في ثارباركر.. حلول المياه تجلب التغيير

 

شبكة النبأ: تنظر سوهاني بيبي، التي تبلغ العاشرة من العمر، إلى الكتب المدرسية بشيء من العجب. إنها أول مجموعة تمتلكها، وخلال بضعة أشهر، سوف تذهب إلى المدرسة لأول مرة في منطقة ثارباركر الصحراوية بإقليم السند الباكستاني.

وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت أهوجا بيبي، أم سوهاني التي تبلغ من العمر 35 عاماً: "أريدها حقاً أن تتعلم القراءة والكتابة. فقد يحدث ذلك فرقاً كبيراً في حياتها"، وتجدر الإشارة إلى أن التحاق سوهاني بالمدرسة قد أصبح ممكناً بعد بناء توربين يعمل بالطاقة الشمسية لسحب المياه من بئر، مما سهل الحصول عليه. ففي السابق، كانت سوهاني ووالدتها وشقيقتها الصغرى بحاجة إلى مدة تصل إلى ثلاث ساعات يومياً لجلب ما يكفي من المياه لتلبية احتياجات الأسرة من الطهي والغسيل والشرب.

"لأن الوقت المتاح أكبر الآن، تستطيع سوهاني أن تذهب إلى المدرسة، وكذلك ستفعل أخواتها الأصغر سناً في غضون سنوات قليلة،" كما أفادت والدتهن، التي تقول أنها تستطيع الآن تدبر الأعمال المنزلية بنفسها، وتوضح تجربتهن أهمية حلول المياه لمستقبل ثارباركر، كما تبين ما يفقده الناس عندما يضيع الاستثمار في شبكات المياه. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

ويعتبر الحصول على المياه مشكلة رئيسية في منطقة ثارباركر، التي تبلغ مساحتها 22,000 كيلومتر مربع، ويعيش بها أكثر من 1.4 مليون شخص ونحو خمسة ملايين رأس من الماشية، ولكن قد لا يزيد المعدل السنوي لهطول الأمطار فيها عن 9 ملليمترات، كما أن الجفاف أمر شائع في المنطقة.

وأفاد علي أكبر، المدير التنفيذي لجمعية المياه والتعليم التطبيقي والطاقة المتجددة (AWARE)، وهي منظمة غير حكومية في بلدة تشاتشرو في ثارباركر، أن "نسبة السكان الذين يحصلون على إمدادات مياه عذبة بالكاد تصل إلى 5 بالمائة. وحتى عاصمة المنطقة، ميثي، فتحصل على المياه العذبة مرتين في الشهر [فقط]، في الوقت الذي يبقى فيه تركيب خطوط إمدادات المياه بتكلفة عالية عرضة للتساؤل. ولذلك يعتمد معظم السكان على الآبار المحفورة".

وعلى الرغم من تنفيذ العديد من المشاريع من قبل جمعية المياه والتعليم التطبيقي والطاقة المتجددة ومنظمات غير حكومية أخرى، فإن أكبر يعتقد أن تأثيرها كان محدوداً، ومن الجدير بالذكر أن تلوث مصادر المياه الجوفية بالفلوريد قد أدى إلى مشاكل صحية خطيرة. ولكن هناك قضايا رئيسية أخرى أيضاً، من بينها الفساد في المخططات التي وضعتها الحكومة، وقد بدأ تحقيق في هذه الاتهامات العام الماضي تحت إشراف المكتب الوطني للمساءلة التابع للحكومة، الذي يفحص طريقة منح عقود للشركات لإقامة محطات التناضح العكسي (RO)، التي تحول المياه المالحة إلى مياه عذبة، ومواقع تلك المحطات.

ويثار أيضاً جدل حول تكاليف التشغيل بعد إنشاء المشاريع، إذ تعتبر تكاليف تشغيل محطات التناضح العكسي والآبار الأنبوبية التي تعمل بوقود الديزل والتي قامت الحكومة بتركيبها مرتفعة. ويقول أكبر أن ما بين 3 و5 بالمائة فقط من السكان يستطيعون دفع تلك النفقات.

يكمن أحد الحلول في استخدام تقنيات تنقية المياه المحلية؛ فقد تمكنت المنظمة غير الحكومية المسماة برنامج ثارديب للتنمية الريفية (TRDP) من تقديم حلول المياه إلى حوالي 1,000 قرية، والتي غالباً ما تستخدم أساليب الوصول إلى المياه وتنقيتها على أساس الممارسات التقليدية المصممة لكي تكون أكثر قبولاً لدى السكان المحليين.

وأحد أساليب التنقية هي "المصفاة"، التي تشمل استخدام كيس زنة كيلوغرام واحد من الرمل المتدرج المعالج بالفضة كمرشح في الأواني الفخارية التي تستخدم لتخزين المياه. وتستند هذه التقنية، التي طورها مجلس باكستان للبحوث العلمية والصناعية، إلى الممارسات القديمة.

"نحن نعلم أن تصفية المياه بتمريرها من خلال الرمال ستنظفها، وهذا الأسلوب يستخدم منذ عدة أجيال في بعض الأماكن،" كما أوضح حبيب علي، وهو من سكان منطقة ريفية على مشارف ميثي.

وقد جرب برنامج ثارديب للتنمية الريفية أيضاً التعقيم الشمسي، الذي يشمل وضع الماء في عبوات زجاجية تحت أشعة الشمس المباشرة لقتل البكتيريا والحد من الأمراض المنقولة عن طريق المياه، كما قامت المنظمة ببناء خزانات لجمع مياه الأمطار لخدمة 15,636 أسرة في بعض أكثر المجتمعات تهميشاً، وذلك بالحد الأدنى من تكاليف التشغيل.

وتشمل المشاريع الأخرى التي يجري الاضطلاع بها حالياً استخدام المضخات الشمسية، والتي يمكنها أن تسحب المياه من أعماق بعيدة عن السطح، وحفظها وتوصيلها إلى المنازل عن طريق أنابيب.

في عام 2010، بدأت جمعية المياه والتعليم التطبيقي والطاقة المتجددة في تنفيذ خطة لتقديم مضخات القياس التي تعمل بالطاقة الشمسية في 17 قرية بمنطقة تشاتشرو الإدارية (تالوكا). وسوف تدفع كل أسرة مبلغاً مقابل كمية المياه المستخدمة. ومن المقررر أن يكتمل هذا المشروع، الذي يهدف إلى تحقيق الاستدامة، في عام 2017.

وقال أكبر: "أعتقد أن مضخات القياس التي تعمل بالطاقة الشمسية هي مخطط جيد حقاً لأن المجتمع يشارك فيه، والحفاظ على المياه جزء أساسي منه". ويقترح أيضاً بناء طواحين هواء لسحب المياه في المناطق المناسبة.

وخلال حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت ساسوي بيبي: "نحن نسمع عن مخططات هذه المياه. ولكن في قريتنا، التي تبعد 20 كيلومتراً عن ميثي، لا نزال نمشي لأكثر من 40 دقيقة إلى البركة الوحيدة لجلب المياه، وحملها والعودة بها. وعندما تجف البركة، كما هو حاصل الآن، ننتقل إلى مكان آخر. إننا نعيش كالبدو الرحل منذ عدة قرون، ولم يتغير شيء"، ولكن عندما يحدث تغيير، يمكن أن يصبح تأثيره على حياة السكان عظيماً.

وأشار عديل علي، وهو نجار في ميثي، إلى أنه "بعد توفر المياه الجارية الآن في الصنبور، تستطيع بناتي الصغيرات الذهاب إلى المدرسة واللعب، كما اختفت آلام الظهر المزمنة التي كانت تصيب زوجتي"، وطرأ أثر اجتماعي أوسع نطاقاً أيضاً. ففي حديثه مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، أكد خاتاو مال، وهو مسؤول إعلامي في برنامج ثارديب للتنمية الريفية، أن "الحصول على المياه يعني أن الناس لم يعودوا مضطرين لجلبه من البئر أو الصنبور الخاص بمالك الأراضي المحلي، وهذا يحقق لهم التمكين ويقلل من سيطرة الإقطاعيين عليهم"، كما أن التحرر من جلب الماء يمنح النساء المزيد من السلطة في أسرهن، حيث قالت أشارت سونيا بيبي: "بدلاً من قضاء ساعات عند البئر، أستطيع الآن أن أرعى أولادي بطريقة أفضل، وأحافظ على نظافتهم لوقايتهم من الأمراض، وأشارك في المناقشات بشأن المسائل العائلية. عندما نجلب المياه، نشعر أننا كالعبيد، ولكن عندما تتدفق المياه من الصنبور، نكتسب الكرامة".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/شباط/2014 - 7/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م