العاب سوتشي.. تجذب الإرهاب صوب روسيا

متابعة: كمال عبيد

 

شبكة النبأ: مع اقتراب موعد دورة الالعاب الاولمبية الشتوية المقرر إقامتها خلال فبراير في منتجع سوتشي الروسي، تصاعدت المخاوف الأمنية من لدن السلطات الروسية التي سارعت الى أطلاق واحدة من أكبر العمليات الأمنية في تاريخ الدورات الأولمبية، وصلت الى درجة تفقد فيها الرئيس الروسي بوتين شخصيا الأماكن التي ستستضيف فعاليات البطولة.

وقد تنامت هذه المخاوف بعد الهجومين الانتحاريين اللذين شهدتهما مدينة فولغوغراد مؤخرا، الى جانب انفجار مزدوج في داغستان وتوعد المتمردون الاسلاميون بمنع اقامة هذه الالعاب، جل هذه الاحداث الامنية جعلت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يغامر بقدر كبير من مكانته الشخصية والسياسية برهانه على نجاح دورة الالعاب التي تفتتح في السابع من فبراير شباط ووضع قوات الامن في حالة تأهب قتالي في سوتشي.

إذ ترى موسكو أن متشددين إسلاميين من داغستان وجمهوريات إنغوشيا والشيشان المجاورة يمثلون خطرا كبيرا على دورة الألعاب الأوليمبية، حيث تتكرر وبشكل منتظم الحوادث المسلحة والهجمات التي تستهدف السلطات وقوات الامن في داغستان احدى الجمهوريات المضطربة في القوقاز الروسي ومجاورة للشيشان.

فيما يرى بعض المحللين ان الهدف من الهجمات الإرهابية في روسيا التي تحمل بصمات حركة التمرد الاسلامية في منطقة شمال القوقاز، هو خلق حالة من الرعب قبيل الالعاب الاولمبية الشتوية في مدينة سوتشي في روسيا وتمثل تهديدا للامن وصفعة للرئيس فلاديمير بوتين، فلم يستطع الزعيم الروسي بوتين الذي اصبح رئيسا للمرة الأولى عندما تنحى الرئيس الاسبق بوريس يلتسين واختاره للمنصب قبل 14 عاما بالضبط سحق المتشددين الإسلاميين في الأقاليم المسلمة بشمال القوقاز، لكنه في الوقت الراهن وعد بـ مواصلة مكافحة الإرهابيين بقوة وبدون توقف حتى القضاء عليهم كليا.

ففي الاونة الاخيرة فرضت تدابير امنية غير مسبوقة في التاريخ الاولمبي في روسيا قبل موعد افتتاح الالعاب الاولمبية الشتوية في مدينة سوتشي، وسط اشتداد المخاوف من حصول اعتداءات على اثر هجومين انتحاريين اواخر كانون الاول/ديسمبر الماضي.

وقد تقررت هذه التدابير الامنية الاستثنائية منذ مدة طويلة، لمواجهة الخطر الارهابي بشكل خاص، بعد دعوة زعيم التمرد الاسلامي في القوقاز دوكو عمروف في تموز/يوليو الى منع اجراء الالعاب الاولمبية في سوتشي بشتى الوسائل.

من جانبها أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن استعدادها لمساعدة روسيا على توفير امن الالعاب الاولمبية في سوتشي، ويرى بعض المحللين أن مسألة حماية أمن دورة الألعاب الأولمبية الشتوية أظهرت ملامح التنسيق بين امريكا وروسيا بعدما نجحت الأخيرة في اظهار قوتها الدبلوماسية على صعيد المواقف القرارات الدولية خاصة في الاونة الاخيرة، بينما يرى محللون آخرون أن روسيا تسعى لتغيير أساليب مكافحة الإرهاب لتوجيه ضربة قاضية للارهابيين ولكي تتمكن من التعامل مع المخاطر الأمنية بفعالية أكبر في المستقبل القريب.

استهدف أولمبياد سوتشي

فيما تكثف الشرطة الروسية عمليات البحث عن سيدة يخشى قيامها بعمليات انتحارية خلال دورة الألعاب الأولمبية بمدينة سوتشي الشهر القادم، وضعت الشرطة صورا لروزانا ابراغيموفا (23 عاما) في جميع فنادق المدينة، تكثف الشرطة الروسية عمليات البحث عن سيدة يخشى قيامها بعمليات انتحارية تستهدف المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي تستضيفها مدينة سوتشي الروسية الشهر القادم، ووضعت الشرطة صورا للمشتبه بها، وتدعى روزانا ابراغيموفا (23 عاما)، في جميع فنادق المدينة. بحسب البي بي سي.

ويعتقد أن ابراغيموفا، وهي من داغستان في منطقة شمال القوقاز، أرملة متشدد إسلامي، وأنها تسللت إلى مدينة سوتشي في وقت سابق من الشهر الجاري بعدما نجحت في تجاوز الإجراءات الأمنية المشددة التي تتخذها المدينة قبيل انطلاق البطولة، ونشرت الشرطة أيضا ملصقات لسيدتين على الأقل يشتبه بأنهما انتحاريتان موجودتان بالمدينة لاستهداف الدورة الأوليمبية،

ونشر أكثر من 30,000 من أفراد الشرطة وقوات الأمن، كما وضعت قيود على دخول المدينة.

وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أجرى اتصالا هاتفيا بالكرملين وعرض "المساعدة الكاملة" من جانب الولايات المتحدة بغية إقامة الألعاب الأولمبية بشكل "آمن"، وستكون سفينتان حربيتان أمريكيتان على أهبة الاستعداد في البحر الأسود عند انطلاق البطولة في السابع من فبراير/ شباط.

انفجار مزدوج في داغستان

اوقع هجوم مزدوج بالقنابل والسيارة المفخخة عشرة جرحى في محج قلعة، عاصمة داغستان في القوقاز الروسي، في الوقت الذي كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطمئن فيه الزوار الاجانب لجهة اتخاذ كل الاجراءات من اجل ضمان الامن في الالعاب الاولمبية الشتوية المقررة في سوتشي.

وصرح بوتين في كلمة في سوتشي نقلتها عدة قنوات تلفزيونية روسية واجنبية قبل ثلاثة اسابيع على موعد انطلاق دورة الالعاب الاولمبية" مهمتنا كمنظمين توفير امن المشاركين والمشاهدين في هذا الاحتفال الرياضي، وسنقوم بكل ما في وسعنا في هذا الاتجاه"، واضاف بوتين "اذا ما تركنا انفسنا نبدو ضعفاء، او نظهر خوفنا، عندها نكون ساعدنا الارهابيين على تحقيق اهدافهم".

ووقع الانفجار المزدوج بعيد بث مقتطفات من المقابلة في محج قلعة (600 كلم شرق سوتشي) على بحر قزوين في الطرف الاخر من القوقاز الروسي.

وافادت قوات الامن ان الانفجار الاول نجم عن قنابل اطلقت على مطعم في المدينة، كما نقلت عنها وكالات الانباء، وبعد ربع ساعة، انفجرت سيارة مفخخة في المكان بعد وصول قوات الامن ما ادى الى اصابة شرطيين بجروح.

ونقلت الوكالات عن مصادر عدة اصابة ما بين 11 و14 شخصا اثنان منهم من الشرطة وامراة ادخلت الى العناية الفائقة، واعلنت اللجنة الروسية لمكافحة الارهاب التي تتولى العمليات في القوقاز اتخاذ اجراءات فورية للحؤول دون وقوع اي هجوم جديد.

واوقعت احدى المواجهات التي استخدمت فيها اسلحة رشاشة وقاذفة قنابل ثلاثة قتلى بين عناصر القوات الخاصة وعددا غير محدد في صفوف المتمردين، وكان رئيس الشيشان رمضان قاديروف اعلن في وقت سابق من اليوم انه واثق بنسبة "99,9%" من مقتل زعيم الاسلاميين في القوقاز دوكو عمروف، وصرح قاديروف في بيان نشر على موقعه الرسمي "سجلنا محادثة بين +امراء+ مزعومين يتحدثون عن وفاته ويتبادلون التعازي ويتباحثون بشان ترشيح امير جديد. لهذا السبب كل التاكيدات حول وجود تهديدات للالعاب الاولمبية في سوتشي لا اساس لها ابدا".

من جهة اخرى، افاد مصدر من الاستخبارات الروسية لوكالة انترفاكس تعذر تاكيد الخبر، وصرح المصدر "لا يمكننا ان نؤكد مقتل عمروف. ليس لدينا هذه المعلومات"، واعلن مرات عدة في السابق عن مقتل عمروف لكن دون تاكيد هذه المعلومات. بحسب فرانس برس.

ويشكل اي دليل على مقتله انتصارا رمزيا للادارة الروسية قبل الالعاب الاولمبية خصوصا بالنسبة الى بوتين الذي اطلق في 1999 العملية العسكرية الثانية في الشيشان وجعل من الالعاب الاولمبية فرصة للتباهي من اجل روسيا.

تدابير امنية غير مسبوقة

وبات دخول جميع السائقين الى سوتشي يخضع للتدقيق الشديد فيما حظر دخول السيارات الاتية من الخارج ولا تحمل اذنا خاصا الى هذه المدينة التي يقدر عدد سكانها ب350 الف نسمة، كما عززت قوات الامن المنتشرة اصلا باعداد كبيرة في هذا المنتجع السياحي الواقع بين ضفاف البحر الاسود وجبال القوقاز.

ويبدأ تطبيق هذه التدابير الامنية المشددة قبل شهر من موعد افتتاح الالعاب الاولمبية الشتوية من 7 الى 23 شباط/فبراير، وستبقى سارية المفعول حتى 23 اذار/مارس، اي بعد اسبوع على اختتام الالعاب الاولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة (من 7 الى 16 اذار/مارس) تطبيقا لمرسوم موقع من الرئيس فلاديمير بوتين.

وفي اطار هذه الاجراءات ستتم تعبئة حوالى 37 الف شرطي ووحدات من سلاح البر لتولي مسؤولية الامن خلال الالعاب الاولمبية التي تعد اهم حدث دولي تنظمه روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفياتي في 1991. وهو موعد يوليه الرئيس بوتين اهمية خاصة اذ يريد ان يجعل من هذا التجمع العالمي واجهة لروسيا.

لكن هذا الحدث الذي يسميه البعض "العاب بوتين" سيقاطعه عدد من القادة الغربيين بينهم الرئيسان الفرنسي والالماني، الذين يعتبر غيابهم عن حفل الافتتاح في السابع من شباط/فبراير دليل احتجاج على انتهاكات حقوق الانسان في روسيا التي تندد بها المنظمات غير الحكومية،

لكن المخاوف من ان يشن ناشطون اسلاميون هجمات اثناء الالعاب تنامت على اثر هجومين انتحاريين لم تتبناهما اي جهة، لكنهما نسبا الى انتحاريين واسفرا عن سقوط 34 قتيلا في 29 و30 كانون الاول/ديسمبر في فولغوغراد (جنوب غرب) على مسافة 700 كلم من سوتشي.

إسلاميو القوقاز الروسي

في سياق متصل هدد اسلاميون في القوقاز الروسي بشن هجمات في سوتشي اثناء الالعاب الاولمبية التي تبدأ في السابع من شباط/فبراير، وذلك في شريط فيديو بث على الموقع الجهادي "فداغستان.كوم"، وفي هذا الشريط توجه رجلان مكشوفا الوجه يناهز عمرهما الخامسة والعشرين وقدما على انهما منفذا الاعتداءين الانتحاريين في فولغوغراد (جنوب روسيا) اللذين اوقعا 34 قتيلا في اواخر كانون الاول/ديسمبر الماضي، الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائلين "في ما يتعلق بالالعاب الاولمبية حضرنا هدية لك وللسياح بغية الانتقام لدم المسلمين المنتشر في العالم اجمع"، وشريط الفيديو هذا الذي يستغرق 49 دقيقة تحت عنوان "نداء سليمان وعبدالرحمن قبل العملية في فولغوغراد" قدم على انه رسالة وداع للانتحاريين. بحسب فرانس برس.

ويظهر الشريط صورا لاعتداءي فولغوغراد، تحضير قنبلة والطريقة التي ربطت بها بذراع انتحاري وبصاعق في كف يده، ويدعو الرجلان الى القيام ب"الجهاد ليس فقط في القوقاز بل وايضا في المدن الكبرى في روسيا" واكدا ان عددا كبيرا من الشبان مستعدون للمشاركة في هجمات انتحارية مثل هجومي فولغوغراد، و"فداغستان.كوم" هو موقع الاسلاميين في داغستان، احدى جمهوريات القوقاز الروسي الاكثر اضطرابا والاكثر تأثرا بالتمرد الاسلامي.

من جهتها قالت اللجنة الوطنية لمكافحة الارهاب إن الشرطة قتلت اسلاميا متشددا بارزا في تبادل لاطلاق النار في شمال القوقاز الروسي قبل انطلاق دورة الالعاب الاولمبية الشتوية في منتجع سوتشي. بحسب رويترز.

جاء اطلاق النار على الدار ماجاتوف وهو مشتبه به في هجمات عديدة على أهداف روسية في منزل كان يختبيء به في اقليم داغستان في اطار حملة أمنية مشددة مع اقتراب دورة الالعاب.

وقالت اللجنة الوطنية لمكافحة الارهاب ان ماجاتوف كان يتزعم جماعة مسلحة في منطقة بابيورت باقليم داغستان، وأعلنت جماعة إسلامية متشددة في لقطات فيديو وضعت على الانترنت المسؤولية عن تفجيرين انتحاريين قتلا 34 شخصا على الاقل في الشهر الماضي في مدينة فولجوجراد الروسية وهددت بمهاجمة دورة الالعاب الاولمبية الشتوية التي ستقام في منتجع سوتشي.

اوباما وبوتين

الى ذلك  اعلن البيت الابيض ان الرئيس الاميركي باراك اوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بحثا في اتصال هاتفي امن الالعاب الاولمبية الشتوية في مدينة سوتشي الشهر المقبل، وقالت الرئاسة الاميركية في بيان ان الرئيسين "بحثا السبيل الافضل لتعزيز المصالح المشتركة للولايات المتحدة وروسيا وبينها امن الالعاب الاولمبية في سوتشي والذي عرضت الولايات المتحدة مساعدتها الكاملة" لتأمينه.

وتندرج مناقشة اوباما لموضوع امن الالعاب الاولمبية مع بوتين في اطار سلسلة اقتراحات تقدمت بها واشنطن لمساعدة السلطات الروسية في ضمان حسن سير هذه التظاهرة الرياضية على وقع مخاوف من تهديدات ارهابية.

اكد البنتاغون استعداد واشنطن لنشر معدات جوية وبحرية تتضمن خصوصا سفينتين في البحر الاسود لهذا الغرض، وكان وزير الدفاع تشاك هيغل عرض هذا الامر في الرابع من كانون الثاني/يناير خلال اتصال هاتفي بنظيره الروسي سيرغي تشويغو، لكن الولايات المتحدة لم تتلق اي رد من موسكو في هذا الصدد، اعرب اعضاء نافذون في الكونغرس عن قلقهم كون روسيا لا تتقاسم في شكل كاف المعلومات التي لدى اجهزتها الاستخباراتية عن اخطار محتملة تهدد الرياضيين خلال الالعاب، وقبل اسبوع، وجهت واشنطن تحذيرا الى المواطنين الاميركيين الذين يرغبون في التوجه الى سوتشي.

في سياق ذاته قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن معدات جوية وبحرية أمريكية من بينها قطعتان حربيتان في البحر الاسود ستكون متاحة عند الحاجة اليها اثناء دورة سوتشي للالعاب الاولمبية الشتوية لدعم روسيا التي تواجه متشددين هددوا بعرقلة الاولمبياد.

واضاف البنتاجون أن قادة عسكريين أمريكيين "يعكفون على وضع خطط واستعدادات مدروسة" في حالة الاحتياج الى دعم أمريكي اثناء الاولمبياد الشتوي، وقال جون كيربي المتحدث باسم البنتاجون في بيان "عرضت الولايات المتحدة دعمها الكامل للحكومة الروسية مع قيامها باتخاذ استعدادات امنية للاولمبياد الشتوي"، "ستكون اصول جوية وبحرية -بما في ذلك سفينتان للبحرية في البحر الاسود- متاحة إذا طلب منها المساعدة في اي موقف طاريء لدعم الحكومة الروسية وبالتشاور معها"، وجاء بيان البنتاجون في نفس اليوم الذي ظهر فيه رجلان -قال اسلاميون متشددون إنهما نفذا هجمات انتحارية في جنوب روسيا- في تسجيل مصور وهما يرتديان حزامين ناسفين وينذران الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتوقع "هدية" في اولمبياد سوتشي من مقاتلين يسيرون على خطاهما. بحسب رويترز.

وطلبت وزارة الخارجية الأمريكية من الأمريكيين الذين يخططون لحضور الالعاب الاولمبية الشتوية توخي اليقظة بشأن أمنهم بسبب تهديدات إرهابية محتملة، وبالنظر الي موقع سوتشي والاجراءات الامنية الواسعة النطاق التي اتخذتها السلطات الروسية في الموقع فان معظم خبراء المخابرات الأمريكيين يقولون ان أي هجمات اثناء الاولمبياد ستحدث في الغالب في اماكن اخرى غير سوتشي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/كانون الثاني/2014 - 26/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م