جاءت مبادرة السيد الحكيم التي اعلنها قبل ايام في ملتقى الاربعاء
الاسبوعي؛ بما لاقت من تأييد واسع؛ محاولة جدية لازالة الاحتقان
المتزايد في ازمة محافظة الانبار التي اتجهت بشكل سريع نحو التصعيد
المسلح والشامل في الحرب على داعش والارهاب والذي شمل كل أرجاء
المحافظة.
ورغم اننا لم نلحظ في أسبوعين من عمر الأزمة أية مبادرة للتسوية
السياسية او لعزل العناصر الإرهابية عن ابناء المحافظة وعشائرها
الاصلاء، فانه بمجرد اعلان السيد الحكيم لمبادرته؛ حول الازمة؛ واجهت
وابلا من الانتقادات غير الموضوعية والجارحة في بعضها من قبل بعض اعضاء
دولة القانون وفي لغة غابت عنها الدبلوماسية وارتفعت فيها لهجة التصعيد
والاستفزاز في امر يثير الاستغراب، فاذا لم تكن على قدر من المسؤولية
والنضج السياسي لتطلق مبادرة او رؤية لحل الازمات فلماذا تحكم على رؤى
ومبادرات الآخرين بالفشل وتوجه اليها اصابع الاتهام وانتقادات.. ما
انزل الله بها من سلطان.
واذا كان الغرض من هذه الانتقادات لجم المبادرات المقبلة والحيلولة
دون اطلاق المزيد منها والسير بالازمة الى الحسم العسكري لا الحل
المتعدد او المدني، فاننا اليوم ندعو اكثر من اي وقت مضى الى عكس ذلك
التيار بتعزيز روح المبادرة وطرح رؤى جديدة وشاملة للازمة ومن كل
الاطراف السياسية لانها تتحمل الجزء الاكبر منها ومن تداعياتها بسبب
خلافاتها المزمنة.. فالتكاتف والتشاور والتوافق بين الكتل السياسية لغة
العصر واحدى الوسائل الموضوعية للخروج من عنق اشد الازمات الى
انفراجها، وهو ما يجب ان تفكر فيه بجدية الكتل السياسية والبرلمانية
والحكومة في تعاطيها مع الازمة الحالية.
ان التهدئة والتأني والسكينة في قراءة الأزمة الملتهبة في الانبار
عامة والفلوجة خاصة، يجب ان يقترن بالحل المتعدد الذي يشمل كافة مناحي
الأزمة ولا يقتصر على الحلول الأمنية والعسكرية فحسب؛ بل بالعمل على
عزل عناصر داعش الإرهابية عن ابناء المحافظة الابرياء وتعزيز الثقة بين
هؤلاء واخوانهم من ابناء القوات المسلحة.. لان النصر يكمن هنا؛ بتحصين
الجبهة الداخلية من الغرباء والدخلاء اولا؛ وتعزيزها بعزل المتطرفين
وإبعاد خطرهم عن المدنيين ثانيا؛ وتفويت الفرصة على مشروع عزل المناطق
الغربية عن باقي مدن العراق ثالثا.
واذا كان كل ما جرى ويجري في محافظة الانبار هو تمهيد لمشروع مشبوه
يهدف الى تمزيق وحدة العراق وتفتيته الى دويلات صغيرة ومتناحرة، فان
الجميع مدعوين الى تفويت الفرصة على ذلك المشروع اما بتأييد المبادرات
المطروحة او مناقشتها بموضوعية او طرح مبادرات جديدة تمهيدا للجلوس الى
طاولة الحوار.. قبل فوات الاوان. |