القاعدة والتنظيمات الجهادية.. النشأة والتمويل

في ملتقى النبأ الأسبوعي

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: منذ النشأة في العام 1998 وتنظيم القاعدة وغيره من تنظيمات ظهرت تحت مسمى "الإسلام الجهادي" منذ ذلك العام وحتى الان نعيش هذا التطور في أجيال تلك الجماعات الجهادية.

في السنوات الأخيرة، وقبل بداية الانتفاضات العربية، تضررت القاعدة وغيرها من تنظيمات الإسلام الجهادية، وباتت تعاني من صعوبات بالغة في الحفاظ على هيكليتها كمنظمات فاعلة ومتماسكة، إلا أن أيديولوجيتها الصلبة أصبحت أكثر جاذبية ونفوذا عقب ثورات الربيع العربي ومقتل أسامة بن لادن.

حرب الخليج في العام 1991 دشنت لظهور جيل ثان من القاعدة، وكان هذا الجيل نتاجا طبيعيا مناهضا للعولمة التي أفضت إلى جملة من التحولات الدولية والإقليمية والمحلية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، إذ تولدت قناعة لدى بعض قطاعات السلفية الجهادية، قوامها (العدو القريب) الذي تمثله الأنظمة العربية والإسلامية (المرتدة) التي لا تقوم بذاتها وإنما بغيرها، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، مما أسفر عن ولادة (الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين والأميركان) عام 1998.

دشنت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 ظهور (الجيل الثالث) للقاعدة، فقد أسفرت عن قيام الولايات المتحدة باحتلال أفغانستان وإزاحة حكم طالبان، من خلال حشد تحالف دولي بهدف القضاء على القاعدة وحرمانها من ملاذات آمنة، في إطار سياسات (الحرب على الإرهاب)، فأوشكت على تفكيك التنظيم والقضاء على مركزيته وتشتيت قيادته وعجلت الإعلان عن وفاته، إلا أن السياسات الخاطئة لإدارة المحافظين الجدد عملت على ولادة ثانية للقاعدة عبر بوابة العراق.

وخلال الفترة بين (2009 - 2011) أوشك تنظيم القاعدة على الفناء عقب دخوله في صراع عنيف مع حواضنه الاجتماعية وقدوم موجة التغيير الديمقراطي الثوري السلمي في بلدان الربيع العربي من تونس إلى مصر.

وبهذا استثمرت القاعدة التحولات الميدانية العميقة التي أسفرت عن زوال بعض الأنظمة السلطوية (عدوها القريب) وإضعاف منظومة الهيمنة الأميركية (عدوها البعيد) وأتاح الدخول في أفق اللعبة الديمقراطية التعددية فرص الانتشار عبر الانتقال من (النخبوية) إلى (الشعبوية)، عبر ظاهرة (أنصار الشريعة او جبهة النصرة او داعش).

في كل تلك التقلبات منذ النشأة والتكوين كانت تبرز عدة أسئلة حول من يدعم ومن يمول تلك التنظيمات، وقد اكدت الكثير من التقارير الصحفية الأجنبية والتسريبات التي كانت تصدر من بعض أجهزة المخابرات عن دور كبير للسعودية في ذلك.. لكن اقتصار الامر على السعودية لا يكفي وحده لهذا الانتشار ولهذا التمويل.. اقترحت طروحات أخرى إسرائيل او بريطانيا في دعمها وتمويلها من خلال الاستناد الى الصراع بين العرب وإسرائيل، وكذلك الماضي البريطاني في انشاء ودعم وتمويل تلك الجماعات..

حول هذا الموضوع كان ملتقى النبأ الأسبوعي، وطرح فيه، سؤالا افتتاحيا هو: من يقود تلك المجاميع؟ ومن يمولها، وكيف يستطيعون تجنيد الشباب والفتيان في عملياتهم الانتحارية؟.

واجيب عن ذلك بانه من واقع التراكم التاريخي للوثائق المنشورة ان البريطانيين هم الآباء المؤسسون لمعظم جماعات الإسلام الجهادي في البلدان العربية والمسلمة، وانتقال الدور اللاحق الى المخابرات الامريكية، في التجنيد والتمويل بقدر معين، إضافة الى جهات أخرى استفادت من هذه التداخلات بين السلطة والمال السياسي.

ويستبعد احد المحاورين أي دور إسرائيلي يقف خلف هذه التنظيمات، لان إسرائيل تعتمد في سياساتها على تكوين ودعم لوبيات الضغط المنتشرة بكثرة في الولايات المتحدة وغيرها من دول تنشط فيها..

والتاريخ يحدثنا عن دور الجماعات اليسارية التي ظهرت في السبعينات من القرن المنصرم كما في المانيا وإيطاليا واليابان وغيرها من دول، وحاجة الولايات المتحدة الى عدو تخترعه باستمرار اذا لم يكن موجودا..

بدروه أشار احد المحاورين في حديثه الى التفجيرات الأخيرة التي استهدفت بغداد والمنطقة الخضراء، وطرح تساؤلا عن المستهدف منها، هل هو المالكي من أجل اسقاطه في الانتخابات القادمة؟.

واقترح بعض الحلول لتحجيم تلك التنظيمات والقضاء عليها منها:

تأسيس مراكز للتفكير تأخذ على عاتقها تشخيص الأسباب ووضع الحلول.

الاهتمام بشريحة الشباب عبر سياسات استراتيجية، وفتح مجالات كثيرة لاستيعابهم، كشف وتفنيد عناصر الخطابات الديماغوجية (البروباغندا) التي تستغل العواطف والقيم الأخلاقية..

يعود الاستاذ سمير الكرخي، الى تأكيد ما تذكره بعض التقارير من ان إسرائيل هي من تقف خلف تأسيس مثل تلك المنظمات، ويضيف اليها دول الخليج كأدوات لتنفيذ تلك الأفكار وتمويلها.

يتحدث الكرخي عن الصراعات الدائرة الان في المنطقة العربية، وخصوصا في سوريا والعراق، ويرى انها قد اخذت منعطفا طائفيا استغله الجميع دفاعا عن مصالحهم وخوفا من ضياعها وفقدانها. ويرى الكرخي، أن احدث صيحة في الإسلام الجهادي ممثلة بداعش، هي مرحلة تكتيكية لزمن معين، وبعدها تختفي لتظهر ربما جماعة أخرى في بلد ما، توجه الأنظار اليها.

في خضم هذا الصراع الطائفي الذي تبلور نتيجة ما حدث في العراق وتسلم الشيعة للحكم، وما يحدث في سوريا الان، يتساءل الكرخي، كيف نؤثر كشيعة في هذا الواقع؟.

يتفق الإعلامي رفعت عبد المنعم مع التحليل حول دور بريطانيا، ويتساءل: 

ايهما اقدم وجودا في منطقتنا، اسرائيل أم الوهابية؟، ويعود بالذاكرة الى حركات التحرر العربية ضد البريطانيين أيام استعمارهم، وكيف عملت بريطانيا على الدفع باتجاه تأسيس او اختراع ما عرف بالمذهب الوهابي ورعايته كمناهض لكل حركات التحرر، وكبديل سلفي عن الكثير من الشخصيات الإسلامية المعتدلة والتي كان لها دورها في حركات التحرر.

بعد ذلك اتسمت المرحلة الجديدة بعد الاستقلال عن الاستعمار البريطاني لكثير من الدول المستعمرة، بالصراع المتولد عن تقاسم النفوذ، ودخلت المخابرات الدولية في عملية تشكيل وتوجيه جماعات الإسلام الجهادي. واحيانا كثيرة كانت تحدث التقاطعات حتى داخل أجهزة المخابرات في الدولة نفسها، ومثال ذلك الصراع بين وكالة المخابرات الامريكية ووكالة الامن القومي حول دعم بعض الأشخاص او التوجهات.

ويتفق رفعت حول اختراع العدو والتخويف به الذي برعت فيه اميركا طيلة عقود طويلة، وكمثل على ذلك، صدام حسين الذي كثيرا ما خوفت به أمريكا دول الخليج، ثم انقضت عليه بعد محاولته للخروج عن النص، وهو ما أشار اليه احد أعضاء الكونغرس الأمريكي بقوله: (صدام مثل الخروف كلما سمن نخرج له الذئب لإضعافه). او قول احد الأعضاء أيضا في تعليقه على حجم الأموال التي يمتلكها العرب في أمريكا والتخوف من استغلالها لضرب المصالح الامريكية او تهديدها، حيث يقول:  العرب مثل الحشرة داخل قنينة، انهم يسمنون داخلها واذا أرادوا الخروج عليهم أن يتخلصوا من وزنهم الزائد.

يختم رفعت مداخلته في معرض حديثه عن الدولة العراقية الان، بانها فاقدة لمشروعها كدولة، وكذلك الشيعة أيضا يفتقدون لمشروعهم المحدد. ويقترح كمخرج لهذا التأجيج الطائفي عبر الفضائيات تشريع قانون التجريم الطائفي، كما في الكثير من الدول المتقدمة..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10/شباط/2014 - 9/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م