قناة الجزيرة... فضائح كبرى تكشف حقيقة الإعلام الازدواجي

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: الحدث يعتمد على الناقل، والأخير يعتمد على صدقه، وكلاهما امر نسبي، وقد برزت إشكالية نقل الحدث ودرجة الصدق والأمانة فيه لدى الاعلام الحديث ووسائله المختلفة.

ان التعاطي مع المعلومة يتبع لمؤثرات عديدة قد تخضع لها الجهة الإعلامية الناقلة لتلك المعلومة، وهي بالأساس تحاول إيصالها رسائل معينة بطريقتها الخاصة من اجل الدفع باتجاه معين يخدم مصالح بذاتها لكسب اهداف محددة.

مع تنامي ثورة الانترنت وانتشار الفضائيات ووسائل الاعلام التي شملت الوطن العربي، ظهرت قناة الجزيرة عام 1996 في قطر بمنحة مالية (150 مليون دولار) من اميرها السابق حمد بن خليفة وحظيت باهتمام جماهيري عربي كبير، بعدها تدرج الاهتمام بها نحو العالمية والشهرة بعد ان غطت احداث الحرب في افغانستان أثر الاجتياح الأمريكي لها عام 2001 بعد احداث 11/سبتمبر، وقد اثار انفرادها بنقل اخبار القاعدة وعملياتهم وتصريحات قادتها وخطب زعيمها المقتول "أسامة بن لادن" الكثير من الفضول والحيرة.

وقد توالت الاحداث "المثيرة للجدل" والاتهامات التي طالت القناة والعاملين فيها بعد ان اتهمت بعدم المهنية والمصداقية في نقل الاحداث وتفاصيلها، إضافة الى الكثير من البرامج والأفلام الوثائقية التي جانبت الحقيقية وولدت غضب جماهيري واسع كما أشار الكثير من الإعلاميين والمتابعين.

ففي فلسطين أغلقت السلطة مكتب القناة عام 2009 بعد ان أعلنت في بيان لوزارة الاعلام ان تغطية المحطة "غير متوازنة"، وتهمتها بالتحريض ضد منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية.

وفي عام 2010 تم اغلاق مكتب الجزيرة في دولة الكويت على خلفية تغطية احداث ديوانيه الحربش، إضافة الى العراق والبحرين واليمن والصومال.

اما في الولايات المتحدة شجب مسؤولون أمريكيون الجزيرة واعتبروها معادية للولايات المتحدة، وتحرض على العنف، وهذا الرأي تردد على نطاق واسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة ووسائل الإعلام والسكان.

كذلك في اسبانيا أعتقل مراسلها تيسير علوني في 5 سبتمبر 2003، بتهمة تقديم دعم لأعضاء في تنظيم القاعدة.  

وأعتقل مصور قناة الجزيرة السوداني سامي الحاج أثناء عبوره إلى أفغانستان عام 2001 لغاية 2008، ووصف بانه "مقاتل عدو" في معسكر دلتا في خليج غوانتانامو.

وتوالت الفضائح على قناة الجزيرة الفضائية القطرية، بعد ان انفردت صحيفة ديلي تلغراف بنشر تقرير يتهم قطر بمحاولة المراوغة والتأثير على "التحقيق المستقل" بأوضاع العمالة المهاجرة فيها، ويكشف تقرير الصحيفة عن أن شركة القانون العالمية التي كلفتها الحكومة القطرية بإجراء "مراجعة مستقلة" في مزاعم وجود أشكال من العبودية الحديثة في التعامل مع العمالة المهاجرة في بناء منشآت كأس العالم فيها، قد تلقت أموالا من شبكة تلفزيون الجزيرة التابعة لقطر.

ويوضح التقرير أن شركة "دي أل أيه بيبر" تلقت مبلغ أكثر من 300 ألف دولار من قناة الجزيرة في أمريكا لكسب تأييدها في سياق تشكيل لوبي ضغط لمصلحتها، حسب مسؤول أمريكي، ويرى التقرير أن ذلك يثير الكثير من الأسئلة عن قدرة الشركة على القيام بتحقيق غير منحاز في المزاعم التي طالت قطر بشأن منشآت كأس العالم 2022.

وقد واجهت قطر هذه المزاعم إثر نشر صحيفة الغارديان البريطانية تحقيقا كشف عن أن العمال النيباليين العاملين في قطر يموتون بمعدل شخص واحد كل يوم، لأنهم يكدحون في العمل تحت درجات حرارة عالية جدا في مشروعات البنى التحتية لمنشآت كأس العالم.

وتتناول صحيفة الغارديان الموضوع ذاته عبر نقل تصريحات لأرسين فينغر مدرب نادي أرسنال الإنجليزي يدعو فيها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إلى التدخل في موضوع حقوق العمالة الأجنبية في قطر.

من جهته أصدر قاض في ولاية ديلاوير الأمريكية حكما يلزم قناة الجزيرة بالكشف عن تفاصيل دعواها المقامة على شركة الاتصالات الأمريكية ايه تي آند تي في غضون خمسة أيام عمل مؤيدا بذلك المؤسسات الإعلامية التي اعترضت على سرية القضية، وينبغ الخلاف من رفض شركة ايه.تي آند تي نقل بث الشبكة الإخبارية الأمريكية التي أنشأتها الجزيرة القطرية في أغسطس آب.

وسعى الجانبان إلى الحفاظ على سرية جميع المعلومات المتعلقة بالعقد المبرم بينهما والذي قالت الجزيرة إن شركة الاتصالات خرقته وفسخته دون وجه حق، وقال الطرفان إن الإعلان عن هذه المعلومات سيؤثر سلبا على مفاوضاتهما مع قنوات أخرى وشركات أخرى للتوزيع عن طريق الكابل. بحسب رويترز.

وأثارت السرية الشديدة المحيطة بالدعوى القضائية اعتراضات من مؤسسات إعلامية من بينها أسوشيتد برس وبلومبرج نيوز وداو جونز التي تنشر صحيفة وول ستريت جورنال، وقال سام جلاسكوك القاضي الذي ينظر القضية إنه وجد أن قناة الجزيرة وشركة ايه تي آند تي لم تقدما "سببا وجيها" للإبقاء على تفاصيل القضية طي السرية، غير إنه قال إن الطرفين يمكنهما التقدم بطلب استئناف إلى المحكمة العليا في ديلاوير للحفاظ على سرية القضية.

وقال مارتي ريشتر المتحدث باسم إيه تي آند تي في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني إن الشركة لا تعتزم الاستئناف، وأضاف "المسألة المهمة بالنسبة لنا هي أن الجزيرة انتهكت اتفاقنا ونحن نتطلع الى تقديم الدليل على ذلك للمحكمة".

جماعة ارهابية

في سياق متصل اتهم النائب العام المصري في بيان مدير قناة الجزيرة الناطقة باللغة الانكليزية في القاهرة محمد عادل فهمي بالانتماء الى "الجماعة الارهابية" في تلميح الى جماعة الاخوان المسلمين التي اعلنتها السلطات المصرية تنظيما ارهابيا.

وجاء في بيان صادر عن النائب العام المصري المستشار هشام بركات ان "المتهم زعيم الشبكة الاعلامية المنتمي للجماعة الارهابية مصري يحمل الجنسية الكندية استأجر جناحين بفندق ماريوت لاستخدامهما كمركز أعلامي لتجميع المواد الاعلامية المصورة والتلاعب فيها واجراء عمل مونتاج واصطناع مشاهد جديدة على خلاف الواقع والحقيقة لإعادة بثها عبر قناة الجزيرة والسي ان ان بهدف تشويه صورة مصر بالخارج والاضرار بمركزها السياسي وايهام الراي العام الأجنبي ان تلك المشاهد حقيقية".

وكان النائب العام قرر في وقت سابق حبس ثلاثة صحافيين من قناة الجزيرة على ذمة التحقيقات لاتهامهم بالعمل بالمخالفة للقانون المصري، بحسب مصدر قضائي.

وقالت شبكة الجزيرة ان الصحافيين الموقوفين هم رئيس مكتب القناة الناطقة بالإنكليزية في القاهرة محمد عادل فهمي الذي يحمل الجنسيتين المصرية والكندية والمراسل الاسترالي بيتر غريست والمعد باهر محمد، وأطلق سراح المصور التلفزيوني محمد فوزي بعد ان ألقى القبض عليه.

وجاء ايضا في بيان المستشار هشام بركات ان "المتهمين الذين عرفوا بـ"خلية الماريوت" اتخذوا من فندق ماريوت بالزمالك، مقرا لعقد اجتماعات لتنظيم مظاهرات الجماعة الإرهابية وبثها" في اشارة الى جماعة الاخوان.

اوضح ان "قناة الجزيرة القطرية، مولت أعضاء "خلية ماريوت" من خلال أسترالي وإنكليزية مقابل 200 دولار يوميا، لإعداد تقارير تهدف إلى الإساءة لسمعة مصر"، واشار البيان الى ان قوات الامن ضبطت مع هذه الخلية "عددا من الكاميرات والميكروفونات واجهزة المونتاج والحواسب الالية والبث المباشر كما ضبطت معهم "مبالغ مالية بعملات اجنبية ومحلية واوراق تنظيمية تحتوي على عناوين وبيانات مكتوبة بخط اليد".

وجاء توقيف صحافيي الجزيرة في ظل حملة امنية واسعة النطاق على جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها الرئيس المعزول محمد مرسي والتي اعلنتها الحكومة المصرية "تنظيما ارهابيا"، وادانت قناة الجزيرة هذا القرار وقال مديرها العام "من العار ان يعامل صحافيون جادون بهذه الطريقة". بحسب فرانس برس.

واضاف ان "المزاعم المقدمة لا اساس لها على الاطلاق، نحن نعمل بصورة قانونية في مصر" وان "لكل من هؤلاء خبرة كبيرة ويمارسون العمل الصحافي بمهنية عالية ونزاهة"، وغريست صحافي سابق في البي بي سي حصل في 2011 على جائزة بيبادي عن فيلم وثائقي عن الصومال.

اما فهمي الذي عمل للسي ان ان فهو صحافي معروف في القاهرة وليس له علاقات معروفة بجماعة الاخوان المسلمين، وقالت لجنة حماية الصحافيين ان مصر تحتل المرتبة الثالثة بعد سوريا والعراق، بين الدول الاكثر خطورة على الصحافيين، واضافت انها احصت منذ 1992 مقتل عشرة صحافيين في مصر "بينهم تسعة منذ بدء التظاهرات المعارضة للحكومة" مطلع 2011.

وأمر النائب العام المصري بحبس الصحفيين بقناة الجزيرة القطرية لمدة 15 يوما "لقيامهم باصطناع مشاهد مصورة وبثها على خلاف حقيقتها لتشويه صورة البلاد وسمعتها، وكانت قطر داعما ماليا قويا لحكم الاخوان المسلمين وتدهورت علاقتها مع القاهرة في الاشهر القليلة الماضية حيث تعارض بشدة عزل الجيش لمرسي وقمع جماعته الذي أعقب ذلك، وتتهم مصر قطر والجزيرة بدعم جماعة الاخوان التي أعلنتها الحكومة المصرية منظمة ارهابية في 25 ديسمبر كانون الاول واعتقل آلاف من أعضائها.

وجاء في بيان النائب العام ان الصحفيين ينتمون الى "شبكة إعلامية يتزعمها عضو بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين" لكن لم يحدد عدد من تم اعتقالهم، وقالت الهيئة العامة للاستعلامات بمصر انها لا تستهدف "ممثلي وسائل الإعلام الدولية العاملة فى مصر"، واضافت ان "من تم القبض عليهم ليسوا من بين مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية المعتمدين لدى الهيئة".

الاتجاه المعاكس

من جهتها منعت قوات كبيرة من الشرطة الفلسطينية للمرة الثانية خلال خمسة ايام، عشرات الفلسطينيين الغاضبين من اقتحام مقر قناة الجزيرة الفضائية القطرية في رام الله، وحمل شبان غاضبون مشاعل بغرض حرق المقر لكن الشرطة الفلسطينية حالت دون وصولهم الى مقر القناة الذي يقع في الطابق الخامس من بناية كبيرة وسط مدينة رام الله.

وقاد التظاهرة ضد قناة الجزيرة الحراك الشبابي التابع لحركة فتح احتجاجا على ما ورد على لسان كاتب فلسطيني يعيش في لندن خلال برنامج "الاتجاه المعاكس" الذي بثته قناة الجزيرة، ووصف الكاتب ابراهيم حمامي الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات

بـ"الخائن" خلال البرنامج.

وقال الحراك الشبابي الذي دعا الى الاحتجاج، في بيان ان "صمت المذيع في قناة الجزيرة خلال برنامج الاتجاه المعاكس على كل الاساءات التي وردت على لسان ابراهيم حمامي هو اقرار ضمني بنهج قناة الجزيرة". بحسب فرانس برس.

واضاف "كان بإمكان مذيع البرنامج وحسب الاصول ان يتدخل موضحا ان رأي ضيفه كان رايا شخصيا وان القناة لا تتبنى هذا الرأي"، وكان شاب أمهل عبر مكبر للصوت خلال تظاهرة مماثلة ادارة الجزيرة ثلاثة ايام للاعتذار عما ورد في البرنامج.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/كانون الثاني/2014 - 5/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م