البحرين ثورة متألقة بوجه تعسف حكومي يعاقب شعبه بالتعذيب

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: مع بروز ما يسمى الربيع العربي واحداثه التي هزت الشرق الأوسط، وما اعقبه من تغيرات شملت أنظمة دكتاتورية اطبقت على مواطنيها بالحديد والنار لعشرات السنين، وأخرى لم يحسم فيها التغيير وما زال يراوح بين المد والجز لسبب واخر، كانت البحرين احدى تلك الدول التي لم يسمح لصوت المعارضين فيها بالعلو والارتفاع من اجل التغيير والمطالبة بالحقوق على الرغم من التأييد الواضح الذي لاقته مطالب المعارضة والنشطاء السياسيين من قبل المؤسسات الأممية والدول الكبرى.

بدء مسلسل التغيير والمطالبة بالإصلاحات في المملكة مع بزوغ فجر 14/ فبراير من عام 2011 بعد ان خرج الالاف من المتظاهرين المتأثرين بربيع العرب المنتظر، والذي جوبه بمقتل العديد من المتظاهرين على يد قوات الشرطة، وفض الاعتصامات بالقوة.

هذا الامر جعل من دائرة المظاهرات تتسع وجعل من "دوار اللؤلؤة" قبلة للمعتصمين ومحط رحالهم وخيامهم مع ارتفاع الأصوات المطالبة بالملكية الدستورية.

على أثر ذلك أعلن حمد حاكم البحرين في 15/اذار الاحكام العرفية وطالب بتدخل السعودية التي أرسلت الالاف من قواتها تحت مسمى "درع الجزيرة" لتسحق المطالب الشعبية وتفض الاعتصامات بالقوة وأزيل نصب اللؤلؤة من الوجود، كما قتل العديد من المتظاهرين واعتقل العشرات منهم حتى المصابين داخل المستشفيات، مع تنديد عالمي بالموقف الحكومي إزاء هذه الاحداث وعلى رأس هذه التنديدات كانت الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة.

لقد مارست حكومة البحرين –بحسب العديد من المنظمات الحقوقية الدولية- اقصى ما يمكنها من إجراءات تعسفية بحق المتظاهرين والنشطاء السياسيين منها اعتقال الالاف، واحكام السجن المطولة، والاعدامات، والقتل، والمداهمات، ولم يستثنى من ذلك حتى الأطفال، كما اشارت ايضاً ان مستوى الحوار مع المعارضة لم يرتقي الى مستوى الجدية المطلوبة في تحقيق المطالب السلمية للمتظاهرين، بل جرت الحكومة الامر من مستواه الحقيقي الى مستوى اخر اشد خطورة، بعد ان ركزت على الجانب العقائدي للمتظاهرين كونهم من "الشيعة"، وهذ امر طبيعي لمملكة يتكون اكثر 75% من سكانها من المسلمين الشيعة وهم من المهمشين.

الامر الأخطر من ذلك كله، ان الحكومة في البحرين لم تدرك انها إذا حاولت الاستمرار في هذا النهج الطائفي للتفريق بين مواطنيها من خلال اسقاط الجنسية عن النشطاء، وتجنيس الأجانب، والاستعانة بالعمالة الخارجية، واعتبار الامر ينبع من اجندات خارجية لأهداف طائفية، وبنفس الوقت الطلب من دول الخليج وبالأخص من السعودية بالدعم العسكري على أساس طائفي ايضاً، قد تتحول هذه الورقة في المستقبل الى ساحة للصراعات الطائفية بين المواطنين من جهة والحكومة من جهة أخرى، الامر الذي ينقلب سلباً على امن واستقرار المملكة والنسيج الاجتماعي والديني للمواطنين بحسب المراقبين والمحللين.

ازمة الثقة

في سياق متصل تتجه الحكومة في البحرين نحو مواجهة صعبة وسط تزايد المخاوف من العنف ولجوء السلطات للاعتقالات والمداهمات وتطبيق قوانين جديدة صارمة ضد النشطاء الذين يسعون للإصلاح السياسي، ويقول دبلوماسيون ومحللون إن محاولات المصالحة بين الحكومة وجماعات المعارضة التي تنادي بالإصلاح تبدو الآن رهينة في أيدي متشددين من الجانبين أكثر من اي وقت مضى.

من أمثلة هذا انفجار سيارة ملغومة بالعاصمة في يوليو تموز في هجوم نتجت عنه حملة أمنية شملت مداهمات واعتقالات وأعقبه سن قوانين جديدة صارمة وأحكام قضائية قاسية عززت سيطرة النظام الحاكم لكنها عمقت ايضا الارتياب المتبادل، ويتساءل كثيرون الى أين سيؤدي مناخ تبادل الاتهامات في البحرين.

وقال الشيخ علي سلمان وهو رجل دين شيعي وزعيم جمعية الوفاق إن أسوأ الاحتمالات هو أن تصعد السلطات حملتها فيتم تصعيد العنف بالتبعية، وقالت الحكومة إنها أحبطت محاولة لتهريب متفجرات وأسلحة الى البلاد عن طريق البحر صنع بعضها في إيران وسوريا، وتحدثت عن خطط لتنفيذ "أعمال إرهابية"، وتحمل الحكومة المسؤولية عن المشاكل الأمنية على المعارضة مباشرة، وقالت وزيرة الاعلام سميرة رجب إن الحكومة لا تثق بجمعية الوفاق وإن عليها أن تعمل جاهدة لاستعادة الثقة.

وتشهد البحرين اضطرابات منذ احتجاجات كبيرة مطالبة بالديمقراطية في اوائل عام 2011 وأصبحت جبهة في صراع على النفوذ على مستوى المنطقة بين إيران الشيعية ودول عربية سنية مثل السعودية، وتم إخماد الاحتجاجات لكن المتظاهرين ومعظمهم من الأغلبية الشيعية واصلوا التظاهر على نطاق أصغر بشكل شبه يومي مطالبين الأسرة السنية الحاكمة بملكية دستورية، ويبدوا أن الامل في حدوث انفراجه الآن يبدو ضعيفا، بحسب رويترز.

وتحولت سريعا أسوأ اضطرابات بالبلاد منذ التسعينات من مظاهرات سلمية الى دائرة منهكة من الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن قتل خلالها العشرات بينهم بعض رجال الشرطة، وأعطى العنف النزاع الأصلي أبعادا إضافية حيث تتهم المعارضة الأسرة الحاكمة باستغلال الانقسامات الطائفية لتفادي النهج الديمقراطي بينما تتهم الحكومة جمعية الوفاق بالعمل لحساب إيران، ويكسب المتشددون من المعسكرين ارضية مما يعقد الجهود لإنهاء دائرة الاحتجاجات والحملات الأمنية.

منذ عام زادت الآمال في حدوث انفراجه حين دعا ولي العهد الامير سلمان الى استئناف محادثات سياسية توقفت عام 2011، وتنظر بعض شخصيات المعارضة الى ولي العهد باعتباره من الرموز المعتدلة داخل أسرة آل خليفة الحاكمة، وعلى الرغم من الفجوة الكبيرة بين الجانبين في كثير من القضايا الكبيرة فإن المحادثات بدأت وبدا التوصل الى اتفاق ما ممكنا، وفي 17 يوليو تموز انفجرت سيارة ملغومة في مرأب للسيارات خارج مسجد الشيخ عيسى بن سلمان وهو مسجد للسنة في منطقة الرفاع التي يسكنها الكثير من أفراد الأسرة الحاكمة والقوات المسلحة، ولم يسفر الانفجار عن خسائر بشرية لكنه قوض جهود ولي العهد لدفع إصلاحات سياسية واقتصادية وقوى شوكة الصقور داخل اسرة آل خليفة الذين يعتبرون احتجاجات الشيعة مصدر تهديد.

وقال دبلوماسي غربي "تشبث ولي العهد بموقفه، يجب أن يظهر بمظهر الشخصية الصارمة"، وأضاف "منذ ذلك الحين أصبح الوضع صعبا"، بعد ايام من الانفجار عقد البرلمان جلسة طارئة ووافق على إسقاط الجنسية عمن يرتكب او يحرض على "جرائم إرهابية" بينما أصدر الملك مرسوما ينص على عقوبات جديدة أكثر قسوة عن هذه الجرائم، وتنص التعديلات على الحكم بالسجن على من يحاول تنفيذ تفجير، كما يعاقب بالسجن ايضا كل من يضع او يحمل شيئا يشبه المتفجرات او الألعاب النارية في أماكن عامة، وتم حظر الاحتجاجات في المنامة وبعد ذلك بأسابيع منعت الحكومة أعضاء المعارضة من لقاء دبلوماسيين أجانب دون موافقة رسمية.

حين ألقي القبض على المسؤول في جمعية الوفاق والعضو السابق بالبرلمان خليل المرزوق في سبتمبر ايلول وحوكم بتهمة التحريض على الإرهاب انسحبت المعارضة من المحادثات، وكان إلقاء القبض على المرزوق وما أعقبه من اتهام الشيخ سلمان بالإساءة لوزارة الداخلية و"نشر أكاذيب" يمكن أن تضر بالأمن القومي نقطة تحول في خطاب الحكومة تجاه جمعية الوفاق، وقالت جين كنينمونت من مؤسسة تشاتام هاوس البحثية البريطانية إن شن الحكومة حملة على جماعة المعارضة الرئيسية يهدد بأن يفقدها الشريك الوحيد الذي يتمتع بمصداقية في أي مفاوضات.

وأضافت "هناك زعماء مؤثرون آخرون للمعارضة بل وبعضهم له تأثير أكبر على الاحتجاجات المتكررة في الشوارع لكن الحكومة غير مستعدة حتى الآن للتحاور مع شخصيات لديها طلبات أصعب من طلبات الوفاق"، وعلى الرغم من هذا ترى بعض الشخصيات المطلعة على تطورات الموقف أن التوصل لاتفاق ربما لايزال ممكنا.

وطرحت كولين شيب المحللة في مؤسسة كونترول ريسكس لاستشارات المخاطر تصورا تعرض فيه الحكومة على جمعية الوفاق مناصب وزارية او تغييرات في تقسيم الدوائر الانتخابية التي تقول المعارضة إنه لا يتم تمثيل الشيعة فيها تمثيلا مناسبا، وقد تطلب في المقابل من جمعية الوفاق إنهاء مقاطعة للانتخابات البرلمانية بدأتها عام 2011 ووقف العنف في الشوارع، وتعتقد شيب أن قدرة جمعية الوفاق على تحقيق هذا ستكون محدودة ما لم يتم إجراء إصلاحات تعالج شكاوى الشيعة، وقال مسؤول أمريكي سابق إنه يعتقد أن حكام البحرين مستعدون لعرض صفقة على المعارضة، وقال "المعارضة لا تستطيع تنظيم صفوفها، إنها غير مهتمة بالتوصل الى حل وسط، أتيحت لها فرص ولم تستغلها"، غير أن الأسرة الحاكمة لم تظهر استعدادا للاستجابة لمطالب الوفاق الاساسية ومنها منح البرلمان صلاحيات كاملة لإصدار التشريعات.

تعذيب الاطفال

بدورها اتهمت منظمة العفو الدولية سلطات البحرين بتعذيب اطفال كانوا اعتقلوا خلال الاضطرابات التي تشهدها هذه الدولة الصغيرة في الخليج منذ العام 2011، وقالت المنظمة التي تدافع عن حقوق الانسان في بيان ان "عشرات الاطفال تعرضوا للضرب والتعذيب في الاعتقال خلال العامين الماضيين" مضيفة ان بعضهم تعرض "للتهديد بالاغتصاب حتى تنتزع منهم الاعترافات"، وقال سعيد بو مدوحه، مساعد مدير المنظمة للشرق الاوسط وشمال افريقيا "بتوقيفها وحبسها قاصرين مشتبه بهم، تزدري سلطات البحرين بشكل فاضح واجباتها الدولية في مجال حقوق الانسان".

واضاف "كل الاطفال الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة ولم يرتكبوا اية جنحة، يجب ان يطلق سراحهم فورا" داعيا سلطات المنامه الى التحقيق حول "كل الادعاءات بالتعذيب وسوء المعاملة"، وحسب المنظمة، فان ما لا يقل عن 110 اطفال تترواح اعمارهم بين 16 و18 عاما أودعوا سجن "دراي دوك" وهو سجن للبالغين خلال استجوابهم او خلال محاكمتهم بسبب مشاركتهم في المظاهرات.

واشارت الى ان الاطفال الذين تقل اعمرهم عن 15 عاما، يودعون ويحاكمون في سجن للقاصرين وهم يتعرضون لتجاوزات في الليل بعد ان ينهي العمال الاجتماعيون عملهم ويتركون هؤلاء في عهدة الشرطة، وذكرت المنظمة بان البحرين قامت في اب/اغسطس بتعديل القانون حول حقوق القاصرين وهو ينص على عقوبة السجن او دفع غرامة من قبل والد الطفل الذي يشارك في المظاهرات. بحسب فرانس برس.

واوضح بو مدوحه ان "حكومة البحرين تدعي احترام حقوق الانسان ولكنها تنتهك باستمرار واجباتها الدولية بلجوئها الى اجراءات قاسية مثل الاحكام بالسجن التي تصدرها بحق القاصرين"، وقالت المنظمة ايضا ان البحرين موقعة على شرعة الامم المتحدة حول حقوق الطفل واشارت الى ان هذه الشرعة تحرم علنا التعذيب او اي نوع من انواع سوء المعاملة، ودعت البحرين الى "اعتماد احكام بديلة بالنسبة للأطفال الذين يرتكبون تجاوزات اجرامية" مشيرة خصوصا الى الخدمة الاجتماعية.

انتهاكات مستمرة

فيما قالت البحرين انها تحقق في مزاعم التعذيب التي أدلى بها ثلاثة أشخاص حُكم عليهم بالسجن 15 عاما فيما يتصل بهجومين بقنابل محلية الصنع وقع أحدهما خلال سباق فورمولا 1 للسيارات العام الماضي، وذكرت وكالة أنباء البحرين ان محكمة بحرينية أدانت خمسة رجال منهم اثنان غيابيا لدورهم في الهجومين اللذين دمرا عدة مركبات دون وقوع إصابات.

وقالت الوكالة إنهم اعترفوا بمسؤوليتهم عن التفجيرين لكن محاميهم جاسم سرحان قال انهم أنكروا أي دور لهم في الهجومين وابلغوا المحكمة بان اعترافاتهم خلال الاستجواب انتزعت تحت وطأة التعذيب، وقالت هيئة شؤون الاعلام التابعة للحكومة في بيان إن مملكة البحرين لم ولن تتهاون مع اي شكل من اشكال التعذيب أو اساءة المعاملة، وأضافت ان وحدة التحقيق الخاصة تلقت شكاوى المتهمين وأنها تأخذ مزاعمهم مأخذ الجد وتنظر في ادعاءاتهم، وتابعت ان تحقيقاتها مستمرة حاليا ولا يمكن الادلاء بمزيد من المعلومات لحين الانتهاء من التحقيق.

وأورد تقرير أعدته لجنة تحقيق دولية رأسها شريف بسيوني المحامي المتخصص في حقوق الانسان بالأمم المتحدة تفاصيل عن استخدام قوات الامن للقوة المفرطة على نطاق واسع بما في ذلك انتزاع اعترافات تحت وطأة التعذيب، وتقول الحكومة البحرينية انها اتخذت خطوات للتصدي لتصرفات قوات الأمن لكن نشطاء يقولون ان الانتهاكات مستمرة، وشكلت وحدة التحقيق الخاصة بموجب توصيات لجنة بسيوني.

رياء المحاكم

من جهته قال محام وناشط ان محكمة بحرينية برأت ضابطي شرطة من بينهما أميرة بحرينية في محاكمة تتعلق بتعذيب طبيبتين اثناء احتجازهما ابان الانتفاضة التي شهدتها المملكة عام 2011، وقال حميد الملا وهو محامي الطبيبتين ان الشيخة نورة بنت ابراهيم آل خليفة واحدة من اثنين من ضباط الشرطة برأتهما محكمة الاستئناف يوم 23 ديسمبر كانون الأول، وأضاف انه يعتزم الطعن على الحكم للمرة الثانية.

واكدت هيئة شؤون الاعلام الحكومية في البحرين تبرئة الشيخة نورة لكن لم تذكر الاتهامات التي كانت موجهة لها او تفاصيل أخرى، وقالت فقط ان المحكمة أيدت حكما سابقا بالبراءة صدر يوم الاول من يوليو تموز.

وتضم اسرة آل خليفة الحاكمة في البحرين مئات من الامراء والاميرات كثير منهم يشغلون وظائف ويعملون في القطاع العام، ووفقا لتقارير اعلامية فإن الشيخة نورة تبلغ من العمر 29 عاما تقريبا. بحسب رويترز.

وحدثت عملية التعذيب المزعومة في 2011 عندما شهدت المملكة اضطرابات في اعقاب اندلاع احتجاجات حاشدة في فبراير شباط تقودها الاغلبية الشيعية للمطالبة بتغييرات ديمقراطية في البلاد التي تحكمها الاقلية السنية، وذكرت وسائل اعلام محلية أن محكمة الاستئناف أيدت حكم البراءة نظرا لعدم كفاية الأدلة.

وفي يناير كانون الثاني قال نواف حمزة رئيس وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة ان الشيخة نورة كانت تواجه اتهامات باللجوء الى "التعذيب والقوة والتهديدات ضد، زهرة السماك وخلود الدرازي لإجبارهما على الاعتراف بجريمة"، ونفت الاميرة كل الاتهامات، وقالت لجنة حقوق انسان دولية ان 35 شخصا قتلوا خلال الاضطرابات وخلال شهرين من الاحكام العرفية في اعقابها لكن المعارضة تقول ان الرقم يزيد عن 80 شخصا.

وفي سياق متصل اصدرت محكمة بحرينية احكاما بالسجن على 12 شيعيا، من بينهم 3 قاصرين، تصل الى خمس سنوات لمهاجمتهم دورية للشرطة بقنابل حارقة، بحسب مصدر قضائي، وحكم على البالغين التسعة بالسجن لمدة خمس سنوات، بينما حكم على القاصرين بالسجن 3 سنوات بعد ادانتهم بالهجوم الذي وقع في ضاحية يسكنها الشيعة في 2012.

واصدرت محكمة بحرينية احكاما على 16 شيعيا بالسجن 7 سنوات بعد ادانتهم بالهجوم بالقنابل الحارقة على سيارة للشرطة في قرية الصالحية الشيعية القريبة من المنامة، وتعددت محاكمات بحرينيين من الشيعة الملاحقين بتهمة القيام بأعمال عنف ضد قوات الامن، وحيال استمرار هذه الحركة التي تطالب بملكية دستورية، شددت السلطة هذا الصيف العقوبات على مرتكبي اعمال العنف واقرت عقوبة الاعدام او السجن مدى الحياة في حال وقوع قتلى او جرحى، ومنعت السلطات ايضا التظاهرات في المنامة، ويقول الاتحاد الدولي لحقوق الانسان ان 89 شخصا قتلوا في البحرين منذ بداية الاحتجاجات.

اعتقال المعارضين

من جهة أخرى اعلنت جمعية الوفاق، كبرى حركات المعارضة الشيعية التي تقود حركة الاحتجاجات في البحرين، في بيان اعتقال زعيمها الشيخ علي سلمان (48 سنة)، وقال البيان المقتضب ان "جمعية الوفاق الوطني الاسلامية تؤكد اعتقال الأمين العام للوفاق الشيخ علي سلمان وانه بات في حكم المقبوض عليه بعد سلسلة الإجراءات غير القانونية في طلبه للتحقيق في مبنى المباحث الجنائية وتحويله للنيابة العامة".

وفي بيان اخر، اكدت الجمعية ان "المباحث الجنائية البحرية اقدمت على تحويل الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية الشيخ علي سلمان الى النيابة العامة بعد استدعائه من قبل النظام البحريني"، وبحسب البيان فان سلمان كان قد "تسلم طلبا من قبل قوة تابعة لوزارة الداخلية للحضور عند الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم، وقد حولته المباحث الجنائية الى النيابة العامة"، مشيرا الى ان الطلب تم تسليمه له في منزله في منطقة البلاد القديم في وقت سابق.

واوضحت الجمعية ان "الاهالي بدأوا بالتجمع أمام منزل الأمين العام للوفاق الشيخ علي سلمان بعد شيوع أخبار حول تحويله للنيابة العامة قبل قليل في منطقة البلاد القديم" في وسط المنامة، واضافت ان "الاهالي حملوا صور سماحته، منددين بالاستهداف غير المسؤول، ومطالبين بالإفراج عنه فوراً". بحسب فرانس برس.

لكن قوات الامن تدخلت سريعا لتفرقة المتظاهرين، حسب الوفاق التي نددت باستخدام غازات مسيلة للدموع ادت الى اصابة الكثيرين بحالات اعياء، وكانت الشرطة البحرينية استدعت في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي علي سلمان للتحقيق معه.

بعدها اخلت النيابة العامة في البحرين سبيل الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان بعد استجوابه لكنها منعته من السفر بسبب تحقيق في "التحريض علانية على بغض طائفة من الناس"، كما أعلن النائب العام، وقال عبد الرحمن السيد في تصريحات نقلتها وكالة انباء البحرين الرسمية ان الامين العام لجمعية الوفاق كبرى حركات المعارضة الشيعية التي تقود حركة الاحتجاجات في البحرين، استدعي الى مقر النيابة "لاستجوابه".

واضاف ان النيابة وجهت الى زعيم جمعية الوفاق "تهم التحريض علانية على بغض طائفة من الناس واذاعة اخبار كاذبة مع علمه بانها يمكن ان تحدث ضررا بالأمن الوطني والنظام العام وقد ترتب على ذلك حدوث اضرار بالفعل".

وتابع المصدر نفسه ان النيابة "أمرت بإخلاء سبيله بضمان محل اقامته، وبمنعه من السفر على ذمة القضية"، وحيال استمرار هذه الحركة التي تطالب بملكية دستورية، شددت السلطة هذا الصيف العقوبات على مرتكبي اعمال العنف واقرت عقوبة الاعدام او السجن مدى الحياة في حال وقوع قتلى او جرحى، ومنعت السلطات ايضا التظاهرات في المنامة.

الاعتداء على المتظاهرين

الى ذلك اشتبكت الشرطة البحرينية مع متظاهرين منادين بالديموقراطية في العديد من البلدات الشيعية القريبة من المنامة قبيل انعقاد منتدى "حوار المنامة" الدولي بشأن الامن في الشرق الاوسط، بحسب شهود عيان.

وكانت السلطات البحرينية قمعت حركة احتجاجية قادها الشيعة في المملكة التي يحكمها السنة في اذار/مارس 2011، الا ان الاحتجاجات تندلع بشكل شبه اسبوعي في القرى والبلدات الشيعية القريبة من المنامة.

واشتبك عشرات المحتجين ومعظمهم من الشباب، مع الشرطة في قرى السنابس والدراز والسترة والدية، ورشقوا قوات الامن بالحجارة والقنابل الحارقة، بحسب شهود عيان، كما اغلق المتظاهرون الطرق بالإطارات المحترقة، بحسب الشهود، وردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريقهم، ولم ترد تقارير عن وقوع اصابات.

وفي قرية سار القريبة من المنامة، خرج الالاف الى الشوارع استجابة لدعوة جمعية الوفاق الشيعية المعارضة احتجاجا على حملة قمع نشطاء المعارضة، وقال شهود ان المحتجين رفعوا صورا لقادة المعارضة الشيعية المسجونين، وحملوا لافتات تحمل "رسائل" الى كبار المسؤولين الذين سيشاركون في منتدى "حوار المنامة" ومن بينهم مسؤولون من الولايات المتحدة وبريطانيا، وكتب على احدى اللافتات "الى المجتمعين في مؤتمر حوار المنامة: هل تعلمون انه توجد سجينات في سجون البحرين؟".

فساد الحكومة

على صعيد اخر قال محامون لمحكمة في لندن إن جواد بن سالم العريض نائب رئيس الوزراء البحريني حاول التدخل في قضية رشا ينظرها القضاء البريطاني من خلال إرسال خطابات لرئيس المكتب البريطاني لعمليات الاحتيال الخطرة وللمستشار القانوني للحكومة البريطانية، وقال المحامون إن العريض كتب في القضية المتهم فيها رجل الأعمال فيكتور دحدلة بدفع رشا بقيمة نحو 67 مليون دولار لمديرين سابقين في شركة ألمونيوم البحرين (ألبا) فيما يتعلق بعقود تزيد قيمتها على ثلاثة مليارات دولار مع موردين.

وهذه إحدى أكبر قضايا الفساد التي تنظرها المحاكم البريطانية منذ سنوات وكشفت عن ممارسات في عالم أنشطة الأعمال في البحرين يتم إخفاؤها عادة عن أعين العامة وتأتي في وقت حساس تمر فيه المملكة الصغيرة باضطراب سياسي.

ونفى دحدلة (70 عاما) ثماني تهم وجهها إليه المكتب البريطاني لعمليات الاحتيال الخطرة وتتعلق بأحداث جرت بين عامي 1998 و2006 في شركة ألبا البحرينية التي تسيطر عليها الدولة وهي رابع أكبر مصهر للألومنيوم في العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 6/كانون الثاني/2014 - 4/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م