تعظيم الفاطميات يثبت ويدعم الوحدة الإسلامية الحقيقية

خضير العواد

 

كل حقيقة في الكون تحتاج الى أدلة وعلامات للإرشاد إليها وحتى وأن كانت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، حتى إثبات الخالق ووحدانيته بالرغم من وضوحها وعظمتها ولكن يحتاج المخلوق للدليل للوصول الى مقصوده وهدفه فيها.

 والآيات القرآنية كثيرة في هذا المجال وما قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام إلا أكبر دليل على ذلك، فمن يخفي الدلائل والعلامات كمن ينشر الظلمات في طريق الخلق في الأرض لأن كليهما يبعد البشر عن الطريق الحق الذي لا لبس فيه، ومن الحقائق المهمة التي أكد عليها الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم (ص) في مواضع كثيرة بل هي المحور الذي يدور حولها الإسلام بكل تعاليمه وأحكامه وفيها أنزل الله سبحانه وتعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) أي بدونها لا يتم الدين ولا تتم النعمة ولا يرضى الله سبحانه وتعالى الإسلام كدين للعباد فهذه الحقيقة المهمة والخطيرة في نفس الوقت التي أجهد رسول الله (ص) نفسه من أجل تثبيتها وإظهارها في مختلف المناسبات والظروف وأخرها بيعة الغدير التي بها تمت بيعة المسلمين للإمام علي عليه السلام بالولاية والخلافة الإلهية.

 ولكن الظروف التي صاحبت وفاة الرسول (ص) وانقلاب الكثير من القيادات على أوامر الله ورسوله (ص) وانعقاد اجتماع السقيفة الإنقلابي على أهم الحقائق في الإسلام ألا وهي الولاية والخلافة الربانية، ونتيجة السياسة الحكومية التي تريد فرض سلطتها من الناحية الشرعية لكي تخدع الناس بشرعيتها لهذا شرعنت أحكام وقوانين أرادت من خلالها تغيير الحقائق وابعاد المسلمين عن الطرق التي توصلهم الى جادة الحق والهدى، فكان رفض كتابة السنة النبوية الشريفة والتحدث بها وخصوصاً التي تذكر فيها فضائل أهل البيت عليهم السلام تجريد أهل البيت عليهم السلام من حقهم في فدك إبعاد وإضطهاد كل من يتبع أهل البيت عليهم السلام ويقول الحق فيهم وما تهجير أبا ذر وكسر رباعية عمار بن ياسر وفرض الإقامة الإجبارية على عمار وابا ذر وابي الدرداء وعبد الله بن مسعود إلا وسيلة من وسائل الحكومات الظالمة لتغير الحقائق و بالمقابل خلق الآلاف من الأحاديث المختلقة التي تمجد القيادات المنحرفة وتقلل من شأن صاحب الولاية وأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام بل جعلوا الناس يتقربون بسبه الى الله سبحانه وتعالى بسبب تعود العامة من الناس على سماع سبه من منابر المسلمين لأكثر من ثمانين عاماً.

 في هذا الجو المشحون بالسموم المخالفة لتعاليم الله سبحانه وتعالى والفترات الزمنية الطويلة التي سيطر فيها الحكام المخالفين على الحكم واجبارهم للعامة من الناس على تعاليمهم وأحكامهم، تكونت لنا تعاليم جديدة بل دين جديد يتقاطع مع كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله الكريم (ص)، هذا الإنحراف الكبير الذي تعيشه الأمة لايمكن تصحيحه إلا بوجود أدلة عظيمة تنير الطريق وتجعله ظاهراً براقاً يجذب الناظرين لجماله وقويته، وهذا يتم من خلال ارسال الرسل والأنبياء فبهم يتم ارشاد العباد وهدايتهم الى طريق الهدى والسعادة الدائمة قال الله سبحانه وتعالى (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) وقال تعالى(أكان للناس عجبا أن أوحينا الى رجل منهم أن أنذر الناس) ولكن الرسالات السماوية ختمت برسالة سيد الأنبياء محمد (ص).

 لهذا تحتاج الأمة لهدايتها وارشادها وخروجها من هذه الظلمات الداكنة العميقة الى مرشد كالأنبياء والرسل بل أفضل وأعلى (ما عدا سيد الرسل محمد (ص)) حتى تفيق من غفوتها وسباتها الطويل فكانت فاطمة عليها السلام وثورتها على الظالمين ومواجهتهم بكل الطرق والأساليب حتى تعدى القوم على بيتها فكسروا ضلعها وأسقطوا جنينها المحسن عليه السلام وهو أول شهيد من أهل البيت عليهم السلام بعد وفاة رسول الله (ص)، وهي التي قال فيها رسول الله (ص) (فاطمة بضعةٌ مني فمن أغضبها أغضبني)، (ان ألله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضا فاطمة) (إنما فاطمة بضعةٌ مني يؤذيني ما أذاها) وقد ذكر صاحب صحيح البخاري وهو أصح كتاب عند أهل السنة بعد القرآن الكريم في صحيحه وقد ماتت فاطمة وهي غضبانة أو وجدانة على الشيخين، وغضبها يعني غضب الله سبحانه وتعالى ومن يغضب الله عليه يسكنه جهنم ويقول الله سبحانه وتعالى(ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى).

 فمن خلال مصاب الزهراء عليها السلام تتبين الحقائق وتتجلى الأمور، لهذا يجب تعظيم إقامة الفاطميات بكل الوسائل المتاحة من فضائيات وانترنيت ومنابر حسينية وكتب ومنشورات وحوارات لكي تفيق الأمة وترجع ثانية للطريق الذي اختاره الله للعباد وهو طريق محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، أما من يريد معارضة إقامة أو تعظيم مصاب الزهراء عليها السلام تحت عنوان المساس بالوحدة والأخوة، فهذا بعمله يعارض الوحدة الحقيقية التي أرادها الله سبحانه وتعالى حينما قال سبحانه وتعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، وقال تعالى (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقا) وحبل الله قد فسره رسول الله حينما قال (إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الأخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما).

 فهذه هي الوحدة الحقيقة وهي ولاية محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين التي يجب الجهاد من أجلها لا تدميرها والوقوف ضدها من خلال معارضة إقامة أقوى الأدلة وأعظمها في تثبيت الوحدة الإسلامية ألا وهو مصاب الزهراء عليها السلام، بالإضافة الى تدمير الوحدة فأنه يعمل على إبعاد العباد عن طريق الله القويم الذي يؤدي الى السعادة الأبدية في الدارين فهو يشترك مع الشيطان في أعماله وحيله لكي يبعد الخلق عن عبادة الله كما أرادها الله سبحانه وتعالى لا كما أرادها الخلق أنفسهم، لهذا فان إقامة وتعظيم مصاب الزهراء عليها السلام يصب في طريق الوحدة الإسلامية الحقيقية ويقدم السعادة بطبق من ذهب للمخالفين لكي يعودا الى طريق الله القويم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/شباط/2014 - 10/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م