صراع السلطة والاخوان.. ازمة ثقة مزمنة تقود مصر الى مستقبل غامض

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: وصفه الاخوان المسلمون بـ"انقلاب عسكري ضد الشرعية"، وردت الحكومة باعتبار الاخوان "منظمة إرهابية" وبادرت الى اعتقال قياداتها البارزة وتجميد أصولها المالية، واللجوء الى القوة في فض الاعتصامات الاخوانية، وعلت أصوات الطرفين بين مؤيد ومعارض، والنتيجة دخول مصر في ازمة سياسية جديدة لم تتضح فيها معالم للحل الامن الذي قد يخرجها من عنق الزجاجة.

يشير الكثير من المحللين والمتابعين للشأن المصري ان مسلسل الاحداث في مصر يعد نفس الخلاف التاريخي بين السلطة والاخوان لكن ربما بصورة أكثر خطورة وعنفاً، ويرجح الكثيرون الى ان الخلاف الحاصل بين الطرفين منشئة "ازمة ثقة مزمنة" لم يسعى فيها أي طرف لفهم الاخر واحتواء انعدام الثقة والخوف المتجذر بينهما، حيث اتهمت الحكومات التي توالت حكم مصر حركة الاخوان المسلمين فيها باستغلال الدين للوصول سياسيا إلى السلطة، وأنها منظمة إرهابية ولها تاريخ دامي من الاغتيالات التي وصلت الى مرحلة تصفية رئيس وزراء مصر "محمود فهمي النقراشي" عام 1948 بعد ان حل الجماعة واعتقل قياداتهم.

بالمقابل يشير الاخوان الى تعرضهم الى أقسى حملات الاقصاء والاعتقال والسجن والاعدام من قبل السلطة المصرية منذ بروزها على الساحة وحتى الوقت الحاضر، ولعل اغتيال مؤسس الحركة "حسن البنا" عام 1949 بمباركة البلاط الملكي، إضافة الى الحملات التي شنت ضدهم في عهد الرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك، وصولاً الى انهاء حكم الاخوان في مصر على يد الجيش بعد وصولهم الى السلطة واعتبارهم كمنظمة إرهابية يوضح هذا الامر.

بالتالي فان فشل الطرفين في احتواء الاخر واللجوء الى القوة في فرض الراي، لم يوحد المصريين ويرضي الأطراف المتنازعة، بل زاد من تعقيد الأمور وتداخلها لدرجة اوصلتها الى نهاية مسدودة بعد ان تمسك كل طرف بموقفة المتشدد.

فقد ذكرت صحيفة الإندبندنت في مقالة لروبرت فيسك بعنوان "بإعلان الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، الجنرال السيسي يتبع أسلوب ديكتاتوريات مصر السابقين"، ويستهل فيسك مقالته قائلا: لا أود أن أبدو مثيرا للمخاوف، ولكن هل سيقوم السيسي وزملاؤه من الجنرالات بإعدام الرئيس السابق محمد مرسي وزملائه؟، ويقول فيسك عندما يعلن في الشرق الأوسط أن منظمة أصبحت إرهابية، فأنت تأذن بوضع حبل المشنقة حول رقاب أعضائها.

ويضيف فيسك أنه الآن، وبعد أن تحولت العمليات الشبيهة بعمليات القاعدة في سيناء وانفجار سيارة ملغومة في القاهرة إلى مؤامرة "للإخوان"، يمكن للسيسي ورفاقه تصفية الحركة التي استمرت 85 عاما بأي وسيلة تحلو لهم.

ويقول إن ما يحدث في مصر يشابه انقضاض عبد الناصر على الإخوان إثر محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها عام 1954 على يد عضو في الجماعة، ويضيف أن السيسي سيخفق في محاولته تصفية الإخوان المسلمين، وأحد الأسباب المهمة في ذلك هو ما أدركه كل من عبد الناصر والسادات ومبارك، وهو أن الإخوان حركة فاسدة سياسيا وستقبل بالتفاوض مع النظام العسكري للعودة إلى المشروعية.

ويقول فيسك إن مرسى ذاته تفاوض مع مبارك بينما كان بلطجية نظام مبارك يطلقون النار على المتظاهرين في ميدان التحرير، وقام مرسي بتعيين السيسي وزيرا للدفاع، ويرى فيسك أن من سيتخلص منهم هم ذوو المكانة المحدودة، أشخاص مثل باسم محسن الذي تظاهر في التحرير ضد مبارك، ودفع حياته متأثرا بجراحه في مظاهرات مناهضة للحكومة في مدينته السويس.

ويضيف فيسك أنه في المستقبل سيصبح أي مؤيد للإخوان "إرهابيا" يجدر قتله، وكان هذا نفس أسلوب السادات في التعامل مع أعدائه الإسلاميين، وهو أيضا نفس الأسلوب الذي اتبعه عبد الناصر.

ويتساءل فيسك: إذن ماذا يريد السيسي، الذي كان عمه عضوا في الإخوان المسلمين منذ نصف قرن، من مرسي؟ وماذا عن الطبقة المتوسطة الليبرالية، والشباب والعمال، والإسلاميين، والفقراء والمثقفين الذين تظاهروا لإسقاط نظام مبارك؟

ويقول إن الكثيرين صفقوا للسيسي للقضاء على الإخوان ولتخليص مصر من "قمع" الإخوان، ويختتم فيسك مقالته متسائلا: هل يجب على مصر العودة إلى حقبة عبد الناصر والسادات ومبارك؟

الاخوان والقائمة السوداء

في سيق متصل وبعد عام واحد في السلطة، مرت جماعة الاخوان المسلمين بأصعب مرحلة منذ تأسيسها عام 1928 فبعد عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي اليها ثم وضع الاف من اعضائها في السجون، واتخذت الحكومة المصرية قرارا غير مسبوق باعتبارها "تنظيما ارهابيا".

وتمكنت الجماعة التي كانت حركة المعارضة الاكثر تنظيما على مدى عقود حكم حسني مبارك الثلاثة، من الصعود الى قمة السلطة بعد ثورة شعبية بلا قيادة أطلقها مجموعات من الشباب، الا انه بعد سنة واحدة امضاها مرسي في قصر الرئاسة، نزلت ملايين الى الشوارع في الثلاثين من يونيو/حزيران الماضي تطالب برحيله وتدعو الجيش للتدخل بعد اتهامات وجهت اليه والى جماعته بالهيمنة على مفاصل الدولة وبالسعي الى اسلمة المجتمع.

وكانت المؤسسة العسكرية، التي ساورتها شكوك كثيرة تجاه الجماعة، جاهزة للاستجابة لهذا المطلب وأعلن الجيش عزل مرسي في الثالث من تموز/يوليو الماضي، ورفضت الجماعة قرار الجيش وتحدته ونظمت اعتصامين في القاهرة للمطالبة "بعودة الرئيس الشرعي" الا ان قوات الجيش والشرطة فضت الاعتصامين بالقوة في 14 اب/اغسطس الماضي، ومنذ فض هذين الاعتصامين قتل قرابة ألف من أنصار مرسي وتم توقيف عدة الاف اخرين من بينهم كل قيادات الجماعة الموجودة في مصر.

وجماعة الاخوان هي أقدم حركة اسلامية عالمية سنية وتقدم نفسها على انها جماعة إصلاحية تفهم الإسلام فهما شاملا وتتمحور عقيدتها حول "التوحيد" ودمج الدين بالدولة، تأسست الجماعة على يد حسن البنا عام 1928 وتم حظرها رسميا عام 1954 الا ان السلطات كانت تتغاضى عن نشاطها السياسي في عهد مبارك رغم تعرض الكثير من اعضائها للاعتقال من وقت الى اخر. بحسب فرانس برس.

وينشط الاخوان المسلمون في المساجد حيث يقدمون المساعدة للفقراء وكذلك في الجامعات والنقابات المهنية، وخلال تاريخهم، تأرجح الاخوان المسلمون بين المعارضة العنيفة للسلطة وبين التعاون، من خلال المناداة بدولة اسلامية مع ضمان احترام اللعبة الديموقراطية، ففي اربعينات القرن العشرين، قام الاخوان المسلمون بأعمال عنف دامية، وخصوصا اغتيال رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي في 1948 والقاضي احمد الخازندار في العام نفسه، وقد ادى ذلك الى تعرض اعضاء الجماعة لقمع شديد.

وبعد ذلك وجه لهم جمال عبد الناصر ضربات موجعة بين 1954 و1970، أثر تعرضه لمحاولة اغتيال نسبت الى الجماعة، واعتقل يومها الالاف من الاخوان، وفي 1971، أفرج انور السادات الذي خلف عبد الناصر، عن المعتقلين من الاخوان المسلمين وأعلن عفوا عاما عن الجماعة قبل ان ينتهج حسني مبارك سياسة الاحتواء تجاههم التي اتاحت لهم بعض حرية الحركة مع توجيه ضربات "إجهاضيه" لهم من حين لآخر.

مصادرة أصول الإخوان

من جهتها أمرت الحكومة المصرية الانتقالية بمصادرة أصول أكثر من 500 عضو في تنظيم الإخوان المسلمين وإسلاميين آخرين بمن فيهم أصول الرئيس المصري المعزول كجزء من حملة أمنية مشددة ضد الجماعة، حسب مسؤولين كبار في جهاز القضاء والأمن.

وقال ناطق باسم وزارة العدل المصرية، عبد العظيم العشري، إن لجنة وزارية مكلفة بجرد أصول إسلاميين "صادرت الممتلكات المنقولة وغير المنقولة الخاصة ب 527 من أعضاء الإخوان المسلمين".

وقال مسؤول آخر في وزارة العدل إن من ضمن الذين صودرت ممتلكاتهم الرئيس المعزول، محمد مرسي وأسرته، إضافة إلى مسؤولي الإخوان في المحافظات المصرية وأعضاء في مكتب الإرشاد وهو الهيئة التنفيذية للجماعة.

وقال مسؤول أمني إن القائمة شملت عضوات في تنظيم الإخوان المسلمين مثل عزة الجرف وزوجة القيادي الإخواني خيرت الشاطر وابنته، وأضاف المسؤول أن القائمة شملت أيضا زعماء إسلاميين آخرين مثل عاصم عبد الماجد، زعيم الجماعة الإسلامية، التي كانت قد شنت تمردا مسلحا ضد الحكومة المصرية في التسعينيات من القرن العشرين ضد نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، وأضاف المسؤول أن القائمة شملت الحالات التي اتهم أصحابها بالتحريض على العنف أو يخضعون للتحقيق أو يمكن أن يخضعوا للتحقيق مستقبلا.

وكان قرار قضائي سمح للحكومة بتشكيل لجنة جرد بممتلكات الجماعة ومواردها المالية ومصادرتها، وكانت الحكومة المصرية التي يدعمها الجيش أعلنت جماعة الإخوان المسلمين تنظيما "إرهابيا"، لكن الجماعة تنفي الضلوع في أعمال الإرهاب.

ومن جهة أخرى، اعتقلت السلطات المصرية ابن القيادي الإخواني محمد البلتاجي المعتقل وذلك بتهمة التحريض على العنف، حسب وزارة الداخلية، واعتقل أنس البلتاجي برفقة اثنين آخرين في شقة بمدينة نصر بالقاهرة، وأضاف بيان وزارة الداخلية أن السلطات حجزت خرطوشا كان بحوزتهم وذخيرة.

وشنت السلطات المصرية حملة اعتقالات موسعة شملت قادة الإخوان بمن فيهم مرسي وتقديمهم للمحاكمة بتهمة التحريض على الإرهاب والعنف، وقد قتل مئات من مؤيدي مرسي، وكانت الولايات المتحدة أعلنت عن قلقها بسبب تصنيف الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.

فقد قال مسؤول امريكي ان إدارة الرئيس باراك اوباما لا تدرس أو حتى تناقش احتمال ان تصنف الحكومة الامريكية جماعة الاخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، واضاف ان الادارة الامريكية تعتقد ان الحكومة المصرية تذهب الي "مدى بعيد جدا" في حملتها الحالية على الاخوان المسلمين ومؤيديهم.

لكن المسؤول الامريكي قال انه على الرغم من تحفظات ادارة اوباما على اجراءات الحكومة المصرية إلا انها لا تخطط لاتخاذ أي اجراء ضد مصر او السلطات المصرية ردا على تلك الحملة. بحسب رويترز.

وكان المسؤول يتحدث بعد ان صعدت مصر الضغوط على جماعة الاخوان المسلمين باعتقال عشرات من أنصارها للاشتباه في انتمائهم الى منظمة إرهابية، وأدانت جماعة الاخوان المسلمين الهجوم الذي أعلنت جماعة اسلامية متشددة معروفة باسم أنصار بيت المقدس المسؤولية عنه.

كما عبر وزير الخارجية الاميركي جون كيري في اتصال هاتفي مع نظيره المصري نبيل فهمي عن قلقه من تعزيز الملاحقات ضد الاخوان المسلمين في مصر بعد اعلان الحكومة هذه لجماعة "منظمة ارهابية".

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جنيفر بساكي في بيان ان كيري دان في الاتصال الهاتفي مع نظيره المصري الهجوم الانتحاري الذي وقع في المنصورة والتفجير الذي استهدف حافلة في القاهرة، واضافت ان "وزير الخارجية عبر عن قلقه ازاء القرار الصادر في 25 كانون الاول/ديسمبر من جانب الحكومة الانتقالية المصرية باعتبار الاخوان المسلمين تنظيما ارهابيا وحملات الاعتقال والتوقيف الاخيرة".

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية ان كيري وفهمي وخلال الاتصال الهاتفي "اتفقا على انه لا مكان للعنف في مصر وان الشعب المصري يستحق السلام والطمأنينة"، لكن كيري "شدد ايضا على الحاجة الملحة لعملية سياسية شاملة لكل الاطراف السياسية وتحترم حقوق الانسان الأساسية لكل المصريين من اجل تحقيق الاستقرار السياسي والتغيير الديموقراطي".

من جهة اخرى، قالت بساكي ان كيري أكد "ضرورة مراجعة الاحكام" الصادرة ضد ناشطين في منظمات غير حكومية، في اشارة الى احكام بالسجن لمدد تتراوح بين سنة وخمس سنوات، صدرت في حزيران/يونيو الماضي على 43 من المصريين والاجانب العاملين في منظمات غير حكومية.

سرقة الثورة

من جهة أخرى رفضت جماعة الاخوان المسلمين تصريحات وزير الخارجية الاميركي جون كيري التي اتهم فيها الجماعة بسرقة ثورة 25 كانون الثاني/يناير في مصر واعتبرت انه "يلوي عنق الحقيقة"، وفي بيان قال الامين العام لجماعة الاخوان المسلمين محمود حسين المقيم حاليا في قطر وفق تقارير صحفية مصرية، ان تصريح جون كيري "يلوي عنق الحقيقة ويتغافل حقائق الأحداث المسجلة ليس عن طريق الإخوان وحدهم وإنما عن طريق خصومهم كذلك"، واضاف ان الليبراليين المصريين "اجمعوا انه لولا بسالة الاخوان وصمودهم يوم موقعة الجمل لفشلت الثورة" في اشارة الى هجوم شنه في الثاني من شباط/فبراير 2011 أنصار الرئيس السابق حسني مبارك الذين كانوا يمتطون جمالا على المتظاهرين في ميدان التحرير ما ادى الى اشتباكات عنيفة انتهت بانسحاب أنصار مبارك.

واتهم كيري الاخوان المسلمين بـ"سرقة" الثورة في مصر مؤكدا ان "فتيان ميدان التحرير لم يتحركوا بدافع من اي دين او ايديولوجية"، وقال "كانوا يريدون ان يدرسوا وان يعملوا وان يكون لهم مستقبل لا حكومة فاسدة تمنع عنهم كل ذلك"، وتابع "لقد تواصلوا عبر تويتر وفيسبوك وهذا ما أنتج الثورة، الا ان هذه الثورة سرقت من قبل كيان كان الاكثر تنظيما في البلاد: الجماعة" في اشارة الى الاخوان المسلمين، واضاف محمود حسين ان "الإخوان لم يصلوا لمجلس الشعب أو الشورى أو الرئاسة الا بانتخابات نزيهة أشرف عليها المجلس العسكري وكان أحد شهودها السيد جيمي كارتر الرئيس الأسبق لأمريكا".

واعتبر القيادي في جماعة الاخوان انه كان من الاولي ان "تصحح الادارة الاميركية من أخطاء موقفها وتلتزم بمقتضيات ما تعلنه من دعمها للديموقراطية والحرية والتي تثبت الأحداث دائما أنها ترعى فقط هذه المبادئ في أمريكا أما في بلادنا فهي أكبر داعم للديكتاتورية وقمع الحريات"، واتهم محمود حسين الادارة الاميركي بانها "شاركت ودعمت الانقلاب العسكري"، في اشارة الى اطاحة الرئيس المنتمي للجماعة محمد مرسي من قبل الجيش في الثالث من تموز/يوليو الماضي. بحسب رويترز.

وكان الجيش قرر عزل مرسي بعد تظاهرات شارك فيها ملايين وطالبت برحيل محمد مرسي، وتقوم السلطات المصرية بحملة امنية ضد أنصار مرسي خاصة بعد فض اعتصامات الاسلاميين بالقوة في 14 اب/اغسطس الماضي، ومنذ ذلك الحين، قتل نحو 1000 شخص معظمهم من الاسلاميين واعتقل نحو 2000 على راسهم قيادات الصف الاول في جماعة الاخوان المسلمين.

الدعوة الى الحوار

الى ذلك وفي خطوة تعد الاكثر مرونة وانفتاحا منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي قبل اربعة أشهر عرض التحالف الاسلامي الذي تقوده جماعة الاخوان المسلمين اجراء مفاوضات لإخراج البلاد من الازمة التي اعقبت عزل الرئيس الاسلامي.

فقد دعا "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" المؤيد لمرسي في بيان "جميع القوى الثورية والاحزاب السياسية والشخصيات الوطنية للدخول في حوار عميق حول كيفية الخروج من الازمة الراهنة".

واكد التحالف الذي ينظم تظاهرات اسبوعية، رغم اعتقال الكثير من القيادات الاسلامية، ان "المعارضة السلمية هي السبيل الوحيد لإنهاء الانقلاب وعودة المسار الديموقراطي"، واضاف "رغم دعم التحالف لثورة الشعب إلا أنه لا يرفض أية جهود جادة ومخلصة تستهدف حوارا سياسيا جادا للخروج بمصر من أزمتها وفقا للقيم الحاكمة السابقة ومن خلال التوافق لتحقيق الصالح العام للبلاد".

وقال امام يوسف المسؤول في حزب الاصالة السلفي المنتمي الى التحالف الاسلامي "ليس لدينا شروط ويجب الا تكون لديهم شروط ايضا"، لكنه اضاف ان المحادثات يجب ان تؤدي الى حل "ديموقراطي" وان التحالف يريدها ان تبدأ في قريباً.

وقال ان التحالف مستعد لبحث "كل الحلول التي تؤدي الى الاستقرار"، وتابع يوسف ان الاسلاميين مستعدون لاحترام مطالب ملايين المتظاهرين الذين نزلوا الى الشوارع للمطالبة بعزل مرسي، وقال "نريد حلا ديموقراطيا وهذا لا يعني بالضرورة انه يجب ان نكون في السلطة"، وردا على سؤال إذا ما كان التحالف سيصر على عودة مرسي، قال يوسف "لا نريد ان نستبق الاحداث".

الى ذلك، عرض بيان التحالف شروطا للدخول في حوار تشمل "وقف الاعتقالات والتلفيقات الامنية والافراج عن المعتقلين بعد 30 يونيو 2013 وعودة بث القنوات الفضائية المغلقة"، في المقابل، وخلافا للاقتراحات السابقة التي كانت كلها تشدد على عودة مرسي الى السلطة كشرط مسبق لأية مفاوضات، لم يشر البيان بشكل واضح الى هذه النقطة، فقد طالب التحالف بـ"عودة الشرعية الدستورية والمسار الديموقراطي بمشاركة الاطراف السياسية كافة ودون احتكار من أي طرف ودون إقصاء لأي طرف"، وقد سبق ان قال مسؤولون في الاخوان، بشكل غير معلن، انهم ربما يوافقون على مخرج "دستوري" لمرسي مثل قيامه بتقديم استقالته.

في المقابل، تصر الحكومة الانتقالية على ان يوافق الاسلاميون بشكل غير مشروط على خارطة الطريق التي أعلنها الجيش عقب عزل مرسي وتتضمن مواعيد انتخابية جديدة، وفي الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، أصر مرسي على كونه "الرئيس الشرعي" للبلاد من قفص الاتهام حيث يحاكم بتهمة التحريض على العنف في احداث قتل فيها معارضون له امام قصر الاتحادية الرئاسي ابان حكمه، ولم تصدر حتى الان تعليقات من القوى السياسية في مصر على بيان التحالف، ومنذ الاطاحة بمرسى في الثالث من تموز/يوليو الفائت، فشلت جميع الجهود الدولية والمحلية في التوفيق بين جماعة الاخوان والسلطة الحالية.

ولم تثمر زيارات عدة قامت بها وزيرة خارجية الاتحاد الاوربي كاثرين اشتون وغيرها من المسؤولين الدوليين في التوصل لاتفاق ينهي الازمة السياسية في البلاد او يوقف نزيف الدماء.

وفي ايلول/سبتمبر الفائت، اصدرت محكمة مصرية حكما بحظر أنشطة جماعة الإخوان وأي مؤسسة متفرعة منها والتحفظ على أموالها، ومنذ الاطاحة بمرسى، اصبحت معظم مقار الحزب الذي تأسس في ايار/مايو 2011 مهجورة في جميع انحاء البلاد، ويحاكم عدد كبير من قادة جماعة الاخوان، بينهم مرسي نفسه، بتهم تتعلق بالتحريض على القتل والعنف في الاحداث التي تلت عزله الثالث من تموز/يوليو.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/كانون الثاني/2014 - 10/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م