغلب على ما عداه في الوقت الذي يواجه فيه لبنان موجة من العنف الطائفي بما في ذلك الهجمات الانتحارية التي يغذيها الصراع في سوريا والازمات السياسة التي تركت البلاد بدون حكومة منذ اكثر من عشرة اشهر، وقال الحريري "سنتصدى للتحريض والدعوات المشبوهة لزج اللبنانيين والطائفة السنية خصوصا في حروب مجنونة لا وظيفة لها سوى استدراج لبنان الى محرقة مذهبية".

كما عمق الصراع في سوريا من تأثير الافكار المتطرفة التي تتبناها جماعات سنية متشددة مثل جبهة النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) وهما الاقوى في وجه القوات الحكومية، ووصف نبيل بومنصف الكاتب في جريدة النهار اللبنانية دعوة الحريري الى الاعتدال بأنها مهمة جدا بالنسبة للجمهور المحلي، وقال "أعتقد ان هذه من أهم الخطب التي ألقاها منذ نشوب الحرب السورية حتى الان من ناحية مخاطبة الشارع السني بالذات والشارع الشيعي بالذات".

ملف الارهاب

فيما عبر الاسلامي المتشدد عمر محمود عثمان الملقب ابو قتادة عن تأييده للتفجيرات الانتحارية التي وقعت في بيروت مؤخرا، معتبرا انها تأتي "دفاعا عن النفس" للضغط على حزب الله، لينسحب من القتال في سوريا، وقال ابو قتادة للصحافيين خلال جلسة محاكمته الخامسة بتهم تتعلق بالإرهاب في عمان "اؤيد تفجيرات بيروت وحزب الشيطان (قاصدا حزب الله) هو الذي بدأ ومن حق اي شخص ان يدافع عن نفسه هذه العمليات دفاع عن النفس وضغط على الحزب للخروج من دائرة الصراع في سوريا".

واضاف القيادي السلفي ان "امين عام حزب الله (حسن نصر الله) هو من ارسل مقاتلين الى سوريا وهو من يتحمل مسؤولية من قتلوا في لبنان، اذا اراد لبنان ان يحمي نفسه ليطلب من حزب الشيطان ان يخرج جنوده من سوريا"، وشهد لبنان منذ تموز/يوليو الماضي عشر تفجيرات، نفذ سبعة انتحاريين ستة منها.

وتبنت معظم تلك التفجيرات مجموعات جهادية هي "جبهة النصرة في لبنان" و"كتائب عبد الله عزام" و"الدولة الاسلامية في العراق والشام"، معلنة انها رد على قتال حزب الله اللبناني الى جانب قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ويمتنع ابو قتادة ومئة سجين سلفي اخرين منذ نحو عشرة أيام عن تناول وجبات الطعام التي يقدمها السجن لهم تنديدا بظروف اعتقالهم، ويعيد القضاء الاردني محاكمة ابو قتادة بتهمة "التآمر بقصد القيام بأعمال ارهابية" في قضيتين مرتبطتين بالتحضير لاعتداءات مفترضة في المملكة كان حكم بهما غيابيا عامي 1999 و2000.

وفي حال ادانته بهذه التهمة مجددا قد تصل عقوبته الى السجن 15 عاما مع الاشغال الشاقة، بحسب مصادر قضائية، وحكم غيابيا على ابو قتادة (53 عاما) بالإعدام عام 1999 بتهمة التآمر لتنفيذ هجمات ارهابية من بينها هجوم على المدرسة الاميركية في عمان، لكن تم تخفيف الحكم مباشرة الى السجن مدى الحياة مع الاشغال الشاقة.

كما حكم عليه في العام 2000 بالسجن 15 عاما لإدانته بالتخطيط لتنفيذ هجمات ارهابية ضد سياح اثناء احتفالات الالفية في الأردن، وابو قتادة المولود في 1960 في بيت لحم، وصل في 1993 الى بريطانيا لطلب اللجوء وتم ترحيله منها الصيف الماضي الى الاردن اثر مصادقة البلدين على اتفاق يهدف الى تاكيد عدم استخدام اي ادلة يتم الحصول عليها تحت التعذيب ضده خلال اي محاكمة في المملكة.

الى ذلك أعلن الجيش اللبناني في بيان عن توقيفه لقيادي في كتائب "عبد الله عزام"، الفلسطيني نعيم إسماعيل محمود والمعروف باسم نعيم عباس، كما قام بتفكيك سيارة مفخخة بعد وقت قليل من اعتقاله، بحسب ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام، وجاء في بيان صادر عن قيادة الجيش اللبناني-مديرية التوجيه "بعد متابعة دقيقة ورصد مكثف، أوقفت مديرية المخابرات في بيروت، الإرهابي نعيم عباس، وهو أحد قياديي ألوية عبد الله عزام، وقد بوشر التحقيق معه بإشراف القضاء المختص".

وأوضحت الوكالة الوطنية للإعلام أن الموقوف فلسطيني يدعى نعيم إسماعيل محمود ومعروف باسم نعيم عباس، وأشارت الوكالة بعد توقيف المشتبه به الملاحق منذ زمن طويل من الأجهزة الأمنية اللبنانية إلى أن الجيش "فكك سيارة مفخخة رباعية الدفع من نوع جيب سوداء اللون كانت مركونة في موقف للسيارات في كورنيش المزرعة" في غرب العاصمة، وأوضحت أن الموقوف نعيم عباس "هو الذي اعترف بوجود السيارة المفخخة التي كانت ستتوجه الى الضاحية الجنوبية"، معقل حزب الله.

وكان الجيش أعلن في 30 كانون الثاني/يناير أن نعيم عباس هو أحد ثلاثة مطلوبين يشاركون في نقل سيارات مفخخة من سوريا إلى لبنان، وادعى القضاء اللبناني في الخامس من شباط/فبراير على الشيخ عمر إبراهيم الأطرش الموقوف، الذي اعترف لدى التحقيق معه بأنه أقدم على نقل انتحاريين وسيارات مفخخة من سوريا إلى لبنان، وأنه على علاقة بمطلوبين ينتمون إلى تنظيمات جهادية بينهم نعيم عباس.

كما قال الجيش اللبناني إن قواته اعتقلت قياديا اخر في جماعة متشددة مرتبطة بتنظيم القاعدة بعد مداهمة مكان اختبائه في وسط لبنان وذلك بعد أسابيع من اعتقال زعيم الجماعة، واعتقلت قوات الجيش جمال دفتردار وهو لبناني وقيادي بارز في كتائب عبد الله عزام التي تنشط في لبنان والتي أعلنت مسؤوليتها عن تفجير استهدف السفارة الايرانية ببيروت في نوفمبر تشرين الثاني وقتل فيه 23 شخصا على الاقل.

وأصدر الجيش اللبناني بيانا قال فيه "تمكنت مديرية المخابرات من توقيف القيادي في كتائب عبد الله عزام الارهابي المطلوب جمال دفتردار بعد مداهمة مكان وجوده في إحدى قرى البقاع الغربي"، وفي تغريدات نشرت بعد تفجير السفارة الايرانية هدد أعضاء في كتائب عبد الله عزام بشن المزيد من الهجمات في لبنان ما لم تسحب طهران قواتها من سوريا.

من جانبها قالت مصادر أمنية إن أربعة أشخاص قتلوا في تفجير انتحاري بمنطقة سكنية في الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت وهي معقل لجماعة حزب الله، وتزايد التوتر في لبنان بسبب الصراع السوري في الفترة الأخيرة، وأرسلت جماعة حزب الله الشيعية مقاتلين ومستشارين لمساعدة حليفها الرئيس السوري بشار الاسد الذي ينتمي الى الطائفة العلوية في حربه ضد مقاتلي المعارضة وغالبيتهم من السنة.

وشوهدت أشلاء جثة يبدو انها للمهاجم الانتحاري في موقع الانفجار بينما كان عُمال الطواريء ينقلون الجرحى من المنطقة التي شهدت تفجيرا مماثلا على بعد أقل من مئة متر في وقت سابق من الشهر، وقال كمال عبد العلي وهو جريح في مستشفى قريب من المنطقة "كنت أمر في الشارع عندما حدث الانفجار، لا أتذكر كيف طرت في السماء ووقعت على الأرض".

وتصاعدت النيران من مبنى وخيمت سحابة دخان على الشارع قرب حطام سيارات محترقة وحشود تقف في مكان الانفجار، وجاء في بيان للجيش اللبناني الذي طوق المنطقة "انفجرت سيارة رباعية الدفع نوع كيا، مفخخة بكمية من المتفجرات في محلة حارة حريك، الشارع العريض وهي مسروقة ومعممة أوصافها سابقا"، وكشف وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل ان السيارة المستخدمة في انفجار حارة حريك انفجرت أولا مضيفا ان الحزام الناسف الذي كان يرتديه الانتحاري لم ينفجر.

وقالت الوكالة الوطنية للاعلام انه "وبعد الكشف الميداني للأجهزة الأمنية على مكان الانفجار في حارة حريك تبين أن السيارة التي فجرت كانت محملة بقذائف هاون من نوع 120 ملم مربوطة بجهاز للتفجير"، ووقع الانفجار في شارع مزدحم مليء بالمحال والمطاعم الصغيرة في منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبية التي تسكنها غالبية شيعية، وتبنت جبهة النصرة في لبنان المرتبطة بتنظيم القاعدة في بيان على حسابها المزعوم على تويتر تفجير حارة حريك وتوعدت بمزيد من الهجمات.

من جانب اخر وقع انفجار ضخم ناتج على الارجح عن عملية انتحارية في وسط مدينة الهرمل في شرق لبنان في اعتداء هو الخامس يستهدف مناطق محسوبة على حزب الله منذ الكشف عن مشاركته في القتال في سوريا، ووقع الانفجار امام مبنى حكومي في ساعة الذورة الصباحية في المدينة القريبة من الحدود السورية، وتسبب بمقتل ثلاثة اشخاص.

وكان وزير الداخلية مروان شربل قال في اتصال هاتفي مع قناة "المنار" التلفزيونية ان العملية تبدو "وكأنها انتحارية"، متحدثا عن وجود أشلاء "داخل السيارة وخارجها"، الا انه اكد ان الجزم بوقوع هجوم انتحاري "يحتاج الى بعض الوقت"، واوضح وزير الصحة اللبناني علي حسن خليل ان "الحصيلة شبه النهائية هي جثة لشهيد معروف الهوية، واشلاء يرجح الاطباء انها تعود لشخصين"، اضافة الى "31 جريحا"، ثلاثة منهم في حالة خطرة.

وقال مدير مدرسة مهنية الهرمل علي شمص ان "التفجير كان ضخما، الناس خائفون وغاضبون"، مشيرا الى انه وقع "حينما كان الناس في طريقهم الى العمل ومزاولة نشاطاتهم اليومية وسط المدينة"، واشار الى "تصاعد دخان كثيف" اثر الانفجار، وقد سارعت سيارات الاسعاف الى المكان، ووصف رئيس الجمهورية ميشال سليمان الانفجار بانه "حلقة جديدة في مسلسل الاجرام الذي يستمر المتضررون من الاستقرار على الساحة اللبنانية في تنفيذه".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/شباط/2014 - 16/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م