فقر التنوع البيئي والاصطياد الجائر

يهددان مسـتقـبــل الحياة على الأرض

 

شبكة النبأ: يواجه العالم اليوم الكثير من التحديات والمشاكل التي تهدد الحياة على سطح الكرة الأرضية التي ستخلو من العديد من المخلوقات الحية، خصوصا مع تنوع الاسباب التي اسهمت بارتفاع معدل الانقراض العالمي لعديد من الحيوانات والنباتات الذي اصبح اليوم أكبر من معدلات الانقراض الطبيعي كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان التغيرات البيئية والمناخية وعمليات الصيد غير القانونية التي تقوم بها بعض العصابات لأجل الحصول على بعض المردودات الاقتصادية، قد اسهمت وبشكل فاعل باختفاء الاكثير من الاجناس الحية، وبحسب بعض التقارير فان معدل انقراض بلغ ضعف ما كانت تذهب إليه تقديرات الخبراء قبل أربعة أعوام فقط حيث يفقد العالم الان ما بين خمسين ألف ومائة ألف نوع من المخلوقات كل عام، وفي هذا الشأن قد تخسر افريقيا 20 % من فيلتها في غضون السنوات العشر المقبلة في حال استمر الصيد غير الشرع على وتيرته الحالية على ما جاء في تقرير نشر في افتتاح مؤتمر وزاري مكرس لاستمرارية هذه الحيوانات في عاصمة بوتسوانا.

وقال الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة والاتفاقية الدولية حول الاتجار الدولي بالأنواع المحمية (سايتس) ومنظمة "ترافيك" للدفاع عن البيئة في بيان مشترك، "في سط افريقيا تعاني الفيلة مباشرة من اثار الصيد غير الشرعي الا ان الفيلة المتواجدة بأعداد اكبر في افريقيا الجنوبية والشرقية ستواجه ايضا خطرا كبيرا بسبب انتشار الصيد غير الشرعي، في حال لم يتم قلب هذا الميل".

واوضح جون سكانلون الامين العام لسايتس في البيان "الصيد غير الشرعي لهذا الحيوان في افريقيا لا يزال يسجل ارقاما عالية جدا وقد يؤدي الى عمليات اندثار محلية اذا استمر على الوتيرة الحالية. الوضع مقلق جدا خصوصا في وسط افريقيا حيث معدل الصيد غير الشرعي يزيد عن ضعف ما هو عليه في القارة".

ويقدر عدد الفيلة في افريقيا بنصف مليون حيوان الا ان 25 الفا منها وقع في شباك الصيادين غير الشرعيين في العام 2011 و22 الف في 2012. والارتفاع الكبير في الصيد غير الشرعي في السنوات الاخيرة عائد خصوصا الى الفقر وتساهل السلطات في الدول التي تتواجد فيها الفيلة فضلا عن طلب متزايد على العاج في الدول المستهلكة ولا سيما الصين وتايلاند على ما اوضحت الاطراف الثلاثة. واسفت الاطراف لكون "تجارة العاج غير الشرعية بلغت اعلى مستوى لها منذ ما لا يقل عن 16 عاما.

وقال منظمو المؤتمر اي الحكومة البوتسوانية والاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة ان ممثلي الدول ينبغ ان "يعتمدوا اجراءات للجم التجارة غير الشرعية والمحافظة على اعداد الفيلة عند مستوى قابل للاستقرار في كل ارجاء القارة الافريقية". ومن بين هذه الاجراءات تعزيز القوانين الوطنية لمكافحة الجريمة المرتبطة بالحيوانات البرية وتعزيز التعاون بين الدول المختلفة.

الى جانب ذلك عثرت سلطات الحفاظ على الحياة البرية في زيمبابوي على ما لا يقل عن مائة فيل نفقت جراء التسمم بمادة السيانور في الحديقة الوطنية للحيوانات. وقالت كارولين واشايا مويو المتحدثة باسم سلطات ادارة الحدائق الوطنية "عثر على عشرة فيلة نفقت بالسم " ليرتفع العدد الى مائة. وقد تم توقيف شخصين وضبط 14 قطعة عاج مصدرها الفيلة. وافادت السلطات ان حيوانات اخرى نفقت ايضا جراء التسمم، لكنها لم تدل بمعلومات حول نوعها.

واوقفت السلطات في وقت سابق12 شخصا، من بينهم ثلاثة حكم عليهم بالسجن خمسة عشر عاما الى جانب دفع غرامات بقيمة 600 الف دولار. وتمتد هذه الحديقة الوطنية في زيمبابوي على 14 الف كيلومتر مربع، يحرسها عدد قليل جدا من الحراس. ويقدر عدد الفيلة في زيمبابوي باكثر 120 الفا موزعة على الحدائق الوطنية في البلاد. وهذه الفيلة هي ضحية صيد غير شرعي تقوم به شبكات منظمة تهرب العاج الى دول شرق آسيا والشرق الاوسط.

من جانب اخر اظهرت بيانات لوزارة الشؤون البيئية في جنوب افريقيا إن قتل الصيادين لوحيد القرن بلغ مستوى قياسيا سنويا جديدا في بلد به تقريبا كل الاعداد من هذا الحيوان في افريقيا. واشارت البيانات إلى ان الصيادين قتلوا 704 من حيوانات وحيد القرن في جنوب افريقيا خلال هذا العام حتى نهاية سبتمبر ايلول بما يتجاوز الرقم القياسي السنوي الاجمالي لعام 2012 وهو 668 حيوانا. واذا استمرت وتيرة القتل على هذا النحو فإن اكثر من ألف حيوان من وحيد القرن ستلقى نفس المصير في عام 2014 بما سيجعل اعداد وحيد القرن على شفا تناقص قالت وزارة الشؤون البيئية إنه قد يؤدي إلى انقراضه في غضون عشر سنوات تقريبا. بحسب رويترز.

ويأتي اكبر تهديد لحيوانات وحيد القرن التي تقدر اعدادها بنحو 22 الف حيوان في جنوب أفريقيا من هؤلاء الذي يسعون إلى كسب المال بالسوق السوداء لقرون هذه الحيوان والتي تباع بأسعار اعلى من اسعار الذهب. وقال فونديسيلي مكيتني كبير مسؤولي التنوع البيولوجي في الوزارة "نريد ان يشعر الناس بالخزي لهذا. الحقيقة ان حيوانات وحيد القرن لدينا تقتل بسبب وجود سوق بالخارج. هناك اناس يأتون لسرقة ميراثنا."

اطنان من العاج

في السياق ذاته ضبطت سلطات الجمارك في كينيا اربعة اطنان من العاج كانت معبأة في شحنتين غير شرعيتين معدتين للتهريب خارج البلد، بحسب ما اعلنت السلطات، في مؤشر جديد على ارتفاع وتيرة صيد الفيلة في افريقيا الى حد ينذر بالخطر. وقالت فاطمة يوسف المسؤولة في سلطات الجمارك ان حمولة من العاج يبلغ وزنها 1900 كيلوغرام عثر عليها في مرفأ مومباسا على الساحل المطل على المحيط الهندي. وضبطت السلطات حمولة اخرى قوامها الفا كيلوغرام كانت متوجهة الى تركيا. وفي فييتنام، اعلنت سلطات الجمارك ضبط طنين من عاج الفيلة الافريقية كانت معدة للتهريب الى الصين.

على صعيد متصل ضبطت الشرطة التنزانية في زنجبار حاوية معبأة بأطنان عدة من أنياب الفيلة، كانت معدة للتصدير، بحسب ما اعلنت السلطات. وقال محمد مهنا المتحدث باسم الشرطة ان "الحاوية ضبطت وهي آتية من دار السلام" العاصمة الاقتصادية لتنزانيا. وابدى وزير السياحة والموارد الطبيعية خميس كاغاشيكي استياءه ودهشته قائلا "كيف يمكن نقل هذه الكمية من العاج الى زنجبار حتى يعاد تصديرها؟ هذا الامر غير مقبول وعلينا ان نجد حلا لهذه المشكلة".

وقال رئيس الشرطة في زنجبار موسى علي موسى ان اثنين من العاملين مع وكالة جمركية محلية قد اوقفا. ولم تحدد السلطات الوجهة التي كانت حمولة العاج معدة للتصدير اليها، ولا الكمية، الا ان افرادا من الشرطة كانوا في المكان قدروها بعدة اطنان، بينما تحدث التلفزيون الرسمي عن اكثر من طنين. واشارت وسائل الاعلام المحلية الى ان حمولة العاج هذه تعود لرجل صيني. وكانت السلطات اوقفت ثلاثة صينيين في دار السلام وبحوزتهم 706 انياب فيلة. بحسب فرانس برس.

وفي وقت سابق ضبطت السلطات في هذا المرفأ نفسه 1041 ناب فيل كانت متجهة الى ماليزيا. وعلى غرار سائر الدول الافريقية، تتزايد في تنزانيا وتيرة الصيد غير الشرعي للفيلة، مدفوعة بالطلب الاسيوي. واطلقت الحكومة التنزانية حملة ضد صيد الفيلة لاقت انتقادات بسبب تشريعها اطلاق النار على الصيادين غير الشرعيين. ويقدر رقم اعمال تجارة العاج في العالم بعشرة مليارات دولار سنويا.

الحياة البحرية

من جهة اخرى أعلنت حكومة هونغ كونغ أنها ستتوقف عن تقديم الأحسية المؤلفة من زعانف أسماك القرش وأسماك التونة الحمراء في المآدب الرسمية، في مسعى منها إلى تكون قدوة يحتذى بها في مجال مكافحة انقراض الأنواع المهددة. وقال الناطق باسم الحكومة خلال مؤتمر صحافي إن "حظر هذه الأطباق في الحفلات الرسمية يشكل خطوة أولى لتقديم النموذج الصالح وتوعية الجمهور في ما يخص التنمية المستدامة". وتابع أن "الحكومة مصممة على الاضطلاع بدور ريادي وان تشكل مثالا يحتذى به".

وتعد هونغ كونغ من أكبر أسواق زعانف أسماك القرش التي تقدم على شكل أحسية في المآدب المنظمة من قبل صينيين ميسورين وتلقى إقبالا كثيفا في آسيا. ولا تخضع تجارة زعانف القرش لأي رقابة في هونغ كونغ، ما عدا ثلاثة أنواع هي القرش المتشمس والقرش الأبيض الكبير والقرش الحوت. ويخضع الاتجار بهذه الأنواع الثلاثة لقيود بموجب اتفاقية الاتجار الدولي بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض التي وقعت عليها هونغ كونغ.

وكانت منظمة "بيو" غير الحكومية قد كشفت بأنه يتم كل سنة اصطياد أكثر من 70 مليون سمكة قرش لزعانفها وأن ثلث الأسماك المتواجدة في أعالي البحار هي على وشك الانقراض. وقد أشادت جمعيات الرفق بالحيوان بقرار السلطات الشيوعية الذي يحظر أيضا تقديم السجائر والمشروبات الكحولية الفاخرة خلال المآدب الرسمية.

في السياق ذاته جنحت ثمانية حيتان من نوع نادر جدا ونفقت اربعة منها على احد شواطئ كاليدونيا الجديدة (منطقة فرنسية ما وراء البحار) على ما افاد علماء. وظهرت المجموعة في خليج السوم في جنوب كاليدونيا الجديدة. و كان اثنان من الحيتان يبلغ طولهما ستة امتار تقريبا، لا يزالان على الشاطئ. ورغم محاولات فرق الاغاثة في المنطقة وجمعية "اوبيراسيون سيتاسيه" التي تعنى بالحوتيات لإعادة هذه. الحيوانات الى البحر، نفقت اربعة منها.

ويقول خبراء انها من نوع حيتان لونغمان بمنقار، النادر جدا الذي لم يسبق ان رصد في كالديونيا الجديدة ويتواجد عادة في المحيط الهندي-الهادئ. ويعيش هذا النوع من الحيتان الكبيرة الحجم والذي يتمتع بمقدم رأس طويل ودقيق، عادة في اعالي البحار في مياه يزيد عمقها عن الف متر. وقالت كلير غاريغ من الاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة والخبيرة بالحوتيات "وجودها هنا يعني انها مريضة او انها ضلت وجهتها. اننا ننتظر نتائج العينات التي اخذت من الحيتان النافقة لمعرفة المزيد". وتساءل سكان في المنطقة حول رابط محتمل بين جنوح هذه الحيتان وتصدع قناة تنقل نفايات مصنع كيميائي لمعالجة النيكل واقع في المنطقة، الى البحر. لكن غاريغ قالت "لا يمكننا الرد فعلا على هذا السؤال في الوقت الراهن".

من جهة اخرى قال فريق دولي من العلماء إن نوعا جديدا من الدلفين الاحدب شوهد يسبح قبالة ساحل شمال استراليا. وتتميز هذه الدلافين بحدبة خلف زعنفة الظهر مباشرة لكن العلماء وجدوا أن هذه العائلة من الثدييات البحرية تضم العديد من الأنواع المختلفة. وفي حين تم الاعتراف بدلفين المحيط الاطلسي الاحدب بوصفه نوعا جديدا فإن البحث الأحدث يقدم أفضل أدلة حتى الآن على أنه يجب تقسيم الدلفين الأحدب في المحيطين الهندي والهادي الى ثلاثة أنواع منها النوع الذي تعرف عليه العلماء حديثا. ونشرت هذه النتائج في دورية موليكيولار ايكولوجي Molecular Ecology. بحسب رويترز.

وقالت جمعية حماية الحياة البرية في بيان عن هذا الاكتشاف إن الباحثين فحصوا تاريخ تطور عائلة الدلافين من خلال دراسة ملامح الشكل والبيانات الوراثية. ويشير الباحثون الذين أعدوا الدراسة الى أن عائلة الدلفين الاحدب تضم أربعة أنواع على الاقل أحدها في المحيط الاطلسي والثاني في المحيط الهندي والثالث في شرق المحيط الهندي وغرب المحيط الهادي اما الرابع فهو الذي رصد قبالة شمال استراليا ولم ينتق الباحثون اسما علميا له حتى الان.

انقاذ اندر حيوانات

الى جانب ذلك وعلى درب غير معبد يطل على حقول الارز الخضراء في غرب اندونيسيا ترك وحيد القرن الاندر في العالم اثار حوافره في الوحل واثار قضماته على اوراق الشجر. هذه المخلفات هي اقصى ما يمكن ان يأمل به الناس الساعين الى القاء نظرة على وحيد قرن جاوا الذي هو موضع اجلال كبير في التقليد المحلي اذ يعتبر "الأب الاكبر" (أبا جيدي).

ويقدر عدد هذا النوع من الحيوانات بحوالى خمسين حيوانا فقط. وهي تعيش بغالبيتها في المنتزه الوطني في أوجونغ كولون المعروف بطبيعته الخلابة والذي يقع في الجزء الغربي من جزيرة جاوا الإندونيسية. ويأمل أنصار الحفاظ على الطبيعة أن تضع أول محمية لحيوانات وحيد القرن ستشيد في المنتزه خلال الأشهر المقبلة حدا لاندثار هذا الحيوان الذي كان منتشرا بالآلاف في جنوب شرق آسيا.

لكن وحيد قرن جاوا لم يسلم من الصيد غير الشرعي وتراجع مواطنه الطبيعية إثر نشاطات الإنسان، ما أدى إلى تدهور اعداده تدهورا شديدا، شأنه في ذلك شأن جميع أنواع حيوانات وحيد القرن في أنحاء العالم أجمع. وبات بحسب الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، "على آخر رمق". وستمتد المحمية الجديدة على 5100 هكتار من الغابات المطيرة الكثيفة ومجاري المياه العذبة والمستنقعات في هذا المنتزه المدرج في قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).

وبصورة عامة، كانت حيوانات وحيد القرن تعيش أصلا في موقع محدد من المنتزه، غير أن المحمية الجديدة وسعت نطاق المنطقة المخصصة لها بعد نقل المزارعين الذين كانوا يسكنوها بغية تفادي الصدامات بين الإنسان والحيوان قدر المستطاع. ويتم حاليا تشييد الجزء الاخير من المحمية وهو سياج كهربائي يرسم الحدود الفاصلة التي ينبغي على الحيوانات البقاء ضمن نطاقها وعلى البشر عدم تخطيها.

وقام المسؤولون عن المنتزه الذين يعدون موظفين حكوميين بزرع النبات الذي تأكله حيوانات وحيد القرن. وقال موه هيروني القيم على هذا المنتزه "نأمل أن يساعد هذا المنتزه على تسريع وتيرة تناسل الحيوانات". لكن اقامة المحمية التي تديرها الحكومة وتمولها جمعية "انترناشونال رينو فاونديشن" ومقرها في الولايات المتحدة، لم تكن بالامر السهل.

والخطر المحدق بوحيد قرن جاوا لا يقتصر فقط على الصيد غير الشرعي بل يتعداه الى ندرة الاطعمة المتوافرة له والمرض واحتمال وقوع كوارث طبيعية اذ ان الزلازل وانزلاقات التربة كثيرة في هذا البلد على ما يقول الصندوق العالمي للطبيعة فرع اندونيسيا. ورغم مجموعة التهديدات هذه يأمل المسؤولون عن الحياة البرية ان تشكل المحمية خطوة في الاتجاه الصحيح. وقد تشجع هؤلاء ايضا بالدعم الكبير من السكان المحليين.

فاي جهد لانقاذ "الاب الاكبر" مرحب به في منطقة تتواصل فيها معتقدات تعود الى عقود عدة وتتشابك مع الاسلام الذي يدين به معظم السكان. وقال سواهايا وهو مزارع في السابعة والستين "علينا ان نبذل كل ما في وسعنا للحؤول دون اندثار وحيد قرن جاوا. السكان المحليون يعتقدون ان ابا جيدييجب الا يغيب عن وجه الارض والا حلت الكارثة علينا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/كانون الثاني/2014 - 10/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م