سلام جنيف الثاني.. والسير في الاتجاه المعاكس

متابعة: كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تأخر انعقاد مؤتمر السلام الدولي المسمى بـ جنيف الثاني طويلا بسبب هوة الخلافات والانقسامات الشاسعة بين اطراف النزاع المستمر في سوريا منذ ثلاثة أعوام، واليوم لأول مرة تجتمع الحكومة السورية مع خصومها وجها لوجه في مؤتمر السلام الذي يعقد في سويسرا وتأمل القوى العالمية أن يبدأ على الأقل عملية تهدف إلى انهاء الصراع الذي بات محور العنف في قلب الشرق الاوسط.

إذ على الرغم من أن الطرفين ينزفان بشدّة في ساحة الوغى، إلا أنهما لا يزالا غير مستعدّين سياسياً لخوض مفاوضات حقيقية، بسبب الخطاب الملتهب وتبادل اتهامات بشأن إعاقة المفاوضات وعبرا عن مشاعر الاحباط من عدم احراز تقدم في المحادثات التي تجري بوساطة أمريكية روسية دولية، الا ان هناك خلافات جوهرية بين الطرفين تشكل العوائق الرئيسية أمام طريق نجاح محادثات جنيف الثاني، إذ تريد الحكومة السورية التركيز في المحادثات على الإرهاب، بينما تحرص المعارضة على تنيحة الرئيس بشار الأسد من الحكم، وهذا الامر قد يؤدي الى ان انسحاب أحد الوفدين من المحادثات بسبب الخلافات العميقة بينهما.

فقد ظهرت على الفور أدلة على وجود خلافات كبيرة مع اصرار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على ضرورة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد في حين حذر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف من تدخل قوى خارجية في الشؤون السورية، مما يعني ان المؤتمر الحالي في جنيف لن يسفر عن اتفاق، يبدو أمراً مفروغاً منه.

أذ يرى بعض المحللين ان التحدّي الأكبر الآن هو أن الجهات الخارجية الفاعلة الرئيسة لا تزال منقسمة بصورة خطيرة بشأن الملامح الرئيسة العملية للترتيبات الانتقالية الخاصة بسورية وتسلسلها. ومن الغريب أن الولايات المتحدة وروسيا بدأتا عملية دبلوماسية مشتركة في أيار/مايو الماضي من دون التوصّل إلى اتفاق حدّ أدنى جوهري بينهما. ولا يزال الأمر كذلك بعد ثمانية أشهر. بيد أن عدم وجود نهج منسَّق كان أحد أعراض الانخراط الدولي في الأزمة السورية على مدى العامين الماضيين.

حيث تتسم المفاوضات في جنيف بالتخبط والغموض السياسي الدبلوماسي المصحوب بالتوتر المتصاعد نظرا لتناقض الأفعال والأقوال من لدن طرفي النزاع العميق الجذور والشديد التعقيد، وتخفي هذه المفاوضات أجندات وغايات كامنة متعددة المقاصد، تبدو كأنها مناورات أكثر ما يمكن وصفا بمفاوضات.

فعلى مدى عامين، ظلّت الأطراف الخارجية تماطل وتتلكّأ في مناورات سياسية حول الشروط المسبقة للمفاوضات، ما أدّى إلى حصول مأزق دبلوماسي، مع ما ترتّب على ذلك من عواقب وتبعات مدمّرة.

لذا تبدو الخيارات السياسية المتاحة في المؤتمر الحالي ضعيفة وهزيلة. كما أن فرص المؤتمر للوصول إلى نتائج تتعدى كونها إجرائية مجردة أو غير مكتملة إلى حد بعيد - مثل وقف محدود لإطلاق النار واتفاقيات لوصول المساعدات الإنسانية - تكاد تكون معدومة. إلا أن مجرد البقاء في معزل عن الأزمة السورية أو التدخل العسكري المباشر فيها يشير إلى احتمالات أكثر سوءاً.

إذ يرى الكثير من المراقبين ان الصراع السوري  دخل مرحلة حساسة. وإذا ما فشل مؤتمر جنيف 2 في بدء مفاوضات جادّة، على الأقلّ بين الجهات الخارجية الفاعلة الرئيسة، فإن هذا قد يجعل سورية أسوأ حالاً حتى من ذي قبل لأن الأمر سيستغرق وقتاً أطول لإعادة بناء زخم وصدقيّة العملية الدبلوماسية. وفي غضون ذلك فإن الحقائق الذي يتم تكريسها على الأرض تؤدّي إلى الاتجاه المعاكس.

لذا يرى أغلب المحللين انه كما يبدو لا تلوح في الافق تغييرات ملموسة لحدوث اتفاق للسلام في المستقبل القريب، خصوصا وأن كلا الطرفين مشغول بتحميل الاخر المسؤولية عن فشل الجهود الاميركية الروسية، وعليه تضفي المعطيات انفة الذكر انه لا يوجد أي مؤشر محتملة للتقريب بين طرفي النزاع اذا لم يتحقق تقدم ملموس يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن.

ففي حال استمرار الخلافات الكبيرة بين الطرفين حول موضوعات البحث والمراوغات الديناميكية قد تعيق انطلاقة حقيقية وجدية للمفاوضات أذا ما وصلت حد الانهيار، لذا فقد لا تغير هذه المفاوضات فارغة المضمون اي حال في الخريطة النهائية للسلام.

التهديد بالانسحاب

في سياق متصل نقل التلفزيون السوري عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قوله للمبعوث الدولي الاخضر الابراهيمي إن وفد الحكومة السورية سيغادر جنيف ما لم تعقد جلسات جادة، وقال شاهد ان الابراهيمي التقى ووفد الحكومة السورية بمقر الامم المتحدة في جنيف. ومن المقرر ان يلتقي المبعوث الدولي بوفد المعارضة السورية، وقال التلفزيون السوري ان الاجتماع جرى في مناخ ايجابي.

ونقلا عن مصدر في الامم لمتحدة قال التلفزيون السوري ان المعلم قال للابراهيمي انه اذا لم تعقد جلسات جادة بحلول السبت سيغادر وفد الحكومة السورية جنيف نظرا لافتقار الطرف الاخر للجدية والاستعداد.

وحمل وزير الإعلام السوري، عمران الزغبي، وفد المعارضة مسؤولية إلغاء الاجتماع.

وكان مقررا أن يبدأ الطرفان محادثات سلام رسمية لأول مرة منذ بداية النزاع بين الحكومة والمعاضة قبل ثلاثة أعوام، وسيكون الوفدان في غرفتين منفصلتين، وتجري المحادثات عن طريق وسيط من الأمم المتحدة. بحسب البي بي سي.

وتقول مبعوثة بي بي سي إلى جنيف، بريجيت كندال، إن مواقف الحكومة على طرف نقيض لمواقف المعارضة، وهو ما يجعل من الصعوبة بمكان توقع تقدم في محادثات، فالحكومة تلح على محاربة ما تراه "إرهابا"، بينما تصر المعارضة على ضرورة تنحي الرئيس، بشار الأسد، عن الحكم.

من جهته قال وزير الاعلام السوري عمران الزعبي ان حكومة بلاده لن تقبل طلب المعارضة تشكيل حكومة انتقالية.

واعلن ممثلون من وفد المعارضة السورية ان وفدهم لن يجري محادثات مباشرة مع الحكومة السورية الا بعد ان تقر رسميا بالبيان الختامي لمحادثات جنيف 1 الذي يدعو الى تشكيل حكومة انتقالية، وقال الزعبي لرويترز "لا لن نقبل بهذا".

خلافات جوهرية

وتحدث وزير الخارجية السوري وليد المعلم بحدة مع الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون بعد أن تجاوز فترة العشر دقائق التي حددها بان لكل من المتحدثين في المؤتمر.

ورسم المعلم صورة لأعمال وحشية يرتكبها مقاتلو المعارضة الذين وصفهم "بإرهابيين" مدعومين من دول تحضر مؤتمر جنيف 2 وأصر على أن الأسد لن يرغمه أجانب على التنحي.

وافتتح بان ما سيكون يوما كاملا من القاء الكلمات في مونترو بحضور أكثر من 40 وفدا وأشار إلى انتهاك جميع الأطراف لحقوق الانسان ودعا إلى السماح على الفور بدخول المساعدات الانسانية بالكامل لكل المناطق المحاصرة.

وقال "بعد نحو ثلاث سنوات مؤلمة من الصراع والمعاناة في سوريا.. اليوم يوم أمل ضعيف ولكنه حقيقي" وحث الجانبين على التوصل لتسوية شاملة تعتمد على اعلان جنيف 1 الذي دعت فيه القوى العالمية تحت رعاية الأمم المتحدة في عام 2012 إلى تشكيل حكومة انتقالية تشرف على التغيير في سوريا، وأضاف "أمامنا تحديات عظيمة لكنها ليست من التحديات التي لا يمكن تخطيها".

وسعت القوى الغربية وروسيا إلى تنحية خلافاتهما الحادة جانبا حول ما إذا كان يتحتم ارغام الاسد على افساح الطريق أمام إدارة انتقالية ودعمتا المؤتمر كوسيلة لوقف انتشار العنف الطائفي في المنطقة.

ولم يزد مؤتمر جنيف 2 المنعقد في سويسرا حاليا التوقعات خاصة بين مقاتلي المعارضة الإسلاميين الذين يصفون قادة المعارضة المدعومين من الغرب بأنهم خونة لمجرد موافقتهم على الجلوس في نفس الغرفة مع وفد الأسد.

وأبدت المعارضة اصرارا على تحقيق مطالب مقاتلي المعارضة ودعا أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض وفد الحكومة إلى الانقلاب على بشار قبل بدء المفاوضات وقال "نوافق بشكل كامل على مقررات جنيف 1 الذي اتفقتم عليه جميعا".

وأضاف أن الائتلاف يريد أن يكون له شريك داخل غرفة المفاوضات وقال "نريد أن نتأكد إذا كان لدينا شريك سوري في القاعة مستعد أن يتحول من وفد بشار إلى وفد سوري وطني مثلنا. انني أدعوه إٍلى التوقيع على وثيقة جنيف 1 بحضوركم جميعا. الآن لنقوم بنقل صلاحيات الأسد كاملة إلى هيئة الحكم الانتقالية التي ستضع اللبنة الأولى في بناء سوريا الجديدة".

وردا على اتهامات الحكومة بأن مقاتلي المعارضة عززوا تنظيم القاعدة ومتشددين آخرين قال الجربا إن قوات الأسد هيأت الأوضاع لتنظيم القاعدة لينمو عن طريق استهداف جماعات المعارضة الرئيسية.

أما المعلم فقد دعا القوى الأجنبية إلى الكف عن مساندة الإرهاب ورفع العقوبات المفروضة على دمشق، وقال في كلمته "اؤكد ان سوريا البلد السيدة المستقلة ستقوم بكل ما يلزم للدفاع عن نفسها وبالطرق التى تراها مناسبة دون الالتفات الى كل الصراخ والتصريحات والبيانات والمواقف التى أطلقها الكثير فهذه قرارات سورية بحتة"، وأضاف "لا أحد فى العالم له الحق فى إضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أى شيء فى سوريا إلا السوريون أنفسهم وهذا حقهم وواجبهم الدستورى وما سيتم الاتفاق عليه هنا أو فى أى مكان سيخضع للاستفتاء الشعبي فنحن مخولون هنا لنقل ما يريده الشعب لا بتقرير مصيره ومن يريد أن يستمع لارادة السوريين فلا ينصب نفسه للنطق" باسم الشعب السوري. بحسب رويترز.

وكان كيري قال في كلمته قبل المعلم إن الرئيس السوري ليس له مكان في الحكومة الانتقالية لأنه فقد شرعية القيادة، وأضاف "نرى خيارا واحدا فقط.. التفاوض على حكومة انتقالية تشكل بتوافق متبادل... هذا يعني أن بشار الأسد لن يكون جزءا من هذه الحكومة الانتقالية. ليست هناك أي طريقة ممكنة لأن يسترد شخص قاد ردا وحشيا على شعبه شرعية الحكم". 

وكرر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف موقف موسكو بضرورة عدم تدخل "لاعبين خارجيين" في شؤون سوريا الداخلية إلا أنه قال أيضا إن إيران التي لا تشارك في مؤتمر جنيف 2 يجب أن تكون جزءا من الحوار الدولي.

ولا تشارك إيران في مؤتمر جنيف 2 بعد أن سحب بان في اللحظة الأخيرة الدعوة التي وجهها لها بعد أن هددت المعارضة السورية بمقاطعة المحادثات إذا حضرت إيران.

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن الرئيس الإيراني حسن روحاني قوله إن المحادثات لن تنجح على الأرجح مضيفا "نتيجة لغياب اللاعبين المؤثرين عن الاجتماع فإنني أشك في أن ينجح اجتماع جنيف 2 في مكافحة الإرهاب... وفي قدرته على حل الأزمة السورية".

ويصر الأسد على أن بامكانه الفوز ثانية في انتخابات الرئاسة وهزيمة "الإرهاب"، وعلى الرغم من انخفاض سقف التوقعات فإن ملايين السوريين في مخيمات اللاجئين يأملون أن يحدث تغيير. وقال محمد من حمص في مخيم تابع للأمم المتحدة في لبنان "أرجو أن يتوصلوا لحل لهذه المشكلة.. نريد أن نعود للوطن".

غياب ايران

على صعيد ذو صلة ستغيب ايران بعد سحب الدعوة الموجهة اليها، ما اعتبرته موسكو "خطأ"، فيما حذرت طهران من فشل المؤتمر، واقفلت القوى الامنية السويسرية اعتبارا من الصباح الباكر منطقة ممتدة على مسافة كيلومتر تقريبا في شارع لاغراند رو في مونترو يقع ضمنها فندق "بوتي باليه" حيث سينعقد المؤتمر في حضور الطرفين الاساسيين: الحكومة والمعارضة السوريتان و38 دولة، بالاضافة الى وفود الامم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الاوروبي ومنظمة التعاون الاسلامي.

وقبل ساعات من اعلان هذا الاخير سحب الدعوة التي وجهها الى ايران، كان اسم ايران لا يزال على طاولة الاجتماعات، واضطر بان الى سحب الدعوة تحت ضغط احتجاجات الغربيين وتهديد وفد المعارضة السورية بمقاطعة الاجتماع ورفض ايران التجاوب مع طلبه الموافقة على بيان جنيف-1.

وردا على سحب الدعوة، قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف "نأسف لقيام الامين العام بان كي مون بسحب دعوته تحت الضغط"، واضاف ظريف "من المؤسف ان بان كي مون لا يتحلى بالشجاعة اللازمة لاعلان الاسباب الحقيقية لسحب الدعوة" مضيفا "هذا السلوك لا يليق بكرامة الامين العام للامم المتحدة".

واضاف ظريف "لقد اوضحت في عدة مكالمات هاتفية مع الامين العام ان ايران لا تقبل اية شروط مسبقة لحضور المحادثات"، وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية البريطانية ان الوزير وليام هيغ تحادث هاتفيا مع نظيره الايراني ظريف وشدد الوزير البريطاني خلال هذا الاتصال على ضرورة قيام حكومة انتقالية في سوريا "كقاعدة لانهاء النزاع في سوريا".

من جهته قال نائب وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي الى التلفزيون الرسمي "ان الجميع يعلم ان فرص (التوصل) الى حل فعلي في سوريا ليست كبيرة بدون ايران"، كما اتهم رئيس اللجنة البرلمانية الايرانية المكلفة الشؤون الخارجية علاء الدين بوروجردي واشنطن بالوقوف وراء سحب الدعوة. وقال حسب ما نقلت عنه وكالة ايسنا "ان استبعاد ايران يكشف ان هذه الهيئة (الامم المتحدة) تغير رأيها تحت ضغط الولايات المتحدة".

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي ترغب في رحيل الرئيس بشار الاسد، اشترطت ان تدعم ايران اولا عملية الانتقال الديمقراطي في سوريا اي الموافقة على بيان جنيف-1 للحضور الى سويسرا.

وتم الاتفاق في مؤتمر جنيف-1 الذي عقد في حزيران/يونيو 2012 في غياب الطرفين السوريين على تشكيل حكومة من المعارضة والنظام كاملة الصلاحيات تتولى الاشراف على العملية الانتقالية، من دون ان تاتي على ذكر مصير بشار الاسد.

واستبعد الرئيس السوري في مقابلة حصرية مع وكالة فرانس برس ان تضم اي حكومة مستقبلية وزراء من المعارضة المقيمة في الخارج التي شكك في تمثيليتها.

واكدت المعارضة انها ستشارك في مؤتمر جنيف-2 بهدف التوصل الى حل يلحظ رحيل الاسد، الامر الذي يرفض النظام مجرد البحث فيه. وقد اعلن الاسد ان هناك "فرصا كبيرة" بان يترشح الى ولاية رئاسية جديدة خلال الانتخابات المقررة في حزيران/يونيو المقبل.

وقال عراقجي "كنا على استعداد للمشاركة في مؤتمر جنيف-2 ولعب دورنا، لكننا لا نقبل بشرط مسبق يحد اي حل بمعطيات معينة". مضيفا "لن نشارك في المفاوضات وسننتظر لنرى كيف سيتمكن (المشاركون) من التوصل الى اتفاق من طرف واحد".

واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من جهته ان عدم دعوة طهران "خطأ". واضاف "لقد شددنا على الدوام على ان كل الاطراف الخارجية يجب ان تكون ممثلة"، وانتقد لافروف التبريرات التي اعطاها بان كي مون بشأن تغيير موقفه وسحب دعوته.

وقال "حين يقول الامين العام للامم المتحدة انه اضطر لسحب دعوة ايران لانها لا توافق على مبادىء التسوية الواردة في بيان جنيف-1، فان هذه برأيي عبارة ملتبسة"، واضاف "هؤلاء الذين طالبوا بسحب دعوة ايران هم انفسهم الذين يؤكدون ان تطبيق اتفاق جنيف يجب ان يؤدي الى تغيير النظام" في سوريا، لكن الوزير الروسي اعتبر مع ذلك ان غياب ايران عن جنيف-2 "ليس كارثة".

الأطراف الرئيسية في محادثات السلام السورية

الى ذلك تشارك الحكومة السورية ومعارضوها في محادثات للسلام للمرة الاولى يوم في سويسرا بعد حوالي ثلاث سنوات من بداية الحرب في سوريا.

ويحظى الرئيس بشار الاسد بميزة السيطرة الحديدية على وفده الذي يقوده مسؤولون لهم خبرة دبلوماسية طويلة. بينما تعاني المعارضة السياسية في الخارج من خلافات في صفوفها وقد أضعفتها تصريحات لمقاتلين في الداخل يرفضون سلطتها. وفيما يلي وصف للأطراف الاساسية:

الحكومة:

-وليد المعلم

وزير خارجية الأسد ورئيس الوفد الحكومي. وكان سفيرا لدى واشنطن في التسعينات إبان المفاوضات السورية الاسرائيلية الفاشلة وهو ما منحه خبرة مباشرة لأكثر من عقد في المحادثات التي تتوقف عليها أمور كثيرة.

وعين الدبلوماسي البالغ من العمر 73 عاما وزيرا للخارجية في 2006 في إشارة من الأسد لاتباع سياسة خارجية اكثر مرونة. ويمكن للمعلم ان يتحدث بصرامة. وقد رفض نتائج تحقيق للامم المتحدة قالت انه هدد رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري قبل أسبوعين من اغتياله في تفجير شاحنة ملغومة في بيروت عام 2005.

واتبع المعلم الموقف الرسمي في أحاديثه أمام الاعلام وفي المناسبات العلنية منذ بدء الانتفاضة المناهضة لحكم الاسد في مارس آذار 2011 مرجعا الاحتجاجات إلى مؤامرة أجنبية ورافضا احتمال ان يتخلى الاسد عن السلطة. وينتمي المعلم لعائلة سنية في دمشق حيث ظل تحالف بين السنة الاثرياء في المدينة والاقلية العلوية التي ينتمي لها الاسد دعامة لحكم عائلة الاسد على مدى أربعة عقود.

-بثينة شعبان

مستشارة للاسد ومن بين الشخصيات القليلة التي لها اتصال مباشر بالرئيس من خارج المجال الامني. وهي علوية وكانت مترجمة لوالده حافظ الاسد وتأثرت حياتها المهنية به وبقراره التاريخي قبل وفاته في 2000 رفض اتفاق مع اسرائيل كان من شأنه أن يعيد معظم مرتفعات الجولان لسوريا.

وعملت بثينة شعبان مرارا كمتحدثة فعلية باسم بشار وهي حاصلة على درجة دكتوراه الفلسفة في الأدب الانجليزي من بريطانيا. وكانت من مؤيدي الاصلاح في بداية الانتفاضة لكنها بدت أكثر تشددا بعد أن حمل المعسكر المناهض للاسد السلاح. ونفت مقتل أطفال في هجوم بغاز الاعصاب على أحياء تسيطر عليها المعارضة في دمشق في أغسطس اب العام الماضي.

-فيصل المقداد

يشغل المقداد من الناحية الرسمية منصب نائب وزير الخارجية وهو من اقوى الشخصيات في الحكومة بفضل علاقاته مع جهاز المخابرات وحزب البعث الحاكم. وكان يحظى برعاية نائب الرئيس فاروق الشرع وهو سني يتولى منصبا شرفيا إذ هُمش دوره منذ بدء الانتفاضة. والمقداد هاديء ومتأن في التعبير عن دعمه للاسد لكنه شديد الانتقاد للانتفاضة ولصعود المقاتلين الاسلاميين خلالها. وهو من محافظة درعا الجنوبية مهد الانتفاضة.

-عمران الزعبي

وزير الاعلام. وهو محام من درعا وبعثي صريح مثل المقداد وتزايد ظهوره على الساحة المحلية للدفاع عن أسلوب الاسد في التصدي للانتفاضة ومهاجمة المعارضة على انها مجموعة عملاء لحكومات أجنبية.

-بشار الجعفري

سفير سوريا لدى الامم المتحدة. والجعفري قريب من الاسد وكان دفاعه عن أسلوب تصدي الاسد للانتفاضة أساسيا في رسم صورة أمام المجتمع الدولي لتماسك الحكومة. والجعفري واسع المعرفة ويبدو واثقا في ظهوره العلني وقد درس في فرنسا وعمل بها.

شخصيات المعارضة الاساسية:

-احمد الجربا

زعيم الائتلاف الوطني السوري المدعوم من الغرب وهو جماعة معارضة في الخارج تضم تحت لوائها العديد من الجماعات. وانتخب الجربا قبل ستة أشهر بعد صراع مرير على السلطة شهد صعود كتلة معارضة مدعومة من الرياض لكنها أقل تأثرا بالاسلاميين.

وثارت شكوك حول قيادة الجربا حين صفع عضوا في الائتلاف أثناء اجتماع للائتلاف قبل شهرين لكنه تغلب بعد ذلك على تحد لقيادته من جناح مدعوم من قطر وأرسى علاقة مع أحزاب كردية أدخلت الى الائتلاف.

ولد الجربا (44 عاما) في محافظة الحسكة الشمالية الشرقية والتي يسكنها العرب والاكراد. وهو ينتمي الى قبيلة شمر العربية الكبيرة التي تمتد الى السعودية والعراق. وكان سجينا سياسيا لعامين في التسعينات. واعتقل ايضا اثناء الانتفاضة وفر الى السعودية التي تقود الدعم للمعارضة السورية.

-رياض سيف

قام سيف وهو من ابرز الشخصيات في المعارضة بدور اساسي في تأسيس الائتلاف الوطني السوري. وفي الشهور القليلة الماضية غاب عن الاضواء بسبب مشاكل صحية

ويظل سيف وهو رجل اعمال سابق في الستينات من العمر شخصية مؤثرة على سياسات المعارضة وراء الاستار وله رصيد من السلطة المعنوية بسبب معارضته الطويلة للاسد. ومنذ تولى الاسد السلطة في 2000 سجن سيف مرتين لمدة ثماني سنوات في الاجمال.

-ميشيل كيلو

ناشط مسيحي معارض قاد جهود المعارضة التي يغلب عليها السنة لاجتذاب الاقليات. ويعتبر كيلو مهندس صعود الجربا الى قيادة الائتلاف. وهو ناشط معارض مخضرم وسجين سياسي سابق وله معرفة عميقة بعائلة الاسد والشبكة المعقدة لجهاز الامن. وكيلو كاتب يجيد عدة لغات وقد سجن ثلاث سنوات قبل الانتفاضة بسبب مقال كتبه ينتقد الهيمنة العلوية على الجيش.

-فاروق طيفور

نصير قوي لجماعة الاخوان المسلمين ضمن الاعضاء الاكثر نفوذا في القيادة الجماعية للجماعة. ولد طيفور في مدينة حماة عام 1945 وفر من سوريا في الثمانينات حين أدت حملة قمع قام بها حافظ الاسد استهدفت جماعة الاخوان بصورة خاصة الى قتل عدة آلاف وتدمير المدينة التي ولد بها طيفور. وهو مفاوض ماكر معروف بولعه بالمواجهات السياسية. ويقول رفاقه انه يقول قبل الاجتماعات الحاسمة: "حان وقت اللعب".

-برهان غليون

رئيس سابق للمجلس الوطني السوري الذي سبق الائتلاف الوطني كمظلة للمعارضة. وغليون استاذ سابق للعلوم السياسية يعيش في فرنسا ويدافع عن الاصلاح الديمقراطي في وطنه منذ السبعينات. وانتقد بسبب اسلوبه المتعالي في القيادة حين كان رئيسا للمجلس ويقوم غليون بدور غير ملفت في الائتلاف لكنه مؤثر كشخصية على علاقات جيدة مع الحكومات الخليجية والغربية.

-سهير الاتاسي

واحدة من النساء القليلات في الائتلاف وهي سليلة عائلة سياسية من مدينة حمص لها تاريخ طويل من المعارضة لحكم عائلة الاسد. وهي حاصلة على درجة في الادب الفرنسي من جامعة دمشق وساعدت في تنظيم مظاهرة جريئة في وسط دمشق للمطالبة بالافراج عن سجناء سياسيين فيما ساعد على اطلاق شرارة الانتفاضة. وسجنت شهرا وبعد قليل من اطلاق سراحها انتقدت الاصلاحات التي اقترحها الاسد باعتبارها غير كافية وقالت انه لا يمكنه ان يواصل التصرف كأنه "سيد سوريا".

-أنس العبدة

ويمثل العبدة الذي درس الجيولوجيا جيلا أصغر من الاسلاميين ذوي التفكير العملي ممن لهم خبرة في التعامل مع الغرب. ويعيش العبدة في بريطانيا وهو الممثل الخارجي لحركة "إعلان دمشق" الداعية للاصلاح السياسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/كانون الثاني/2014 - 23/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م