أطفال الشوارع.. حاضر مؤلم ومستقبل مجهول!

 

شبكة النبأ: أطفال الشوارع ينتشرون في البلدان الفقيرة المتخلفة، يستجدون ما يسد رمقهم، لا يفكرون بالتعليم او حقوق الطفولة الاخرى، معظمهم لا بيوت لهم، الشارع والحديقة العامة والرصيف مأواهم، خطورتهم على المجتمع، عندما يتم التغرير بهم واستثمارهم من قبل العصابات والمافيات التي تعتمد على تنمية الجريمة لتكسب المال، وأطفال الشوارع لقمة سائغة لهؤلاء الوحوش، إذ سرعان ما يستسلم اطفال الشوارع للترهيب والترغيب، بسبب حالة الضياع التي يعيشيونها نتيجة لاهمال الحكومة والدولة والمجتمع لهم.

في العراق تزداد ظاهرة الإستجداء بين أوساط الاطفال بوتيرة متصاعدة، ولا احد يمكنه إنكار هذه الظاهرة، لأنها تجري في الشوارع أمام عيون الجميع، أي أن المسؤولين في الدولة يرون هذه الظاهرة يوميا، واعضاء وقادة منظمات المجتمع المدني يرونها ايضا، كذلك تطلع عليها النخب وقادتها ايضا بصورة يومية، ولا أحد من هذه الجهات يحرك ساكنا لمعالجة هذه الظاهرة المتنامية، واذا حرك احدهم ساكنا، فإنه لا يضع اصبعه على الجرح، ولا يقدم المعالجات المناسبة للظاهرة، بل يزيدها سوءً وكثرة !، والسبب كما سنعرف، أن جميع الاجراءات التي يتم اتخاذها لمعالجة ظاهرة استجداء اطفال الشوارع، ليست مناسبة، بل غالبا ما تكون خاطئة، او عشوائية بلا تخطيط متخصص، لذلك تأتي بنتائج عكسية.

مع ملكية العراق للاموال الطائلة، تصبح هذه الظاهرة في غاية الغرابة، فالميزانيات السنوية الضخمة بامكانها انهاء مظاهر الفقر تماما، والقضاء على الظواهر التي تدل على انتشار الفقر، ان جميع الدول الاقليمية تكاد لا تملك قدرات العراق المالية، فلماذا الفقر، لماذا التسول، لماذا تزايد اطفال الشوارع، أسئلة محيّرة حقا، فحتى لو تذهب اموال طائلة بسبب الفساد والاختلاس والصفقات الوهمية وما شابه، تبقى هناك اموال كبيرة يمكن استثمارها بطرق تقضي على الفقر لو تعاملت الجهات الحكومية المعنية بصورة سليمة مع ظاهرة الفقر عموما، واستخدمت اموال الشعب بطرق مدروسة وعادلة!.

من اسباب تنامي هذه الظاهرة غياب العدالة الاجتماعية، الامر الذي يساعد على ظهور حالات سلبية خطيرة ايضا كالارهاب، إذ ينبغي معالجة الارهاب من الجذور وذلك من خلال معالجة ظواهر الفقر ومنها ظاهرة اطفال الشوارع، حيث الفجوة بين الفقراء والاغنياء كبيرة وعميقة ومرعبة ايضا!!، وللحديث عن فجوة الفقر ينبغي أن نرصد حقيقة الرواتب الخيالية التي ليس لها نظير عالميا لموظفي الصف الأول في الدولة حتى أن أجور التشغيل لعدد محدود من هؤلاء يشكل عبئا ثقيلا ورقما مهما من نسب الموازنة العامة؛ في مقابل خط فقر يتحدث عن فتات الأرقام وهزيلها إذ يكتفون بحد أدنى يعادل 77 ألف دينار طبعا للإعلان عن أرقام ونسب معدلة في حجم الفقر! بينما لو قرأنا الأوضاع بخط حقيقي يعكس ظروف العملة والقدرة الشرائية وطبيعة الأجور والأسعار وتفاصيل الحمل الثقيل الواقع على كاهل الفقراء لتأكدنا من أن حجم الفقر عراقيا، ونحن دولة نفطية، يفوق دول أفريقية وآسيوية من تلك التي تصنف في قاع آخر 25 دولة عالميا من تلك التي ليس فيها أية ثروة كما العراق. يقول احد الكتاب حول فجوة الفقر وظاهرة غياب العدالة وبروز الارهاب، إن فجوة الفقر مريعة في حقيقتها لو تمّ الإعلان عنها.. وتلك الفجوة ليست مجرد مشكلة أمن غذائي ولقمة عيش بل هي ذاتها الفجوة التي تشكّل المنبع الحقيقي لمشكلات الجريمة من فساد وإرهاب.

 إنَّها الثغرة والمنفذ لأية قوة معادية تبتغي اختراق البلاد وإخضاع العباد. وليس بالضرورة أنْ يكون العدو خارجيا؛ فلربما كان هنا بيننا يعمل من أجل تفكيك البلاد وخرابها على خلفية الاستمرار بإشاعة الفقر، وجعله ظاهرة تنخر في الوجود الوطني للبلاد وفي العيش الإنساني.. وهكذا نلاحظ غياب التخطيط مع غياب الانصاف، مع اهدار الاموال العراقية الضخمة بسبب الفساد والصفقات الوهمية، وتنامي الارهاب الذي ينبغي معالجته من الجذور، ومن اهم اسبابه الفقر واهمال الشعب لاسيما الطبقة الفقيرة. العلاج يعرفه المعنيون (الحكومة/ النخب القيادية في المجتمع/ منظمات المجتمع المدني/ المؤسسات الخيرية... وغيرها)، فالمطلوب واضح، خطوات عملية منظمة ومدروسة وتنفيذ حازم ودقيق، لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة، أو الانحدار الى درك الجريمة والفوضى والتخلف!!.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/كانون الثاني/2014 - 17/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م