قواعد للتغيير والتجديد في 2014

رؤى من أفكار الامام الشيرازي

 

شبكة النبأ: في المجتمعات المتأخرة والمتقدمة، هناك حاجة للتغيير نحو الافضل دائما، من اجل اللحاق بالركب العالمي ومواكبة العصر، وهذه مهمة المتنورين والمصلحين والمثقفين وأصحاب الفكر المتقدم، فضلا عن الحاجة الى إرادة صلبة للتجديد الذي لا يمكن أن يحدث، من دون بذل ما يكفي من الجهود، في مجالات التخطيط والتنفيذ، في جميع مجالات الحركة والانتاج.

لذا مع بداية عامنا الجديد 2014، من قواعد التغيير نحو الافضل أن يكون لدينا طموح حقيقي للتجديد والتغيير، على أن لا يستند هذا الطموح الى الامنيات الفارغة فحسب، ولكن كيف نبدأ التغيير؟ هذا السؤال البسيط الواضح، يستدعي إجابات جوهرية ودقيقة من لدن الجميع، وأولهم من يتصدى لقيادة المجتمع، ونعني بهم القادة والنخب السياسية والثقافية والدينية وغيرها، لذا من قواعد التغيير الطموح، ونبذ التمني، والشروع بالعمل الجاد.

لذلك في كتابه القيّم الموسوم بـ (لنبدأ من جديد)، يؤكد الامام الراحل، آية الله العظمى، السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) على: (ان التجديد يبدأ من نفس الإنسان، فإنه إذا لم يصلح الإنسان نفسه لا يمكنه إصلاح غيره من بني نوعه أو المحيط المتعلق به).

وهكذا فإن القاعدة الأهم التي تؤدي الى التغيير هي الانسان نفسه، فإذا كان غير مستعد للتجديد، وغير متهيّئ نفسيا وماديا لذلك، فإن حياته وإنتاجه وظروفه كلها، ستبقى على ما هي عليه، إذا لم تتدنَ وتسوء أكثر فأكثر، ومع ذلك هناك مبررات واقعية لكي يغير الانسان حياته وواقعه، تحثه على أهمية تجديد الحياة، وتسهم بطريقة أو أخرى في دفع الانسان نحو التجديد دائما.

حاجة البشرية للتجديد

في المراحل الشاقة التي تجاوزتها البشرية، وصولا الى ما هي عليه الان من تطور وتقدم في مجال التقانة والصناعات والعلم والمجالات الحياتية الاخرى، كان الدافع للتغيير هو سوء الوضع الذي يعيشه الانسان، وطموحه الدائم لتبديل ما يؤذيه الى ما هو انسب وأفضل، وقد ورد في مقدمة كتاب الامام الشيرازي (لنبدأ من جديد) في هذا المجال ما يلي: (من المعروف والملاحظ لدى الجميع أن الإنسان ـ عادة ـ لا يطلب ولا يحاول ولا يعمل على تغيير ما هو عليه أو ما هو فيه من الظروف الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الكل معاً إلاّ إذا أحسّ أو تيقن بأن ما هو عليه بائس أو غير نافع أو بحاجة إلى تغيير أو تبديل أو ترميم..).

وثمة قاعدة أساسية ايضا لابد من الاحتكام لها في عملية التغيير، هي الارادة، فإذا أردنا أن نبدأ عامنا الجديد 2014 بما يحقق لنا خطوة نحو الأفضل، علينا أن نتمتع بإرادة صلبة في المجال السياسي والاقتصادي والعلمي والثقافي والاجتماعي، توجهها عقول ذكية عارفة بما يدور حولها من تطور وتسارع مذهل نحو تجدد حياة الامم الى ما هو أفضل، إذ يتسابق الجميع الى خلق حياة متميزة تضج بالرفاهية، والخدمات المتطورة في الطب والتعليم والتربية، فضلا عن الصناعة والزراعة والسياحة والتخطيط ورعاية الفن والثقافة، كل هذا وسواه تنتجه الارادة القوة المتميزة.

لذلك يقول الامام الشيرازي: (إن بلاد الإسلام وقعت ضحية التخلف والفساد والجهل والمرض والفقر والفوضى والرذيلة، لماذا؟ الغالب أن يكون الجواب: انه من صنع الغرب، لكن لنتذكر انه لولا إرادة نفس المسلمين وضعفهم لم يستطع الغرب من النفوذ إطلاقاً).

إن حياة التغيير التي يطمح لها الانسان لا تتحقق جزافا، ولا تصنعها الامنيات التي يصفها الامام الشيرازي في كتابه المذكور نفسه بـ (الأماني الفارغة)، وقد نبّه الامام الشيرازي الى عدد من العقبات والأخطاء التي علينا تحاشيها وتجاوزها، اذا أردنا أن نطبق ذلك لتحقيق التغيير في عامنا الجديد 2014، ومنها أو أهمها التقليد الأعمى، وخسائر عدم التعقل، وانعدام الطموح، والعبر والدروس من القصص، حيث يتمكن الانسان من خلال إطلاعه على التجارب الانسانية المختلفة، أن يوظف العبر والدروس لصالح التغيير نحو الافضل.

الحرية والعلم والصنعة

كذلك من القواعد المهمة التي تقودنا الى التجديد والحياة الافضل، الحرية بكل ما تنطوي عليها هذه المفردة من أبعاد جوهرية، فضلا عن أهمية العلم في هذا المجال، وقدرته على تطوير المجتمع لاسيما في الجانب المادي (التقاني والتطوير المتواصل)، ثم لدينا الصنعة او الصناعة، ومدى ما تحققه للفرد والمجتمع من فرص للتقدم، والانتقال من حال السكون والتردي والتراجع، الى التقدم والتطور المضطرد، لهذا يؤكد الامام الشيرازي على أهمية التنبّه الى قيمة الحرية والحفاظ عليها، واكتشاف زيف الغرب في هذا المجال، فهو يريد الحرية لنفسه، أما نحن فيمنحنا الكلام الذي يخلو من الفعل لا أكثر!.

لذلك يقول الامام الشيرازي في هذا المجال: (لا يظن أحدكم أن إعادة الحريات إلى بلاد الإسلام شيء يسير، فإن الغرب بكل أجهزته وقواه يقف دون ذلك، انهم ينادون بالحرية لبلادهم لا لبلادنا، وقد هيئوا كل شيء لتحطيم الحريات في بلادنا).

ويؤكد الامام الشيرازي على هذه القواعد والأسس الثلاث المترابطة، الحرية والعلم والصنعة، ودورها في إحداث التغيير المطلوب للمجتمع، وهو ما ينطبق على واقع الحال في العراق اليوم، وكذلك (معظم الشعوب العربية والاسلامية)، حيث أصبح المجتمع مستهلكا بالدرجة الاولى، وهو ما يتطلب تحركا قويا وملموسا نحو تغيير واقع الحال، لاسيما أننا نبدأ عاما جديدا 2014، يحثنا على التغيير نحو الافضل، لذلك يحثنا الامام الشيرازي قائلا - والكلام موجها أولا الى من يتصدى للمسؤولية- (من أهم ما يلزم في البدء من جديد: رعاية أسس التقدم وهي الحرية والعلم والصنعة،  لذلك على من يريد التحرك لإنقاذ البلاد وإسعاد العباد أن يهتم بهذه الأمور الثلاثة).

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 6/كانون الثاني/2014 - 4/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م