رعب عودة المقاتلين من سوريا.. انقلاب السحر على الساحر

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: السيناريو الأكثر رعباً أصبح على مسافة قريبة من اوربا، مواطنون يحملون الجنسية الاوربية ينفذون عمليات انتحارية داخل بلدانهم ويتسببون بزعزعة الامن والاستقرار الذي تنعم به اغلب هذه الدول.

حتى هذه اللحظة لم يتحقق شيء من هذه الفرضية، لكن ما اشارت اليه تقارير الأجهزة الاستخبارية وما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي وما بثته المواقع الجهادية واشرطة الفيديو، يكفي لمعرفة ان هناك أكثر من (7000) مقاتل أجنبي من (50) دوله منها دول اوربية، وتأتي في مقدمة هذه الدول الاوربية بريطانيا وفرنسا التي نفذ بعض مواطنيها عمليات انتحارية داخل سوريا ونشرت على مواقع اليكترونية عديدة.

قد يفتح هذا الامر الباب واسعاً على العديد من القضايا الخلافية داخل المجمع الأوربي الذي يتهمه البعض في الفشل في احتواء المهاجرين (اللذين أصبحوا المادة الأساسية لاستقطابهم من قبل المتطرفين للقتال) واندماجهم داخل المجتمعات الاوربية، ليتحولوا الى قنبلة موقوتة قد تغير النسيج الاجتماعي الأوربي الى صراعات لا تنتهي، بعد ان يقوموا بنقل تجاربهم الجهادية وافكارهم المتطرفة من سوريا الى الداخل، وهذا ما عملت عليه التنظيمات الجهادية (القاعدة، جبهة النصرة، داعش) الأكثر تطرفاً بعد ان فشلت في الوصول بجهادييها في السابق الى اوربا.

من جانب اخر يشير المحللين الى ان التساهل الحكومي في السيطرة على تدفق الجهاديين من دولهم، إضافة الى غض النظر عن وجود منظمات وتجمعات دينية متطرفة قامت بجمع الأموال والتبرعات لصالح المتطرفين الإسلاميين والحض على مشاركة الجهاد معهم، على الرغم من وجود العديد من المؤشرات الأولية والمعلومات الاستخبارية الدقيقة عن هذا الامر، شجع في تحولها الى ظاهرة تتنامى بوتيرة أسرع.

ما يخشاه قادة اوربا، اليوم، هو الخوف من خروج الوضع عن السيطرة وتنفيذ عمليات إرهابية في وقت قريب داخل مناطق واهداف حيوية في اوربا قبل ان تتمكن من احتواء الامر او وضع حلول حقيقية لإيقاف الجذب المتواصل والاستقطاب الجهادي لمواطنيها من قبل التنظيمات الإرهابية، مما يلقي على عاتقها المزيد من الهواجس الأمنية ومراجعة شاملة لمنظومتها الأمنية وقواعد السلامة من اجل تجنب الفاصل الزمني الذي يقرب اوربا من الوقوع في مصيدة الإرهاب.

ارتفاع عدد المقاتلين الأجانب

فقد قال مديرو أجهزة مخابرات أمريكية لمشرعين إن أكثر من سبعة آلاف متشدد أجنبي يقاتلون الى جانب مسلحي المعارضة في الحرب الأهلية السورية وان بعضهم يتم تدريبهم كي يعودوا الى أوطانهم لشن هجمات، ويزيد العدد الذي ذكر أثناء جلسة للجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأمريكي كثيرا عن الأعداد السابقة التي كانت تتراوح بين ثلاثة آلاف واربعة آلاف مقاتل أجنبي في سوريا، كما تأتي بعد ما تردد عن أنباء بان الكونجرس أقر سرا تقديم مزيد من التمويل لإرسال اسلحة الى مقاتلي المعارضة "المعتدلة" في سوريا.

وقال مدير المخابرات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر لأعضاء اللجنة "نعتقد في الوقت الراهن ان ما يزيد على سبعة آلاف مقاتل أجنبي جاؤوا من نحو 50 بلدا بينها دول كثيرة في أوروبا والشرق الأوسط"، وفي إفادته أمام الاجتماع السنوي للجنة المخابرات بمجلس الشيوخ عن التهديدات الأمنية العالمية قال كلابر "هذا يمثل مبعث قلق كبير ليس لنا فحسب بل لهذه البلدان أيضا".

وقال مسؤول أمريكي ان أجهزة المخابرات الأمريكية لم تذكر في السابق علنا رقم السبعة آلاف رغم انه ظهر في التقارير السرية لهذه الأجهزة، وقال كلابر ان وكالات المخابرات الأمريكية رصدت ظهور "مجمعات تدريب" للمقاتلين الأجانب في سوريا حيث أدى الصراع المستمر منذ نحو ثلاث سنوات الى مقتل أكثر من 130 ألف شخص وأجبر ملايين على النزوح عن ديارهم، وكان مسؤولون أمريكيون قالوا في تصريحات خاصة إن بضعة أمريكيين يقاتلون في سوريا الى جانب فصائل المعارضة المسلحة.

وتوجهت مجموعات أكبر من المقاتلين الأجانب من دول أخرى الى سوريا، وتقول سلطات أوروبية ان زهاء مئة بريطاني يتدربون ويقاتلون مع مسلحي المعارضة السورية وغالبا مع أشد الفصائل تشددا، وعبر مسؤولون أمريكيون وأوروبيون عن القلق بسبب وجود الكثير من الطرق البرية من دول أخرى الى سوريا مما يصعب على الأجهزة الأمنية رصد إجراءات السفر للأشخاص الذين سيصبحون مقاتلين أجانب مقارنة بما يحدث مع المتشددين المحتملين المتجهين الى ساحات قتال نائية مثل باكستان واليمن وشمال افريقيا. بحسب رويترز.

وقال كلابر ان بعض المتشددين الذين يقاتلون للإطاحة بالرئيس السوري بشار السد مثل جبهة النصرة تطمح لمهاجمة الولايات المتحدة ذاتها، ووصفت رئيسة اللجنة السناتور ديان فنشتاين الوضع في سوريا بأنه أبرز تهديد أمني جديد ملحوظ في العام منذ آخر اجتماع للجنة بشأن التهديدات العالمية.

أوروبا ينتابها القلق

فيما سافر ألوف الشبان من دول أوروبية للانضمام إلى صفوف المقاتلين الاسلاميين الذين يحاربون في سوريا، ولم يقتصر الأمر على تزايد الاعداد مع استمرار القتال وتحسن وضع قوات الرئيس السوري بشار الأسد بل إن أعمار المسافرين كانت تتراجع مع الوقت حتى أصبح بعضهم في الخامسة عشرة أو السادسة عشرة، ويقدر الخبراء في المركز الدولي لدراسة التشدد أن عدد الأجانب الذين انضموا إلى صفوف القوات التي تحارب جيش الأسد بلغ نحو 8500 مقاتل منهم نحو 2000 مقاتل من غرب أوروبا.

وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند إن حوالي 700 شخص سافروا من فرنسا مؤخراً للقتال في سوريا ارتفاعا من 400 في أكتوبر تشرين الأول حسب تقدير أجهزة المخابرات، كذلك فإن السلطات الالمانية على علم بوجود نحو 270 مواطنا ألمانيا في سوريا حاليا وتقول إن العدد قد يكون أعلى من ذلك بكثير، ويقول المركز الدولي لدراسة التشدد إن سوريا فيها حوالي 300 مقاتل من بلجيكا ونحو 366 من بريطانيا و152 من هولندا.

وينضم أغلب المسافرين من أوروبا إلى جبهة النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام وهما أقرب منظمتين من الجماعات المقاتلة في سوريا إلى تنظيم القاعدة ويعتبرهما الغرب أخطر التنظيمات، ويخشى المسؤولون أن يعود هؤلاء المقاتلين بخبراتهم القتالية تملاهم الكراهية للقيم الغربية بما قد يفتح باب التمرد أمامهم في مجتمعاتهم.

وقال أندرو باركر المدير العام لجهاز الأمن البريطاني إم.آي 5 في كلمة ألقاها في أكتوبر تشرين الأول "نسبة متزايدة من الحالات التي نعمل عليها الان لها صلة ما بسوريا وأغلبها يتعلق بأفراد من المملكة المتحدة سافروا للقتال هناك أو يريدون ذلك"، وأضاف "جبهة النصرة وغيرها من الجماعات السنية المتطرفة المنضوية تحت لواء القاعدة تطمح لمهاجمة دول غربية".

وفي كثير من الدول الاوروبية تكون الرحلة بسيطة لا تكلف صاحبها سوى السفر ببطاقة زهيدة الثمن إلى تركيا ثم رحلة برية عبر الحدود مع أحد المهربين على دراية بمسالك الطريق، ويقول هانز جورج ماسن رئيس المخابرات المحلية الالمانية في مقابلة إن الأمر لا يقتضي على نحو متزايد معرفة الجهاديين باللغة العربية للاندماج بسرعة في صفوف ألوية المقاتلين الأجانب.

وبلغ عدد المسافرين ومقتل 15 ألمانيا على الاقل في سوريا حدا دفع برلين إلى فتح تحقيق موسع في كيفية إبطاء حركة الميل للتشدد والتوصل للأسباب التي تجعل الناس عرضة لاعتناق الافكار المتشددة، وينادي زعماء دينيون وزعماء تجمعات المهاجرين بإجراء نقاش أكثر انفتاحا حول المشاكل التي تعانيها الاسر المعنية.

ورغم أن أغلب الأوروبيين الذين سافروا للقتال في سوريا من الراشدين فإن السلطات تقول إنها منزعجة لتجنيد شبان في سن المراهقة، وقال مانويل فالس وزير الداخلية الفرنسي إن أكثر من عشرة مراهقين فرنسيين موجودين في سوريا أو في طريقهم إليها اثنان منهم في الخامسة عشرة من منطقة تولوز أحدهما قال لأبيه إنه انضم لمقاتلي القاعدة.

ولفتت هذه الظاهرة الأنظار في فرنسا عندما أعلنت أم لأخين غير شقيقين من تولوز أيضا أنهما قتلا في معارك مع لواء اسلامي في سوريا وأحدهما في تفجير انتحاري، وفي أواخر العام الماضي قتل في سوريا شاب ألماني عمره 25 سنة كان عضوا في منتخب ألمانيا لكرة القدم تحت 17 سنة.

واتفقت الولايات الاتحادية في ألمانيا الشهر الماضي على دراسة حالات التشدد لكل من سافر إلى سوريا للانضمام للمقاتلين، وجاء ذلك في أعقاب دراسة أجرتها ولاية هيسه لحالات 23 جهاديا سافروا إلى سوريا توصلت إلى أن 17 منهم دون الخامسة والعشرين وتسعة كانوا طلبة في مدارس أربعة منهم دون الثامنة عشرة.

ووجدت الدراسة أن تحول بعضهم إلى التشدد استغرق سنوات إلا أن البعض أصبح متشددا في غضون بضعة أسابيع، وولد أغلب الجهاديين في ألمانيا لأسر مهاجرة وكانوا إما من أصحاب الأداء الضعيف في المدارس أو عاطلين عن العمل، وتوصلت الدراسة في ولاية هيسه إلى أن جماعة سلفية متشددة أقامت نقطة للتجنيد أمام مدرسة، وتشير المخابرات المحلية في ألمانيا إلى ارتفاع عدد السلفيين في ألمانيا من 3800 عام 2011 إلى 4500 في 2012، ويعيش في ألمانيا أربعة ملايين مسلم.

قالت كلوديا دانتشكه من مركز الثقافة الديمقراطية إن من سافر إلى سوريا يكون في المعتاد إما اعتنق الاسلام أو تلقى دروسا غيرت نظرته للإسلام، وأضافت لمجموعة من الاباء الاكراد في برلين "أصحاب الفهم العادي للدين ومن كبروا وهم يمارسون الشعائر في أسرة مستقرة نسبيا أو في بيئة اجتماعية هم أقل الجماعات استجابة".

وهي ترى أن هناك مجموعات عدة عرضة للخطر منها الصغار في أسر لها اصول اسلامية لكنها ليست متدينة وإن كان المجتمع الاوروبي يعتبرها مسلمة ومن ثم دخيلة عليه، وكثيرون يحركهم حجم الكارثة الانسانية التي تشهدها سوريا حيث سقط ما لا يقل عن 130 ألف قتيل ونزح الملايين عن بيوتهم أو يدفعهم اعتقاد بأن الغرب فشل في وضع نهاية للأحداث، ويخصص مركز الثقافة الديمقراطية خطا هاتفيا لمساعدة الاباء والاقارب الذين اتجه ابناؤهم للتشدد.

وفي الاغلب يتم جذب المجندين عن طريق الانترنت أو الاتصال الشخصي لا بالدعوة من مساجد المتشددين، وقد أصبحت الدعاية الجهادية متوفرة على نحو متزايد بلغات أوروبية على الانترنت من سوريا مباشرة، وتقول الحكومة الالمانية إنها على علم بمركزين اعلاميين نشطين في سوريا يروجان لفكرة الجهاد باللغة الالمانية.

وظهر تسجيل بالفيديو مؤخرا لألماني ملتحي بعينين زرقاوين يسمي نفسه أبو أسامة ويحض على الجهاد، وتقول وسائل اعلام المانية إنه عامل توصيل بيتزا سابق من مدينة صغيرة قرب الحدود الألمانية.

بريطانيا تحذر

في سياق متصل حذر قائد كبير بالشرطة من ان البريطانيين الذين يسافرون إلى سوريا لمساعدة المسلحين الذين يقاتلون الرئيس بشار الأسد سيواجهون الاعتقال لدى عودتهم قائلا انهم قد يمثلون خطرا امنيا على بريطانيا، وقال بيتر فاهي رئيس رابطة كبار ضباط الشرطة إن هناك "بواعث قلق كبيرة" ازاء مشاركة بريطانيين ومنهم عدد كبير من الشبان في القتال في سوريا وتطرفهم على ايدي اسلاميين متشددين.

واعتقلت الشرطة البريطانية بالفعل 16 شخصا للاشتباه في ارتكابهم جرائم ارهاب في سوريا هذا العام بعضهم لم يتجاوز من العمر 17 عاما في حين اعتقلت 24 شخصا فقط خلال عام 2013، وقال فاهي لراديو هيئة الاذاعة البريطانية ان ثمة "قلق حقيقي ازاء اولئك الذين قد ينضمون الى الفكر المتطرف والذين ربما انضموا الى (معسكرات) لتدريب الارهابيين".

وأضاف فاهي "اعتقلنا عددا لا بأس به من الاشخاص لأننا واضحون جدا جدا تجاه ما سوف يحدث، وتفيد تقارير بأن معظم البريطانيين الذين شاركوا في هجمات في بريطانيا ومنهم الانتحاريون الاربعة الذين نفذوا تفجيرات لندن عام 2005 التي قتلت 52 شخصا بالإضافة إلى المتآمرين معهم تلقوا تدريبات في معسكرات في دول مثل أفغانستان وباكستان.

وقال متحدث باسم شرطة لندن إن معظم البريطانيين الشبان الذين ذهبوا إلى سوريا رجال لكن البعض سيدات، ووجهت السلطات الاتهام رسميا لأول امرأة بريطانية فيما يتعلق بارتكاب جرائم في سوريا، واعتقلت نوال مسعد (26 عاما) وهي طالبة جامعية في مطار هيثرو واتهمت بمحاولة تهريب 20 ألف يورو لمقاتلين في سوريا، ومثلت امام المحكمة لكنها لم ترد على هذه الاتهامات فأبقت عليها الشرطة رهن الاحتجاز حتى 31 يناير كانون الثاني.

واعتقلت الشرطة في لندن وويست يوركشاير في شمال انجلترا في وقت سابق فتاتين تبلغان من العمر 17 عاما اثناء محاولتهما الخروج من بريطانيا، وجرى استجوابهما لعدة ايام قبل الافراج عنهما دون توجيه اي اتهام، وقال المتحدث باسم شرطة العاصمة البريطانية "الاشخاص الذين يتدربون في معسكرات تدريب الارهابيين أو يقاتلون في مناطق الحرب يشكلون أكبر بواعث قلقنا عندما يعودون إلى المملكة المتحدة كإرهابيين، هم يمثلون تهديدا محتملا للمصالح البريطانية في الخارج والداخل". بحسب رويترز.

وتشير التقديرات الأمنية إلى ان ما يصل إلى 500 بريطاني موجودون في سوريا أو كانوا هناك وعادوا، ويشمل هذا العدد اولئك الذين يشاركون في جهود الاغاثة أو الجهود الإنسانية، وأدخلت تعديلات على قانون بريطاني العام الماضي جعلت من الاسهل على الحكومة مصادرة جواز سفر اي شخص تعتبر انشطته "الفعلية او المشتبه بها" تتعارض مع المصلحة العامة.

يذكر ان القاعدة تدرب مئات البريطانيين المقاتلين في سوريا كي يصبحوا جهاديين وتحثهم على شن هجمات بعد عودتهم الى بلادهم، حسب ما أعلن أحد المنشقين عنها في مقابلة مع صحيفة الدايلي تلغراف نشرت مؤخراً، وقال المنشق الذي عرف عن نفسه باسم مراد وكان ينتمي الى "الدولة الاسلامية في العراق والشام" للصحيفة البريطانية ان مجندين اخرين من اوروبا والولايات المتحدة تدربوا ايضا على تفخيخ سيارات ثم عادوا الى بلدانهم كي يشكلوا خلايا ارهابية.

واضاف مراد ان "الاجانب كانوا فخورين بعملية 11 ايلول/سبتمبر وباعتداءات لندن"، ونقل عن اميركي قوله انه "يحلم في تفجير البيت الابيض"، ووصف مراد التدريبات لدى الدولة الاسلامية في العراق والشام التابعة للقاعدة في العراق بانها "قاسية جدا"، وتقدر اجهزة المخابرات البريطانية بحوالي 500 عدد المقاتلين البريطانيين في سوريا.

ثغرات نظام شينغن

من جانبهم يستغل الشبان الاوروبيون الساعون الى القتال في سوريا ثغرات في نظام شنغن الاوروبي للحدود المشتركة، ما يجعل من هؤلاء الشبان الذين لا يوجد لهم تاريخ اجرامي والمجهولين لدى الشرطة خطرا سيدفع الاتحاد الاوروبي الى مراجعة نظامه.

وصرح مدير جهاز مكافحة الارهاب في الاتحاد الاوروبي جيل دو كيرشوف "تم تصميم جميع ادوات الرقابة على الحدود الخارجية لرصد الاجانب، وليس الاوروبيين"، وذلك في لقاء على هامش اجتماع لوزراء الداخلية الاوروبيين في اثينا.

واقر بان انخراط شباب اوروبيين في حركات جهادية ولا سيما الدولة الاسلامية في العراق والشام (مرتبطة بالقاعدة) وهي احدى الجماعات "الاكثر تشددا"، بات مثار قلق كبير لدى الأوروبيين، واكد وزير الداخلية الالماني توماس دو ميزيير عند وصوله الى الاجتماع "لا نريد ان يغادر شبان المان للمشاركة في الحرب الاهلية في سوريا، ولا نريد ان يعودوا من هذه الحرب مدربين لينفذوا هجمات هنا". بحسب فرانس برس.

أكثر من الفي شاب اوروبي توجهوا الى سوريا او ينوون ذلك بحسب المعلومات التي جمعتها الدول الأعضاء، وجاء هؤلاء من فرنسا وبلجيكا والمانيا وهولندا وبريطانيا والسويد والدنمارك واسبانيا وايطاليا، بحسب دو كيرشوف. وافاد دو ميزيير ان 270 المانيا يقاتلون في سوريا، اما الفرنسيين فبلغ عددهم 700 والبلجيكيين 250 والبريطانيين قدروا ب"المئات".

هؤلاء الشباب يحملون جنسية اوروبية واحدة او جنسيتين، كما ان بعض الساعين الى المغادرة اجانب يقيمون في اوروبا بشكل شرعي بحسب دو كيرشوف، واوضح "لديهم وثائق هوية ويمكنهم على سبيل المثال التوجه بسهولة من بروكسل الى الرباط بجواز سفر مغربي والدخول الى تركيا بلا تأشيرة والتوجه الى سوريا والعودة الى بلجيكا بجواز بلجيكي".

واضاف "انهم يشكلون خطرا لأنهم ينضمون الى جماعة عنيفة الى اقصى الحدود ويعيشون في بيئة قاسية جدا ويتعلمون القتال والتعامل مع المتفجرات"، واضاف "هذا لا يعني ان اغلبية الذين يعودون سيغرقون في العنف، لكن ان تفعل ذلك اقلية ضئيلة منهم امر كاف".

وافاد دو ميزيير "على اوروبا كلها العمل على تجنب هذا الخطر لذلك نحتاج الى منظومة اوروبية ناجحة"، غير ان فضاء الحدود المشتركة شنغن بدأ يكشف عن ثغرات، "ينص قانون شنغن على انه لا يمكن التدقيق بشكل منهجي في هويات الاوروبيين عند الدخول والخروج، ولا يمكن التحقق من الاسماء في جميع قواعد البيانات، بل مجرد التحقق فقط من جوازات السفر، ولا يسعنا ذلك الا في حالات محددة، وليس بشكل منهجي".

واكد ان الدول تبحث في اعداد ملف لبيانات المسافرين بالطائرات "لكن البرلمان الاوروبي يعارض ذلك"، معتبرا انه سيكون "النظام الاكثر فعالية لرصد اشخاص لا نعرفهم" حيث ان اغلبية الشباب المغادر الى سوريا مجهولين لدى اجهزة الشرطة.

ويسعى المسؤولون الاوروبيون الى سد الثغرات، وشكل اجتماع اثينا فرصة لفتح اول نقاش حول سلسلة مقترحات قدمتها المفوضة الاوروبية للشؤون الامنية سيسيليا مالمستروم، وصرح دو ميزييه "نحتاج الى ان نفهم أكثر دوافع" هؤلاء الشباب مشيرا الى ان عددهم "مرتفع جدا، ويفوق عدد الاوروبيين الذين غادروا الى افغانستان".

التمركز في تركيا

من جانب اخر قال رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الميجر جنرال أفيف كوخافي إن بعض مقاتلي القاعدة الذين يذهبون إلى الحرب في سوريا لديهم قواعد في تركيا المجاورة ويمكنهم الوصول بسهولة إلى أوروبا عن طريق تركيا -الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي، وقال كوخافي الذي كان يستعين بخريطة للشرق الأوسط مبين عليها مناطق تواجد القاعدة أمام مؤتمر أمني إن مقاتلي القاعدة من شتى أنحاء العالم يدخلون سوريا أسبوعيا "لكنهم لا يبقون هناك"، وظهر على الخريطة ثلاث قواعد لتنظيم القاعدة داخل تركيا.

ولم يكن لدى المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تعليق فوري لكن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان نفى مرارا أن تكون تركيا توفر ملاذا أو دعما لجماعات مرتبطة بالقاعدة في سوريا، ورفض كوخافي الإجابة على سؤال يطلب تقديم أرقام محددة لكن المتحدثة باسمه قالت إن الخريطة توضح قوة ومكان القواعد التي يستخدمها مقاتلو القاعدة والموجودة على ما يبدو في أقاليم كرمان وعثمانية وأورفة.

وقال كوخافي في مؤتمر نظمه معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب "سوريا تنقل حربها إلى المنطقة كلها، تلك البقع (على الخريطة) في تركيا لم يضعها الرسام خطأ وهي قريبة من أوروبا"، وداهمت شرطة مكافحة الإرهاب التركية مكتب وكالة معونة على الحدود مع سوريا هذا الشهر في إطار ما وصفته وسائل إعلام تركية بعملية في ست مدن ضد أفراد يشتبه في صلتهم بتنظيم القاعدة. بحسب رويترز.

وحافظت تركيا على سياسة الباب المفتوح في تعاملها مع الصراع السوري بالسماح بدخول المساعدات الانسانية الى المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة واستقبال اللاجئين والسماح للجيش السوري الحر بتنظيم صفوفه على أراضيها.

لكن زيادة نفوذ جماعات مرتبطة بالقاعدة مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام في مناطق بشمال سوريا قرب الحدود التركية عرض أنقرة لاتهامات بدعم الإسلاميين المتشددين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/شباط/2014 - 5/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م