العراق... مستقبل تحت معول التجارب

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: الوطن في أدنى الأولويات هكذا هو حال العراق اليوم، الذي يرسم معادلة متجددة للصراع بين جميع مكوناته، بفعل تمسك الكتل السياسية وقادتها كلٌ برأيه وموقفه الذي يستند إلى مصالح الكتلة او الحزب، فقد كشفت التطورات المتتالية الخطيرة على الساحة السياسية الكثير من الإشكاليات السياسية عميقة الجذور، التي تغرز ببراثنها صراع المصالح المحلية، فضلا عن الأطماع الإقليمية والدولية التي لا تزال تتحرك بصورة واضحة في الساحة السياسية وتترك تأثيراتها عليها بوضوح كبير، ونظراً للمخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها هذه التطورات، لاسيما الاضطرابات الأمنية التي تغذيها التناحرات السياسية المستمرة بين الاطراف المتخالفة، يجب التعامل مع الوضع الحالي بعناية شديدة، من خلال الحكمة السياسية، لكنها ستكون صعبة التنفيذ في البيئة السياسية الحالية.

إذ يشهد العراق في الآونة الأخيرة تصعيدا شديدا نتج عنه أزمة سياسية حادة تفجرت بين جميع القادة السياسيين، وذلك على خلفية الازمة الراهنة في الانبار والسجال العسكري المضطرد بين الجيش العراقي وما يسمى بتنظيم "داعش"، حيث يرى بعض المراقبين أن هذه الأزمة الحادة على الصعيديين السياسي والأمني، قد تقود البلاد الى أزمات أكثر خطورة، فبعد عامين من انسحاب القوات الأمريكية من العراق، لا يزال الوضع الأمني في العراق هشا، مع ان التوقعات وتصريحات القادة العراقيين كانت تؤكد على حصول تقدم في الملف الامني، ولكن ما حدث بعد الانسحاب خاصة في العام المنصرم وفي الشهور القليلة الماضية، حدثت صعوبات امنية خطيرة تعرض خلالها مئات الابرياء الى هجمات ارهابية متواصلة.

أما على صعيد العلاقات العراقية الامريكية، فقد شابها نوع من الفتور منذ رحيل الجيش الأمريكي من العراق نهاية العام 2011، جعلت القادة العراقيين يشعرون الحكومة بخطر خسارة الدعم الأمريكي، حيث اعرب رئيس الحكومة العراقية نور المالكي عن مخاوف العراق من أن تنظيم القاعدة الإرهابي يحاول توسيع نفوذه في العراق، واستغلال حالة الفتور التي حدثت بين الجانبين الأمريكي والعراقي، فضلا عن الخلاقات الشرسة بين السياسيين العراقيين لتعزيز مصالحهم ونشر الدمار الذي قد يؤدي الى الإطاحة بالحياة السياسية ونواحي الحياة كافة، إلا أن رئيس الوزراء العراقي تدارك هذا الامر بعد ما اكد رغبته في تعزيز العلاقات مع امريكا في معظم المجالات، وأهمها العسكرية والأمنية، وايجاد سبل تعزيز التعاون الاستراتيجي الاميركي-العراقي في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة خاصة فيما يتعلق بالازمة السورية التي باتت محور الصراع في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن آثار ما يسمى بالربيع العربي الذي فتح ابواب الارهاب الذي صار ينتشر كالهشيم بالنار في اسخن منطق في العالم امنيا وسياسيا.

وعليه كما يبدو أن الوضع السياسي والامني في العراق صعب جدا لكن الخروج من هذا المأزق يحتاج أولاً إلى رؤية، ثم سياسات وآليات تنفيذية.

وأن هذه المرحلة من تاريخ العراق تحتاج إلى شخوص غير تقليديين لأننا في مرحلة غير تقليدية. ويبقى صراع الإرادات بين السياسيين والقادة له مكامن ومقاصد متعددة ومختلفة ولكنها تكشف عن الخوف مما يجيء في المستقبل لاسيما مع تأجج الحروب الكلامية بين المختلفين، او ربما الضياع في اروقة المفاوضات، بحثا عن أرضية تساعد على تحقيق التوافق بين جميع الإطراف، لكن الواقع يدل على ان صراع المصالح هو هروب من المسؤولية قد لا تتم المحاسبة عليها الآن لكن التأريخ – كما اثبتت التجارب- لا يتساهل مع المخطئين بحق شعوبهم، وفي حال غياب أي حوار أو حلول وسط أو توافق بين المسئولين يمكن للأزمة أن تطول مع ما يبدو من تداعياتها الخطيرة على الأمن والاقتصاد وبالأخص على مسار التحول الديمقراطي الوليد، وبالتالي فان بلد الازمات – العراق- يمضي بثبات نحو مستقبل تحت معول التجارب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/شباط/2014 - 12/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م