شبكة النبأ: يبدو ان مؤتمر السلام
جنيف الثاني قد ولد ميتا، بعدما أخفقت المفاوضات السياسية بين الجانبين
المتحاربين بالصراع السوري من الخروج بنتائج إيجابية، فلم تستطع الجهود
المتواصلة من لدن القوى الدولية الكبرى وخاصة امريكا ورسيا ان تفك شفرة
مؤتمر جنيف الذي بات بسبب الخلافات بين القوى العالمية وانقسامات
المعارضة وتشبث كل من الرئيس السوري بشار الأسد والمتمردين بمواقفه
مهمة مستحيلة طالما استمرت حالة الانقسام الميؤوس منها بين طرفي الخصام
والقوى العالمية.
إذ يرى بعض المراقبين ان عدد من المؤشرات ترجح فشل مؤتمر السلام
جنيف الثاني، ولعل أهمها عدم وجود أرضية مشتركة للتفاوض بين طرفي
الصراع الرئيسين، فأهدافهما تأتي على طرفي نقيض، حيث يتمثل هدف
المعارضة من المشاركة في جنيف 2 لتنفيذ بنود جنيف 1 وتشكيل حكومة
انتقالية ذات صلاحيات كاملة، في حين يرى الأسد أن هدف المؤتمر هو
مكافحة الإرهاب في سوريا.
بينما يرى بعض المحللين ان الأطراف الخارجية تلعب دورًا مهمًا في
الضغط على طرفي الأزمة، وأن روسيا تريد أيضا الإبقاء على مصالحها
الإستراتيجية داخل سوريا بما في ذلك وجود قاعدة بحرية لكنها -مثلها مثل
إيران حليف سوريا الرئيسي الآخر- لا تتشبث بمساندة الأسد نفسه، حيث رسم
وفد الحكومة "خطا أحمر" حول الأسد قائلا إن دوره ليس محل نقاش في
الوثيقة التي كانت أساسا للتفاوض، غير أن المعارضة ترى أن الحلقة ستضيق
تدريجيا على الأسد لأن كيان الحكم الانتقالي الذي تسعى المحادثات
لإرسائه يتطلب موافقة الجانبين.
في حين على الرغم مما أظهرته المعارضة من وجه واحد في جنيف فإنها لا
تزال هشة وتفتقر التأثير على نشطاء ومقاتلين داخل سوريا. ويقول
الدبلوماسيون إنهم يواجهون ضغوطا للتوصل إلى نتائج سريعا، ويقول
الدبلوماسيون إن الضغوط الحقيقية على سوريا تأتي من حليفتها روسيا التي
شاركت في تنظيم المحادثات مع الولايات المتحدة والتي لا تجد دمشق سبيلا
لتجاهلها.
وبهذا أثبت مؤتمر جنيف 2 الذي طال انتظاره أنه مخيّب للآمال إلى حدّ
ما بعد افتتاحه يوم 22 كانون الثاني/يناير. غير ان أهمية هذا المؤتمر
لا تكمن في محصلاته الرسمية بل في المفاوضات التي تجري وراء الكواليس.
من جانب آخر يرى بعض المحللين إن ما يعرقل تنفيذ أي اتفاق أيضاً هو
وجود عدد لا يحصى من الجماعات المتمرّدة - وخاصة الجهادية المسلحة منها
- التي كانت إحدى ثمار الصراع وصانعة له على حدّ سواء، والتي يتوقّف
وجودها على إدامة الصراع. وبالتالي، فإن إيجاد حل سياسي للصراع ليس في
مصلحة هذه الجماعات التي يحتمل أن تقوّض زيادة المساعدات الإنسانية
والتوصّل إلى هدنة ووقف إطلاق النار في بعض المناطق، وهي أفضل النتائج
التي يأمل المرء أن يسفر عنها جنيف 2، لكن ما أظهرته البداية المتواضعة
جدا للجولة الاولى من جنيف-2 يبقي حدوث الانفراجة لهذا المؤتمر صعبة
التحقيق حتى المدى البعيد.
بداية متواضعة جدا
فقد اعتبر الوسيط الدولي في مفاوضات جنيف-2 ان الجولة الاولى من
المفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريين تشكل "بداية متواضعة
جدا" في اتجاه ايجاد حل للازمة السورية المستمرة منذ حوالى ثلاث سنوات.
واعلن الابراهيمي في مؤتمر صحافي عقده في ختام جلسات التفاوض في قصر
الامم في جنيف ان الجولة المقبلة من المحادثات ستعقد "مبدئيا" في
العاشر من شباط/فبراير، وقال الابراهيمي "خلال الايام الثمانية الماضية
في جنيف، كان الطرفان يتحدثان بواسطتي. كانت بداية صعبة. لكن الطرفين
اعتادا الجلوس في غرفة واحدة"، واضاف "عرضا مواقفهما، واستمع احدهما
الى الآخر. كانت هناك اوقات اقر فيها احدهما بما يثير قلق الآخر وبوجهة
نظره"، وقال الابراهيمي ان التقدم بطيء جدا بالفعل، الا ان الطرفين
تكلما بطريقة مقبولة (...) انها بداية متواضعة، لكنها بداية يمكن ان
نبني عليها".
وقال الابراهيمي انه اقترح ان تستانف المفاوضات "بالاستناد الى
اجندة واضحة، وان نلتقي في العاشر من شباط/فبراير"، مشيرا الى ان وفد
الحكومة قال انه "يحتاج الى التشاور مع دمشق اولا"، واضاف "الهوة بين
الطرفين لا تزال كبيرة، لا يمكن ادعاء عكس ذلك. لكنني لاحظت خلال
محادثاتنا ان هناك ارضية صغيرة مشتركة لعلها اكثر مما يدركه الطرفان".
وقال انه استخلص عشر نقاط من هذه الارضية المشتركة ابرزها ان
الطرفين "ملتزمان بمناقشة التطبيق الكامل لبيان جنيف للوصول الى حل
سياسي، وان الطرفين يعرفان انه "للوصول الى تطبيق بيان جنيف عليهما
التوصل الى اتفاق دائم وواضح على وضع حد للنزاع وعلى اقامة هيئة حكم
انتقالي بصلاحيات تنفيذية، بالاضافة الى خطوات اخرى ابرزها الحوار
الوطني واعادة النظر في الدستور والانتخابات". بحسب رويترز.
واضاف الابراهيمي ان كلا من الطرفين "اعلن بعباراته انه يرفض العنف
والتطرف والارهاب".
وينص اتفاق جنيف-1 الذي تم التوصل اليه في مؤتمر غاب عنه كل الاطراف
السوريين في حزيران/يونيو 2012، على تشكيل حكومة من ممثلين عن النظام
والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية.
وتعتبر المعارضة ان نقل الصلاحيات يعني تنحي بشار الاسد، وهو ما
يرفض النظام التطرق اليه، مؤكدا ان مصير الرئيس يقرره الشعب السوري من
خلال صناديق الاقتراع، كما ينص الاتفاق الذي وضعته الدول الخمس الكبرى
والمانيا والجامعة العربية، على "وقف فوري للعنف بكل اشكاله" وادخال
المساعدات الانسانية واطلاق المعتقلين والحفاظ على مؤسسات الدولة،
وتقول السلطات السورية ان معالجة مسائل الارهاب يجب ان تاتي قبل مسالة
الحكومة.
الأسد ربما أخطأ في حساباته
في سياق متصل يرى دبلوماسيون أن الحكومة السورية ربما تكون قد
ارتكبت خطأ استراتيجيا بحضورها محادثات السلام في جنيف .. إذ ليس
أمامها ما يمكن أن تكسبه ولا مجال يذكر للمناورة وربما فتحت على نفسها
بابا لا يحمد عقباه بإضفاء شرعية على معارضيها.
لكن روسيا - راعي الحكومة السورية الرئيسي- تحرص على التوصل لصيغة
اتفاق سلام.. لذا كان من الصعب أن تتجاهل دمشق المسألة.
ظن خبراء كثيرون أن محادثات السلام التي اختتمت جولتها الأولى لن
تنعقد أبدا .. ولو عقدت فستنهار سريعا كما أن هناك غيابا لأطراف كثيرة
في المعارضة لتعذر الاتفاق على الجانب الذي سيمثلها.
جاء ممثلو الحكومة السورية إلى المحادثات يتملكهم شعور بوحدة الصف
والثقة أكبر بكثير مما لدى المعارضة بعد أن اقتنصت القوات النظامية
مكاسب عسكرية الأمر الذي أتاح لوزير الخارجية وليد المعلم الإدلاء
بكلمة واثقة في الافتتاح انقض فيها على المعارضة وداعميها، قال إن
القناع سقط الآن وإنه بات بالإمكان رؤية الوجه الحقيقي لما يريدونه،
وقال إن وفد الحكومة جاء لحماية الدولة المدنية ولإنهاء الهمجية.
لكنها في ذات الوقت المرة الأولى التي تضطر فيها وسائل الإعلام
الرسمية في سوريا لإفساح المجال أمام المعارضة والتي تذعن فيها الحكومة
لمواجهة صحفيين معارضين تعتبرهم "إرهابيين"، وقالت بثينة شعبان مستشارة
الرئيس بشار الأسد إن من يقولون إنهم يمثلون قطاعا من المعارضة في جنيف
لا يعبأون إلا بإضفاء قدر من المصداقية على أنفسهم.
ويرى الكثير من المراقبين أن وفد المعارضة نجح في هذا المجال. فعلى
الساحة العالمية بدا المتحدثون باسم المعارضة -الذين تدربوا على أيدي
أناس أصقلهم التعامل مع وسائل الإعلام الغربية- بهيئة وبلاغة لا تقل عن
هيئة وبلاغة نظرائهم الحكوميين وكانوا يتلقون أسئلة وسائل الإعلام
الرسمية بهدوء ويردون عليها بكياسة. بحسب رويترز.
وبعد أن ظل يصف المعارضين بأنهم "إرهابيون" رأى كثيرون أن المعلم
أضفى هالة من الشرعية على رئيس وفد المعارضة أحمد الجربا عندما رفض
حضور جلسات التفاوض ما لم يكن الجربا حاضرا.
ويقول الدبلوماسيون إن الوفد الحكومي حاصر نفسه بدعايته الخاصة وإن
تصريحاته كانت موجهة لمن هم في دمشق وعلى رأسهم الأسد نفسه، ولم يترك
هذا متسعا لمفاوضيه للتحول عن رسائلهم الرئيسية عن ضرورة مكافحة
الإرهاب وعن أن بقاء مقاليد الحكم في يدي الأسد أمر مفروغ منه، قال
دبلوماسي من الشرق الأوسط "مشكلة أي نظام كالنظام السوري هو أن كل من
في دائرة الأسد اعتاد على المزايدة على الآخر، والمحصلة هي الافتقار
لما يمكن أن يقولوه للعالم باستثناء الكلمات الوطنية الطنانة الجوفاء".
فالمقاتلون المرتبطون بتنظيم القاعدة يعارضون المفاوضات بقوة وما لم
ينجح وفد المعارضة في تحقيق نتائج ولو متواضعة فقد تنقلب فصائل
المعارضة الإسلامية الأخرى على العملية برمتها.
انصب التركيز في الأيام الأولى من محادثات جنيف على الخطوات
الإنسانية التي يمكن أن يتخذها كل جانب مثل إطلاق سراح المحتجزين
والسماح بدخول المساعدات للمناطق المتضررة وإنهاء حصار مناطق الخصم.
قال مارك فينود الخبير في الحد من التسلح ودبلوماسية الشرق الأوسط
بمركز جنيف للسياسة الأمنية إنه لم تحدث انفراجة لكن معظم التوقعات
كانت منصبة على الحكومة بسبب "الفارق الجم" بين التنازلات التي يمكن أن
يقدمها كل جانب فيما يتعلق بالنواحي الإنسانية.
ويقول النص الأساسي للمحادثات إن كل الأطراف لابد وأن تحترم القانون
الدولي لكنه يدعو الحكومة على وجه الخصوص إلى الإفراج عن المحتجزين
الذين ألقت القبض عليهم بشكل تعسفي والسماح بدخول المساعدات الإنسانية
على نحو كامل للمناطق المتضررة، وتقول المعارضة إنها سلمت الوسيط
الدولي الأخضر الإبراهيمي قائمة بأسماء 28 ألف شخص تحتجزهم قوات الأمن
من بينهم 3000 من النساء والأطفال.
لكن ظلت هناك مخاوف من أن تضطر الحكومة للانسحاب بسبب الضغوط عليها
للوفاء بالتزاماتها، وقال فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري إن
وفد الحكومة لن يترك مائدة التفاوض وسيواصل النقاش، وقال فينود أن هدف
روسيا الأساسي هو الحفاظ على وضعها كقوة عالمية من خلال إظهار أن "ما
من شيء يمكن أن يحدث دونها" كما كان الحال في صفقات أبرمت في الآونة
الأخيرة بشأن تسليم الأسلحة الكيماوية السورية والحد من مطامح إيران
النووية.
وقال أنس العبدة المتحدث باسم المعارضة "هذا يعني أن الطرفين لديهما
حق الفيتو. ومن هذا المنطلق سنستخدم الفيتو مع بشار والدائرة المقربة
منه وبالقطع سيضعون هم دائرة على بعض الأسماء التي سنقترحها".
ومن المتوقع أن تسعى الحكومة لبث الشقاق في صفوف المعارضة وأن تطيل
أمد المحادثات قدر المستطاع لنزع الثقة في خصمها كقوة تفاوضية، وقال
العبدة "سيحاولون ويحاولون. وسنتحلى بالصبر الجميل. سنصبر لأقصى درجة".
وقال فينود إنه إذا انتقل الجانبان من التراشق بالكلمات وشرعا في
الحديث الجدي فإنهما قد يجدان أرضية مشتركة في التصدي لخصم مشترك يتمثل
في المقاتلين الإسلاميين الأجانب الغائبين عن محادثات جنيف، وأضاف "ستكون
هذه إلى حد ما استراتيجية بقاء بالنسبة لمعظم من هم في النظام. سيضطرون
على الأرجح إلى التضحية بالأسد لكن معظم الأعضاء الآخرين في النظام
سينجون بمناصبهم".
مهمة مستحيلة
الى ذلك فاقت المهمة قدرات كوفي عنان الامين العام السابق للامم
المتحدة الحائز على جائزة نوبل للسلام فأعلن انسحابه في أغسطس اب. وقال
عنان المعروف عنه أنه لا يستسلم بسهولة أن مهمة الوسيط الدولي في سوريا
مستحيلة طالما استمرت حالة الانقسام الميؤوس منها بين القوى العالمية.
ولم يتوقع الكثيرون تقدما كبيرا من خليفة عنان في المنصب. لكن
الاخضر الابراهيمي الدبلوماسي الجزائري المخضرم (80 عاما) يرفض بعناد
ان يستسلم في مهمته الأخيرة كما هو متوقع وهي السعي لانهاء الحرب
الاهلية السورية. ويملك الابراهيمي عقودا من الخبرة في عدد من أصعب
الصراعات في العالم.
واستمرت جهود الابراهيمي عاما ونصف إلى أن تمكن من الجمع بين طرفي
الصراع في سوريا في غرفة واحدة خلال محادثات السلام هذا الاسبوع في
جنيف. ولا يلوح اي اتفاق للسلام في الافق. ويتعرض الوسيط الدولي بشكل
متكرر الى انتقادات من الطرفين كان آخرها من الحكومة السورية التي قالت
ان الابراهيمي يتعاطف مع المتشددين الاسلاميين.
لكن رغم المهمة التي تبدو مستحيلة يقول مؤيدون للابراهيمي -وبينهم
عدد من الدبلوماسيين من منطقة الشرق الاوسط وما وراءها- إنه لا يوجد من
هو أفضل منه ليحاول نزع فتيل الأزمة، وقالت كارين كونينج أبو زيد من
لجنة تحقيق مستقلة في جرائم الحرب تابعة للامم المتحدة خاصة بسوريا
والرئيسة السابقة لوكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين (أونروا) "أنا معجبة به لانه صمد والتزم بمهمته المستحيلة،
"هو صديق قديم جدا لي ولاخرين هنا. انه رجل ماهر للغاية ويملك خبرة
عريضة. يعرف من أين نأتي".
ويحرص الابراهيمي نفسه على ألا يدع التوقعات غير الواقعية تعترض
طريقه. وقال للصحفيين يوم الاربعاء إن طرفي الصراع في سوريا لم يجتمعا
ولو لمرة واحدة منذ ثلاث سنوات ولا يتوقعان عصا سحرية تنهي طريقا طويلا.
وأضاف أنه إذا اتخذت الخطوة الاولى فسيكون هذا جيدا جدا.
ينحدر الابراهيمي من أسرة جزائرية أرستقراطية وعزز سمعته كوسيط من
خلال توليه منصب مبعوث الجامعة العربية في الحرب الاهلية اللبنانية
خلال الثمانينيات من القرن الماضي وأصبح أحد الشخصيات القليلة التي
تخرج من العملية الدبلوماسية الطويلة بسمعة أفضل.
وبعدما حاول الابراهيمي في أول الامر تأمين اطلاق سراح رهائن
احتجزتهم جماعات شيعية مرتبطة بحزب الله اللبناني ساعد في التوصل إلى
اتفاق الطائف في سبتمبر أيلول 1989 الذي أنهى في نهاية المطاف الصراع
الذي استمر 15 عاما بين عامي 1975 وعام 1990، وأسس الاتفاق المعقد الذي
بدا مستحيلا نظاما لاقتسام المناصب الكبرى في الدولة على أساس طائفي
وظل متماسكا منذ ذلك الحين وأصبح فعليا دستورا للبنان.
ولم يمر اتفاق الطائف دون عقبات حيث اغتيل أول رئيس لبناني اختير
للمنصب وفقا له وامتد وجود القوات السورية التي كان من المتوقع أن
تنسحب في غضون عامين إلى نحو 15 عاما. لكن يظل الاتفاق رغم ذلك نموذجا
ناجحا للدبلوماسية في الشرق الأوسط.
والمهم هو أن الاتفاق حاز تأييدا ليس فقط من الاطراف المتصارعة
وإنما من داعميها في الخارج أيضا على اختلاف توجهاتهم -دول غربية
وعربية سنية وإيران الشيعية. وهذه هي نفس الاطراف التي تقف على هامش
محادثات سوريا اليوم والتي بدا الاتفاق بينها بعيدا مثلما هو الحال
الان، وبعض الوجوه في محادثات جنيف حاليا مألوفة وعملت مع الابراهيمي
وبنى معها عقودا من الثقة، وقال دبلوماسي عمل مع الوسيط الدولي في
سوريا لحل مشاكل صعبة أخرى "تفوق خبرة الابراهيمي في الشرق الاوسط أي
أحد تقريبا في المنطقة.. يعطيه هذا ميزة كبيرة مقارنة بأي شخص يحاول
الوساطة لحل الصراع".
قال أشخاص حضروا اجتماعات مع الابراهيمي إنه أوضح أنه يعول كثيرا
على الارتجال في جزء كبير من عمله، وقال الابراهيمي للصحفيين مازحا إنه
يرحب بأفكارهم حول رأب الصدع بشأن تشكيل حكومة انتقالية في سوريا وهي
نقطة شائكة ترفضها الحكومة وتطالب بها المعارضة.
وردا على سؤال حول تطبيقه لنموذج محادثات السلام بين فيتنام
الشمالية والجنوبية في السبعينيات من القرن الماضي قال الابراهيمي
للصحفيين إن محادثات جنيف لا تتبع أي نموذج لكنهم يفعلون ما يسمح به
الموقف.
وانقذ الابراهيمي المحادثات من الانهيار بسبب قضايا كبيرة مثل تنحي
الرئيس السوري بشار الاسد وصغيرة مثل من يحق له الجلوس مع من في غرفة
المحادثات، اتخذ المفاوضون أول خطوة إلى الامام باتفاق الجانبين على
وثيقة واحدة كأساس للمناقشات رغم اختلافهما حول كيفية سير المحادثات.
بحسب رويترز.
وقال الدبلوماسي الذي عمل مع الابراهيمي من قبل إن الدبلوماسي
الجزائري المخضرم لن يترك المحادثات تطول دون نتائج. وأضاف "يدرك أنها
المهمة الاخيرة في حياته المهنية. لن يتردد في انهائها إذا لم تصل
المحادثات إلى شيء".
وإذا كان مجيء الانتقادات من الجانبين هو مؤشر على الحيادية فإن
الابراهيمي تعرض لذلك. في بادئ الامر كانت الانتقادات تنهال على الوسيط
الدولي اكثر من المعارضة السورية لأنه زار دمشق عدة مرات للقاء الاسد
واقترح المحادثات في وقت أعلنت فيه المعارضة أنها لن تجتمع بالحكومة
إلا إذا أفضى ذلك إلى ترك الاسد السلطة.
وتحدثت مصادر داخل محادثات السلام عن مناقشات حامية مع وفد الحكومة
هذا الاسبوع. وبأسلوبه المعتاد نفى الابراهيمي نشوب عراك، وقالت
المصادر إن ابراهيم الجعفري وهو مفاوض كبير في فريق التفاوض الحكومي
هاجم فكر الاسلاميين في اجتماع، وحاول الابراهيمي منعه حين قال إن
الأمم المتحدة ليست المكان المناسب لمثل هذا الكلام.
ورد الجعفري بأن الابراهيمي مجرد وسيط ولا يمكنه التحدث باسم
المنظمة الدولية. وقال للابراهيمي في وقت ما إن بإمكانه أن يصبح وهابيا
إذا أراد، وقال الابراهيمي للصحفيين في وقت لاحق إن الواقعة مبالغ فيها
وإنه لا يوبخ أحدا.
وكان مفاوض من المعارضة السورية قد شعر في بادئ الامر أن خلفية
الابراهيمي كوزير خارجية في حكومة قادها الجيش في الجزائر قد تخصم من
رصيده مع المعارضة لكنه قال إنه لم يرصد أي شبهة انحياز خلال
المحادثات، وأضاف "كنا نفضل لو كان لدينا وسيط لا صلة له بنظام مستبد
.. وسيط من دولة محايدة تحترم حقوق الانسان. لكنه (الابراهيمي) أبدى
حيادية لا تشوبها شائبة، "يريد التوصل الى اتفاق". |