الشباب بُناة الفكر والأوطان

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: الوطن يُبنى بالفكر والارادة، والبُناة هم الشباب أولا، والرجال والنساء وجميع المؤمنين، كلهم تقع عليهم مسؤولية البناء، والنهضة من جديد، بالعراق الذي عانى من الظلم، والقهر، والطغيان، والاحتراب، والتدمير لقرون متتابعة، وصولا الى العقود الاخيرة الاشد ظلما، وقهرا وحرمانا لهم، والآن أزف وقت البناء بشقّيه الفكري والمادي، أما الفكري فإننا نستلهم افكارنا العظيمة من الفكر الحسيني الوقّاد، وفكر أئمة اهل البيت عليهم السلام، وقد أثبت العراقيون أنهم يسيرون على خطى نبينا الاكرم محمد صلى الله عليه وآله، وينهلون من سيرته النبوية المعطّرة بمبادئ الاسلام الحنيف.

إن العراق عانى من التدمير والفقر المزمن، وآن زمن التعويض والبناء، وهذه مهمة أهله، شبابه ورجاله ونسائه، وكل المؤمنين بخط اهل البيت عليهم السلام أجمعين، وقد ضحى العراقيون في سبيل الفكر الحسيني وإعلاء بيرق الحق، ضحوا بالغالي والنفيس، وأثبتوا انهم أمناء على الامانة، وأنهم أهل للمضي قُدما في طريق الحق، وأنهم قادرون على بناء بلدهم، طالما هم متمسكون بأهل البيت الاطهار، وسيرتهم المعطاء على مر الزمن.

فقد ورد في كلمة لسماحة المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الشيرازي دام ظله، عند استقباله لزعماء وشيوخ العشائر العراقية، من محافظات العراق كافة، الذين زاروا سماحته مؤخرا، إذ خاطبهم قائلا: (أنتم أيّها الشعب العراقي الكريم والأبيّ، قدّمتم الكثير من التضحيات لله سبحانه وتعالى، وعلى خطى أهل البيت صلوات الله عليهم، وعلى خطى الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسين وخطى الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين، وتحت رعاية سيّدنا ومولانا بقيّة الله المهديّ الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله عليه).

وعندما يتمسك الشباب بالفكر الحسيني الخالد بالطريقة التي عكسها الواقع، فإن هذا مدعاة للاعجاب والأمل بنبوغ هؤلاء الشباب، واشتعال جذوة الايمان في قلوبهم وعقولهم، الامر الذي يزيد ايمانهم اضعافا، ويجعلهم اكثر قدرة على مقارعة المصاعب والصبر، والمضي في بناء العراق من خلال لم الشمل الذي أكد عليه كثيرا سماحة المرجع الشيرازي.

رحلة التضحيات والصمود

ليس كثيرا على العراقيين، عندما نقول بأنهم أهل للامانة، فقد قدموا التضحيات الجسام، من خلال تمسكهم بفكر ومبادئ اهل البيت عليهم السلام، وقد واجهوا الظلم والطغاة بصدور عامرة بالايمان، ولم يفت في عضدهم ولا إيمانهم، عمليات القتل والمطاردة والتعذيب والنفي، بل تمرّس العراقيون على مقارعة الاستبداد، وكلما اوغل الطغاة في ظلمهم، كلما زاد ايمان الشباب بالحسين عليه السلام وفكره الخلاق، فيدفعهم ذلك الى البناء اكثر فأكثر.

لذا يقول المرجع الشيرازي في كلمته المنوَّه عنها في أعلاه: (إنّني أقدّر في جميع المؤمنين والمؤمنات، في كل مكان، خصوصاً الشعب العراقي الكريم، المؤمنين منه والمؤمنات كافّة، أقدّر فيهم هذه التضحيات التي يقدّمونها اليوم، وهذه تكون بحمد الله سبحانه وتعالى مقدّمة لانتشار فكر الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في كل أطراف الأرض).

إن الله سبحانه وتعالى يعرف عباده، وقد أوكل للعراقيين مهمة الصمود وصيانة البلاد، وابتلاهم بالحكام الطغاة، من الذين أمضوا حكمهم بالمعاداة الغريبة، لأهل البيت عليهم السلام، لذلك كلما استبد الطغاة كلما ازداد الشباب تمسكا وايمانا بالفكر الحسيني، وهذا الصمود توفيق من الله تعالى. يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (هذا التوفيق لهذا الصمود، ولهذه التضحيات، ولهذه المشكلات التي تحمّلها الشعب العراقي، في كل مدينة وقرية وريف، وفي كل عشيرة وجماعة، هذه كلّها توفيق من الله سبحانه وتعالى).

وقد اثبت العراقيون أنهم قادرون على البناء وحماة نجباء للوطن وبُناة له في الوقت نفسه، ولا يمنعهم ذلك أرباب الظلم، ولا أدوات الارهاب والاجرام المنظّم، وقدموا ما يكفي من الدلائل على هذا الطريق الصعب، ومنها الزيارات المليونية التي يستقبلها العراقيون، بعزيمة واصرار ويؤدون دورهم المطلوب، كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي في قوله: (إنّ هذه الزيارات المليونية - في زيارة الأربعين الحسيني المقدّس- التي قام بها الشعب العراقي الكريم خلال هذه السنوات، والتي اشترك فيها المؤمنون والمؤمنات وغيرهم من أطراف الأرض وأكناف البلاد، من بلاد الإسلام وغير الإسلام، هذه نتيجة ذلك البلاء، أي كان البلاء حسناً فوفّق الله تعالى الشعب العراقي لهذا التوفيق العظيم).

البناء ونشر الفكر الحسيني

لا يُعفى أحد من قضية البناء في هذه المرحلة الحساسة، فالكل معنيون بقضية بناء العراق، ولكن الشباب لهم (القدح المعلَّى) كما يُقال، وعليهم أن يتصدوا لهذه المهمة، بكل ما يمتلكون من اصرار، وارادة، وعزيمة، ومواهب خلاقة، فضلا عن ايمانهم الراسخ، بالفكر الحسيني الذي يمدهم على الدوام بخريطة السلوك الدقيق نحو الأصحّ والافضل دائما.

لذلك يقول سماحة المرجع الشيرازي مخاطبا العراقيين في هذا الشأن: (إنّني أوصي الشعب العراقي جميعاً، بأن يلملموا شبابهم، بنين وبنات، خصوصاً في العشائر الغيورة، العشائر التي كانت ومنذ مئات السنوات هي الظهر للدين وللمرجعيات الدينية، وظهراً للإسلام ولأهل البيت صلوات الله عليهم، وضحّوا من أجل ذلك، التضحيات الكثيرة).

من الواضح ان البناء لا يمضي بالاتجاه المطلوب، من دون الفكر الصحيح الذي يدعمه ويوجهه، لذلك يطالب سماحة المرجع الشيرازي جميع البُناة، بأهمية التمسك بالفكر الحسيني، ليس هذا فحسب، بل ونشره بكل الوسائل والسبل المتاحة، كونه يخدم تطلعات الانسان اينما كان، لذا يؤكد سماحته في هذا المجال قائلا: (إنّ كل فرد من أفراد الشعب العراقي، من الرجال والنساء، والمثقّفين، والكسبة، والموظّفين، وأهل العلم في الحوزات العلمية والجامعات والمدارس، كل واحد عليه مسؤولية - نشر الفكر الحسيني- بمقدار ما يمكنه).

ويطالب سماحة المرجع الشيرازي القادة والمسؤولين الشباب، ممن يعلنون ويؤمنون بقيادة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، في العدل والمساواة والتخطيط، ومراعاة الناس لاسيما الفقراء منهم، يطالب سماحته باعتماد هذا النموذج القيادي الفذ، انطلاقا من منطلق العقيدة والأخلاق، لكي يؤدي الجميع دورهم الصحيح في النهوض بالعراق، النهضة الشاملة، ولكي يقدموا النموذج الافضل للجميع، كونهم يؤمنون بالامام علي عليه السلام، وأئمة أهل البيت الاطهار.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (إنّ الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، انطلق من العراق في حكومته الكريمة التي دامت خمس سنوات تقريباً، من منطلق العقيدة والأخلاق).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/شباط/2014 - 12/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م