عام 2014 ثقافة النهضة ونهضة الثقافة

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: البدايات الجديدة غالبا ما تشكل حافزا مضافا، يحثّ الانسان على الشروع بعملية النهوض والتغيير، وها نحن ندشّن سنة جديدة 2014، وعاما يشرق بالآمال والتطلعات، نحو بناء الدولة المدنية والمجتمع الواعي المتقدم، وحتما سوف يقفز الدور الثقافي ليكون في المقدمة، ونعني بذلك أهمية الثقافة ودورها الاساسي، في بدء مشروع النهضة الحقيقية، وحث الناس جميعا للشروع في بدايات جديدة، تستند الى الخبرة والطموح، نحو الامثل والنموذجي دائما.

ما هو دور الثقافة لتحقيق النهضة؟ وما هو دور المثقف، وما هي الخطوات والآليات التي سيتم إتّباعها، من اجل الشروع والاستمرار في عملية نهضوية جوهرية، لا مرحلية، تهدف الى إحداث التغييرات المطلوبة في البناء المجتمعي، ومناهج وانماط السلوك والتفكير التي أكل الدهر عليها وشرب، ماذا ستفعل الثقافة، وكيف سيتحرك وينشط المثقف، لكي يحرك بركة السكون واللاتغيير التي تحيط بالمجتمع؟، وكيف يستنهض قدرات وإمكانيات الافراد والجماعات والمواهب الكامنة؟، الطموحات في هذا المجال كبيرة، والتطلعات لا حدود لها، لكننا نحتاج الى التخطيط السليم والتنفيذ الدقيق، نحتاج الى عقول مثقفة تخطط للنهوض بالانسان، وتغير منهج السلوك، وتضفي على الروح والقلب والارادة، ما يجعلها اكثر قدرة على المضيّ قُدُما في مشروع التجديد، والنهضة الثقافية التي تقود الى نهضة مجتمعية، لا مجال للتخلي عنها أو إهمالها، لأنها سبيلنا لمواكبة العصر واللحاق بالركب المتطور.

أسئلة كثيرة وجوهرية تُطرح في هذا الميدان الواسع، ونعني به حركة النهضة الثقافية، وقدرتها على التأثير الحقيقي، والواسع في قطاعات وشرائح واسعة من الشعب، كي يتحرك بإيمان وقوة وإرادة واعية، لتحقيق النهضة المجتمعية التي تقود بدورها، الى بناء دولة متحضرة نسعى لبنائها، خدمة لأنفسنا، لأولادنا، لحاضرنا ومستقبلنا.

لذا نتساءل ما هو دور الثقافة في تحقيق النهضة المطلوبة؟، وأي نوع من المثقفين نحتاج للنهوض بالمجتمع، خاصة أننا نجد في دخولنا هذه السنة الجديدة، مبررا كافيا وحافزا جديدا ومؤثرا، للشروع في عملية نهضوية متميزة، قائمة ومبنية على أسس التقدم الصحيحة، المتوازنة المستقاة من الواقع والمواصفات والقدرات الواقعية للمجتمع.

إن الثقافة القادرة على تحقيق هذا الهدف الاسمى، ونعني به تحقيق النهضة الثقافية التي تفضي الى بناء دولة مدنية ومجتمع متقدم في آن واحد، هي ثقافة الجوهر والارادة الصلبة، ثقافة الايمان بالتجديد والتغيير الذي يواكب مستجدات العصر، ثقافة التلاقح والانفتاح الواثق الذي يحافظ على الهوية الذاتية للمجتمع والدولة، وفي الوقت نفسه ثقافة لا تسعى الى الانغلاق، ولا تخشى الثقافات الاخرى، لذا هي ثقافة الجوهر وليس الشكل، نحن لسنا بحاجة الى ثقافة شكلية، تجهد نفسها من اجل التزويق البرّاق للشكل الخارجي، وتنسى أو تهمل الجوهر الحقيقي للثقافة!!.

لهذا نحن لا نحتاج الى مهرجانات شكلية، نصرف عليها المليارات من الدنانير، لكي يُقال عنا أننا دولة ومجتمع مثقف!، نعم نحن نحب الفن ونقدر الفكر والمحاور الثقافية الانسانية عموما، لكننا وفق ما تفرضه علينا المرحلة الراهنة، نحتاج لمجتمع ودولة ناهضة، بمعنى أوضح نحتاج الى الجوهر، والى الثقافة التي تزيد من وعي الشعب، ونعني هنا تحديدا، أننا نحتاج الثقافة التي تزيد وتضاعف من وعي الشعب وإدراكه، لهذا نحن نتطلع في هذه السنة الجديدة، الى خطط ومبادرات ثقافية، تقوم بها المؤسسات الثقافية المعنية، و وزارة الثقافة، تساعد الشرائح الشعبية للحصول على ثقافة أفضل، تسند وعيها وتعاضد إدراكها، حتى نصنع إنسانا واعيا، يسهم في بناء الدولة التي يكون بمقدورها اللّحاق بالدول المتقدمة، ليس هذا عيبا، ولا هو أمنية فارغة كما قد يرى البعض!، نحن شعب يرغب بالتطور، ويسعى إليه، ويأمل من الثقافة والمثقفين أن يساعدوه لبلوغ هذا الهدف.

أما كيف يتم ذلك؟ فهذه مهمة المثقفين والمفكرين، والمؤسسة الثقافية والحكومية المعنية، لذا نحن بحاجة - في عام 2014 - الى من يخطط لنا ثقافيا بصورة أفضل وأكثر عمقا ودقة، بما يجعلنا أقوى في القدرة على تحصيل الوعي، والإدراك اللازم، لصنع مجتمع واع متطور، ودولة مدنية متماسكة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/كانون الثاني/2014 - 5/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م