الجزائر.. هل سيعود الرجل المريض الى الحكم؟

 

شبكة النبأ: تعيش الجزائر ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية معركة سياسية والصراعات الحزبية بين الحزب الحاكم والأطراف المعارضة، بهدف الى تعزيز فرص الفوز في هذه الانتخابات التي تعتبر فاصل مهم وضروري للتغير في بلد يعاني العديد من المشاكل كما يقول بعض المراقبين، الذين أكدوا على وجود أطراف كثيرة تسعى وبشكل مباشر الى إعادة ترشيح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة الى ولاية رابعة على الرغم من عجزه عن إدارة الحكم بسبب مرضه الحالي، في سبيل ضمان وتأمين مصالحها الخاصة التي قد تتغير مع تغير الرئيس الحالي، الذي يحاول هو الآخر إيجاد بعض الصيغ القانونية والدستورية التي تتيح له الاستمرار بهذا المركز المهم ولو بشكل صوري.

 هو ما ترفضه العديد من الأطراف والتيارات المعارضة التي تسعى الى تحقيق بعض المكتسبات السياسية في هذه المرحلة المهمة من تاريخ الجزائر، وفيما يخص آخر الأحداث في الجزائر فقد حدد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مرسوم السابع عشر من نيسان/ابريل القادم موعدا للانتخابات الرئاسية لكنه لم يعلن ان كان ينوي الترشح الى ولاية رابعة. وكان بوتفليقة (76 سنة) الذي يحكم الجزائر منذ 14 سنة، بقي حوالى اربعة ايام في مستشفى فال دو غراس بباريس لاجراء فحص طبي بعد تعرضه الى سكتة دماغية تسببت في نقله بشكل طارئ الى هذا المستشفى العسكري في 27 نيسان/ابريل 2013 حيث بقي ثمانين يوما.

وافاد بيان الرئاسة الذي نقلته وكالة الانباء الجزائرية ان "بموجب احكام المادة 133 من القانون العضوي المتعلق بالنظام الانتخابي قام رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بتوقيع المرسوم الرئاسي المتعلق باستدعاء الهيئة الناخبة ليوم الخميس 17 نيسان/أبريل 2014 بغرض اجراء الانتخابات لرئاسة الجمهورية".

وقال رئيس الوزراء عبد المالك سلال خلال جولة داخل البلاد مخاطبا الشعب الجزائري ان "بوتفليقة يسمعكم، انه على ما يرام". غير ان بوتفليقة لم يعلن حتى الآن ما اذا كان سيترشح لولاية رابعة لكن ما زال امامه 45 يوما لاعلان ذلك في حين رشحه الحزب الحاكم اي جبهة التحرير الوطني، الى تلك الانتخابات.

ومن بين الشخصيات الخمسة عشر التي تأمل الترشح الى الانتخابات الرئاسية يرى رئيس حزب الجيل الجديد سفيان جيلالي ان استدعاء الناخبين في اخر لحظة امر متعمد. ويرى هذا الطبيب البيطري (56 سنة) ان بوتفليقة "يتشبث بالحكم مهما كان الثمن حتى وان كان ذلك يودي بالبلاد في مأزق".

لكن المحلل السياسي رشيد تلمساني يرى ان "سيناريو الولاية الرابعة مستبعد تماما" وان "اصحاب القرار (اي العسكر) يبحثون عن خليفة وهناك ضغوط خارجية كي تبقى الجزائر في استقرار". وقال تلمساني "اظن ان بوتفليقة سيعلن قراره عشية المهلة القانونية (اي 45 يوما بعد استدعاء الناخبين) وسيفعل ذلك من خلال بيان توزعه وسائل الاعلام العامة لانه يبدو انه لا يستطيع التحدث او النطق" باي حرف.

ولم يلق بوتفليقة الذي يتولى الحكم منذ 1999 (15 سنة)، وهو رقم قياسي في الجزائر، اي خطاب رسمي على الجزائريين منذ خطاب سطيف (300 كلم شرق العاصمة) في ايار/مايو 2012 عندما المح الى انه يجب افساح المجال امام جيل اصغر عمرا. واقر اصلاحات تفاديا للربيع العربي اعتبرتها المعارضة شكلية. واخرها اصلاح دستوري ما زال سريا ويبدو انه جاهز لكن لم يعرض بعد على البرلمان.

وفي الاثناء تغتنم الحكومة كل الفرص للتنويه بالانجازات التي تحققت خلال ولايات بوتفليقة الثلاث سواء عبر مليارات الدولارات التي استثمرت في بنى تحتية كبيرة والمصالحة الوطنية التي اقرت السلم في بلد اجتاحته حرب خاضتها قواته العسكرية والامنية ضد اسلاميين مسلحين نهاية القرن العشرين (200 الف قتيل). ويتعين على المرشحين جمع ستين الف توقيع، بينها عل الاقل 1500 في 25 ولاية من ولايات البلاد ال48. بحسب فرانس برس.

وقد تشكلت لجان تاييد في مختلف انحاء البلاد لا سيما لمن يبدو الاكثر جدية من بين المرشحين رئيس الوزراء الاسبق علي بن فليس (71 سنة) "الاصلاحي" والمدافع عن حقوق الانسان الذي يحظى بتقدير المثقفين. ورفض بن فليس الذي انهزم في انتخابات 2004 وانسحب من حينها من الساحة السياسية، الادلاء باي تصريح في حين سيعقد مؤتمرا صحافيا يعلن فيه نواياه.

الى جانب ذلك أعلن الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني" عمار سعداني في مؤتمر صحافي بالعاصمة الجزائرية أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة سيترشح لولاية رابعة في نيسان/أبريل القادم. وقال سعداني ردا على سؤال بشان ما إذا كان بوتفليقة سيترشح للانتخابات القادمة: "الرئيس سيترشح لهذا السباق بعد استدعاء الهيئة الناخبة"، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية.

وقال سعداني إن المعارضة منزعجة من إعلان محتمل لبوتفليقة عن ترشحه "لأنها تعرف أن مرشح جبهة التحرير هو من سيفوز في الانتخابات". ويملك حزب جبهة التحرير الوطني قدرات تعبوية وانتخابية هائلة في الجزائر وهو يملك 221 مقعدا في المجلس الشعبي الوطني (462 مقعدا). وأكد سعداني أن "القرار يعود للشعب. سواء كان بوتفليقة مريضا أم لا فإن الشعب هو من يقرر .

دعم بوتفليقة

في السياق ذاته دعت عدة احزاب جزائرية وفي مقدمها التجمع الوطني الديمقراطي، الثاني من حيث التمثيل في المجلس الشعبي الوطني، الى دعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والاصلاحات التي انجزهها خلال ولايات حكمه الثلاث وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/ابريل.

وفي رسالة تلاها خلال اجتماع التجمع امينه العام عبد القادر بن صالح دعا "كل القوى الوطنية المحبة للاستقرار والمقتنعة بالانجازات الى اختيار ذلك الخيار الذي سيعزز الوحدة الوطنية وسيضفي على الجزائر قوة وحصانة". ولم يعبر النداء صراحة على دعم تشريح بوتفليقة الى ولاية رابعة.

كذلك دعا بن صالح وهو ثاني شخصية في البلاد بصفته رئيس مجلس الامة (الشيوخ) المناضلين الى "دعم الاصلاحات الشاملة التي بادر بها رئيس الجمهورية" بما فيها المتعلقة بوضع المرأة الذي يعزز دورها السياسي في المؤسسات. كذلك اعربت الحركة الشعبية الجزائرية (سبعة نواب) القريبة من الائتلاف الرئاسي، بقيادة وزير التنمية الصناعية وترقية الاستثمارات عمارة بن يونس، مجددا عن "دعمها الكامل" للرئيس بوتفليقة. بحسب فرانس برس.

لكن حركة مجتمع السلم (حمس، اسلامية) المعارضة اعلنت على لسان رئيسها عبد الرزاق مقري ان مستقبل البلاد "حالك" لكنها امتنعت عن انتقاد الرئيس واعتبرت ان الجزائر في حاجة الى خطة "انقاذ" اقتصادية حقيقية للخروج من "منطقة التقلبات" التي تتخبط فيها. وقال المقري الذي كان حزبه ضمن الائتلاف الرئاسي حتى بداية 2012 ان "الوضع على الصعيد الاقتصادي خطير جدا". وفي معرض حديثه عن "نداءات" الى "عهدة رابعة" اطلقتها عدة احزاب، دعا المقري هذه الاحزاب الى "مراجعة مواقفها" لان "البلاد لا تحتمل اخطاء اخرى قد تعرض مستقبلها واستقلالها الى الخطر".

مطالب المعارضة

الى جانب ذلك طالب تحالف لأحزاب وشخصيات معارضة لترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بإجراء تعديل حكومي لضمان شفافية الانتخابات الرئاسية وطالب التحالف الذي ضم عشرين حزبا وشخصية سياسية الرئيس بوتفليقة "بإجراء تعديل حكومي يشمل على وجه التحديد القطاعات الوزارية ذات الصلة بتنظيم الانتخابات، وإسنادها إلى شخصيات مستقلة، تحقيقا لما أسمته "مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين لرئاسة الجمهورية".

وأشارت الأحزاب تحديدا إلى وزير الداخلية الطيب بلعيز ووزير العدل الطيب لوح، وهما شخصيتان مقربتان من محيط الرئيس الجزائري، بحسب صحيفة "لوسوار دالجيري". وتتولى وزارة الداخلية تنظيم الانتخابات من الناحية الإدارية واللوجستية من تحضير قوائم الناخبين والمترشحين الى تحديد أماكن اللجان الانتخابية. أما وزارة العدل فهي من يعين القضاة المشرفين على الانتخابات. بحسب فرانس برس.

ويضم التحالف العديد من الأحزاب غير الممثلة في البرلمان إلى جانب حركة مجتمع السلم الممثلة مع تحالف إسلامي في البرلمان ب49 مقعدا من اصل 462. ومن الشخصيات رئيس الوزراء الأسبق أحمد بن بيتور الذي كان أول من أعلن ترشحه للرئاسة. وقال بن بيتور خلال اجتماع تحالف المعارضة إن "الجزائر تتجه إلى منزلق خطير، وإن التغيير حتمي بسبيلين، التغيير السلمي عبر بوابة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإما التغيير بالعنف، والذي لا يمكن توقع مآلاته". وأكد رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري أن هدف مبادرة هذه المجموعة هو "إعلان بداية مقاومة سياسية سلمية لتخليص الجزائر من مقبض الفساد والتزوير"، بحسب صحيفة الخبر.

نفوذ المخابرات

في السياق ذاته يقول محلولون إن بوتفليقة يمعل على تطويق منافسيه وتعيين موالين في مناصب رئيسية في تعديل وزاري جرى مؤخرا يسعى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لتمرير إصلاحات دستورية قبل عام 2014 للحد من دور جهاز المخابرات كلاعب رئيس مؤثر في الحياة السياسة، وفق عمار سعيداني رئيس حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم.

وقال سعيداني إن بوتفليقة عازم على إنشاء "مجتمع مدني" وتقييد النفوذ السياسي لجهاز المخابرات. وأضاف أن "المخابرات ستستمر في القيام بدورها لكنها لن تتدخل في السياسة بما في ذلك الأحزاب السياسية والإعلام والقضاء." وقال إن الإصلاحات الدستورية ستضع تعريفات واضحة لأدوار جهاز الأمن والجيش.

وقد تحدد إجراءات بوتفليقة، التي ينظر إليها باعتبارها جزء من الصراع على السلطة بين فصيله في جبهة التحرير الوطني وبين رئيس المخابرات محمد مدين، ما إذا كان الرئيس الجزائري سيرشح نفسه لفترة ولاية رابعة أم سيتنحى حسبما يتوقع كثيرون. وقال سعيداني إن "الإصلاحات والانتخابات القادمة ستسد أفواه الذين يشوهون سمعتنا من الخارج. لن يكون في وسعهم القول بأن الجنرالات يحكمون الجزائر". بحسب رويترز.

وفي صدارة الإصلاحات المتوقعة اقتراح يضع حدا لعدد الفترات التي يمكن للرئيس ونائبه توليها، والذي إذا أقر سيخرج بوتفليقة من سباق الرئاسة. وقال سعيداني "إنه مرشحنا ولا مرشح لانتخابات الرئاسة غير بوتفليقة." لكن عند سؤاله عما سيحدث إذا رفض بوتفليقة الترشح أجاب "من السابق لأوانه الحديث في هذا الأمر الآن." وأضاف أن الدعوة ستوجه للمراقبين الدوليين لمتابعة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في أبريل/ نيسان. ولا يعرف الجزائريون بعد من سيكون المرشحون للرئاسة رغم أن هناك أكثر من 100 حزب سياسي نشط في البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/كانون الثاني/2014 - 18/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م