إعادة صياغة بنوك العالم

تذبذبات اقتصادية من الديون الى السرقات

 

شبكة النبأ: هناك تنافس قوى بين البنوك في ظل الاقتصاد العالمي، كما ان طبيعة القواعد التي يفرضها النظام المصرفي قد تجبر الكثير من هذه البنوك الى الاندماج او التراجع والضعف في محاولة منها لتجنب الإفلاس او العقوبات على اقل تقدير.

كذلك فان التذبذب العالمي للاقتصاد في الوقت الحاضر إثر كثيراً على سير عملها وطبيعة جنيها للأرباح، وقد كشف ايضاً ضعف الكثير من الإجراءات والقواعد المتبعة في سير أنظمة البنوك والمصارف العالمية، واكد الحاجة الى إعادة صياغة الكثير منها وابتكار طرق جديدة لتحسين الوضع القائم.

ولعل من أبرز تلك النقاط التي أصبحت مثاراً للجدل والخلاف بين الاقتصاديين والمصرفيين هي العلاقة التي تجمع بين المصارف الصغير وتلك المصارف الكبرى المتحكمة في الأسواق العالمية والحاجة الى إعادة رسم تلك العلاقة من جديد.

إضافة الى نقطة أخرى تمثلت في مدى الحرية التي تمتلكها الأنظمة المصرفية للبنوك في حرية الحركة ضمن السوق من دون التعرض للقيود الحكومية والرقابة الصارمة التي تحد من تحركها.   

في سياق متصل وبالرغم من أن محمد قد يكون أكثر الأسماء شيوعا في العالم فإن النظام المصرفي العالمي لا يستطيع فيما يبدو التعامل معه بسهولة ومع طرق كتابته المختلفة بالإنجليزية، يقول جون جاريت مدير إدارة الامتثال في بنك أبوظبي الوطني إن النتائج الخاطئة التي تظهر عند التحقق من التزام فرد أو معاملة بعقوبات معينة ترتفع لدى بنوك الشرق الأوسط إلى المثلين تقريبا مقارنة بكثير من البنوك العالمية بسبب شيوع أسماء مثل محمد.

وتتكلف البنوك وعملاؤها وقتا ومالا لتصحيح هذه الأخطاء وهو ما يسلط الضوء على تزايد تكاليف الامتثال لدى بنوك الشرق الأوسط وأفريقيا، وتواجه إدارات الامتثال مجموعة متزايدة من اللوائح بسبب الإخفاقات التي كشفت عنها الأزمة المالية وتعامل البنوك مع العديد من الشركاء في أنحاء العالم أكثر من أي وقت مضى.

وكان جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جيه.بي مورجان تشيس قد قال في سبتمبر أيلول إن من المنتظر أن ينفق البنك مليار دولار إضافيا على إجراءات الامتثال هذا العام وإنه أضاف أربعة آلاف موظف في تلك الإدارة منذ عام 2012، وهذه الأرقام أكبر مما يمكن أن تستوعبه البنوك في افريقيا والشرق الأوسط، وقال فاروج نركيزيان الرئيس التنفيذي لبنك الشارقة المدرج في بورصة أبوظبي والذي تبلغ قيمته السوقية 1.01 مليار دولار إن البنك سيعزز فريق الامتثال إلى أكثر من مثليه في الأشهر الاثني عشر شهرا المقبلة ليصل إلى عشرة أفراد ارتفاعا من أربعة، وأضاف أن البنك سينفق أيضا ملايين الدولارات على برمجيات جديدة.

ومن المفترض أن يكون الامتثال لمعايير عالمية مفيدا لبنوك الشرق الأوسط وافريقيا، فدور الأسواق الناشئة في النشاط التجاري يتزايد ويتيح مزيدا من الفرص، ويتوقع بنك ستاندرد تشارترد أن تشكل تجارة الجنوب-جنوب 40 بالمئة من التجارة العالمية بحلول عام 2030، وتقوم بنوك عالمية بالانسحاب من خدمة بعض الأسواق مع ارتفاع تكلفة إجراءات الامتثال.

فبعد القرار الذي اتخذه بنك باركليز في يونيو حزيران بالتوقف عن تنفيذ التحويلات المالية إلى الصومال بدأ العملاء يبحثون عن سبل أخرى، لكن البنوك الغربية صارت تتجنب التعامل مع بعض بنوك الشرق الأوسط وافريقيا لأنها لا تستطيع تحقيق معايير الامتثال المطلوبة خارج أسواقها المحلية، وقال جوردون اتشا رئيس قطاع المؤسسات المالية في افريقيا لدى بنك سيتي جروب "حقيقة الأمر هي أن كثيرا من هذه المؤسسات يفتقر إلى البنية الأساسية لتحقيق الامتثال"، وقد رفض اتشا التعامل مع بعض البنوك في افريقيا خشية أن يؤدي ضعف نظم الامتثال لديها إلى تغريم البنك الأمريكي.

وتشعر بنوك الشرق الأوسط وافريقيا بالاستياء لاضطرارها لإنفاق مبالغ كبيرة لضمان الامتثال، وقال عبد العزيز الغرير رئيس مجلس إدارة جميعة مصارف الإمارات والرئيس التنفيذي لبنك المشرق في دبي "لا يعجبنا قانون الامتثال الضريبي للحسابات الخارجية (الأمريكي) ولا نريده لكن ليس لدينا خيار"، ويجبر القانون البنوك على الإفصاح عن الأصول المملوكة لمواطنين أمريكيين خارج الولايات المتحدة.

وقال الغرير إن البنوك الإماراتية ستتكلف ما لا يقل عن 100 مليون درهم (27 مليون دولار) لتوفير النظم والبنية الأساسية اللازمة لتطبيق ذلك القانون، وليست التكلفة المالية هي العائق الوحيد، فهناك أيضا صعوبة في توظيف فرق لإدارة الامتثال والاحتفاظ بها، وقد كثر الحديث عن الصعوبات التي ستواجهها هيئة الرقابة الجديدة بالبنك المركزي الأوروبي لتوظيف 770 مراقبا على مدى 12 شهرا قبل موعد تدشينها فضلا عن التداعيات الواسعة على هيئات الرقابة داخل الدول والقطاع الخاص.

ويؤدي ذلك إلى استئثار المؤسسات المرموقة بتلك المهارات وحرمان البنوك الأصغر حجما الموجودة في مناطق أقل أهمية، وتثير الوتيرة السريعة لتنقل موظفي الامتثال بين المؤسسات تساؤلات أيضا بشأن إمكانية تطبيق كل اللوائح الجديدة بفاعلية حتى في الأسواق المتقدمة، وقال سام موس مدير علاقات المستثمرين في بنك فرست راند إن تزايد الطلب على الموظفين المهرة يفسح المجال لكثير من الموظفين الجدد قليلي الخبرة، ويعمل لدى فرست راند - ثاني أكبر بنك في جنوب افريقيا من حيث القيمة السوقية - 112 موظفا بدوام كامل و57 موظفا بدوام جزئي في إدارة الامتثال من إجمالي 34 ألف موظف تقريبا.

وتوجد تعقيدات أخرى لا تحتاج البنوك العالمية للتفكير فيها في أسواقها المحلية، يقول مصدر في بنك افريقي طلب عدم نشر اسمه إن السياسات المحلية التي تشجع التمييز الإيجابي في التوظيف تقيد البنوك، فعلى سبيل المثال يحدد قانون تمكين السود في جنوب افريقيا حصصا لتوظيف المواطنين السود بينما يحدد نظام "نطاقات" في السعودية مستويات مستهدفة لتوظيف السعوديين في القطاعات المختلفة بما فيها الخدمات المالية.

وتواجه البنوك المحلية والعالمية على السواء مشكلة تتعلق بالافتقار إلى قواعد عالمية لتنظيم مسألة الامتثال إذ ان المعايير تختلف باختلاف مناطق العمل، فالولايات المتحدة تصنف جماعة حزب الله اللبنانية كجماعة إرهابية وهو ما يترتب عليه عقوبات مالية بينما لم يكن الاتحاد الأوروبي يصنفها بذلك حتى يوليو تموز الماضي وهو ما يعني أن البنوك لم تكن مضطرة لاتخاذ إجراء بهذا الشأن في أوروبا. لكن إذا كانت البنوك تعمل في كلتا المنطقتين فهي معرضة لعقاب الهيئات الأمريكية إذا لم تمتثل للوائح. بحسب رويترز.

وقد زادت الغرامات على البنوك المخالفة للوائح لاسيما تلك التي تفرضها الولايات المتحدة، وقضت محكمة أمريكية العام الماضي بتغريم بنك اتش.اس.بي.سي هولدنجز 1.92 مليار دولار بسبب تراخي إجراءاته بينما تسبب بنك نور الإسلامي في حرج لدبي عام 2011 حين تبين أن البنك المملوك لحكومة الإمارة يتعامل في مليارات الدولارات من إيرادات النفط الإيراني.

وقال بيل فوكس مسؤول الجرائم المالية العالمية لدى بنك أوف أمريكا ميريل لينش إن أكبر تغيير ملموس هو أن الأوامر صارت تأتي من وزارة العدل الأمريكية وليس من الهيئات المصرفية فقط،

وقال "قبل أربع أو خمس سنوات كان ذلك يعتبر وضعا استثنائيا جدا لكن أصبح من المتوقع اليوم أن تتحرك الهيئات الرقابية ومعها سلطات الادعاء أيضا".

وتتجاوز هذه السلطة حدود الولايات المتحدة إذ يمكن أن تحرم واشنطن أي مؤسسة من تسوية المعاملات بالدولار الأمريكي، ولا يمثل الامتثال للوائح الأمريكية مزيدا من التكاليف على بنوك الشرق الأوسط وافريقيا فحسب بل قد يغير طبيعة الامتثال من كونه ضمانا لسلامة النظام المصرفي إلى جهد يهدف لتجنب اللوم، وقال نركيزيان من بنك الشارقة "إذا حدث شيء، فالتحدي الرئيسي هو أن تثبت للأمريكيين والغرب أو المسؤولين عن الأمر أنك كنت تتصرف وفق القواعد، وبهذه الطريقة إذا حدثت مشكلة بالرغم من كل جهودك ستتجنب اللوم".

الديون المعدومة

فيما كان هناك قلق متزايد في الصين بشأن ارتفاع حجم الديون المعدومة لدى المقرضين الصينيين، طالبت الحكومة الصينية البنوك الكبرى في البلاد بنشر المعلومات المتعلقة بنحو 12 مؤشرا رئيسيا، من بينها الأصول التي تقع خارج الموازنة، وذلك في خطوة تهدف إلى تعزيز الشفافية في القطاع المصرفي الصيني، وسيتوجب على البنوك التي تمتلك أصولًا تقدر قيمتها بـ 1.6 ترليون يوان (264 مليار دولار) أن تنشر المعلومات المتعلقة بتلك المؤشرات في غضون أربعة أشهر من نهاية السنة المالية.

وقالت الصين إن هذا التحرك يأتي متوافقا مع القواعد التي نشرتها لجنة بازل للرقابة المصرفية بشأن تنظيم المعاملات البنكية الدولية، وكان هناك قلق متزايد في الصين بشأن ارتفاع حجم الديون المعدومة لدى المقرضين الصينيين، وقالت لجنة تنظيم المصارف في الصين إن المعلومات التي سيتوجب على البنوك الإفصاح عنها تشمل الأصول والالتزامات عابرة الحدود، وطبقًا لمعلومات نشرتها وكالة بلومبرغ للأخبار، سيطبق ذلك الإجراء الجديد على 12 بنكا على الأقل من بين بنوك الصين المدرجة علنا والبالغ عددها 19 بنكا.

ولعبت البنوك الصينية، وخاصة أكبر أربعة بنوك في البلاد تقدم القروض، دورًا محوريًا في الحفاظ على قوة النمو الاقتصادي في البلاد في الأعوام التي تلت الأزمة المالية العالمية، وقدمت تلك البنوك قروضا بمبالغ مالية قياسية في محاولة منها للحفاظ على مستوى النمو المرتفع في الصين.

لكن على الرغم من ذلك، كان ثمة قلق بشأن إهدار بعض هذه الأموال في استثمارات غير مربحة، وبشأن عدم تمكن البنوك من استرجاع تلك القروض، وكان يتمثل الخوف لدى كثيرين في أن زيادة القروض المتعثرة لن يضر فقط قطاع البنوك في البلاد، ولكن سيؤثر أيضا على نموها بشكل عام، ومع أن نسبة القروض المعدومة في بنوك الصين تقدر بأقل من واحد في المئة من إجمالي القروض، يزعم بعض النقاد أن البنوك تقوم بترحيل تلك القروض أو إعادة هيكلتها للإبقاء على انخفاض هذه النسبة.

ونقلت وكالة الأنباء الصينية شينخوا عن لجنة تنظيم المصارف قولها إن الإجراء الأخير سوف يساعد على "تعزيز الإدارة الداخلية للبنوك وتحسين مستوى الشفافية".

وفي السياق ذاته تعتزم الصين إنشاء نحو خمسة بنوك خاصة جديدة هذا العام في الوقت الذي تدرس فيه البلاد تحرير القطاع المالي وتعزيز المنافسة في هذا القطاع الحيوي، وسيسمح لهذه البنوك بالعمل بصورة تجريبية تحت إشراف السلطات المصرفية الصينية، وسيستخدم التمويل الخاص إما لإعادة هيكلة بنوك قائمة أو إنشاء بنوك أخرى جديدة "تتحمل مخاطرها بنفسها".

وتدرس الصين منذ فترة فتح قطاعها المالي الذي تفرض عليه قيود شديدة بهدف تحفيز موجة جديدة من النمو الاقتصادي، ونقلت وكالة الأنباء الصينية الرسمية شينخوا عن لجنة الرقابة المصرفية قولها إن "إجراءات ومعايير صارمة سيتم وضعها على هذه الأنشطة التجريبية الرائدة (لعمل هذه البنوك الخاصة الجديدة) في ظل وجود معايير تأسيس مشددة على البنوك وتصاريح محدودة وإشراف محكم ونظام لمعالجة المخاطر"، وقالت اللجنة أيضا إنها ستبحث خفض الحد الأدنى للتمويل اللازم لدخول المصارف الأجنبية هذا القطاع.

وتتزامن هذه الخطوة التي اتخذتها الصين مع زيادة المخاوف بشأن صعود مصارف الظل في البلاد، وخلال السنوات القليلة الماضية، تزايد الإقراض من جانب الشركات غير المصرفية بشكل سريع في الصين، مما أدى إلى زيادة مستويات الدين في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكد معارضون أن نشاط مصارف الظل تشكل خطورة كبيرة على نمو الاقتصاد الصيني، وتؤدي أيضا إلى تقويض شفافية عمليات الائتمان.

ونظرا لهذه المخاوف، وضع صانعو السياسة الصينيون قواعد جديدة تنظم عمل هذا القطاع، ولم يعلن عن مسودة هذه القواعد، لكن العديد من التقارير الإعلامية أشارت بأن هذه القواعد تطالب بتعزيز الإشراف والرقابة على بنوك الظل، لكن الوثيقة التي تنص على هذه القواعد ذكرت أيضا أن نشاط تمويل الظل أفاد الاقتصاد.

ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن الوثيقة قولها إن "ظهور بنوك الظل هو نتيجة حتمية للتطوير والابتكار المالي"، وأضافت "بوصفها عاملا مكملا للنظام المصرفي التقليدي، فإن بنوك الظل تلعب دورا إيجابيا في خدمة الاقتصاد الحقيقي وإثراء قنوات الاستثمار للمواطنين العاديين"، ونصت الوثيقة على أنه في الوقت الحالي فإن "مخاطر نظام بنوك الظل تحت السيطرة تماما"، لكنها أضافت بأنه "وكما أظهرت الأزمة المالية العالمية عام 2008، فإن مخاطر تمويل الظل معقدة ومخفية، ويمكن أن تظهر نقاط ضعف فجأة وتنتشر بسهولة وتسبب مشاكل منهجية".

وفي مواجهة تباطؤ معدل النمو، تدرس بكين تخفيف قبضتها على الأسواق المالية، وقال العديد من المحللين إن فتح هذه القطاعات مهم للنمو الصيني مستقبلا، وكان البنك المركزي الصين أعلن في ديسمبر/كانون الأول الماضي أنه سيسمح للبنوك بمبادلة الودائع بينها، باستخدام منتج مالي يطلق عليها شهادات الودائع، وستحدد آليات السوق أسعار الفائدة على هذه الشهادات بخلاف الودائع العادية التي يوضع سقف لأسعار الفائدة عليها.

وألغى البنك المركزي العام الماضي الحد الأدنى لمعدلات الفائدة على الإقراض التي تقدمها المؤسسات المالية، في خطوة مهمة نحو تحرير أسعار الفائدة، وقالت لجنة الرقابة المصرفية إن "المزيد من السياسات ستصدر لدعم الإصلاح المصرفي في منطقة شنغهاي للتجارة الحرة".

تراجع سرقات البنوك

الى ذلك أفاد تقرير أصدره اتحاد المصرفيين البريطانيين بأن عدد حوادث السرقة التي تعرضت لها البنوك البريطانية قد تراجع بأكثر من 90 في المئة خلال السنوات العشر الأخيرة، وأوضحت الأرقام الواردة في التقرير أن البنوك البريطانية تعرضت لـ 66 حادث سرقة عام 2011 مقارنة ب 847 حادث عام 1992، ويرجع سبب انخفاض عدد حوادث السرقة إلى ذلك الكم الهائل من الاختراعات التكنولوجية الحديثة في مجال الأمن الإلكتروني، والتي قللت كثيرا من فرص النجاح لأساليب السرقة التقليدية.

ويقول آنتوني براون رئيس اتحاد المصرفيين البريطانيين "تبذل البنوك جهدا كبيرا من أجل أن تصبح أعمال السطو المسلح على البنوك قاصرة على عالم الدراما التلفزيونية"، وأضاف قائلا "لا شك أن تعرض بنك ما للسرقة يمثل تجربة قاسية بالنسبة للموظفين والعملاء وقد يترك آثارا في حياتهم لعقود "، وتابع "من الرائع أن نرى أن عدد هذه الجرائم قد تراجع بحدة في السنوات الأخيرة، فأي شخص يحاول أن يسرق مصرفا يواجه الآن، وخلال زمن لا يذكر، دوائر تلفزيونية مغلقة أكثر تقدما، ومنها ما هو مصمم خصيصا ليتسبب بنوع من الدوار ويحدث ضبابية في الرؤية للمجرمين ومن ثم يؤدي إلى تفريقهم".

وأكد رئيس اتحاد المصرفيين البريطانيين على أن البنوك ستستمر في العمل عن قرب مع الآخرين، كمكاتب البريد والشرطة من أجل جعل حوادث السطو تلك شيئا من الماضي، ولا يختلف الوضع كثيرا في الولايات المتحدة، حيث أظهرت أرقام مكتب المباحث الفيدرالية "إف بي آي" لعام 2012 أن عدد حوادث سرقة البنوك في أنحاء البلاد بلغ 3870 وهو الأدنى منذ عقود.

وقامت البنوك بتحمل استثمارات ضخمة في التكنولوجيا الأمنية من شأنها أن تمنع اللصوص من الإقدام على السرقة وتجعل العاملين في فروعها أكثر أمنا، بدءا من الحواجز البسيطة التي تنزلق إلى الأسفل بمجرد الضغط على زر الخطر، وانتهاء بأجهزة تصدر نوعا من الضباب يتسبب في إرباك المجرمين.

كما يمثل رذاذ الـ"دي ان إيه" عائقا آخر شائعا أمام اللصوص، حيث ترش على اللص مادة خاصة يمكن اقتفاؤها وتصعب إزالة آثارها، وبوجود هذه المادة يمكن إثبات جريمة السرقة، وبالنظر في الإجراءات الأمنية السابقة مجتمعة، يجعل ذلك المخاطر بالنسبة للسارقين أكبر بكثير من المكاسب المحتملة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن البنوك تحتفظ الآن بكميات أقل من النقود السائلة في مقارها مقارنة بالسنوات الماضية.

إلا أنه ومع تراجع جرائم السطو المتوحشة، فإن البنوك وعملاءها لا يزالون تحت تهديد السرقة بوسائل أخرى، حيث نقل مراسل بي بي سي لشؤون الاقتصاد جو لينام، عن الإحصاءات الرسمية للشرطة المحلية في لندن تأكيدها بأن جرائم السرقة التي تستهدف المنشآت التجارية والبنوك هناك قد انخفضت بنسبة 31 في المئة خلال السنوات العشر الأخيرة، بينما وجه بعض اللصوص نشاطهم إلى المركبات التي تعمل على نقل الأموال بين البنوك.

فيما تتمثل الظاهرة الأخطر في نمو معدل جرائم سرقات البنوك والعمليات المالية من خلال القرصنة الإلكترونية، حيث اختُرقت مؤخرا البيانات السرية لـ 40 مليون بطاقة ائتمانية معتمدة لدى مؤسسة "تارغيت"، وهي سلسلة بيع تجزئة أمريكية شهيرة، ويجري الآن بيع تلك البيانات على شبكة الإنترنت كما يقول أحد الباحثين الأمنيين إن هذا الهجوم تم شنه من شبكة إليكترونية في أوكرانيا.

وفي حادث منفصل آخر، قام لصوص في نيويورك بسرقة 45 مليون دولار عن طريق اختراق قاعدة بيانات ماكينات الصراف الألي ووجه الاتهام إلى سبعة أشخاص في هذه الجريمة التي وقعت في مايو/أيار الماضي، وبعيدا عن بيانات البنوك، فإن قراصنة شبكة الإنترنت "الهاكرز" الذين يمثلون الجيل الجديد من اللصوص يقومون باختراق البيانات السرية للأشخاص ومن ثم عرضها للبيع، وأشارت دراسة حديثة إلى أن متوسط سعر بيع المعلومات الكاملة المتعلقة بشخص ما بما فيها بياناته البنكية، عبر السوق السوداء على شبكة الإنترنت هو 30 دولارا أمريكيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/شباط/2014 - 5/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م