البدانة.. مرتع الامراض بسبب انعدام الوعي الغذائي

 

شبكة النبأ: تعد السمنة إحدى أهم المشاكل الصحية التي تهدد حياة الكثير من البشر في العديد من دول العالم دون استثناء، وذلك لكون لأشخاص البدناء أكثر عرضة للإصابة بأمراض بالكثير من الأمراض ومنها أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الأمراض الأخرى كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على وجود زيادة كبيرة في أعداد الأشخاص الذين يعانون من البدانة، بسبب انعدام الوعي الغذائي وزيادة كمية الطعام مع الإساءة في اختيار النوعية مع قلة في المجهود والحركة المبذولة. ويقدر عدد من يعانون من السمنة في دول العالم الثالث بـ 904 مليون شخص بينما كان يبلغ عددهم 250 مليون عام 1980.

وزاد عدد من يعانون من السمنة في الدول النامية بنحو أربعة أضعاف منذ عام 1980 ليصل إلى مليار شخص، وفقا لدراسة بريطانية حديثة. وقال معهد الدراسات الخارجية إن واحدًا من بين كل ثلاثة أشخاص حول العالم يعانون من السمنة، داعيا الحكومات إلى اتخاذ المزيد من الاجراءات للتأثير على النظام الغذائي لدى الشعوب.

ففي المملكة المتحدة يقع حوالي 64 في المئة من البالغين تحت تصنيف أصحاب الوزن الزائد أو من يعانون من السمنة. ومن هنا تتوقع الدراسة "ارتفاعًا ضخمًا" في نسبة الإصابة بالأزمات القلبية، والجلطات، ومرض السكري. وعلى مستوى العالم ازدادت نسبة المصابين بالسمنة، أي من تقدر كتلة الجسم لديهم بـ 25، من 23 في المئة إلى 34 في المئة بين عامي 1980 و2008. وقد تركزت هذه الزيادة في الدول النامية، خاصة في البلاد التي تشهد ارتفاعًا في الدخل مثل مصر والمكسيك.

ويقدر عدد من يعانون من السمنة في دول العالم الثالث بـ 904 مليون شخص بينما كان يبلغ عددهم 250 مليون عام 1980. وفي المقابل يقدر عدد من يعاني من السمنة في الدول المتقدمة بـ 557 مليون شخص. ويذكر أن تعداد السكان العالمي تضاعف حوالي مرتين في هذه الفترة. وأظهرت الدراسة أن مناطق شمال إفريقيا وأمريكيا اللاتينية والشرق الأوسط، شهدت زيادة كبيرة في نسب زيادة الوزن على قدم المساواة مع أوروبا لتبلغ 58 في المئة.

وبينما ما تزال أمريكا الشمالية تضم أكبر عدد ممن يعانون السمنة إذ تصل نسبتهم إلى 70 في المئة، أصبحت النسبة في مناطق مثل أستراليا وأمريكا اللاتينية تتأرجح عند نسبة 63 في المئة.

وترجع دراسة "حميات الأغذية المستقبلية" التي أصدرها المعهد أسباب ذلك إلى اختلاف أنماط تناول الطعام، والانتقال من تناول الحبوب إلى استهلاك المزيد من الدهون والسكريات والزيوت والمنتجات الحيوانية.

وفي الوقت نفسه، لا يزال نقص التغذية مشكلة تؤثر على مئات الملايين من الناس في الدول النامية، وخاصة الأطفال. و"التحدي هو توفير الطعام الصحي وتقليل العوامل الجاذبة للطعام الذي يحمل فوائد غذائية أقل." ويقول ستيف ويغينز، أحد المشاركين في الدراسة، إن هناك أسباب عديدة لهذه الزيادة. وأضاف، "يستطيع الأشخاص الذين يتمتعون بدخل أعلى اختيار أنواع الطعام التي يريدونها. وقد أدت التغيرات في نمط الحياة، وزيادة توافر الأطعمة المصنعة، طرق التسويق، وتأثير الإعلام، كلها إلى تغييرات في الأطعمة التي يتناولها الناس."

وتابع أن هذا يحدث بالأخص في دول الاقتصادات الصاعدة حيث توجد شريحة كبيرة من الطبقة الوسطى التي يزيد دخلها، بينما يعيشون في مناطق حضرية ولا يؤدون حركات جسمية كافية. "يجب علينا التحرك للتعامل مع ملايين الناس الذين يعانون من الجوع الشديد. ولكن علينا التفكير فيما سيحدث إن شجعنا الاستهلاك الزائد عن الحاجة."

آلان دانغور، باحث في مجل الصحة والتغذية في بريطانيا ويقترح ويغينز أن تقوم الحكومات بإجراءات تتعلق بالصحة العامة لمكافحة ارتفاع نسبة السمنة، كتلك التي اتخذت للحد من التدخين في الدول المتقدمة. ويقول إنه "يجب على السياسيين أن يكونوا أقل خجلًا تجاه محاولة التأثير على نوع الطعام الذي يصل إلى أطباقنا". وأضاف بأن "التحدي هو توفير الطعام الصحي وتقليل العوامل الجاذبة للطعام الذي يحمل فوائد غذائية أقل."

وتشير الدراسة إلى تجربة كوريا الجنوبية حيث هناك جهود للمحافظة على نظام طعام البلاد التقليدي، وحملات توعية، بالإضافة إلى تدريبات على نطاق واسع لتعليم النساء تحضير وجبات الطعام. ومن جهة أخرى يقول آلان دانغور، باحث في مجال الصحة والتغذية العالمية في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إنه "يجب علينا التحرك بسرعة للتعامل مع ملايين الناس الذين يعانون من الجوع الشديد، بالإضافة إلى نقص التغذية لدى الأطفال، ولكن أيضًا علينا التفكير فيما سيحدث إن وفرنا الكثير من الطعام وشجعنا الاستهلاك الزائد عن الحاجة." بحسب بي بي سي.

وقال متحدث من وزارة الصحة في بريطانيا إنهم على وعي بأن زيادة نسب السمنة تسببت في حالات صحية خطيرة مضيفًا أنهم يتعاملون بالفعل مع هذا الوضع. وقال "لقد وفرنا للمرة الأولى ميزانيات ذات هدف محدد للمسؤولين المحليين للتعامل مع الشؤون المتعلقة بالصحة العامة في مناطقهم، بما فيها السمنة." كما قالت وزارة الصحة إن العاملين في مجال الصناعة وخبراء الصحة عليهم دور كبير في مساعدة الناس على تحسين حمياتهم الغذائية ونمط حياتهم.

المكسيك

على صعيد متصل يجلس أرتيميو مارتينيز البالغ من العمر 42 عاما في أحد منتزهات العاصمة المكسيكية ويكمل فطيرة التاكو قبل أن يطلب زجاجة المشروب الغازي الاخيرة، ثم يتوجه هذا المحاسب الذي يزن 140 كيلوغراما إلى كشك الوجبات السريعة المجاور، ويقول للبائع "أعطني مشروبا غازيا آخر لاسهل مرور فطيرة التاكو الخامسة، والحساب أيضا من فضلك". وقد أتت الفاتورة منخفضة نسبيا، مع 40 بيزو(2,5 يورو) لخمس فطائر تاكو باللحم و18 بيزو(1,10 يورو) لزجاجتين من المشروبات الغازية.

لكن المكسيك تدفع ثمن هذا النظام الغذائي غير السليم غاليا، وهي أكثر البلدان استهلاكا للمشروبات المحلاة في العالم مع 163 ليترا من المشروبات الغازية للفرد في السنة الواحدة، وهي أيضا ثاني اكثر بلد تنتشر فيه مشكلة البدانة بعد الولايات المتحدة. وجاء في دراسة صادرة عن جامعة هارفرد الأميركية أن 22 ألف حالة من حالات الوفاة المرتبطة باستهلاك المشروبات المحلاة في العالم والبالغ عددها الإجمالي 180 ألف حالة تحدث في المكسيك.

وكانت الأطباق التقليدية في المكسيك مؤلفة عادة من الذرة والفواكه والخضار والأعشاب، لكن يكفي التجول في شوارع العاصمة المكسيكية لملاحظة التغير في العادات الغذائية الناجم عن الانفتاح الاقتصادي في البلاد. ففي أكشاك الوجبات السريعة المنتشرة في مكسيكو، تباع فطائر التاكو وسندويشات لحم الخنزير أو البقر والبيض والأجبان وتشكيلة واسعة من المقالي، فضلا عن المشروبات الغازية على أنواعها.

وأوضح أليخاندرو كالفييو مدير المنظمة غير الحكومية "سلطة المستهلك" التي تطالب السلطات بوضع معايير خاصة بالمنتجات المضرة بالصحة "تغيرت العادات الغذائية تغيرا كبيرا خلال السنوات العشرين الماضية، في ظل ازدياد شديد في الأغذية الصناعية". وقال أن المكسيك "امتثلت لمعايير السوق المرتكزة على الأرباح، فتغيرت عادات سكانها الغذائية"، إثر إبرام البلاد اتفاقات التجارة الحرة.

وتعزى البدانة إلى عدة أسباب، أبرزها عوامل وراثية، لكن ديفيد غارنر مؤسس مركز "ريفر سنتر" المتخصص في الاضطرابات الغذائية في ولاية أوهايو الأميركية قد أكد أن السبب الرئيسي للبدانة هو العادات الغذائية السيئة في أنماط العيش المعاصرة. وقال إن "المشروبات الغازية التقليدية أو المخففة تزيد من البدانة وتفاقم مشاكل القلب"، ولا تأخذ أي تدابير على الصعيد التشريعي، منددا ب "مجموعات الضغط القوية جدا" في قطاع صناعة المشروبات.

وقد ازدادت مشكلة البدانة ازديادا شديدا في المكسيك، فارتفعت نسبة السكان المصابين بها من 9,5 % في العام 1988 إلى 32 % في العام 2012، كما أن 70 % من المكسيكيين البالغ عددهم 115 مليون نسمة يعانون وزنا زائدا. وشرحت يوريتزين فلوريس من منظمة "أوكسفام" الدولية غير الحكومية أن الكثير من السكان الفقراء "لا يتمتعون بنفاذ إلى مياه صالحة"، ما يدفعهم إلى تناول المشروبات الغازية. ويعتبر نصف سكان البلاد تقريبا من الفقراء، كما أن 7,4 ملايين فرد يعيشون في فقر مدقع.

وفي العام 2012، رفع اقتراح يقضي بفرض ضرائب على المشروبات الغازية إلى البرلمان المكسيكي، لكن من دون نتيجة حتى الآن. وأعلنت الحكومة المكسيكية منذ فترة وجيزة عن اتخاذها تدابير لمكافحة البدانة، لكنها لم تكشف عن التفاصيل ذات الصلة. ولا تزال مشكلة الوزن الزائد تتسبب بأمراض مزمنة، واضطرابات في القلب والأوعية الدموية وبعض أنواع السرطان. بحسب فرانس برس.

وقد قدرت التكاليف المباشرة وغير المباشرة التي يتكبدها نظام الصحة العامة في المكسيك إثر هذه المشكلة بحوالى 10 مليارات يورو. ومن أبرز تداعياتها مرض السكري الذي يطال 14 % من السكان ويتسبب ب 80 ألف حالة وفاة في السنة الواحدة. وفي ظل تنامي هذه المشكلة، بدأت عدة مستشفيات تقدم عمليات جراحية لمكافحة البدانة بالمجان أو بأسعار جد مخفضة. وأكدت ليتيسسا باوتيستا عالمة النفس المتخصصة في المشاكل المرتبطة بالبدانة أن هذه العمليات هي "بمثابة فرصة للبقاء على قيد الحياة" في حالات البدانة الفتاكة. غير أن هذه الوسيلة لن تحل المشكلة جذريا، على ما لفت ديفيد غارنر.

الصين وبريطانيا

من جانب اخر تطال مشاكل الوزن الزائد او البدانة اكثر من ثلث الصينيين الذين تراوح اعمارهم بين 20 و69 عاما على ما جاء في دراسة نشرت نتائجها في بكين مفسرة ذلك خصوصا بقلة الحركة الجسدية لدى البالغين الشباب. وجاء في الدراسة التي اوردت نتائجها صحيفة "تشاينا ديلي" واجرتها الادارة العامة للرياضة وشملت 43 الف بالغ، ان وزن الصينيين في فئة 20-39 عاما زاد كيلوغرامين بشكل وسطي منذ العام 2010.

واكثر من 11 % من افراد هذه الفئة العمرية راهنا هم من البدناء في بلد يؤدي فيه النمو السريع الى انعكاسات سيئة مثل البقاء في المنزل خلال اوقات الفراغ او تعميم التنقلات بالسيارة او وسائل النقل التي لا تسمح للمواطنين بحرق السعرات الحرارية. فالصينيون في فئة 20-39 عاما هم الاقل حركة على ما اظهرت الدراسة اذ ان الاكبر منهم سنا لا يزال لديهم ثقافة النشاط الجسدي المنتظم بعدما اعتادوا التمارين الجماعية والالزامية التي فرضت خلال الحقبة الماوية. بحسب فرانس برس.

وقد استهدفت هذه الدراسة البالغين فقط لكن معروف في الصين ان مشكلة البدانة تطال بشكل متزايد ايضا المراهقين. فسياسة الطفل الواحد المعتمدة في البلاد تؤدي الى اطفال مدللين بشكل مفرط. وهذا الميل يشمل خصوصا سكان المدن الذين تخلوا عن دراجتهم الهوائية لاعتماد شاشة تعمل باللمس فيما حل الهامبرغر مكان طبق الارز.

من جهة اخرى كشفت دراسة جديدة أن البريطاني البدين يستهلك كل عام كمية من الطعام تعادل وزن 14 فيلاً صغيراً، فيما يلتهم البريطاني العادي كمية من الطعام تفوق احتياجاته بكثير. ووجدت الدراسة، التي نشرتها صحيفة ديلي ستار، أن البريطاني العادي يلتهم من الطعام ما يفوق حاجته بنسبة 43%، يقضم خلالها ما وزنه 1270 كيلوغراماً من المواد الغذائية كل عام.

وقالت إن كل بريطاني يستهلك ما وزنه 348 كيلوغراماً من الطعام الزائد على احتياجاته كل عام، ويأكل سبعة أضعاف الكمية الموصى بها طبياً من الزبدة في الأسبوع، وأربعة أضعاف كمية اللحوم، وضعفي كمية الخبز، وثلاثة أضعاف كمية البسكويت. وأضافت الدراسة أن البريطانيين يستهلكون الخضراوات بكميات تقل بنسبة 75% مما ينبغي، حين يتعلق الأمر بتناول الطعام الصحي.

دراسات متواصلة

الى جانب ذلك اكتشف العلماء سر جين عرف منذ فترة طويلة أن له علاقة بمشكلة السمنة وكيف أنه يتسبب في زيادة الوزن من خلال تفجير الاحساس بالجوع وفتح ذلك الطريق أمام التوصل الى طرق جديدة لمكافحة مشكلة صحية عالمية آخذة في الزيادة. وتوصل العلماء الى ان اختلافا شائعا في الجين المعروف باسم (إف.تي.أو) يؤثر على سدس السكان ويجعلهم أكثر عرضة للسمنة لكنهم لم يعرفوا سبب ذلك.

وقال فريق أبحاث بقيادة بريطانية انه بعد سلسلة من الاختبارات توصلوا الى ان الناس الذين لديهم هذا الاختلاف الجيني عندهم مستويات عالية من "هرمون الجوع" في الدم وأيضا حساسية زائدة في أدمغتهم لهذا العنصر الكيماوي. وقالت ريتشيل باترمان من كلية لندن التي قادت الدراسة التي نشرت في دورية التحقيقات الاكلينيكية "إنها ضربة مزدوجة."

وجاء هذا الكشف بعد دراسة لعينات دم أفراد عقب تناول وجبات الطعام بالإضافة الى تصوير بالرنين المغناطيسي لأمخاخ متطوعين ودراسات تقوم على الخلايا تنظر في عملية انتاج هرمون الجوع على مستوى الجزيء. وقالت باترمان ان النتائج التي توصلت اليها الدراسة تكشف عن حقائق جديدة وطرقا محتملة للعلاج خاصة وان بعض العقاقير التجريبية ثبت انها قادرة على كبح هرمون الجوع ويمكن ان تكون فعالة بدرجة كبيرة مع مرضى لديهم هذا الاختلاف الجيني الذي يعرضهم لمرض السمنة.

على صعيد متصل يواجه البدناء الذين يعانون نقصا في بعض الجراثيم المعوية خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بحالتهم مثل مرض السكري واضطرابات في القلب والأوعية الدموية بصورة متزايدة، ما يحيي آمال الاعتماد على وسائل وقائية أكثر فعالية، بحسب ما كشفت دراستان جديدتان. وقد أطلقت الدراستان بمبادرة من المعهد الوطني للأبحاث في مجال الزراعة (إنرا) وبالتعاون مع شركاء فرنسيين ودوليين. وهما قد أجريتا بصورة متزامنة في الدنمارك وفرنسا، علما أن البدانة تنتشر أكثر فأكثر في العالم وقد تطال أكثر من 700 مليون شخص بحلول عام 2015، وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية.

ومن شأن هاتين الدراستين تمهيد الطريق "لمؤشرات جرثومية تسمح بتحديد الأشخاص المعرضين للخطر. فضلا عن علاجات جديدة تقوم على الجراثيم لمكافحة زيادة الوزن"، بحسب ما شرح ستانيسلاس دوسكو إهرليش مدير معهد "إنرا" الذي أشرف على الدراستين. ويعزى مرض البدانة المتعدد العوامل في الوقت عينه إلى عوامل خاصة بنمط العيش (مثل النظام الغذائي) وأخرى جينية. لكن مزيدا من المعطيات يفيد بأن تعديلات في المجين الجرثومي الخاص بجميع الجراثيم المستوطنة في جسد الإنسان قد تؤدي دورا كبيرا في هذا الخصوص.

وسمحت هاتان الدراستان المنشورتان في مجلة "نيتشر" العلمية بتمييز مجموعتين من الأشخاص يختلفان باختلاف نبيتهم الجرثومي مجموعة الجراثيم المختلفة الموجودة طبيعيا في الامعاء الضئيل أو الكثيف وخطر تعرضهم للأمراض المرتبطة بالبدانة. وإثر مقارنة المجموعتين، تبين للباحثين أن خطر الإصابة بأمراض استقلابية مثل زيادة في معدل الكوليستيرول ومرض السكري وأيضا اضطرابات في الكبد وفي القلب والأوعية الدموية وحتى بعض أنواع السرطان هو أكبر عند الأشخاص الذين يكون نبيتهم الجرثومي ضئيلا ما يعادل 360 ألف جينة جرثومية مختلفة في مقابل 580 ألف عند المجموعة الثانية.

ورصد الباحثون ستة أنواع من الجراثيم التي تسمح بتمييز أصحاب النبيت الجرثومي الكثيف أو الضئيل بدقة تبلغ نسبتها 95%. ولاحظوا أن الأشخاص الذين يكون نبيتهم الجرثومي ضئيلا يكسبون وزنا مع العمر بصورة أسرع، وتكون عندها الجراثيم قليلة أو ناقصة، "ما يعني ان هذه الأخيرة قد تحمي من زيادة الوزن"، بحسب مدير معهد "إنرا". لكن من الضروري إجراء بعد مزيد من الدراسات لتدعيم نتائج الدراستين والتوصل إلى مؤشرات خاصة ووتحديد توصيات غذائية في هذا الشأن. بحسب فرانس برس.

ويذكر أن القناة الهضمية تحتوي على 100 مليار جرثومة تزن بصورة إجمالية حوالى كيلوغرامين، وهي تساهم في عملية هضم المواد الغذائية وتعزيز المناعة والحماية من العوامل التي تتسبب بالأمراض. ويشار إلى أن ستانيسلاس دوسكو إهرليش يدير مشروع "ميتاجينوبوليس" الفرنسي الواسع النطاق الذي أطلق لدراسة الجراثيم المتواجدة في النظام الهضمي. نجح في عام 2010 في فك رموز أكثر من 3 ملايين جينة في النبيت الجرثومي في إطار مشروع "ميتا إتش آي تي". وهذا العدد هو أكبر بمئة وخمسين مرة من الجينات في مجين الإنسان.

الخرف ولين العظام

في السياق ذاته حذر باحثون من أن زيادة نسبة البدانة تهدد بارتفاع عدد الأشخاص المصابين بخرف الشيخوخة في المستقبل. وكانت دراسات سابقة أظهرت أن زيادة الوزن لدى الأشخاص في منتصف العمر يزيد من خطر الإصابة بالاضطراب العقلي. وخلال المؤتمر الأوروبي السنوي حول البدانة، كشفت بيانات أن التصدي للسمنة يقلل من الإصابة بخرف الشيخوخة.

وقالت مؤسسة الزهايمر البريطانية الخيرية إن ممارسة التمارين الرياضية والحفاظ على وزن عاملان هامان لتقليل خطر الإصابة بهذا المرض. وكان من المعروف أن الزيادة في الوزن يضر بجسم الإنسان ولكن الدراسة الجديدة كشفت أن الضرر يطال العقل أيضا. ولا يعرف أحد حتى الآن أسباب الإصابة بمرض الزهايمر وخرف الشيخوخة ولكن زيادة الوزن يعد أحد العوامل التي تزيد خطر الإصابة بهما.

وأظهرت نتائج دراسة خضع لها 8500 توأم سويدي، بعد حساب مؤشر كتلة الجسم أو بي ام اي، أن الأشخاص الذين صنفوا ضمن مجموعة البدناء، مؤشر كتلة الجسم تخطى حاجز الثلاثين، تزيد لديهم نسبة خطر الإصابة بالخرف بنحو أربعة أضعاف عن الأشخاص العاديين. ويعرف أن مؤشر كتلة الجسم هو مقياس لمعرفة مقدار الزيادة أو النقصان في الوزن المثالي للجسم ويحتسب عن طريق قسمة الوزن بالكيلوغرامات على الطول بالمتر المربع.

وكشفت الدراسة عن أن الأشخاص الذين انحسر مؤشر كتلة الجسم لديهم بين 25 و30 تصل نسبة خطر إصابتهم بالخرف إلى 71 في المئة. ويذكر أن 24 في المئة من الرجال في انجلترا مصابون بالسمنة بينما تبلغ النسبة بين النساء 26 في المئة. واستخدم باحثون من منتدى الصحة البريطاني نماذج على الكومبيوتر لمعرفة ما سيحدث إذا ظلت نسبة البدانة كما هي أو إذا زادت النسبة بين الرجال إلى 46 في المئة وبين النساء إلى 31 في المئة بحلول عام 2050. ووجد الباحثون أن خطر الإصابة بخرف الشيخوخة سيرتفع من 4894 حالة في كل مئة ألف شخص تخطى 65 عاما إلى 6662 حالة. وقال الباحثون إن وقف ارتفاع نسبة البدانة سيوفر نحو 940 مليون جنيه استرليني تنفقها الدولة في مجالات رعاية المصابين بالخرف.

الى جانب ذلك أوضحت دراسة حديثة أن البدانة المفرطة قد تشكل عاملا في زيادة مخاطر الإصابة بمرض لين العظام. وقالت الدراسة التى أجراها عدد من العلماء والباحثين الأمريكيين أن عددا من الذين يعانون من البدانة قد قامت أجسادهم بتخزين كميات من الدهون في العظام وهو ما أدي إلى أن يصبحوا أكثر عرضة للإصابة بكسور العظام. وقام الفريق التابع لجامعة هارفارد في ولاية بوسطن بدراسة مسحية على ما يقرب من 106 رجلا وسيدة من البدناء الأصحاء.

وكشفت الدراسة أن هؤلاء الأشخاص قامت أجسادهم بتخزين الدهون في أماكن متفرقة منها العضلات والأفخاد والأرداف والبطن علاوة على العظام في بعض الحالات. وقالت د مريام برينديلا عضو الفريق البحثي إن الأشخاص الذين تقوم أجسادهم بتخزين الدهون في منطقة البطن والوسط هم الأكثر عرضة لمشاكل العظام.

وقالت برينديلا إنه عندما تصل الدهون إلى منطقة الخلايا المسؤولة عن تصنيع خلايا العظام الجديدة فإنها تعطلها عن العمل. وأوضحت "لقد كنا نظن في السابق أن البدانة تمثل عاملا واقيا من أمراض العظام لكن ذلك الأمر غير صحيح". وأوضحت الدراسة أنه لا يستطيع أحد أن يختار مكان تخزين الدهون في جسده وبذلك فإن الأمر الأفضل والأكثر صحة هو أن نحافظ على النحافة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/كانون الثاني/2014 - 13/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م