إيران والأزمة النووية.. حرب سياسية من أجل السلام الاقتصادي

 

شبكة النبأ: يأتي التعامل الغربي مع الملف النووي الإيراني في سياق خطين متوازيين، يقوم الأول على الدفع باتجاه استمرار المفاوضات واغراء ايران بمزيد من الإعفاءات الاقتصادية التي اضرت بالاقتصاد الإيراني كثيراً، فيما يقوم الامر الاخر على بقاء جميع الاحتمالات مطروحة "بما فيها الخيار العسكري المباشر"، الامر الذي رفضته ايران واعتبرته تهديداً ينم عن كراهية شديده تجاه النظام الإسلامي فيها ومحاولة أسقاطه، كما صرح بذلك الساسة وكبار الشخصيات المتنفذة في ايران ومنهم المرشد الأعلى للثورة الايرانية.

من جهة أخرى لم يستثني قادة الحكومة الإيرانية من العسكريين وغيرهم، أي مناسبة في التعرض لخصومهم الأمريكان والإسرائيليين، بالنقد والتحذير من مغبة أي عمل عسكري يستهدف الجمهورية او نظامها الإسلامي.

وقد درجت العادة على هذه التصريحات من الطرفين الغربي والإيراني، والتي غالباً ما تتسم بالتوتر والعنف في بعض الأحيان الى جانب الدبلوماسية والمفاوضات التي تجري بوتيرة إيجابية لكنها حذرة للغاية، ويبدوا ان تصعيد المواقف الكلامية يأتي في سياق دفع العملية الدبلوماسية من خلال الترغيب او الترهيب من عواقب وخيمة في حال امتنعت إيران عن الاستمرار في التعاون مع الوكالة الذرية او في حال قامت أمريكا او إسرائيل بأي خطوة قد تفسر على انها عدوانية تجاه إيران.  

الخلاف الأمريكي الايراني

فقد نقلت وسائل اعلام ايرانية عن الزعيم الايراني الاعلى آية الله علي خامنئي قوله إن الولايات المتحدة ستطيح بالحكومة الايرانية إن استطاعت مضيفا ان واشنطن تتبنى نهجا يتسم بالهيمنة والتدخل في شؤون البلاد الداخلية، وفي كلمة بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين للثورة الاسلامية اضاف خامنئي وهو اقوى شخصية في ايران ان المسؤولين الذين يسعون لانعاش الاقتصاد يجب الا يركنوا الى رفع العقوبات في آخر الامر وانما عليهم الاعتماد على الابتكار المحلي.

ونقلت وكالة انباء فارس شبه الرسمية عنه قوله "المسؤولون الامريكيون يقولون علانية انهم لا يسعون لتغيير النظام في ايران، هذه اكذوبة، فهم لن يترددوا لحظة في ان يفعلوا ذلك ان استطاعوا"، ولم يتطرق خامنئي الى المحادثات بين ايران والقوى العالمية الهادفة الى تسوية نزاع مستمر منذ عشر سنوات بشأن البرنامج النووي للجمهورية الاسلامية.

لكنه أكد مجددا انه يتعين على ايران عند التعامل مع "الاعداء" الاستعداد لتغيير الاساليب دون ان تتنازل عن مبادئها الأساسية، واضاف خامنئي "الحل لمشكلاتنا الاقتصادية هو ليس، رفع العقوبات، نصيحتي لمسؤولينا دائما هي ان نعتمد على امكاناتنا الاصلية غير المحدودة"، وتابع "موقفنا (العدائي) تجاه الولايات المتحدة يرجع الى اتجاهها المهيمن والفضولي".

وتعكس تصريحات خامنئي بشأن العداء خصومته القديمة للولايات المتحدة التي يعتبرها المسؤولون الايرانيون العدو اللدود لبلادهم، ولا توجد علاقات رسمية بين الولايات المتحدة وايران منذ 1980 بعدما احتل طلاب ايرانيون مبنى السفارة الامريكية في طهران واحتجزوا 52 دبلوماسيا رهائن احتجاجا على استقبال واشنطن للشاه السابق بعدما اطاحت به الجمهورية الاسلامية. بحسب رويترز.

لكن خامنئي يقدم دعما حذرا للمفاوضات النووية التي تقودها الحكومة الاصلاحية الجديدة للرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، وتقول ايران ان برنامجها النووي سلمي وان الترسانة النووية المفترضة لإسرائيل هي التي تهدد السلام، وتشتبه قوى غربية في أن البرنامج ما هو الا ستار وصولا الى القدرة على انتاج اسلحة نووية.

من جهتها اضافت الولايات المتحدة عددا من الافراد والشركات من جميع انحاء العالم المتهمة بانتهاك العقوبات على ايران، الى لائحتها للعقوبات المفروضة على الجمهورية الاسلامية، على الرغم من تخفيف بعض هذه الاجراءات مع تقدم المفاوضات حول الملف النووي، واعلنت وزارة الخزانة الاميركية انها اضافت اسماء حوالى 30 شخصية وشركة الى اللائحة، موضحة ان هذه الاجراءات تستهدف هذه المرة داعمين للإرهاب.

وينشط الافراد والشركات الذين تستهدفهم العقوبات في ايران وافغانستان وتركيا واسبانيا والمانيا وجورجيا والامارات العربية المتحدة وليشتنشتاين، وقال مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة الارهاب وتمويل الاستخبارات ديفيد كوهين في بيان ان "الاهداف التي حددت اليوم لعبت ادوارا في دعم برنامج ايران النووي وقدمت دعما فعليا للإرهاب".

واضاف ان الولايات المتحدة تقوم بتخفيف بعض العقوبات موقتا بموجب الاتفاق الذي تم التوصل اليه مع ايران في جنيف لكن "الجزء الاكبر من العقوبات ما زال مطبقا وسيتم تنفيذها بشكل صارم"، وتقضي الاجراءات التي اعلنت مؤخراً بتجميد ممتلكات الشخصيات والشركات المستهدفة في الولايات المتحدة، ومنع اي شركة اميركية او ناشطة في الولايات المتحدة من التعامل معها.

وبين الشركات التي ادرجت على اللائحة الاسبانية "ادفانس اليكتريكال انداستريال تكنولوجيز" (ايه إي آي تي) التي يشتبه في تسهيلها معاملات مالية لصالح البرنامج النووي الايراني والالمانية "دويتشي فورفي اكتينغيزيلشافت" المتهمة بالالتفاف على العقوبات النفطية، وتشمل اللائحة بعض الافراد المتهمين بالتخطيط لشن هجمات في افغانستان.

وينص الاتفاق المرحلي الذي وقع بين ايران والدول الكبرى الست لستة اشهر ومطبق منذ العشرين من كانون الثاني/يناير على ان تعلق طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين في المئة وتجمد المستوى الحالي للنشاطات النووية الاخرى مقابل رفع جزئي للعقوبات الغربية، ويشتبه الغرب واسرائيل في ان ايران تسعى لامتلاك السلاح الذري تحت غطاء برنامجها النووي المدني وهو ما تنفيه الجمهورية الاسلامية بشدة.

ومن جهة اخرى، سعى السناتور الديموقراطي روبرت مينينديز الذي يتمتع بنفوذ كبير الى الدفع باتجاه تشديد العقوبات المفروضة على ايران لوقف طموحاتها النووية، وفي خطاب مطول في مجلس الشيوخ، انتقد رئيس لجنة العلاقات الخارجية النافذة في المجلس النظام الايراني، وقال ان لديه "شكوكا عميقة" في رغبة طهران في تطبيق الاتفاق مع القوى الكبرى حول برنامجها النووي.

ويرعى مينينديز مشروع قانون ينص على فرض عقوبات على ايران في حال تنصلها من الاتفاق المرحلي، وقال "برأي، استراتيجية ايران التي تتناسب مع اساليبهم الماضية التي جعلتهم دولة قد تصبح نووية، هي استخدام المفاوضات من اجل الابقاء على البنى التحتية لبرنامجها النووي لأطول فترة ممكنة لرفع نظام العقوبات الدولية".

وتؤكد ايران ان برنامجها النووي محض سلمي، لكن مينينديز حذر من انها رفضت تدمير اي من اجهزتها للطرد المركزي وهي "على بعد اسابيع او اشهر من تحقيق اختراق" في قدرتها على تخصيب اليورانيوم لإنتاج قنبلة اذا استأنفت البرنامج.

وقال مينينديز "ليفهم الجميع: اذا لم يكن هناك اتفاق فلن يكون لدينا الوقت لفرض عقوبات جديدة قبل ان تنتج ايران سلاحا نوويا"، ويلقى مشروع القانون الذي تقدم به مينينديز تأييد 59 من اعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم مئة، وكان الرئيس باراك اوباما هدد بتعطيل اي قانون ينص على فرض عقوبات جديدة على ايران.

وفي خطوة تحد للبيت الابيض وقع 59 من اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي المئة وبينهم 16 ديموقراطيا مشروع قانون قدم في كانون الاول/ديسمبر يهدف الى ارغام الادارة الاميركية على فرض عقوبات على ايران في حال لم تحترم الاتفاق المرحلي حول برنامجها النووي او رفضت تفكيك منشآتها النووية.

ويفترض ان تستأنف المباحثات بين ايران ومجموعة خمسة زائد واحد (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا) في 18 و19 شباط/فبراير بهدف التوصل الى اتفاق نووي نهائي، لكن مسؤولين ايرانيين حذروا من ان فرض عقوبات جديدة يمكن ان يؤدي الى توقف المفاوضات، وكان 42 جمهوريا وجهوا رسالة الى زعيم الاغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ هاري ريد للمطالبة بالتصويت على مشروع قانون.

لكن مينينديز اكد انه "لا يمكن الضغط من اجل تصويت في رسالة تتسم بطابع حزبي"، ورحبت لجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية باقتراح مينينديز، ورفض هذا السناتور عن نيوجيرزي ما يؤكده البيت الابيض من ان عقوبات جديدة ستؤدي الى تفاقم التوتر، وقال "من الخطأ القول ان تصويتا على عقوبات سيعني دعوة الى الحرب".

مسألة حساسة

من جهتها استؤنفت المحادثات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران للبحث في مسالة حساسة متعلقة بشق عسكري محتمل في برنامجها النووي، وكذلك في تدابير ملموسة لتحسين الشفافية، ويأتي اللقاء المفترض ان يستمر يوما واحدا في إطار خارطة طريق وضعت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بين الوكالة وايران، تتضمن ست مراحل على ايران تنفيذها قبل 11 شباط/فبراير، منها زيارة خبراء من الوكالة الى مصنع انتاج المياه الثقيلة في اراك.

وفي مرحلة ثانية يفترض ان تتناول المحادثات مسائل "أصعب" كما نبه مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو، من دون توضيح ما اذا كانت الشروط المطلوبة قد استوفيت جميعها، واكد المتحدث باسم المنظمة الايرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي ان مدى التعاون المقبل سيتقرر وفقا للتقييم الذي ستجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتدابير المتخذة خلال هذه الاشهر الثلاثة الاولى وفق تصريحات اوردتها وكالة الانباء الطلابية ايسنا.

وقد وصل فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يترأسه كبير المفتشين تيرو فاريورنتا الى طهران لتقييم تطبيق هذه التدابير كما قال كمالوندي معبرا عن امله في "ان تتبدد شكوك الوكالة"، وبدأ خبراء الوكالة قبل الظهر محادثاتهم مع المسؤولين النوويين الايرانيين الذين يترأسهم السفير الايراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية رضا نجفي، كما نقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية ايرنا عن كمالوندي.

وقد يتم تمديد المحادثات في حال تسجيل تقدم كبير بحسب معلومات صحافية، وهذه المحادثات التي تجري في اطار خارطة طريق رسمت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد سنتين من المفاوضات، منفصلة عن تلك التي تجري حول الاتفاق التاريخي الذي ابرم بعيد ذلك بين ايران ومجموعة الدول الست المعروفة ب5+1 (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا).

وفي اطار خارطة الطريق هذه زار مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الثامن من كانون الاول/ديسمبر مصنع اراك لإنتاج المياه الثقيلة، الذي يشكل احدى نقاط التعثر في المفاوضات النووية بين ايران والقوى العظمى، فهذا الموقع يمكن نظريا ان يوفر لإيران مادة البلوتونيوم التي من شأنها ان تقدم بديلا من تخصيب اليورانيوم لصنع قنبلة ذرية.

وتسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الان لمعرفة ما اذا كانت ايران سعت ام لا لاقتناء القنبلة الذرية قبل العام 2003 او حتى بعد ذلك، وبعد اتخاذ اولى التدابير العملية اكد مديرها يوكيا امانو في كانون الثاني/يناير الماضي انه حان الوقت الان لبحث هذه المسألة الحساسة بدرجة عالية.

وقال "بدأنا بتدابير عملية وسهلة التنفيذ، ثم سننتقل الى امور اصعب"، مضيفا "نتمنى بالتأكيد ادراج المسائل (المتعلقة) بالبعد العسكري المحتمل في المراحل المقبلة"، واكد ان مدة المرحلة الجديدة "تتوقف كثيرا على ايران، ذلك يتوقف فعلا على تعاونها".

وتأخذ الوكالة الدولية للطاقة الذرية من سنوات عديدة على طهران عدم تعاونها بشكل كاف ما يبقي برأيها الشكوك بشأن المآرب التي تخفيها وراء برنامجها النووي، وهي تعبر بانتظام عن اسفها لعدم تمكن مفتشيها من زيارة قاعدة بارشين العسكرية الايرانية التي يشتبه بانها تشهد تجارب نووية. بحسب فرانس برس.

وتجري المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في موازاة اخرى تجريها مع القوى العظمى وادت في تشرين الثاني/نوفمبر الى ابرام اتفاق جنيف الذي علقت طهران بموجبه انشطتها النووية الاخرى مقابل رفع جزء من العقوبات الغربية، وتعاون ايران بشأن مطالب الوكالة يلعب دورا اساسيا في هذه المفاوضات الاخيرة خصوصا وان الوكالة الدولية للطاقة الذرية مكلفة الاشراف على التدابير المتخذة بموجب اتفاق جنيف.

فيما اعلن علي اكبر صالحي رئيس المنظمة الايرانية للطاقة الذرية ان ايران مستعدة لطمأنة الغرب بشأن مفاعل اراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة بحسب ما افادت وسائل اعلام إيرانية، وقال صالحي "يمكننا القيام ببعض التعديلات في خطط المفاعل لإنتاج كميات اقل من البلوتونيوم، ما سيخفف قلق" الغربيين حيال احتمال استخدام البلوتونيوم في صنع سلاح ذري بحسب نص مقابلة مع محطة "برس تي في" الايرانية الناطقة بالإنكليزية.

واضاف صالحي ان مفاعل اراك "يشكل انجازا علميا وتكنولوجيا ولا نرى اي داع لوقف الاعمال في هذا المفاعل" الذي لن يبدأ العمل قبل ثلاث سنوات، وبحسب مارك فيتزباتريك المسؤول السابق في وزارة الخارجية الاميركية والذي اصبح حاليا محللا في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فان القوى الكبرى ستطلب تعديلات على مفاعل اراك لكي لا يتمكن من انتاج بلوتونيوم يمكن استخدامه في اطار عسكري، وذلك خلال المحادثات حول اتفاق شامل مع ايران والتي ستبدأ في 18 شباط/فبراير.

وكانت وندي شرمان المسؤولة الثالثة في وزارة الخارجية الاميركية والتي تترأس الوفد الاميركي في مجموعة خمسة زائد واحد، قالت خلال جلسة مساءلة في مجلس الشيوخ الاميركي ان ايران "ليست بحاجة الى موقع التخصيب المحصن تحت الارض في فوردو ومفاعل اراك بالماء الثقيل في برنامج نووي مدني"، وكان موقع فوردو حتى العشرين من كانون الثاني/يناير يستعمل في تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين في المئة وينتج حاليا اليورانيوم المخصب بنسبة خمسة في المئة.

تخفيف العقوبات

الى ذلك أكدت الولايات المتحدة أن إيران ستتسلم مبلغ 550 مليون دولار كدفعة أولى من أرصدتها المجمدة في الخارج في اطار الاتفاق النووي المؤقت المبرم معها، وكانت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء قالت في وقت سابق إنه تم ايداع المبلغ في حساب للبنك المركزي الإيراني في سويسرا، وأكدت متحدثة باسم وزارة الخزانة الأمريكية هذا النبأ عبر البريد الالكتروني.

ووافقت القوى العالمية الست بموجب الاتفاق النووي الذي ابرم في 24 نوفمبر تشرين الثاني على السماح لإيران بسحب 4.2 مليار دولار من عائداتها النفطية المجمدة في الخارج مقابل اتخاذ خطوات للحد من برنامجها النووي، وتقول إيران إن برنامجها مخصص للأغراض السلمية مثل توليد الكهرباء وانتاج النظائر الطبية.

وبموجب الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في 20 يناير كانون الثاني ويستمر لستة اشهر تحصل إيران على مبلغ 4.2 مليار دولار على دفعات ويتوقف ذلك على الوفاء بالتزامها بتخفيف نصف مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة إلى يورانيوم مخصب بنسبة لا تتجاوز خمسة في المئة.

وتقول وثيقة للخزانة الأمريكية إن إيران لن تستطيع الحصول على الدفعة التالية المقررة في الأول من مارس اذار وقيمتها 450 مليون دولار ما لم تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان طهران انجزت نصف التخفيف المطلوب لمخزونها من اليورانيوم المخصب.

فيما استقبلت إيران أرفع وفد تجاري فرنسي منذ سنوات وأبلغت اكثر من 100 مسؤول تنفيذي بأن من يمتلك منهم رؤية ثاقبة سيكون مرشحا للفوز بعقود في إيران في أعقاب تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية عن طهران، وفتح احتمال تخفيف القيود التجارية شهية الشركات الفرنسية الساعية للفوز مجددا بعقود في إيران الغنية بالنفط والغاز والتي يبلغ عدد سكانها نحو 80 مليون نسمة، وكان لبعض الشركات الفرنسية نشاط واسع في ايران من قبل.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن محمد نهاونديان مدير مكتب الرئيس حسن روحاني قوله "بدأت مرحلة جديدة في العلاقات بين إيران وأوروبا"، وقال للوفد الفرنسي "يجب ان تنقلوا الرسالة أن امكانيات التعاون مع إيران حقيقية وبجب عدم إغفالها، من لديه رؤية ثاقبة سيفوز في هذا السباق".

ويضم الوفد أكثر من 100 مدير تنفيذي من رابطة أصحاب الأعمال الفرنسية ويزور إيران في الفترة من الثاني إلى الخامس من فبراير شباط وقالت الوكالة إنه التقى بنهاونديان وأعضاء من غرف التجارة والصناعة والتعدين والزراعة الإيرانية، وقال مصدر مقرب من الوفد إن هذا أرفع وفد من رجال الأعمال والممولين يزور إيران منذ ثورة 1979 ويمثل قطاعات الدفاع والطيران والبتروكيماويات والسيارات والشحن البحري ومستحضرات التجميل.

وأضاف أن من بين الشركات الممثلة في الوفد سافران وإيرباص وتوتال وجي دي اف سويز ورينو وألكاتل وألستوم وأموندي ولوريال، وتابع "كثير من هذه الشركات كانت تعمل في إيران من قبل وهدفها الان هو إعادة الروابط، تشكيلة الوفد نفسها توضح ان هؤلاء الأشخاص هنا لتقييم امكانية التعاون"، وقال مصدر بالسفارة الفرنسية في طهران إن الزيارة استكشافية في المقام الاول ولن يتم توقيع أي اتفاقات خلالها.

واضاف "أعضاء الوفد يستطلعون المجالات المحتملة للتعاون وإمكانية إحياء وجودهم القديم، فمستثمرونا لم يهجروا إيران بالكامل وإنما قلصوا وجودهم ويتطلعون الآن للعودة"، وقال فرانسوا نيكولو السفير الفرنسي السابق لدى ايران إن الشركات الفرنسية التي كانت تعمل في إيران قبل العقوبات تريد العودة، وسبق أن أوفدت بيجو ورينو مديرين تنفيذيين إلى إيران لحضور مؤتمر عن صناعة السيارات العام الماضي.

وبموجب الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في 20 يناير كانون الثاني ويستمر لستة اشهر تحصل إيران على مبلغ 4.2 مليار دولار على دفعات ويتوقف ذلك على الوفاء بالتزامها بتخفيف نصف مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة إلى يورانيوم مخصب بنسبة لا تتجاوز خمسة في المئة.

وفي المقابل خفف بدءا من الموعد نفسه بعض العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي الذي تشتبه الدول الغربية أنه يهدف لإنتاج أسلحة نووية رغم نفي إيران ذلك، لكن معظم العقوبات ستظل قائمة لحين التوصل إلى اتفاق طويل الأجل، وستكون الفرص التجارية محدودة في الأجل القصير لكن إمكانات السوق الإيرانية عامل جاذب للشركات الأجنبية الساعية للحصول على فرص طويلة الأمد.

وفي الشهر الماضي قالت رويترز إن إيران وروسيا تتفاوضان على صفقة قيمتها 1.5 مليار دولار شهريا تشتري روسيا بمقتضاها ما يصل إلى 500 ألف برميل يوميا من النفط الايراني مقابل معدات وسلع روسية، وعبر البيت الابيض عن قلقه بخصوص هذا التقرير قائلا ان مثل هذه الصفقة التي ستزيد كثيرا صادرات النفط الايرانية قد تدفع الولايات المتحدة الى فرض عقوبات على المشترين.

وطلبت صحيفة كومرسانت اليومية الروسية من السفير الروسي في طهران ليفان جاجاريان في مقابلة التعليق على بواعث القلق الأمريكية بخصوص احتمال أن تشتري شركات روسية نفطا ايرانيا فقال "لم توقع أي اتفاقات بعد، المحادثات جارية"، وأضاف أن شركة لوك اويل وهي ثاني اكبر شركة منتجة للنفط في روسيا عبرت عن اهتمامها بالعودة الى ايران وانه يجري ايضا مناقشة التعاون في مجال الطاقة النووية، وقال السفير ان روسيا لا تعترف بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي على ايران واذا تصرفت بما يخالف تلك العقوبات فلن تعتبر ذلك انتهاكا للقانون الدولي.

من جهتها قالت مسؤولة أمريكية إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري انتقد زيارة رجال أعمال فرنسيين لإيران مشيرا إلى أنها تعطي انطباعا خاطئا بإمكانية دخول قطاع الأعمال في إيران كالمعتاد، وقالت وندي شيرمان نائبة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية في جلسة مع أعضاء في الكونجرس بواشنطن "تحدث الوزير كيري مباشرة مع وزير الخارجية (لوران) فابيوس بشأن الوفد التجاري، وكيف أن هذه الزيارة لا تساعد في التأكيد على أن الأعمال لا تسير على النحو المعتاد". بحسب رويترز

وأضافت "باب دخول قطاع الأعمال في طهران ليس مفتوحا لأن تخفيف العقوبات التي فرضناها مؤقت ومحدود وله أهداف محددة"، وتتباهى فرنسا ثاني أكبر اقتصادات منطقة اليورو بما تصفه بحملة "الدبلوماسية الاقتصادية" التي تسعى من خلالها لإبرام اتفاقات تجارية مع دول أخرى، لكن زيارة إيران كانت مبادرة خاصة تزعمها اتحاد أصحاب الأعمال في فرنسا الذي يعرف باسم ميديف.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/شباط/2014 - 14/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م