المسؤولية الجنائية للدول وشركات التسليح

جميل عودة/مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

 

قالت منظمة العفو الدولية: إن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية زودت حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا القمعية بكميات كبيرة من الأسلحة قبل انتفاضات وثورات 2011، رغم توافر الأدلة على وجود مخاطر جوهرية بإمكان أن تستخدم في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. والحكومات التي تقول إنها تتضامن مع الشعوب في طول إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعرضه هي نفسها بالذات الحكومات التي دأبت حتى قبل فترة وجيزة على توريد الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية والشرطية التي استخدمت في قتل آلاف المحتجين السلميين وجرحهم واعتقالهم تعسفاً في دول مثل تونس ومصر، والتي ما برحت تستخدم حتى الآن في سورية واليمن...

 وقالت هيلين هيوز الباحثة الرئيسية لمنظمة العفو الدولية: إن قرارات حظر توريد الأسلحة في العادة ضئيلة التأثير للغاية ومتأخرة أكثر مما يجب عندما تندلع أزمات لحقوق الإنسان. وما يحتاجه العالم هو تقييم صارم لكل حالة على حدة من حالات توريد السلاح المقترحة، بحيث يتوجب على الحكومة أن تشهر الضوء الأحمر عندما ترى أن ثمة مخاطرة جوهرية بأن تستخدم الأسلحة التي تشملها الصفقة في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، أو في تسهيل ذلك...

 وهنا ثمة سؤال في غاية الاهمية، وهو، هل تترتب المسؤولية الجنائية الدولية على الدول والشركات المصنعة والمصدرة للأسلحة التي تسهل أو تتسبب -نتيجة استخدامها- في انتهاك حقوق الافراد والجماعات والشعوب أم لا؟ وهل يمكن أن تثبت المسؤولية الجنائية للأشخاص الاعتباريين باعتبارهم مصدر الجريمة بالاضافة إلى الاشخاص الطبيعيين؟ ثم إن هناك أشخاص معنوية لا ترتكب الجريمة بنفسها، بل، هي تكون مشاركة فيها بشكل غير مباشر، مثل الدول المنتجة للأسلحة أو الشركات المصدرة لها، وغيرهم؟

 في فقه القانون الدولي، ينقسم الاشخاص إلى أشخاص اعتباريين، وإلى أشخاص طبيعيين، وهؤلاء جمعيا من الممكن أن يخالفوا القوانين والانظمة وأن يرتكبوا أو يشتركوا بارتكاب جرم ما بطريقة أو بأخرى، وبصورة مباشرة أو غير مباشرة، فهل تترتب المسؤولية الجنائية على الشخص الطبيعي والمعنوي معا، أم أنها تترتب على الشخص الطبيعي دون الشخص المعنوي؟

 بالنسبة للمسؤولية الجنائية الفردية للشخص الطبيعي، فكما أنها ثابتة على مستوى القانون الداخلي فكذلك ثبتت على مستوى القانون الدولي. فقد نصت المادة (25) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على المسئولية الفردية للشخص الطبيعي بحيث يكون الشخص عرضة للعقاب عن أي جريمة تدخل في اختصاص المحكمة والمحددة وفقا للمادة الخامسة. وتترتب المسئولية الجنائية عليه، سواء ارتكب هذه الجريمة، بصفته الفردية، أو بالاشتراك مع آخرين أو عن طريق شخص آخر... وبطبيعة الحال فإن جرائم الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية في الحرب لا تعفي من المسئولية الجنائية للفرد ذلك أن عدم مشروعيتها تكون ظاهرة للأعيان... وبجانب الفرد المنفذ للجريمة فإن رئيس الدولة، أو القائد العسكري، أو الشخص القائم بأعماله يكون مسئولا جنائيا عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، والمرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرته وسيطرته الفعليتين، أو تخضع لسلطته وسيطرته الفعليتين، حسب الحالة، نتيجة لعدم ممارسة القائد العسكري أو الشخص سيطرته على هذه القوات ممارسة سليمة.

 بالنسبة للاشخاص المعنوية أو الاعتبارية والتي تعرف بانها مجموعة من الأموال أو الأشخاص أعترف لها القانون بالشخصية القانونية، أي بأهلية اكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات، وينظر إلى هذه المجموعة بشكل مجرد عن الاشخاص الطبيعيين أو العناصر المكونة لها. وقد سمي صاحب مثل هذه الشخصية بالشخص المعنوي تمييزاً له عن الشخص الطبيعي (الانسان). فان هناك جدلا في تحميلها المسؤولية الجنائية الدولية. وهي تنقسم إلى قسمين: أشخاص معنوية خاصة، واشخاص معنوية عام.

 أما ما يتعلق بالاشخاص المعنوية الخاصة، وهي تلك التي يكونها الأفراد، سواء لتحقيق غرض خاص بهم أو بغرض يعود بالنفع العام، مثل: الشركات التجارية، والجمعيات الخاصة. فهذه متفق على انها اذا ما ارتكبت نشاطا مخالفا للقانون فهي مسؤولة مسؤولية جنائية عن افعال من يمثلوها من الاشخاص الطبعيين.

 وأما الاشخاص المعنوية العامة، والتي يمكن تعريفها بأنها مجموعة من الأشخاص والأموال التي تنشأ من قبل الدولة بموجب نظام ويكون لها هدف مشروع. والدولة هي أهم الأشخاص المعنوية على الإطلاق، بل، الدولة هي الشخص المعنوي العام الذي تتفرع عنه الأشخاص المعنوية الأخرى وهي التي تمنح الشخصية المعنوية الخاصة للأفراد والهيئات الخاصة وتمارس الرقابة عليها. فان هناك وجهات نظر متعددة حولها؛ فهناك من يقول بانها لا تتحمل المسؤولية الجنائية عن تصرفات من يمثلها في حال مخالفة القوانين والاتفاقات وتكون مسؤولة مسؤولية مدنية فقط (مثل دفع التعويضات) وبين من يذهب إلى أنها تتحمل المسؤولية الجنائية مثلها مثل الشركات والجمعيات الخاصة.

 وقد دارت الابحاث والدراسات - منذ الحرب العالمية الثانية- حول مدى تقرير المسؤولية الجنائية للدولة على الصعيد الدولي، وأن كثيرا من فقهاء القانون الدولي اكدوا ضرورة تقرير مسؤولية الدولة جنائيا، وذلك باعتبارها الشخص الوحيد الذي يمكن أن يرتكب جرائم القانون الدولي. غير أنه إذا كان من المستطاع الدعوة على الصعيد الدولي بالمسؤولية الجنائية للدولة، فان ذلك لا يمكن أن يكون مقبولاً على الصعيد الداخلي، نظراً لوجود جملة من الاعتبارات السياسية والقانونية والإجتماعية والتاريخية التي تمنع التفكير في تقرير المسؤولية الجنائية للدولة، على نطاق القانون الداخلي.

 وبالتالي، بات الفقه الدولي المعاصر يقوم على ثلاث محاور أساسية ترتكز عليها فكرة المسؤولية الدولية، وهي:

1- تحريك المسؤولية الدولية إزاء أي شخص دولي، أي يستوي في ذلك –الشخص المعنوي (الدولة والمنظمة الدولية) مع الشخص الطبيعي (الفرد).

 2- وأن المسؤولية الدولية تكون مدنية أو جنائية، حسب الفعل المرتكب.

 3- وأن المسؤولية الدولية تقوم عند ارتكاب الأفعال التي يحظرها القانون، كما تقوم عند ارتكاب بعض الأفعال التي لا يحظرها هذا القانون، وترتب ضررا للغير. فالمسؤولية القانونية الدولية هي علاقة بين شخصين دوليين قوامها حدوث ضرر لشخص دولي أو أكثر نتيجة فعل عمل أو امتناع عن عمل صدر عن شخص دولي آخر.

 هذا مع التأكيد على أن إقرار المسؤولية الجنائية للأشخاص الإعتباريين لا يترتب عليها استبعاد المسؤولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين سواء كانوا فاعلين أصليين أو شركاء في الوقائع ذاتها التي تقوم بها الجريمة، فالمبدأ العام أن مسؤولية الشخص الإعتباري تقوم جنبا إلى جنب مع مسؤولية الشخص الطبيعي.

 وبالمحصلة النهائية أن الدولة باعتبارها شخصية معنوية، بل، هي أهم الاشخاص المعنوية على الاطلاق، يمكن أن ترتكب مخالفات وجرائم، وبالتالي يمكن أن تسأل جنائيا مع من يمثلها من الاشخاص الطبيعيين ممن ارتكبوا تلك المخالفات. فكل دولة تأتي بتصرفات تخالف الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بحقوق الانسان -على سبيل المثال- وتهدر هذه الحقوق يجب أن تتحمل المسؤولية الجنائية الدولية عن تلك المخالفات.

 اليوم، تعد (تجارة السلاح) بكل أنواعه وأصنافه، واحدة من أهم الحقول التي يتم فيها انتهاك حقوق الانسان على مستوى واسع؛ وللاسف الشديد أن الدول الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن تعتبر من أكبر الدول التي تتاجر بالأسلحة في العالم وهي: الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا، والمملكة المتحدة. كما يبرز من بين كبريات الدول التي تتاجر بالسلاح كل من ألمانيا، وإسرائيل، وإيطاليا، والسويد، وجنوب إفريقيا، وإسبانيا، وبلجيكا، وأوكرانيا. وفي المقابل فان أكبر الدول المستوردة للسلاح مثل الهند والسعودية والإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول. كما أن الكثير من عمليات تجارة الأسلحة يتم عبر المؤسسات أو الكيانات التجارية، والشركات ومزودي الخدمات، وسماسرة السلاح وتجاره، والجهات القائمة على نقلها، والشركات الصانعة أيضاً.

 فقد قالت منظمة العفو الدولية: ان الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية زودت حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا القمعية بكميات كبيرة من الأسلحة قبل انتفاضات وثورات 2011، رغم توافر الأدلة على وجود مخاطر جوهرية بإمكان أن تستخدم في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. والحكومات التي تقول إنها تتضامن مع الشعوب في طول إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعرضه هي نفسها بالذات الحكومات التي دأبت حتى قبل فترة وجيزة على توريد الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية والشرطية التي استخدمت في قتل آلاف المحتجين السلميين وجرحهم واعتقالهم تعسفاً في دول مثل تونس ومصر، والتي ما برحت تستخدم حتى الآن في سورية واليمن. أما الدول الرئيسية التي تورد السلاح للدول الخمس التي يشملها التقرير فهي النمسا وبلجيكا وبلغاريا وجمهورية التشيك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.

 إذ قدّم ما لا يقل عن 11 دولة مساعدات عسكرية، أو سمح بتصدير الأسلحة والذخائر وما يتصل بها من معدات، إلى اليمن، حيث لقي نحو 200 من المحتجين حتفهم في عام 2011. وتشمل هذه بلغاريا وجمهورية التشيك وألمانيا وإيطاليا وروسيا الاتحادية وتركيا وأوكرانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الرغم من الحملة القمعية الوحشية المستمرة ضد المحتجين، ظل المجتمع الدولي يتقاعس عن اتخاذ إجراء قوي لوقف عمليات نقل الأسلحة إلى اليمن.

 من ناحية ثانية، يصعب الحصول على البيانات الإحصائية المتعلقة بسوريا، نظراً لأن قلة من الحكومات تصدر تقارير رسمية بشأن تجارتها في الأسلحة مع الحكومة السوريا. ولكن من المعروف أن روسيا الاتحادية هي أكبر المزودين لسوريا بالسلاح، حيث يقال إن نحو 10 بالمائة من إجمالي صادرت الأسلحة الروسية يذهب إلى سوريا، ولا تنشر روسيا تقارير سنوية بشأن صادراتها من السلاح، ما يعني عدم إمكان حصر عمليات نقلها للأسلحة إلى الإقليم وتوثيقها. وقد منحت الهند تراخيص لتصدير عربات مصفحة إلى سوريا، بينما باعتها فرنسا ذخائر ما بين 2005 و2009.

 وحدد تقرير منظمة العفو الدولية 10 دول أصدرت حكوماتها تراخيص لتوريد الأسلحة والذخائر وما يتصل بها من معدات إلى نظام العقيد القذافي في ليبيا منذ 2005، بما فيها بلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا والمملكة المتحدة. وقد ارتكبت قوات القذافي، إبان النزاع المسلح، جرائم حرب وانتهاكات يمكن أن ترقى إلى مرتبة جرائم ضد الإنسانية. فعثرت منظمة العفو الدولية في مصراتة عندما جرى قصفها من جانب قوات القذافي في وقت سابق على ذخائر عنقودية ومقذوفات محمولة لمدافع هاون من طراز MAT-120 من صنع أسباني، مرخصة للبيع في 2007. وهذه المعدات محظورة حالياً بموجب “اتفاقية الذخائر العنقودية”، التي وقعت أسبانيا عليها بعد أقل من عام على تزويدها ليبيا بهذه الذخائر الفرعية.

 وقد باع ما لا يقل عن 20 دولة لمصر أسلحة صغيرة وذخائر وغازات مسيلة للدموع وعوامل للسيطرة على الشغب ومعدات أخرى. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر الموردين لهذه الأسلحة – حيث قدّمت سنوياً ما قيمته 1.3 مليار دولار إلى الحكومة المصرية. وتشمل الدول الأخرى النمسا وبلجيكا وبلغاريا وإيطاليا وسويسرا. واستخدمت قوات الأمن في كل من مصر والبحرين بنادق الرش (الشوزن) على نطاق واسع، بما عناه ذلك من آثار مميتة ومدمرة.

 وقالت هيلين هيوز الباحثة الرئيسية لمنظمة العفو الدولية: إن قرارات حظر توريد الأسلحة في العادة ضئيلة التأثير للغاية ومتأخرة أكثر مما يجب، وما يحتاجه العالم هو تقييم صارم لكل حالة على حدة من حالات توريد السلاح المقترحة، بحيث يتوجب على الحكومة أن تشهر الضوء الأحمر عندما ترى أن ثمة مخاطرة جوهرية بأن تستخدم الأسلحة التي تشملها الصفقة في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، أو في تسهيل ذلك.

 واعترفت منظمة العفو الدولية في تقريرها عام 2011 بأن المجتمع الدولي قد اتخذ بعض الخطوات من أجل تقييد العمليات الدولية لنقل الأسلحة إلى البحرين ومصر وليبيا وسورية واليمن. ولكن المنظمة قالت إن القيود الحالية المفروضة على صادرات الأسلحة لم تمنع نقل الأسلحة في السنوات التي سبقت ذلك

 وعليه، فمن بين تلك الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان والتي يجب أن تسأل عنها، هي تلك الانتهاكات التي ترتكبها الدول والشركات المصنعة والمصدرة للاسلحة في العالم عن طرق بيع ونقل واستخدام طائفة منوعة من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية والأمنية. حيث -غالباً - ما تُورد هذه الأسلحة إلى الجناة مباشرة أو بشكل غير مباشر، مما يشجع على المزيد من العنف غير المشروع، ويطيل أمده. ولقد قُتل ملايين البشر وجُرحوا وتعرضوا للاغتصاب وأُجبروا على الفرار من ديارهم جراء ذلك.

 ولا يقتصر التهديد المستمر لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم على عمليات النقل غير المسؤولة للأسلحة التقليدية والمعدات العسكرية، بل إن ذلك يشمل أيضاً معدات حفظ الأمن والنظام، كما أخذت التكنولوجيا العسكرية وتقنيات حفظ الأمن الجديدة تخلق تحديات دولية جديدة تواجه حقوق الإنسان. مثل وسائل القمع المستخدمة من الجهات والسلطات الامنية في بعض الدول والتي تشتمل على استخدام الرصاص الحي والقنابل الصوتية والقنابل المسيلة للدموع لتفرقة المتظاهرين، كما تقوم بعض الدول باستخدام الاسلحة الخفيفة والمتوسطة.

 وبناء على هذا، ومنذ أوائل تسعينات القرن الماضي، ما انفكت منظمة العفو الدولية تدعو إلى التوصل إلى معاهدة تضمن توقف الدول عن نقل معدات حفظ الأمن والمعدات والتجهيزات العسكرية كلما كان من المرجح أن تُستخدم في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وفي عام 2003، أطلقت منظمة العفو الدولية حملات دولية بالتعاون مع المجتمع المدني من أجل التوصل إلى معاهدة لتجارة الأسلحة تضع قواعد صارمة لتنظيم عمليات نقل الأسلحة التقليدية دولياً. وفي الثاني من إبريل 2013، صوتت حكومات الدول في الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة لصالح تبنّي معاهدة تجارة الأسلحة. وإذا ما جرى تنفيذ قواعد المعاهدة وأحكامها بالفعل، فسوف توقف تدفق طائفة عريضة من الأسلحة عندما تدرك الدول الموردة أن تلك الأسلحة سوف تُستخدم في ارتكاب أعمال وحشية وانتهاكات حقوقية.

 وبعد أن جرى تبنّي المعاهدة بالفعل، الآن، ثمة حاجة ملحة إلى ممارسة الضغط على الحكومات كي تبادر بالتوقيع على المعاهدة والمصادقة عليها وتنفيذ أحكامها، حيث يكفي قيام 50 دولة بالمصادقة على المعاهدة كي تدخل إلى حيز النفاذ، ولكن يتعين علينا أن نستمر بالدفع في هذا الاتجاه من أجل حمل عدد مماثل من الدول على تنفيذ المعاهدة، وحينها فقط سوف تحظى المعاهدة بفرصة حقيقية لإنقاذ أرواح الكثيرين ومعايشهم.

 وعليه، فلقد أحسنت كوريا الجنوبية عندما قررت تعليق صادراتها من قنابل الغاز المسيل للدموع إلى البحرين، في ظل ضغوط من المنظمات الحقوقية. حيث قال مسؤولون في سول إن "إدارة برنامج المشتريات الدفاعية" التابعة للحكومة أصدرت تعليماتها لشركتين بعدم شحن القنابل المسيلة للدموع إلى البحرين، في ضوء مجمل الأوضاع في البحرين، بما في ذلك تقارير إعلامية أشارت إلى أن إساءة استخدام هذا السلاح أدت إلى سقوط قتلى وجرحى من بين المتظاهرين، وكذلك مطالبات منظمات حقوقية بحظر الصادرات منه إلى هذا البلد.

 وبهذا الخصوص، أشادت منظمة العفو الدولية بقرار سول، وقال بريان وود رئيس قسم نزع التسلح وحقوق الانسان بالمنظمة في بيان: "يجب الإشادة بحكومة كوريا الجنوبية لاتخاذها هذا القرار، الذي يساعد على منع حدوث المزيد من انتهاكات حقوق الانسان في البحرين."

 ويمكن في هذا الإطار التقدم بجملة توصيات منها التوصيات التي تقدمت بها منظمة أوكسفام عضو بالتحالف الدولي لمراقبة الأسلحة وهي:

1- معاهدة تجارة الأسلحة يجب أن تشمل معايير قوية وملزمة قانونًا: يجب أن تتسم معاهدة تجارة الأسلحة بعدم الغموض في الالتزامات التي تضعها على الدول الأعضاء. يجب أن تستخدم المعاهدة لغة الحظر التي تمنع الدول من نقل الأسلحة، عند وجود احتمال كبير بأن هذه الأسلحة سوف:

أ‌- تُستخدم لارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان الدولية أو القانون الإنساني؛

ب‌- تقوض التنمية الاجتماعية-الاقتصادية أو تنطوي على ممارسات فاسدة؛

ج- تثير أو تفاقم النزاع المسلح أو العنف المسلح، بما في ذلك العنف المسلح القائم على النوع الاجتماعي.

2- معاهدة تجارة الأسلحة يجب أن تكون شاملة من حيث نطاق الأسلحة وأنواع عمليات النقل التي تغطيها: يجب أن تشمل المعاهدة جميع الأسلحة – أي جميع أسلحة الجيش والأمن والشرطة، والمعدات والذخيرة ذات الصلة، والمكونات، والخبرة ومعدات الإنتاج. كما يجب أن تشمل أيضًا جميع أنواع النقل: الاستيراد، والتصدير، وإعادة التصدير، والنقل المؤقت، والشحن، وفي التجارة التي تبيحها الدولة، بالإضافة إلى نقل التكنولوجيا والقروض والهدايا والمعونة. كما يجب أن تشمل جميع الصفقات، بما فيها صفقات التجار أو السماسرة، وصفقات تقديم المساعدة التقنية، والتدريب، والنقل، التخزين والتمويل، والأمن...

3- معاهدة تجارة الأسلحة يجب أن تضم آليات دولية قوية وفعالة للمساعدة والتعاون، لمساعدة البلدان في التصديق على المعاهدة وتنفيذها: بالنسبة للعديد من الدول ذات أنظمة الرقابة الوطنية المحدودة على عمليات النقل، فإن آليات المساعدة والتعاون جيدة التحديد تمثل مسألة حيوية للتنفيذ الفعال للمعاهدة. كما سيكون لإطار التعاون والمساعدة الدولي المقترح في المعاهدة تأثير حاسم على نجاحها. ولذلك، يجب أن تتضمن المعاهدة آليات فعالة لتحديد وملاءمة الاحتياجات والموارد.

4- معاهدة تجارة الأسلحة يجب أن تكون طموحة ولكن واقعية من حيث التزامات التنفيذ على الصعيد الوطني: يجب أن تضع المعاهدة الحد الأدنى من متطلبات التنفيذ على الصعيد الوطني، والتي تتضمن أحكامًا تتعلق بالشفافية، وآليات الرصد، ودليل للقدرة على إنفاذ المعاهدة. إن إنشاء هذه الآليات والعمليات سوف يضع الدول في وضع أقوى بكثير لمراقبة ورصد تحركات جميع الأسلحة والذخيرة من وإلى أراضيها.

 .....................................................

** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...

موبايل/009647712421188

http://adamrights.org

ademrights@gmail.com

https://twitter.com/ademrights

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 22/كانون الثاني/2014 - 20/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م