الصكوك السيادية... توقعات بتعاظم دورها في المشروعات العملاقة

 

شبكة النبأ: يتوقع خبراء ومصرفيون أن تلعب الصكوك السيادية التي تصدرها دول العالم دورا رئيسيا في تمويل المشروعات الكبيرة تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، وقال هؤلاء لرويترز إن إصدار الصكوك تزايد بشكل ملحوظ على مستوى العالم خلال السنوات القليلة الماضية بعد أن ظهرت ميزات عديدة لهذا النوع من التمويل الإسلامي مقارنة بالسندات التقليدية خلال سنوات الأزمة المالية العالمية.

وقال عماد المنيع الرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة في شركة بيت التمويل الكويتي الاستثمارية التابعة لبيت التمويل الكويتي لرويترز إن نمو إصدارات الصكوك على مستوى العالم في عامي 2014 و2015 لن يقل عن 12 في المئة سنويا.

وعزا ذلك إلى وجود مستحقات تقدر بمبلغ 12 مليار دولار في 2014 ونحو 22 مليار في 2015 على جهات حكومية في المنطقة من أهمها حكومة دبي وهو ما سيحتاج إلى "إعادة تمويل" من خلال أدوات مالية من أهمها الصكوك.

وأضاف المنيع أن المنطقة كذلك تشهد فورة في مشاريع البنية التحتية بسبب استعداد قطر لاستضافة كأس العالم واستعداد دبي لاستضافة معرض اكسبو إضافة لصفقات تجارية ضخمة منها شركات شراء طائرات جديدة لطيران الإمارات والخطوط الجوية الكويتية وغيرها وكل ذلك يحتاج إلى تمويل. بحسب رويترز.

وكانت دراسة أعدتها مؤسسة تومسون رويترز ونشرت في نوفمبر تشرين الثاني الماضي توقعت أن تبلغ الفجوة بين العرض والطلب على السندات الإسلامية (الصكوك) ذروتها عام 2014 ثم تبدأ في الانكماش تدريجيا خلال عدة سنوات مع تزايد عدد الإصدارات.

وقال المحللون الذين أعدوا الدراسة إن الطلب على الصكوك بين المستثمرين الإسلاميين في بلاد الخليج الغنية ودول جنوب شرق آسيا تجاوز العرض لعدة سنوات خلت على الأقل، وطبقا لتقرير اصدره بيت التمويل الكويتي هذا الشهر فإن إجمالي حجم إصدارات الصكوك لعام 2013 بلغ 119.7 مليار دولار بانخفاض بنسبة 8 في المئة مقارنة بعام 2012 الذي بلغت فيه الاصدرات مستوى قياسيا.

وتوقع تقرير تومسون رويترز أن تستأنف إصدارات الصكوك ارتفاعها سريعا في 2014 لتصل إلى 130 مليار دولار وإلى 237 مليارا عام 2018، وقال المنيع "كان متوقعا أن تكون هناك إصدارات جديدة (للصكوك) بمبالغ أكبر" في 2013 لكن الجو العام في السوق الرأسمالية تأثر سلبا نتيجة قرارات واشنطن بشأن تقليص برنامجها لمشتريات السندات والذي يعرف بالتيسير الكمي وهو ما أدى لزعزعة السوق الرأسمالي بشكل عام".

وتتوزع الصكوك على دول في كل قارات العالم تقريبا لكنها تتركز في منطقة الخليج وماليزيا وتركيا والمملكة المتحدة. ولا يقتصر إصدار الصكوك على الدول الإسلامية حيث شمل الصين وألمانيا وعددا من دول أوروبا.

وطبقا لنظام الصكوك فإن الجهة المصدرة تتولى جمع الأموال من الممولين أفرادا ومؤسسات وتؤسس شركة وسيطة تقوم بإنشاء مشروع محدد قد يكون عقارا أو طريقا أو مستشفى أو محطة كهرباء أو غيرها من المشاريع وتتولى هذه الشركة إدارته وتحصيل الأموال منه ورد رؤوس الأموال بعد ذلك مع نسبة من الربح لهؤلاء الأفراد.

ووفقا للدكتور حسين حامد حسان الخبير في الاقتصاد الإسلامي فإن الدول الفقيرة تقبل على الصكوك لأنها توفر لها تمويلا تحتاجه بينما تقبل الدول الغنية عليها لأنها "أرخص" وتوفر لها عائدات أكبر "والتاجر الغني لا يتوقف عند حد معين".

وأكد حسان أن الصكوك أصبحت الآن هي الأداة الأولى في تمويل المشاريع الضخمة لاسيما تلك التي تحتاج إلى تمويل "عابر للقارات" من عدة بنوك، ولا يمنع التمويل بالصكوك الدولة من تقديم خدمات أو منتجات مدعومة كليا أو جزئيا لمواطنيها إذ يمكن أن تنشيء الدولة المشروع من خلال تمويل بالصكوك ثم تتولى هي دفع ثمن السلع أو الخدمات نيابة عن المواطنين وتقدمها لهم بسعر أقل أو حتى مجانا.

ويقول الدكتور عجيل النشمي وهو عميد سابق لكلية الشريعة في جامعة الكويت وخبير في الاقتصاد الإسلامي إن الصكوك هي "آلية سهلة للتمويل ونسبة المخاطرة فيها قليلة" نظرا لتعاملها مع مشاريع حقيقية كما أنها تضم عادة ضامنا من البنوك.

ويقول خبراء الاقتصاد الإسلامي إن ميزة الصكوك أنها ترتكز على أصل مادي له وجود حقيقي على الأرض وهو ما يعني وجود ملكية حقيقية للممول في المشروع، وقال الدكتور علي القره داغي الخبير في التمويل الإسلامي والأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن هذه الأصول "قد تكون أعيانا أو منافع أو حقوق" يمكن للممول أن يستحوذ عليها في حال إفلاس المشروع بينما السندات تمثل دينا يعتمد بالأساس على الملاءة المالية للمقترض، وتزايد الإقبال على الصكوك الإسلامية عقب الأزمة المالية العالمية في 2008 والتي كان للسندات دور في تأجيجها حيث لفتت أنظار الدول الغربية إلى أهمية التمويل من خلال الصكوك. وصدرت تصريحات من وزراء ومحافظي بنوك مركزية غربية تمتدح التمويل الإسلامي كما عقدت ندوات ومؤتمرات في دول عربية وغربية لتدارس التمويل الإسلامي.

وقال النشمي إن هذه الندوات والتصريحات أزالت قدرا كبيرا من الحساسية تجاه هذا النوع من التمويل هناك "لكن بعض دولنا العربية والإسلامية مازالت مترددة ومتشككة"، وقال القره داغي "حينما فشلت السندات اتجه الناس للصكوك"، ويرى المنيع أن الصكوك الإسلامية أصبحت "كتفا بكتف" مع السندات التقليدية وعزا ذلك إلى وجود سيولة في الأسواق وتزايد عدد اللاعبين في السوق المالية الإسلامية وتعاظم دور هذه المؤسسات وتنوعها من بنوك إسلامية وشركات تأمين تكافلية وشركات إدارة الاصول وصناديق للتقاعد.

ويواجه التمويل بالصكوك تحديات حقيقية من أهمها كيفية تطوير هذه المنتجات لاسيما مع تزايد السعي لإدراجها في البورصات العالمية كما تخلو كثير من الدول من تشريعات منظمة لإصدار الصكوك، وقال القره داغي إن الإقبال الكبير على الصكوك يرتب استحقاقات على مصدريها ومنظميها من أهمها مشيرا إلى أن هناك خمسين دولة تصدر صكوكا لكن القليل جدا من هذه الدول "مع الأسف" لديه قوانين لتنظيم الصكوك، واضاف النشمي أن غياب قوانين محددة لإصدار الصكوك هو أحد العقبات التي تواجه انتشار هذه الأداة التمويلية في الدول العربية والإسلامية "لكن هذا تقصير الدولة وليس تقصير المؤسسات المالية الإسلامية".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/شباط/2014 - 30/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م