الوضع الأمني وغياب الستراتيجية الكاملة

زاهر الزبيدي

 

مرة أخرى تلقي هشاشة الموقف الأمني في مدينة بغداد بظلاله المؤلمة على ليل العاصمة، فمع كل التحركات المباركة والصولات الشجاعة لجيشنا الوطني الباسل وهو يخوض معركة مصيرية مع التنظيمات الإرهابية ؛ لازالت المجاميع الإرهابية تمتلك القدرة على التفخيخ والحركة ومناقلة أدوات موتها أينما شاءت وكيفما شاءت.

إلا إن حربنا تلك لازالت تعاني من ضعف في بنية الستراتيجية المتكاملة لمكافحة الإرهاب فليس من المعقول أن يتم إستهداف المرافق العامة في المدينة بموجات تفجيرات كالتسونامي تصل مدياتها بألم الى كل بيوتات العراقيين ممن تؤلمهم تلك الهجمات التي تتفجر بها أجساد الأبرياء من أبناء شعبنا وبكل قسوة لتقطع بوارق الأمل الذي تشع في نفوسنا بين الحين والآخر ونحن نسجل بفخر وإعتزاز لدماء أبناء قواتنا المسلحة وهي تحاول جاهدة أن تقدم لنا نصراً نهائياً وقاطعاً على تلك المجاميع وتنظيف الوطن من فلولها.

يبدو أن هناك ستراتيجية منظمة تنتهجها المجاميع الإرهابية في تنفيذ عملياتها بعيداً عن الصحراء على الرغم من قناعتنا أن الصحراء والوديان هي أهم موطن لتلك المجاميع بل تعتبر الرافد الأساسي في الإعداد والتدريب وتطوير القابليات لدى عناصرها بعيداً عن مراقبة الجيش والقوات الأمنية، فطول الحدود مع السعودية وسوريا وصعوبتها ؛ جعل منها منفذاً مهماً لعبور الإرهابيين ليجدو المعسكرات في تلك الصحار جاهزة لإستقبالهم وتلقينهم أبشع خطط الهجمات الإرهابية ومع وجود الحواضن الوسطية تتمكن تلك المعسكرات من دفع عناصرها بكل سهولة ويسر الى داخل المدن لتنفيذ مهامها القذرة وعليه فنحن بحاجة الى أكثر من الطائرة المسيرة والصواريخ والدبابات ؛ نحن بحاجة الى تقنية لطالما كتبنا عنها والكثير غيرنا وأشاروا لها غير ذي مرة وهي كاميرات المراقبة التي أصبحت اليوم ضرورة ملحة كالصواريخ والطائرات بل أنها تعتبر في وضعنا الحالي تكتسب أهمية قصوى.

فالموت لدينا مركون على ناصية الطريق، سيارة تقف ليترجل سائقها وينطلق بعيداً عنها وسط زحمة الجموع البريئة لتنفجر محدثة تلك الفوضى من الأشلاء.. ببساطة نرى أن الإنفجار الذي حدث في شارع الصناعة بتأريخ 15/1/2014 والذي تناقله موقع اليوتيوب وبعض مواقع التواصل الإجتماعي الفيسبوك حينما ترك سائق سيارة الأجرة سيارته في شارع فرعي من شارع الصناعة لوجود تشدد أمني كبير يمنع فيه وقوف العجلات في هذا الشارع فأنتهز فرصة الشارع الفرعي ليركن سيارته دون أن يسأله أي شخص عن وجهته، ترجل منها وأنصرف بعيداً عنها لتنفجر مخلفة  3 شهداء و 10 جرحى !

وغيرها، ففي هذا اليوم كانت هناك حزمة من التفجيرات حيث يستفاد الإرهابيون كثيراً من سوء خططنا حتى في إيقاف السيارات وأكوام النفايات لتوزيع نشاطاتهم الإرهابية اليومية بلا رقيب، وببساطة فائقة يجدو أماكن زرع العبوات الناسفة وركن السيارات دون الكشف عن قائديها.

ونحن إذ نسجل عمق ألمنا نتسائل بغرابة شديدة : لماذا لم يتم لغاية الآن إعتماد تنقنية متطورة وحديثة في نصب الكاميرات الدقيقة في الشوارع المهمة والأسواق المكتظة ، على أقل تقدير، ؟ وإتباع أسلوب المراقبة الحديث في الكشف عن تلك العجلات المفخخة أو إكتشاف سائقيها، أليس من الغرابة أننا لغاية الآن ومع كل الإمكانات المادية غير قادرين على إتباع تلك التقنية التي تعتمدها أغلب دول العالم في الكشف عن العجلات المفخخة والمخالفة ؟

كم سيوفر لنا هذا الإجراء من أمل كبير في أن تكون شوارعنا مزروعة بحكمة وعلمية بكاميرات تصور على مدار الساعة كل أحداث الشارع ويتم متابعتها من قبل فرق عمل أمنية متمرسة ومدربة تدريباً عالياً في هذا المجال ؟ وما مقدار التحجيم الذي ستحدثه تلك الكاميرات في العمليات الإرهابية ومن تعزيزاً للصولات المباركة لجيشنا الباسل وما حجم الثقة التي ستزرعها بأنفسهم حينما يشعر الجندي بأنه هناك نظاماً أمنياً دقيقاً خلفة يحمي ظهره وأهله وبيته وأبناء شعبه ؟

لا نرى أي مانع يقف أمام إستقدام تلك التقنية والأحاديث عنها تجري منذ سنين طويلة وتتلاقف كرتها الوزارات والمحافظة والبرلمان والحكومة ؛ إلا إصرارنا على عدم التعامل بحرفية بالغة مع الوضع الأمني الحالي وبطريقة تفتقر الى الدقة وأن هناك أيد خفية تعمل على عدم وصول تلك التقنية للمساهمة في درء خطر تلك الهجمات أو التقليل من نسبة فتكها بأبناء شعبنا.

 على الحكومة أن تسعى بجد لمعرفة الحلقة التي يقف عندها هذا المشروع لتتقطع أوصاله أو تقدم أعذار واهية لإيقاف العمل به لأن حينها سيكشف الكثير الكثير من مواطن خرابنا وفسادنا وإستهانة بعضنا بدماء أبناء شعبنا الصابر وهي تراق في الشوارع كل يوم لنرى معها الخوف الذي يتغلغل لنفوسنا حينما ينتابنا عدم الشعور بالأمان على أرواحنا وعوائلنا وأطفالنا وهم يجوبون الشوارع طلباً للعلم.. حفظ الله الوطن.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 21/كانون الثاني/2014 - 19/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م