لماذا طرد عمر من جزيرة العرب

هادي جلو مرعي

 

يذكرني ذلك بقصة المواطن الفلسطيني الذي مات أبوه فرحل الى آذربيجان رغم إن والدته مصرية، رفض المصريون إستقباله، وفعل الفلسطينيون فعلهم، وطرده الإماراتيون، وإستقبله الآذريون، فراح يغسل الصحون في مطاعم باكو لسنوات، ثم طلب اللجوء الى كندا، ومنها دخل أميركا فتحول الى إنسان كامل الأوصاف، وحصل على جواز، وحين كنت في مونتريال يوما تجولت معه بسيارته حول المدينة. عاد الى الإمارات سائحا متباهيا بجوازه، وكان كلما سأله ضابط الجوازات عن أصله؟ قال، كندا. وعن موطنه؟ قال، كندا. ولم يذكر كلمة عرب.

 يتداول العراقيون حادثة تشبه الطرفة عن عراقي تقدم بطلب اللجوء الى كندا، وعندما سأله موظفو الهجرة عن رغبته؟ طلب أن ينقل الى مدينة قصية لايجد فيها عربا ولامسلمين ! وعليكم أن تسألوا عن أسباب العرب في مقت أوطانهم التي يحبون من أعماقهم؟

في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وحين إستعرت الحرب مع إيران، رأى السلطان إن العراقيين من الكرد الفيليين وعديد العرب هم في الحقيقة من أصول إيرانية، وقرر تهجيرهم على الفور الى إيران، وكانت الشاحنات تنقل النساء والأطفال والشيوخ بأعداد هائلة وترميهم على الحدود، فكانوا يعبرون الجبال سيرا على الأقدام، ومنهم من مات في الطريق، ومنهم من نهشته الضوار الجائعة، ولم يفلح السلطان في تغيير العنوان.

عمر عثمان مواطن سعودي يضع اليشماغ الأحمر والعقال السعودي، ولاأعلم إن كان من نوع (سيدار) سحنته يشوبها سمار الصحراء، وأسنانه بيضاء ناصعة يبدو إنه إهتم بها كثيرا، ووجد إنه ليس سعوديا، وعليه المغادرة ! وكيف كان ذلك، وأي الأقدار ضربت في أعماق روحه لتبعده عن وطنه؟ يقول وهو يروي الحكاية، إسمي عمر عثمان مواطن سعودي، الشيء الوحيد الذي لايحق لأحد محاسبتي عليه هو إن والدتي من الصومال، وصدر أمر ترحيلي من المملكة العربية السعودية، وحين راجعت وراجعت لم أجد من أحد يقدم لي جوابا مقنعا، وكان علي أن أعيش لثلاثة أشهر في سجن ترحيل، ثم نقلت الى الرياض، ومنها الى جدة التي وصفها لورنس العرب بأوصاف حارة، والجميع لايجد جوابا يريح أعصابي، وحتى من سألتهم من موظفي الجوازات؟ قالوا، إنما نحن جهاز تنفيذي ولادخل لنا في أمر الترحيل.

يضيف عمر مبتسما بسخرية وهو يتحدث عبر سكايبي، إنه حصل على ورقة مرور من قنصلية صومالية، وغادر الى جنوب الصومال حيث لاعمل، والفقر يضرب الجميع، بينما بقيت أسرته في منزلها في المملكة العربية السعودية، ولايعرف سبيلا ليعود الى أحضان الأخوة والأخوات، وذهبت كل توسلاته هباءا منثورا، فقد وجد نفسه مثل ذلك الفلسطيني الذي نفرته بلدان العرب، ورقت له قلوب الكفار كما يسميهم علماء الضلالة الفاسقون، ومثل أولئك العراقيين الذين نهشتهم الوحوش في جبال إيران، ولسان حاله يقول:

بلادي وإن جارت علي عزيزة

وقومي وإن شحوا علي كرام

Pdciraq19@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/كانون الثاني/2014 - 23/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م